عبد الحسين شعبان
الحوار المتمدن-العدد: 3209 - 2010 / 12 / 8 - 09:27
المحور:
الادب والفن
أكتب هذه السطور ليس لأن ابنتها هي الصديقة العزيزة هدى الخطيب شلق، بل لأنني عرفتها عن قرب وزرتها والتقيتُ بها واستمعتُ اليها وقرأتُ لها ما كانت تحتفظ به من خواطر ونصوص أدبية وحكايات وقصص.
كان إحساسي من أول لقاء أنها حالمة بامتياز، فهي تمضي مع الشعر، تسافر معه وتحلم بلا حدود. وبقدر واقعيتها، تراها تبحث عن الحلم لها ولمن حولها وتجد الأعذار لذلك، وحصل ذلك عندما قرأت كتابي عن الشاعر الكبير الجواهري " جدل الشعر والحياة" حيث شعرت أنها عاشت معه، وفي أجوائه، وكانت تستعيد الكثير من المقاطع والنصوص، وتحفظ القصائد والأبيات، وغالباً ما ردّدت على مسامعي قصيدة الجواهري عن لبنان التي نظمها في العام 1961 ومنها توّجه الى براغ، حيث عاش تجربتي المنفى والحرية على حد تعبيره لسبع سنوات عجاف كما سمّاها.
وبنغمة محببة كانت تردد بعض الأبيات:
لبنان يا خمري وطيبي هلاّ لممتِ حطامَ كوبي
هلاّ أعدتِ لي الهوى نشوانَ يرفلُ في الذنوبِ
الى أن تصل الى البيت الآتي:
نزقُ الشبابِ عبدتهُ وبرأت من حلم المشيبِ
كأنها تريد أن تعكس صورتها في مرايا الأيام، مؤشرة الى مكمن البهجة والحبور والوهج، مثلما تتلمس موقع الألم وتعرف مصدر الحزن وتتحسس البقع السوداء في حياتنا، فهي امرأة مسكونة بالقلق الانساني الباهر، مثلما كانت مأخوذة بسلطة الحلم، حيث ترفض الواقع والرتابة، لتعوّض ذلك بحدس القلب وتتصرف ببراعة رائية.
في إحدى المرّات قلت لها بعد ان سألتني عن العراق ورددت البيت الذي ظل ملازماً لها من قصيدة الجواهري حين يقول:
حييتُ سفحكِ عن بعدٍ فحييني يا دجلةَ الخير يا أم البساتينِ
قلت لها: إن اينشتاين يقول إذا لم يوافق الواقع النظرية، فعلينا تغيير الواقع، قالت وإنْ لم نستطع، قلت لها علينا أن نعيش في الخيال!! أي في الحلم، فالانسان بلا أحلام يتحوّل الى جذع شجرة يابس، والحلم وحده هو الذي يعطينا هذه القدرة العجيبة على التواصل، على الرغم من العذابات والآلام والفداحات.
يقول الصوفي الكبير محمد بن عبد الجبار النفري:
إني أحدثك لترى
فإن رأيت فلا حديث!
ولإنها امرأةٌ رأتْ، فقد عرفتْ كيف تعيشُ وكيف تحلمُ وكيف تتركُ أثراً طيباً.
بيروت 15/11/2010
• كلمة بمناسبة سنوية السيّدة سُليمى مولوي الخطيب- طرابلس- لبنان – 27/11/2010
#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟