أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد صالح سلوم - مقطع من رواية:الشبح الشيوعي..الجزء الأول















المزيد.....

مقطع من رواية:الشبح الشيوعي..الجزء الأول


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 3197 - 2010 / 11 / 26 - 15:55
المحور: الادب والفن
    


الساعة كانت الثانية عشرة ونصف ليلا عندما اهتز الباب بعنف وبضجيج من أثر طرق هستيري
لو كان الطرق عاديا لفتح الباب الا ان هذا الطرق بهذا الاسلوب جعله يتوجس شرا بمن يطرق بكل هذا العنف وكأنه يخبر الحي انه هنا وانه لا يحترم أحدا وانه الكل بالكل كانت صفاقة لايمكن ان تتوقعها الا من أجهزةالامن في هذا البلد ولأن جهاز الامن السياسي كان ذا السطوة في حالته فقد حدث ما توجسه
لم يفتح الباب وانتظر ان يخلعوا الباب او ان يتصرفوا بشكل آخر
امكانيات الافلات شبه معدومة فقد ذهبوا الى مكان ما وتركوا خلفهم من يراقب الصعود الى الطابق الأعلى ومن يتابع الطابق الأول الذي يسكنه من الاسفل.. صوت محركات سياراتهم لا يدل على انها لأناس عاديين في البلد
انتظر ومن معه ساعة عندما سمع صوت أخيه يناديه ان يفتح كان هذا اسلوبهم الدروع البشرية فهذا النظام كما يقول صاحبنا سعيد الذي يروي هذه الحكاية لنا:جبان وحقير لسبب بسيط انه يستقوي على العزل ..
فكر قليلا ما الذي يجري :هذه الحركة وهذا العدد الكبير من السيارات والعسس والاجهزة يدل على ان جماعته سيطرت على القصر الجمهوري وان فلول النظام تحاول ان تأسره لتفاوض حول شيء ما ربما هربهم او شيء لم يدر بخلده
راجع ما جرى معه في الايام السابقة كانت أشياء غريبة تحدث في المعسكر الذي كان فيه يحضر نفسه لاستلام مهمة ضابط صغير لقد فتشوا دفاترهم واحدا واحدا واعتقلوا قبل يومين كما سمع البعض وافرجوا عن البعض هل يمكن ان يكون لذلك علاقة بما يحدث الآن في الشقة التي يتردد عليها ..
فيما بعد روت له احدى اخواته ما جرى في البيت لقد قفز العشرات من جهاز الامن السياسي بأسلحتهم الرشاشة والفردية من فوق الحيطان وسقف بيتهم القصديري وتفاجأوا وهم يغطون في النوم بفوهات المدافع الرشاشة فوق رؤوسهم ورؤوسهن وجميعهم يردد وكأن الطير على رؤوسهم: اين سعيد؟
حدثت مفارقات مضحكة ومؤلمة اخوه سامر كان ينام في مكان وضع الفراش لانه عندما يتم انزال الفرشات للنوم تخلو مساحة بمتر ونصف طولا بمتر عرضا ينام عليها ويغطي صلعته بعد ان يقفل البرداية – الستارة –ويتحمل هذه الوضعية القاسية من النوم متكورا على نفسه او رافعا رجليه ليحفظ هيبته التي تقوم على تغطية صلعته وكأنه يحاول ان يقنع نفسه ان طاقيته شعرا مرسلا
وكان يتضايق جدامن ان يضبطه احد افراد العائلة وهو يقترف جرم كشف صلعته امام الجميع لأنه دائما كان يرتدي طاقية تخفي بياضها ولونها المختلف عن باقي رأسه من كثرة لبسها.. عندما اقتحم اثنان منهم صومعته الصغيرة التي يشعر فيها بالأمان كفر وشتم الله لانهم تطاولوا على كشف صلعته لكنه ذهل عندما رأى ان فوهات مدافع رشاشة فوق صلعته وهو غير قادر على وضع الطاقية لان المطلوب رفع اليدين وعدم القيام بأي حركة كان موزعا بين تنفيذ الأمر وفضيحة ترك صلعته بلا اي غطاء ولا حتى السماح له بارتداء الطاقية
لعنهم من اعماق نفسه فقد ذهبت جهودة المضنية لاقناع نفسه والآخرين بشيء ما يطمأنه
كان سعيد الابن الاوسط من عائلة كبيرة يفترش منها اثنا عشرة فردا تلك الغرفة على الارض بينما في الغرفة الثانية التي لاتتسع الا لشخصين كانت جدته التي تشردت - على يد عصابات الهاغانا والارغون وشتيرن الارهابية التي حلت نفسها وشكلت جيش الغزاة - بعد ان أمضت من عمرها ستين عاما في فلسطين وكانت في عامها المئة تقريبا اي انها بهذه الحفلة الاستخباراتية تحتفل بعامها الاربعين لاجئة بهذا البلد
كانت تنام في زاوية الغرفة الصغيرة وكانت ضريرة فبعد مغادرتها لفلسطين اصابها مرضا في عينيها ذهب ببصرها وكانت تمضي جل وقتها نائمة أوتؤدي صلواتها حيث انها مازالت قوية فلا تحتاج الى احد ليدلها على مكان الوضوء الذي يبعد عنها عشرة امتار تقربيا ..
تتلمس الحيطان وتصل الى مبتغاها..
كان الاطفال ،اطفال الجيران، احيانا يدخلون الى غرفتها ويلعبون فتستفز لانهم يضايقونها حيث يتقافزن قربها فتبدأ بالطلب منهم بعصبية ان يبتعدواوتصرخ على احد منا كي يبعدهم وهذا ماكان افراد العائلة يفعلونه لاسيما سعيد الذي كانت تحبه بمودة خاصة من بين افراد العائلة وترى فيه عالما كبيرا في المستقبل كالعالمين التوأمين في طيرة الكرمل عبد الرحمن وعبد الفتاح وكان طيبا معها فأباه كان يطلب منه تحديدا ان يرسل لها الاكل وهي تفرح عندما يأتيها وتسأله اذا كان سعيد فيقول لها نعم فتبدأ بالدعوة له الله يرضى عليك وعلى ابوك انت احسن واحد فأنت تتذكرني دائما
عندما نزل رجال الكوماندس التابع لجهاز الامن السياسي في ذلك البلد اقتحموا غرفتها دون استئذان ولا حضور ولا دستور وكشفوا عن وجهها الذي كانت تخفيه تخت الغطاء لتوفير الدفء لها في تلك الغرفة الباردة في عز الشتاء ..لم تعرف من هم ولانها لاتعرف الليل من النهار واحست بشيء معدني صلب ينخر حطتها الفلسطينية ويدق رأسها بدأت بالشتم فقد كان هذا قاسيا على عظامها الهشة :
الله لايوفقوا
يلعن ابوكو وابو اللي خلفكو يا اولاد الكلب
يلعن ابوكو اللي ما رباكوا كيف تحترموا الناس
وبدأ بسيل لاينتهي من الشتائم فهي لاتدري ما يجري حولها ثم ما لبثت ان بدأ يصاحب شتمها بكاء و عويل فقد كان البرد قاسيا وهم استمروا برفع الغطاء خوفا من ان يكون سعيد مختبئا في جانب ما من غطائها المكون من طبقات مختلفة لحفظ حرارة الجسم
بعد ان تأكدوا ان سعيد ليس موجودا في البيت انتابتهم موجة عصبية وجنون لايصدق :اين اختفى اذا هو من قام بالانقلاب في القصر الجمهوري
ومن المؤكد انه يدير الامور من مكان مجهول وليس امامهم الا دقائق وربما ساعات محدودة فقط لتتغير الامور والى الابد في ذلك البلد..
الاخ الكبير لسعيد بعد ان هددوه اخبرهم انه ربما ينام في الشقة التي يتردد عليها في المدينة وليس في المخيم..كانت شوارع المخيم قد اغلقت فقد جرى اعتقال العشرات ممن كانوا من المعسكر وفي الجامعة الا انه هو المطلوب هكذا توصلوا بتحقيقاتهم التي استمرت لاسبوع اعتقلوا فيها المئات ليصلوا الى طرف خيط :انه سعيد وسعيد رئيس حزب شيوعي سري يهدد امن النظام وهاهو يسيطر على القصر الجمهوري ..
كيف توصلوا لهذه النتيجة البعض يقول انهم عندما اعتقلوا عددا من فلسطيني الخليج الذين يعرفونه اعترف احدهم و هو معروف بانتهازيته واحتقار سعيد له انه واثق من ان سعيد مسؤول تنظيم شيوعي كبير وغير معلن لان تعامل من حوله كان يؤكد ان الكلمة الاخيرة له و رغم انهم يبدون بمراتب تنظيمية اعلى منه الا ان ما يقوله ينفذ ليس في وسط الخلايا الفلسطينية بل ان خلاياه من ابناء ذلك البلد اكثر قوة وتماسكا ومحبة له وحتى الفتيات كن يحمن حوله وكأنهن يتحركن بأوامره..
العجيب ان طبيعة سعيد انه لايأمر ولا يفرض نفسه على احد وان خلاياه من جميع الطوائف المسيحي والمسلم المتزمت والكردي والارمني والفلسطيني فكيف اذا اصبح زعيم الحزب الشيوعي الكبير ..وكيف وصل جهاز التحقيق لهذه النتيجة: ان من ادار الانقلاب في القصر الجمهوري هو سعيد
ذلك الفلسطيني رتيبة القادم من الخليج نفذ بريشه فقد افرجوا عنه بعد ان قدم خدماته لهم بينما من تبقى من فلسطيني الخليج والذين ينتمون الى تنظيم يساري وبعد ان تعرضوا للتعذيب اخبروا الجميع ان اسئلة التحقيق لهم كانت عن سعيد بصفته رئيسا لحزب شيوعي و تتركز على علاقتهم به وما الذي دار في اليوم الفلاني في الساعة الفلانية بين سعيد واحدهم لانهم اعتقدوا ان بداية الانقلاب كانت في هذه الساعات التي كان يتنقل فيها سعيد وكأنه قد احتوى العسكر والجامعات والناس
في بيت العائلة اعتقلوا كتب خاصة عن ماركس وايضا كتاب اسمه" الرد على مالتوس "اعتقد المحقق في دلالة على مستوى ثقافته ومعارفه: ان لافرق بين ماركس و مالتوس وهذا الاخير عالم اقتصاد برجوازي يحذر من التزايد السكاني الذي يحصل بمتوالية هندسية بينما الموارد والاطعمة بمتوالية حسابية لهذا يعتقد ان الحروب والأوبئة هي الحل لم يختاروا الكتب الدينية مع انها تقف جنبا الى جنب مع مجلدات رأس المال لماركس فاكتفوابكتب صاحب البيان الشيوعي معتبرين ان الرد على مالتوس اثبات على تهمته بقيادة الحزب الشيوعي ايضا تذكر يومها ما العلاقة بين جهاز الامن السياسي واعتقاله لهذه الكتب الماركسية تحديدا وبين ما يسمعه من خطبة الشيخ عبد المتولي كل جمعة كان يصرخ مولولا ومحذرا احذروا الكتب الحمراء الحمراء ابعدوها عن اولادكم اخرجوها من بيوتكم كان متأكدا ان ثمة علاقة بين النظام و معارضته الاسلامية ولو انهم يبدوان مختلفان ومتناحرين ليس على الافكار بل على السلطة لمن؟
...........................
لييج – بلجيكا
تشرين الثاني 2010



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة :القناصة
- ندوة الاعلام الاوروبي والصراع العربي – الصهيوني:فضائح عناوين ...
- قصيدة: مضاجعتكِ المزهرة على لوحاتي التشكيلية
- قصة :الجثمان الحي
- قصة غير واقعية:الخطيبة
- قصة غير واقعية:الصورة
- محاضرة جريئة قدمها الصحافي ابو بكر الجامعي في جامعة لييج الب ...
- قصة غير اقعية: الكلب الجديد
- قصيدة :صبية مطلية بالابداع
- قصيدة: مقامات عناقكِ العسلي
- قصيدة:متى ينتصر نهداكِ على عبيد الدولار؟
- عرض فيلم -تأريخ الرمال- للمخرج داني ماريكا:الصحراء بنبضها وم ...
- قصيدة:قهوتي المحمصة على نيرانكِ
- عرض المسرحية في صالة المركز الثقافي العربي لبلد لييج:هل عكس ...
- قصيدة:أنوثتكِ العابرة للقارات
- زنقة ابن رشد وجائزته والحوار المتمدن
- قصيدة: حديث الصبية الذهبية
- قصيدة: دوائر الابتلاء المفرغة
- عبد ربه: الوجه الآخر للمشروع الصهيوني
- قصيدة: أفق


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد صالح سلوم - مقطع من رواية:الشبح الشيوعي..الجزء الأول