أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمودي عبد محسن - البنفسج الأخير















المزيد.....

البنفسج الأخير


حمودي عبد محسن

الحوار المتمدن-العدد: 3196 - 2010 / 11 / 25 - 01:20
المحور: الادب والفن
    



زهرة البنفسج ( فيوليت ) - كلمة لاتينية ، وقد وظفها الشعراء الإغريق والرومان في شعرهم ، خاصة هوميروس ، وفرجيل ، لما كان للزهور أهمية في الاستخدام الطقوسي في المعابد للتقرب من الآلهة وتوديع الموتى في العصور القديمة ، وبقيت معانيها الرمزية ترافق بني البشر والشعراء ، وصارت لها دلالات لغوية متداولة بين الشعوب ، تعبر عن معنى ، لتنوعها الهائل ، وجاذبية ألوانها ، وعطر رائحتها ، وهنا نرى مقدار توظيف روبرت هبريك ( 1591 – 1674 ) للنرجس بنظرة فلسفية عن قصر حياة الإنسان التي تطرقت لها ملحمة هوميروس في الإلياذة عن تحول الجميل إلى حب الذات ، فيقول هبريك في قصائده ( حارسات التفاح الذهبي ) :
أيها النرجس الجميل ، إننا نبكي عندما نراك
تذوي بعيدا بهذه السرعة
كالشمس التي تشرق مبكرة
ولا تبقى حتى الظهر
وفي عصر الرومانسية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كانت مصدر إلهام للكثير من الشعراء ، وقد ربطت بالأنوثة – المرأة – والحب ، ولتجسد الذوق الحسي الجمالي ، بالرغم من أن الكثير من الباحثين يشيرون إلى أن هذا العصر ارتبطت بدايته بالدماء حيث تم اقتحام الباستيل في الثورة الفرنسية ، ونلاحظ هذا التألق في شعر جون كيتس بتدفق اللغة الحسية ، هذا الشاعر الذي لم يعش سوى ستة وعشرين عاما ، وهو يقول :
سوف تلاحظين ، بلمحة واحدة
زهرة الربيع ، زهرة القطيفة
والزنابق المزينة بالريش
وزهرة السياج الأول ، التي برزت فجأة
والمكحلة الظليلة
الملكة الياقوتية لمنتصف أيار ...
أما بالنسبة إلى زهرة البنفسج ، فهي متعددة الأنواع وقد يصل عددها إلى 500 نوع في أنحاء العالم ، تتواجد في المناطق المعتدلة والاستوائية ، والأساسية منها لها خمسة أوراق تشبه شكل القلب ، ذات ملمس مخملي ، نبتتها معمرة ، لها رائحة زكية محيرة في عطرها ، وقد استخدمت كما يقال لإزالة الغضب والتوتر والانفعال ، ولها تأثير لجلب النوم والراحة ، إضافة إلى أن مادتها تستخدم في التلوين ، والعطور والطب .وهناك كتابات تنسب إلى علماء إذ أن محب لون البنفسج غالبا ما ينتمي إلى عالم خيالي بطابع روحاني وحسي .

لم أجد ذكرا لزهرة البنفسج في الشعر العربي القديم ، وهذا يرجع باعتقادي إلى الطبيعة الصحراوية السائدة في الجزيرة العربية ، إلا أن صورها كانت تحفر على واجهات أبواب البيوت الخشبية الدمشقية ، وهذا يؤكد معرفة الأمويين والعباسيين بها ، لاسيما وقد ارتبطت دمشق ثقافيا مع الحضارة الإغريقية والرومانية ، ولم أقم ببحث متواصل فيما إذا استخدمها شعراء تلك الفترة في شعرهم ، إلا أنني وجدت استخدامها من قبل الشاعر الأندلسي ( أبو بكر القوطية ) التي فضلها على سائر الأزاهير بقوله :
نبل البنفسج فاحتوى التفضيلا وكذا البنفسج لن يزال نبيلا
لما شأ نور الربيع بطيبه وحوى من الشرق الصريح أثيلا
فضل النوار فحاز دون جميعه قصب السباق ولم يكن مفضولا
هذا وإن التراث العربي ينظر إلى لون زهرة البنفسج نظرة حزن ، وربما نظرة تشاؤم ، كما هو الحال إلى ألوان الطيور ، وقد استخدمت في الغناء العربي والموسيقى كليل البنفسج ، أما الشعراء فتنوعت نظرتهم إلى هذه الزهرة الرقيقة ، فهذا إيليا أبو ماضي في قصيدته ( ما زال في الأرض حبا ) حيث التأرج برائحة البنفسج في الحب حتى في الليل البهيم ، والتألق بالوجود حين يقول :
عاش في الأرض مثل زهرة البنفسج كلما زاد فركه يتأرج
وكنجم في برجه يتوهج لا يبالي من أدلج
أم حب الليل البهيم الدجيا
وجبران خليل جبران يصف المرأة التحفة الحسناء المتضوعة برائحة كرائحة البنفسج، وهو يقول :
هذه تحفة الرياض إلى من فاحفي الشرق طيبها وتأرج
هي بين الحسان زهرة أنس حسنها بالحياء منها مسيج
وعجيب جميع المهيمن فيها عزة الورد واتضاع البنفسج
أما نازك الملائكة في قصيدة ( كآبة الفصول الأربعة ) فتدخل إلى عمق الوجود الإنساني من خلال توظيف زهرة البنفسج ، فتقول :
ولتكن زهرة البنفسج في عي ني خلودا لا يعتريه زوال
وهنا يرتقي أدونيس بالصورة الشعرية متمثلا بالبنفسج لتناقض وصراع بين النور والظلام لتقترب من قصائد بودلير في ( أزهار الشر ) حين يقول :
أيتها الشمس ماذا تريدين مني ؟
يلبس الموت حالة البنفسج

بعد هذه اللمحة الموجزة نتوقف عند ديوان الشاعرة فيوليت أبو الجلد الموسوم بعنوان ( البنفسج الأخير ) ، الصادر عام 2010 ، وهو ديوانها الشعري السادس ، وقد استوقفتني كلمة الأخير ، باحثا عن ترابطها مع المضمون الشعري ، والدلالي ، كي استنبط منها حيثيات المفهوم ، فوجدت أن كلمة الأخير مكملة تماما دلالة منبثقة من الحزن خاصة عندما نحلل بنية القصيدة وتركيبتها وبلاغتها . وبودي أن أتطرق عن القصيدة الأولى في الديوان ، والتي بعنوان ( دعي الفراشة تمر بك كاملة ) حيث نحن نعرف تمام المعرفة أن الفراشات تتغذى على أزهار البنفسج خاصة تلك التي تسمى فراشة زهرة البنفسج ، والتي غالبا ما تكون زرقاء ذات لون لامع مختلط مع لون أسود ، ونقاط برتقالية على جناحيها ، وهنا استطاعت الشاعرة ( فيوليت ) أن توظف هذه الحالة ، حالة التغذي التي بها تدوم الحياة ، إذ الجوع يعني الفناء ، والتغذي يومي متواصل سواء كان ذلك في الصباح أو المساء ، وهو كذلك حاجة ، وكذلك نعرف أيضا أن الشعر العربي القديم حافل بالحب البريء الذي توج بنهايات مأساوية ، فالعاشق غالبا ما يضرب عن الطعام أو لا يشتهيه نتيجة المعاناة التراجيدية التي يمر بها ، ونأخذ مثالا على ذلك قيس وليلى ، إذن التغذية هي من مقومات استمرار الحياة ، وإلا فالنتيجة الموت ، لكن الشاعرة ( فيوليت ) وظفت الحالة بتقنية أخرى ، فهي زهرة البنفسج ، واسمها الحقيقي البنفسج ، والفراشة لا يمكن أن تواصل الحياة دون أن تتغذى منها ، لذلك فإن جسدها الأنثوي هو الغذاء للعاشق البعيد أو الغائب أو المتمرد على المحب ، هذا لا ندركه ، إن ما ندركه هو أن ( فيوليت ) هي الوحيدة ، المعزولة ، المغتربة ، العاشقة ، متروكة في قدرها ، لتواجه مصيرها ، وهذه المعاناة تتكرر في أغلب القصائد ، فقد استطاعت الشاعرة أن تشيد صورة شعرية أشبه بالحكاية المؤلمة الحزينة ، فليست الشاعرة فقط تكتشف كلمة العشق وتجردها من أسرارها بل وأيضا تعريها من أوراقها سواء كانت صفراء أو حمرا أو خضراء مثلما تفعل نهايات الخريف التي تجرد أوراق الشجر من ارتباطها بأغصانها ، فتسقط الأوراق متراقصة على الأرض الندية ، لتمارس طقوس تراكم ، وتقبيل ، قد يسقط فوقها المطر ، قد تدوسها أقدام عابرة الطريق ، تبعثرها ، وتحطم جسدها الجميل ، وهو الزمن – الانتظار – فهي تمنحه جسدها طواعية راغبة مهتاجة . كل ذلك يجري في مدينة جونية اللبنانية عاشقة أمواج البحر التي تلاطم ساحلها الترابي ، وتفرش زبدها الأبيض عليه . جونية الهادئة القابعة تحت جبل ، لتكشف ( فيوليت ) سر كلمة العشق ، الكلمة التي تتجلى في الشعر بنغمة رقيقة ناعمة ، وتحتضن الأوراق المبعثرة ، مشحونة بالإيقاع وهالة السطوع دون زخرفة لتصل إلى ذروتها في الصورة الشعرية ، وتنسج اللغة ببساطة الكلمة ذاتها ، وتتجاوز بعدا أبعد من المدى ، في نضج إبداعي متأصل في الحب ، في فترة يتراجع فيه الشعر العربي فاقدا روحه ، ويختنق بالمفردات المبددة المرتكبة . في هذه الفترة يكون لفيوليت حضور بمتعة ، وعمق قصيدة الحب الجريئة ، ولتقولها ، وتخطها بأنامل أنثوية ناعمة ، وليكون أمام عيني القارئ لونا في القصيدة كلون البنفسج ، وليغدو البنفسج ظلا لكل الظلال ، لذلك أكتب عن ( البنفسج الأخير ) كأنني أقف تحت غيمة رمادية ، وأنا أنتظر المطر ، ليسمح لي الدخول إلى جنان البنفسج مبللا بالمطر ، حينئذ تفتح لي الأبواب دون أن أطرقها ، عندئذ أقدر أن أشم عطرا زكيا فواحا من البنفسج :
أولا : الجسد
نكتشف في الديوان جمالية حقيقة الحب ، وجمال الحب الحقيقة ، إذ لولا الحب والجمال لصدأ عالمنا البشري ، وتحول إلى فوضى وخراب ، وهما مرتبطان بالإثارة الحسية الغامرة بالذوق والمتعة - بالفرح ، والعاطفة - هذا حينما نأخذ جانبها الايجابي دون السلبي في الكره ، هذه الإثارة عند فيوليت تبدأ بالحرية ، حيث في قصيدة ( دعي الفراشة تمر بك كاملة ) تكون نافذتها مفتوحة مثل باب ضخم مشرع على مصراعيه ليحدث عبور طقوسي إلى احتفال جسدي بهيج – جسد متوهج – مغري ، يحمل سحره ، له مهارة القبل ، والعناق ، وأيضا له لحن متميز ، وروح مرحة ، فالشفتان ناطقتان ، والفم ناطق ، فصورته فيوليت مثل حقل زهور خصب ، ناضج ، مغري ، دافئ وحي ، إنه يتأجج مثل لهب ، حينما تقول :
أطلقيها كي تزدهي بألوانك
وخواطر جسدك ...
وحينما تقول فيوليت في قصيدة وشم :
الشفاه المجنونة ... المتهورة ...
الوشم الذي تركته
الأصابع الشغوفة ...
وشم العناق المؤلم
المؤلم حتى الفرح ...
وحينما تقول فيوليت في قصيدة رحيل إلى العناق :
أدور لعناقك
ندور معا لنشوتنا

إذن وظفت فيوليت في أغلب قصائدها الجسد بصمته أو حركة أعضاءه الحسية في صور شعرية داعية الحبيب ليتغذى به غذاءا روحيا ويتطهر منه رغم الحزن أو القلق الذي ينتابها ، وقد جابهته بالدفء والمودة ، وطموح اللقاء ، قد يكون الموعود ، كما لو تحلم : أنه يأتي ... أنه قادم ... أنه قادم ... وهذا ما أرادت الشاعرة أن تثبت فضائل المرأة في الحب والإخلاص ، فيها حلاوة النعومة التي تتمتع بها المرأة ضد خشونة وقسوة الرجل ، ذلك تجسد بعاطفة ملتهبة ، مجبولة ليس فقط بالحب الروحي ، وإنما بالحب الجسدي بأقصى حدوده .

ثانيا : الانتظار
مهما كان قد مضى على هذا الحب فترة طويلة أو قصيرة ، فإنه في كل الأحوال قد حدث في الماضي ، الذي أصبح تاريخا رغم مرارة وأسى الانتظار ، وتسيطر أيضا على طبيعته الذكرى ، الذي يقترب من الدراما ، والذي لا يمكن التنبؤ بمصيره ، وقد عبرت عنه الشاعرة في قصيدة صريحة دون رموز ، وعنوانها ( الانتظار ) حيث تقول :
يداك الوقت
نبض الغياب ...
وأنا الدقائق والثواني
تعدني الأيام
والانتظار هو الزمن عند فيوليت الذي يمر ، وبه تذهب أناقته الحيوية ، فقصيدة ( رزنامة القلب ) لم تكن إلا مجسدة للانتظار ومرور الأيام ، فهي مفكرة تتضمن أحداث اليوم ، لأن الرزنامة تؤرخ الأيام الصرف ، وما أصعب الأيام في الانتظار ، وهنا تقول فيوليت في قصيدة ( رزنامة القلب ) :
التاريخ بيننا لم يبدأ
الزمن العابث مسافة قاتلة
سرق من عيني فرح السؤال ،
ولكن السؤال المطروح ، هل سيكون الانتظار مثل – انتظار غودو - في مسرحية صمويل بيكيت ( 1906 – 1989 ) ؟!

ثالثا : الصوت
إن لفيوليت صوت يرن في أعماقها ، له قوة الكلمة ، وإيحائها ، لذلك يتخطى داخلها ، ويندفع صاعدا في نضج روحي ، مثقلا بأصوات متعددة جريئة متشابكة بدلالات متنوعة ، متداخلة ومندمجة ، الصوت ينبثق كنغمة وحيدة جياشة ، كولادة لأنغام توافقية ، تستهل تحررها . هذا نسيج فيوليت اللغوي الخاص بها ، المتبلور في سياق قصائدها البعيدة عن الرتابة ، فهي دائما تخاطب الغائب أيضا من القلب الذي لا يمكن إقصائه عن الجسد ، لذلك جاء صوتها بتجدد معاصر ، وفي نفس الوقت كي يستيقظ الرجل محمر العينين على معاناة أنثى ، ويستمع إلى رنة صوتها الأقوى من أصوات الخريف المرتعشة السابحة في الهواء لتعانق الأرض ، والتي تحدثا عنها في البداية ، أجل ، يسمع الرجل صوتا متنورا ، حافل بالسر ، حامل عبء الماضي ، هذا الصوت المنبعث من القلب ، والمجسد في القصائد ، فيه صرخة وجدان ، فيه أصالة فيوليت المؤمنة بالحب ، والمخلصة إليه، تكشف ستاره ، تكشف أسراره الموصدة ، ويغدو طاقة مستعرة ، إلى درجة إنه ينفجر هادئا لظمأ هائل للقبلة ، للعناق ، وهكذا تقول في قصيدة موسم العطر :
أوافيك إلى العناق
أتحرر من الانتظار
وتختفي ...
هنا أيضا جسدت الظهور والاختفاء مثل نظرة خاطفة سريعة كالومضة ، وتمر الذكريات المتجلية برغبة واحدة ، كما تقول قي وشم :
ذاكرة القبل ...
سليل النار ...
إذن فيوليت الناعمة ، الرقيقة العواطف ، ذات العنفوان الجموح ، ذات الحيوية السحرية الكامنة في الحب ، الوحيدة المنعزلة المغتربة ، تعيش قصائدها في وجد محموم ، تنتزعها من صوتها ، من واقعها الخاص ، بعد أن رسمت حدا فاصلا بينها وبين العالم المحيط بها ، لتطلق عنان قصائدها الجامحة في لهيب الرغبة الأمينة ، العفوية ، لتدثر العالم الرجولي بشعرها المتسامح المسالم والمتحرر من القيود . هنا تكمن النفس الفاضلة رغم جروحها ، وشدة ومرارة الغياب .

رابعا : ديناميكية الحلم
في قصيدة ( بنفسج ) التي هي أطول قصيدة في الديوان نجد تقنية أخرى ، حيث تقترب من الأسطورة التي كانت بداية اكتشافنا للدلالة التي اعتمدنا عليها تحليلنا للقصيدة الأولى ، والقصائد المتوالية أي هي المفتاح أو الشفرة لعالم قصائد فيوليت التي أدخلتنا إلى روح فيوليت المغرية ، وجمالها ، وحبها الصادق ، أي أن الفراشة هي الحبيب ، فهي تقول في مطلعها :
ماذا أخبرتك الفراشة عني ؟
أخبرتني أنك كنت فراشة مثلها ،
وأنك اخترت الانتقال إلى عالم البشر

إن الإثارة الحسية كما أشرنا إليها تتغلغل في ثنايا قلب فيوليت ، وتعريها بمفردات القصيدة المنصهرة في حلم ، متذوقة طعمها ، هي نفسها تنطلق من داخلها ، من دمها ولحمها جامحة في نشوة شهوانية ، لاحتراق داخلي يندفع لهبه إلى الخارج في لحظة مناسبة مثل حمم ، وقد كتب ستندال صاحب رواية ( الأحمر والأسود ) ذات مرة يقول : لقد كان ما أحببته أعظم حب حبي هو الحلم ... أعتقد أن فيوليت بعد أن تلتقط أنفاسها من جهد القلب الذي يدق ، ولا يهدأ في ديناميكية الحلم ، ستصيغ لنفسها الهدوء من حلمها الهارب ، وتعود إلى مرحها في الحياة بحلم آخر ، وتتجاوز أزمة القلب ، وتوتراته ، حينئذ ستخرج لنا بقصائد أكثر سحرا في عالمنا اليوم المشوش ، خاصة وإن لبنان تخوض مخاضها الصعب الخطر ، خاصة وإن فيوليت تكتب عن ذاتها ، وتقتنص اللحظة الهاربة ، لأنها تسبر أغوار أعماقها ، وتستمع إلى مطرقة القلب في صدرها ، القلب يدق : اعتراف . اعتراف بالذات هو توثيق الذات ، ونحن بأمس الحاجة إلى اعتراف المرأة لتدخلنا في الأدب النسوي الذي يتحدث عن الذات .


خامسا : بدل الخاتمة
يبقى أخيرا أن أشير إلى أننا تعاملنا مع ما ورد في الديوان من قصائد على أنها – حقيقة الحب الصادق – حقيقة صدر مجروح دامي ، ما زال ينزف الدم ، ويهتز فوقه سيف رجولي ، يتندى دما قطرة ، قطرة ، قطرة ، وليس عالما متخيلا من صنع فيوليت ، وليس صياغة حبيب في الوهم ... وليس لي أن أرى فيوليت إلا إطلالة شعر نسائي جريء صريح ، وكذلك لي أن أرى هذا الحبيب الغائب أو الهارب سوى ابتسامة ساخرة تاركا فيوليت تحرق ذاتها بذاتها بألسنة لهب داخل عروقها بدلا أن تترنم بأزهار البنفسج في فردوس خالد ، وربما – يكون هذا الحبيب المجهول يعبث في متعه ، ومرحه تحت قرص الشمس متهتكا متهكما تاركا فيوليت في ألمها ، في وجعها .

حمودي عبد محسن
24 / 11 / 2010



#حمودي_عبد_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بحث ماركسي جديد لعالم اليوم
- وشاح حبيبتي
- افتراق
- بغداد
- سوسنة بيضاء
- سيدتي
- بستان رودس
- أنا أنتظر حكمك
- ليلة الثلاثاء
- قصيدة البؤس
- قناع الموت
- وقد مضت الأعوام
- الحداثة في رواية الأرسي
- من أقواس المتاهة
- الحداثة في رواية المقهى والجدل


المزيد.....




- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمودي عبد محسن - البنفسج الأخير