فضائح التجسس والعلاقات بين روسيا وامريكا

فالح الحمراني

الحوار المتمدن-العدد: 3185 - 2010 / 11 / 14 - 18:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

على خلفية التقارب السياسي بين واشنطن وموسكو تصاعدت اخيرا فضائح الكشف عن الجاسوسية والجاسوسية المضادة في البلدين وتتواصل تداعيات الكشف عن الشبكة التجسسية الروسية بامريكيا في يوليو الماضي، بينما تتردد شائعات عن فضائخ خيانة في مؤسسة الاستخبارات الخارجية الروسية والتخطيط لتصفيات الخونة والمارقين عليها. واثار الاعلان اخيرا عن اسم العقيد شيرباكوف العميل الذي سلم للاستخبارات الامريكية شبكة التجسس الناشطة هناك، الحديث عن مدى صدق نوايا الكرملين والبيت الابيض بتطوير عملة " اعادة تحميل" العلاقات وتعميق الثقة بين البلدين، ام ان التطورات تدخل ضمن الصفقات السياسية المشبوهه.
قاتل محترف
توجه "قاتل محترف" الى امريكا لتصفية العميل المزدوج الذي اشيع عن انه سلم مجموعة الجواسيس الروس للاستخبارات الامريكية. على وفق ما نسبت صحيفة كوميرسانت الصادرة بموسكو، لمصدر في ادارة الرئيس الروسي، بيد ان غالبية الخبراء يشيرون الى ان الجاسيوسية الروسية تخلت من زمن بعيد عن تصفية الهاربين لصف العدو ـ لكن اخرين لايستبعدون اي تطور لتصفية من "الخونة"، معيدين الاذهان الى الشبهات التي تحوم حول تورط الاستخبارات الروسية باغتيال رئيس الشيشان السابق زلم خان ياندربييف في الدوحة وليفتيتينكو مسموما في لندن.
وفي مقالتها عن رئيس قسم الاستخبارات الخارجية العقيد شيرباكوف الذي سلم امريكا شبكة الجواسيس الذين جرى اعتقالهم في 20 يوليو الماضي ومن ثم جرى تبادلهم باربع مواطنيين روس، تنقل كوميرسانت، بصورة عابرة،عن مصدر لم يذكر اسمه في الكرملين ان القاتل المحترف غادر روسيا.

واعترف الرئيس ميدفيديف بصحة معطيات كوميرسانت عن الكشف عن الشخص الذي سلم الجواسيس وحث جهاز التجسس الخارجي استخلاص العبر الملموسة من الحادث المتعلق بالاعتراف على رجال مخابرات روس فى الولايات المتحدة. واعلن الرئيس الروسى دميترى ميدفيديف عن ذلك وهو يرد على سؤال عن كيف ستؤثر هذه الحالة على منتسبي الجهاز.وقال " ان الكشف عن العميل ذلك لم يكن بالنسبة لى امرا جديدا. فقد وصلتني المعلومات بذلك فى اليوم نفسه الذي وقع فيه الحدث".وذكر ميدفيديف فى معرض تعليقه على مقالة كوميرسانت عن موظف سابق فى هيئة المخابرات الخارجية انه "يجب التمعن بما حدث وينبغى استخلاص الدروس المعنية فى هذا الصدد".من دون ان يستبعد عزل المقصرين.
اوسمة للجواسيس
وطبقا لمعلومات صحيفة "كوميرسانت" فان العقيد شيرباكوف المسؤول السابق عن القسم الامريكى لادارة "اس" فى هيئة المخابرات الخارجية الروسية اعترف على شبكة التجسس الروسية فى الولايات المتحدة. ولم يعلن عن مكان تواجده حاليا.وورد فى المقالة كذلك ان نجل شيرباكوف الذى "كان يعمل فى ادارة أخرى - الوكالة الرسمية للرقابة على المخدرات غادر على نحو عاجل روسيا متوجها الى امريكا قبل امد غير بعيد من الكشف عن رجال المخابرات الروس".وامتنعت هيئة المخابرات الخارجية الروسية عن الادلاء بتعليق على نشر الصحافة معلومات فى هذا الشأن. فقد قال سيرغى ايفانوف مسؤول المكتب الصحفى لهيئة المخابرات الخارجية: نحن لا ندليو بتعليقات على مقالات فى الصحافة". وامتنعت وزارة الخارجية الروسية ايضا عن التعليق فى هذا المجال. فقد قال الكسى سازونوف نائب المتحدث الرسمى باسم الوزارة: "هذه هى قضية لا تخص الوزارة فى اللحظة الراهنة".

وكان الرئيس ميدفيديف قد قلد العملاء الروس الذي رحلتهم امريكا ارفع اوسم الدولة وكان رئيس الوزراء فلاديمير بوتين قد قد استقبل في يوليو مع مجموعة الجواسيس واكد انهم سيعملون في اماكن لائقة وستكون حياتهم ممتعة وحيوية، منوها بان مصير هؤلاء الناس،كجواسيس،شاقة، موضحا ان عليهم ان يتمكنوا من اللغة الاجنبية الى حد معرفة اللغة الام والتفكير الحديث بها والعمل وفق المهام الموضوعة على مدى سنوات والتعرض يوميا للاخطار. وكان بنك فوند سيرفيس قد اعلن عن تعين افراد المجموعة الجاسوسة الحسناء آنــا تشابلين مستشارة لرئيس البنك للاستثمارات والتحديث. علما ان عدد من الخبراء يقللون من اهمية نشاط هؤلاء الجواسيس، ويعتبرونهم " مخبرين" من الدرجة الثانية وان الاستخبارات جندتهم للقيام بتنفيذ مهام سهلة وهم ليسوا من الضباط او الكادر المتقدم. وان الاستخبارات الامريكية كانت على مدى سنوات على اطلاع على نشاطهم، وان ثمة صفقة وراء القبض عليهم.

ونقل موقع "نيوز رو. كوم" على الانترنت عن نائب رئيس لجنة الأمن في مجلس الدوما غينادي غودكوف قوله انه كان يعرف أن العقيد شيرباكوف بالذات هو الذي وشى بالعملاء السريين الروس العاملين في الولايات المتحدة في الخفاء. ولاحظ غودكوف أن جهاز الاستخبارات لم يعرف قط مثل هذا الفشل وشدد على أن الدولة لن تغض النظر بتاتا عن الضرر الفادح الذي جلبه لها شيرباكوف. ونوه بان مجلس الدوما دعا الى تشكيل لجنة لبحث وتحليل الوضع الدائر حول الخيانة في الاستخبارات.
ظلال الجاسيوسية
وتحاول الولايات المتحدة وروسيا فى اطار رغبتهما فى إعادة ترتيب العلاقات فيما بينهما، الحيلولة دون تصاعد قضية التجسس إلى خلاف دبلوماسى.عقب اعتقال عشرة اشخاص قيل أنهم جواسيس روس فى الولايات المتحدة يوم الأحد الماضى، انتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية أندريه نسترينكو بشدة عملية الاعتقال وقال إنها "لا أساس لها" وإن لها "أهدافا غير لائقة"، وأضاف ان البيان العلنى الصادر عن وزارة العدل الأمريكية "تحدوه روح الحرب الباردة".وقال نيكولاى كوفاليوف الرئيس السابق لمكتب الأمن الفيدرالى إن بعض الاتهامات الأمريكية ضد الجواسيس المزعومين تشبه "رواية تجسس سيئة".ومع ذلك، هدأت الحكومة الروسية من حدة غضبها فى تصريحاتها الأخيرة بالرغم من رفضها المستمر لان يكون ما قيل عن أنهم جواسيس قد الحقوا ضررا بالولايات المتحدة.وأعرب رئيس الوزراء الروسى فلاديمير بوتين، اثناء اجتماعه مع الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون أمس، عن امله فى ألا تشكل قضية التجسس خطرا على العلاقات الروسية - الأمريكية. وذكر بوتين "ما افهمه هو ان الشرطة تضع المذنبين فى السجن. هذه هى مهمتها"،.وأضاف بوتين "آمل كثيرا فى ان الا يتضرر الاتجاه الإيجابى الذى تحقق مؤخرا فى العلاقات بين بلدينا بسبب الاحداث الأخيرة".كما تسعى إدارة أوباما جاهدة إلى صياغة مواقفها بعناية، فربما تتمخض قضية التجسس عن عواقب سياسية اخرى.وقد تجنب الرئيس باراك أوباما الرد على اسئلة طرحها صحفيون فيما يتعلق بفضيحة التجسس.وردا على بوتين، قال روبرت جيبس المتحدث باسم البيت الابيض إن قضية التجسس لن تؤثر على العلاقات الأمريكية - الروسية التى بدأ الدفء يبث فيها مؤخرا.وذكر "اعتقد اننا حققنا بداية جديدة للعمل معا على اشياء مثل تعامل الأمم المتحدة مع كوريا الشمالية (كوريا الديمقراطية) وإيران. ولا اعتقد ان هذا سيؤثر على هذه العلاقات".وقال جيبس إن عملية القبض ليست سوى مسألة تطبيق للقانون.

#فالح_الحمراني (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل