لم تستح ياوزير التربية فافعل ماشئت

محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 3185 - 2010 / 11 / 14 - 10:46
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    

ترى الا يستحي وزير التربية والتعليم العراقي من هذا الوضع المزري في انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية؟ الم يقولوا له ان البلد الذي تنتشر فيه هذه الظاهرة هو منحط تعليميا أم انه يشارك المدرسين في الارباح والعوائد بعد ان يئس من "اللفط" كما يفعل الاخرون؟.
لقد وجد اولياء امور الطلاب ان مستوى ابنائهم التعليمي في انحدار مستمر وحين اقدم بعضهم على الاستعانة بالمدرسين لم يعلموا ان هذه الاستعانة ستنتشر كالنار في الهشيم بين اولياء الامور الذين ابتليوا بجهاز تربية وتعليم وقح ليس له علاقة بالتربية ولا التعليم.
وفي حساب الفلاحين نجد السلسلة التالية: الطالب ضعيف المستوى في مادتين او ثلاثة، لماذا هو ضعيف؟ لان المدرس لايقدم جهدا في معرفة هذا السبب، ولانه كذلك فهو ينتظر ان يتقدم اليه ولي امر الطالب للاستعانة به لرفع مستواه.
انها معادلة غاية في الوضوح ولكن الالعن بل والاقسى والاكثر فسادا ان هذا المدرس الذي يقدم الدروس الخصوصية في بيت هذا الطالب هو نفسه الذي يدرسه في المدرسة، اذن هناك فساد تربوي مع سبق الاصرار.
واذا افترضنا ان هناك خمسة ملايين طالب في مدارس الدولة فمنهم ثلاثة ملايين على الاقل يحتاجون الى الدروس الخصوصية ،وبضرب هذا الرقم في مئة الف دينار شهريا، وهو رقم افتراضي، تكلفة هذه الدروس فان الرقم سيصبح 900 مليار دينار شهريا وهو مبلغ يسيل له لعاب اشرف وزير في الحكومة العراقية بقديمها وجديدها.
ولنبدأ الان من رأس الهرم - ليس هرم فرعون بالتأكيد- واقصد به وزير التربية والتعليم ونسأله حينما استلمت هذا الموقع فيفترض انك المسوؤل الاول والاخير في تطوير العملية التربوية وتحسين اداء الطلاب ورفع مستواهم التعليمي وليس الحديث عن منجزاتك في بناء المدارس شمالا وجنوبا واذا عجزت عن هذه الاهداف فانت افشل من راع يقود دجاجة وعليك ان تحترم نفسك وتعلن عجزك وتطلب التنحي عن هذه المسوؤلية ولكن يبدو انك لاتملك هذه الشجاعة فآثرت البقاء في منصبك تغرف منه كما يغرف الآخرون وليذهب الطلاب الى الجحيم.
ويبدو ان هؤلاء الطلاب لايذهبون الى الجحيم بل انت وحدك ستذهب الى هناك لانك ببساطة اضفت عذابا آخر الى اولياء الامور حين يستقطعون من خبزهم اليومي ويقدموه الى المدرس الخصوصي الذي سيربت على كرشه عند كل طلب يتقدم به اليه ولي الامر للاستعانة بخبرته التدريسية.
ولاداعي ان نسألك كم عدد العوائل الفقيرة التي تعجز عن دفع راتب المدرس الخصوصي وينحدر مستوى اولادها التعليمي ويتعرضون للرسوب لتظهر نسبة الرسوب في آخر السنة غاية في الارتفاع الشاهق. واذا سألوك عن سبب ارتفاع هذه النسبة فلديك الجواب الجاهز اذ ستقول: انه الارهاب والتسرب المدرسي ياسادة، فالاول لايشجع الطلاب على الحضور الى المدرسة خوفا على حياتهم وبالتالي ينتقلوا بقدرة قادر الى النقطة الثانية حيث تجدهم يهيمون في الشوارع يبيعون السجائر ويغسلون السيارات واذا لم يجدوا هذا او ذاك فالتسول مصيرهم.
لعلك لاتسمح لي بالقول بانك انسان عديم المسوؤلية ،وهذا النوع من البشر يمكن ان يفعل اي شيء ،حتى بيع كرامته من اجل الدولار الامريكي.
لاتخلص منك الان وانتقل الى المدرس الخصوصي الذي يعاني عن قصد من ازدواجية الشخصية فهو ضعيف مسكين لايحسن شرح المادة امام طلابه ولكنه شهم وغيور بل و"بروفيسور" في اختصاصه حين يشرح نفس المادة في بيت احد الطلاب. وبالتاكيد سيرد علي بعضهم بالقول تماما كما يرد بعض المدرسين في مصر صاحبة اول ظاهرة للمدرس الخصوصي"والله احنا غلابة يابيه، شوف الحياة كيف اصبحت غالية لاتطاق ولابد لنا من العيش بكرامة".
اي كرامة ايها السادة وانتم تمارسون الغش في التدريس؟.
بقي ان نسأل ماذا لو ان مدرس اللغة العربية لديه ثلاثة اولاد ضعاف في دروس العلوم واللغة الانكليزية والرياضيات على التوالي؟هل يلجأ للاستعانة بثلاثة مدرسين ليدفع ثلاثة ارباع راتبه اليهم أم ماذا؟.
اتجرأ في القول مجيبا ان بعض المدرسين الشرفاء سيبذلون جهدا شخصيا في تحسين مستوى اداء اولادهم والبعض الآخر سيلجأ الى حزبه طالبا المعونة والبعض الآخر،وهم الغالبية، سيلجأ الى بيت الله خمس مرات في اليوم ليصلي داعيا رب العزة ان يلهمه الصبر والسلوان واولاده حسن الادراك والاصغاء ومواظبة الدراسة بجد.
وأقسم لكم ان العديد من اولياء الامور أكدوا انهم لجأوا الى رب العزة لانه الوحيد القادر على انقاذهم من هذه الورطة لانهم ببساطة لايستطيعوا ان يجدوا مدرسا شريفا يبذل جهده المطلوب امام طلابه في بلد كان وزير التربية فيه يشعر بالفخر والاعتزاز فالتاريخ سيذكر له بعكس وزير الاشغال والاسكان مثلا بانه استطاع ان يجد امامه العديد من المشاهير في مجالات العلوم والرياضيات والتكنولوجيا والادب العربي والطب وغيرها.

واخيرا هل تسمحوا لي الان ان اعود قليلا الى سعادة وزير التربية والتعليم أم اتركه لوقت آخر؟ اعتقد ان الشق الثاني من السؤال هو الافضل فلدي خياران على الاقل.
نعم سأتركه يحسب قبل النوم عمولته في هذا الشهر من رواتب مدرسيه الخصوصيين.
والله المستعان على وزير التربية والتعليم.

#محمد_الرديني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات