أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - كارولي شنيمان وبهجة اللحم














المزيد.....

كارولي شنيمان وبهجة اللحم


يوسف ليمود

الحوار المتمدن-العدد: 3183 - 2010 / 11 / 12 - 19:07
المحور: الادب والفن
    


يكفي أن نستدعي العمل الأول الذي أطلقته كارولي شنيمان وانطلقت به في سماء الفن الطليعي المتمرد مطلع الستينات، "بهجة اللحم" كان اسمه، وهو اسم كفيل بجعلنا نحدس البعد الثوري في روح وأعمال هذه الفنان الرائدة التى من الظلم حصرها في حيز ممارسة فنية بعينها كالبرفورمانس أو فن الفيديو أو التصوير. إنها تصر على وصف نفسها بالمصورة الرسامة "أنا رسامة وسأظل رسامة وسأموت رسامة". أما عروضها الأدائية المحفورة في ذاكرة تاريخ فن البرفورمانس وفي تاريخ النسوية عموما، لم تكن بالنسبة لهذه الفنانة سوى تكسير لإطار اللوحة وتوسيع حيزها الفراغي وبالتالي هي فرصة للحم الحي، الذي هو جسد الفنانة، لاختبار تحولاته كما لو أنه لوحة تنمو وتنبني عناصرها وتتحول رموزها مع رحلة التطور الأدائية. بهجة اللحم إذن، كما يشي الاسم، هو طقس جنسي مفرط المتعة، كما هو احتفالية باللحم كمادة: سمك نيئ، دجاج، سجق، ألوان سائلة، حبال، بلاستيكات شفافة، فُرَش، ورق... مع أجساد عارية تتمرغ في هذا الخليط كثيف الحضور، في عنفوان التمرغ والصراخ واللعب المتناوب بين الرقة والوحشية، بين حضور الوعي وغيابه. هل نرى في هذا العمل، الذي كان الغاية منه أصلا الخروج بعدد من الصور الفوتوغرافية، وتوثيق بالفيديو، ظلا لأعمال الفنان النمسوي هيرمان نيتش (تناولناه في عدد سابق)؟ أيا كان الأمر، فالظرف التاريخي، العبثي بالأحرى (مجازر فيتنام والانتحارات اليومية، فرادى وبالجملة، والاغتيالات اليومية كذلك، حيث لم تكن من أرض تحت أقدام أحد)، كان لابد أن ينتج عنه، كرد فعل، مثل هذاالعمل. لكن خطوة أكثر إيغالا في الأعماق كانت في عام 1975 حين وقفت هذه الفنانة في احد عروضها عارية أمام الجمهور واخذت تُخرج ببطء من رحمها مطوية ورقية دقيقة طولها متر تقريبا، كانت قد أدخلتها في الرحم قبل العرض، وبدأت في قراءة المكتوب فيها، وهي نصوص تعارض التحيز ضد المرأة. ما كان يتكلم هنا هو رحم المرأة بشكل مطلق، وليس لسان الفنانة الشخصي الصغير. إنه تأكيد على (الأنا أنثى، هنا والآن وإلى الأبد)!

عودة الى سنوات الستينات، إلى بداية سنة سبعين، نراها في عدد من أعمال متعددة الوسائط منها: فيلم فيديو مدته ثلاثون دقيقة، هو بورتريه شخصي، ظهرت فيه مع رفيقها المؤلف الموسيقي جيمس تايني، يمارسان الحب، في حين تبرق الكاميرا باحساس يتناوب اللعب والرقة والتقبيل ومص الأعضاء، وقطة البيت تراقب، ولقطات بارقة للعضو الذكري ومقابِله الأنثوي، والجسدان يتقلبان في فحيح النشوة وتقلصاتها السعيدة. "أردت أن أعرف إذا كان هناك أي تقابل بين تجربة فعل الحب التي عشتها وبين ظلال تلك التجربة على الشاشة، كما أردت أن أضخّ الطاقة الجسدية في مادية الفيلم، بحيث يتلاشى الفيلم، كفيلم، في سبيل إعادة انتاج فعل الحب بنفس الكثافة كما في فعل الحب نفسه. إنه فيلم مختلف عن أي عمل بورنوغرافي آخر يمكن أن تراه، وهذا يبرر لماذا يقبل الناس على مشاهدته حتى اليوم. إنه بعيد عن كونه سلعة، ولا ثمة فيتيشية فيه".

في "كولاج جسدي" دهنت شنيمان جسمها بعجينٍ سائل ثم لفّت نفسها في ورق ممزق، فبدا جسدها في النهاية أشبه برباط طبي! أما في "بورتريه، بورتريه" الذي نفذته 1970، وهو عمل فوتوغرافي تجميعي، صوّرت الفنانة، بعدسة زوم "كلوز اب"، عددا من اللقطات التفصيلية لأماكن الايروتيكية في جسمها: الشفاه، الفم، العين، الحلمة، الفرج، فتحة الأنف، فتحة الشرج... "أردت لجسدي أن يندمج في العمل ليصبح جزءا لا يتجزأ من المادة، بعداً آخر من بنية العمل، أنا خالقة الصورة وأنا الصورة، الجسد قد يظل المثير، الراغب والمُشتَهى، لكنه يبقى مرصودا، مشارا إليه، معادةً كتابته بنص من ضربات ولفتات وإيماءات، مكتشِفا، من خلال إرادتي، أنثويته الخلاقة".

لا تزال كارولي شنيمان تحيا وتتحرك مع الأحياء، تتكلم بوعي الحكيم، وتنظر في عين محدثها مباشرة، منسحبة إلى هدوء العزلة لكنها ما تزال تنتج، في الغالب كرسامة مصورة. في 1986 نفذت عملا متعدد الخامات على الورق: أكريليك، طباشير، رماد، واهدته إلى فنانة شابة رحلت مغدورة في عنفوانها: "يد وقلب، إلى آنا ماندييتا".

يوسف ليمود
م. جسد
يتبع: آنا مندييتا .. الأرض حدساً لجسدها، الأرض حقلاً لفنها



#يوسف_ليمود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مارينا أبراموفيتش: روح العالم في جسد الفنان
- البرفورمانس فناً والجسد هويةً
- فن فاروق حسني مَن يخاطب وأين يقف؟
- إرنست بيالار، العابر المقيم في جمال متحفه
- الفن المصري في الستينيات والسبعينيات ج 3 .. السوريالية هناك ...
- الفن المصري الحديث في الستينيات والسبعينيات (2)
- حدود فان جوخ بين الوعي والخرافة
- رحيل اللباد صاحب -كشكول الرسام-
- عن الثقافة في مصر: شجرة البؤس وأزهار الخشخاش المسروقة
- الفن المصري الحديث في الستينيات والسبعينيات، إلى أين كان، وإ ...
- جان ميشيل باسكيا .. فنه أم موته المبكر صنع أسطورته؟
- سبنسر تونيك .. كما نبي يقود أمته عرايا يوم الحشر
- عن النقد والفن في مصر .. حوار
- هيلموت نيوتن .. الفن رغماً عن أنف ما يصوره الفنان
- مان راي .. أنامل الفنان على أوتار الجسد وظلاله
- من ثقب الكاميرا: حقيقة الجسد أم وهم خياله؟
- تجربة رانيا الحكيم بين الحركية والغنائية في معرض بالقاهرة
- نينار اسبر .. جسدها آلة تعزف عليها قناعاتها
- يوسف نبيل .. الجسد مثقوبا بوجوده
- حمدي عطية وخريطة الجسد


المزيد.....




- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- فيديو صادم.. الرصاص يخرس الموسيقى ويحول احتفالا إلى مأساة


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - كارولي شنيمان وبهجة اللحم