أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - مان راي .. أنامل الفنان على أوتار الجسد وظلاله














المزيد.....

مان راي .. أنامل الفنان على أوتار الجسد وظلاله


يوسف ليمود

الحوار المتمدن-العدد: 3054 - 2010 / 7 / 5 - 02:52
المحور: الادب والفن
    


ما يخفيه الواقع تحت دُثُرٍ وأقمشة يكشفه الفن في كريستالية العري. تنطبق هذه المقولة التي من صميمِ تأمّلي ولغتي على فنانٍ رائدٍ فريدٍ متعددٍ رائقِ العدسات مشطوفِ الزوايا كمان راي. هذا لو نظرنا إلى جانب واحد من نتاجه الفني المتشعب: الفوتوغرافيا، وفي مؤخرة ذهننا فكرة عن نشأته وأسرته التي امتنهت الخياطة والمتاجرة في الملابس، وهي أسرة من أصل روسي هاجرت إلى أمريكا، حرص راي طوال حياته على الصمت عنها، حد أن الاسم (مان راي) من اختيار الفنان نفسه وهو في الأصل إيمانويل رادنيتسكي، وكأن هويته لا تمت بصلة سوى لكيانه وإرادته الفنية، أو أنه احتراماً لخصوصية الآخرين لم يرد أن يمسّ الآخرين حتى لو كانا أبويه نفسهما. ما يعنينا هنا هو ذاكرة القماش التي حُشرت في دماغ طفل مرهف وتكدست في رفوفها، فكان في الفن الخلاص، حيث نزع ثوب العاديّ وبقى عارياً في مهب رياح الخلق التي تُرعرع العري وتُنبت الحرية. ليس عري الجسد فحسب بل عري المعاني والأشياء، الجوهر.
ارتبط اسم مان راي بحركتَيْ الدادا والسوريالية، لكنّ عمله، كما هو كشخص، يتملص من أي تصنيف مدرسي ويقف على عتبة اللامبالاة التي هي ربوة الفن. سوف تحمل شاهدة قبره الجملة البليغة في حسّها الدادائي: "لا مبالٍ ولكن ليس غير عابئ"، جملة تختصر حياة كاملة في كبسولة الخلق، الخلق كهواء يتنفسه الفنان، وهو، راي، يقول عنه: "الخلق إلهي، الاستنساخ بشري". إنه، وهو المتعدد، يصر على تعريف نفسه، قبل كل شيء، بالرسام، رغم أن ما فعله بالفوتوغرافيا فقط، كان كفيلاً بأن يوقفه على درجة السلم نفسها التي يقف عليها اليوم كأحد أكثر الفنانين تأثيراً في القرن العشرين. ربما لأن الرسم هو الأصل في الفن! لكنه بالفعل رسام حتى في فوتوغرافياه. إنه يقول: "أرسم مالا يمكن أن أصوره: ذاك الذي يأتي من الخيال، من الأحلام، من اللاوعي؛ وأصوّر ما لا أرغب في رسمه: ذلك الموجود بالفعل". ماضيه القماشي حاضر في جل أعماله من رسم وكولاج وتراكيب وأفلام: مكواة الملابس ستنبت على سطحها الأملس إبر ومسامير، وتمثال افروديت سيُكتّف بالحبل، واللوحة والكولاج ستتبعثر عليهما أشكال كقصاصات وتصميمات اللبس، وتراكيبه التجميعية ستحمل شيئاً من ماكينات الخياطة والإبر... غير أن فوتوغرافياه، النابعة من الخيال والحلم فهي إلى الموسيقى أقرب، كونها عريا يحتفي بظلاله الخارجة منه والمتشكلة على ثناياه: ظهر المرأة العاري، بلمستين معقوفتين هما فتحتي آلة كمانٍ أو تشيللو، أصبح هو الموسيقى ذاتها، والصدر الأنثوي الرائع تموّجت عليه ظلال من نور عميقِ الساعةِ والنهار، والعري الفادح الجمال المقعي على ذاته في الأرض أصبح كائناً منفصلاً عن هوية صاحبته، كحيوان بريء يزور الأرض من فضاء مجهول، وإعماله أنامله في نيجاتيف الصورة لتضيع الحدود بين الشكل وظله أو لتتحدد خطوط الشكل الخارجي هنا وتختفي هناك أو ليحوّل النورَ كتلةً من سواد والظلَ وهجاً من ضوء لهي كلمات على الجسد من أبلغ ما كُتب عليه في تاريخ عريه. هذا الفنان الأمريكي الذي عاش معظم عمره الفني في باريس وعشقها عشق الوطن الأم وعشق فيها الكثيرات وصادق وعمل فيها مع مبدعين في وزنه كمارسيل دوشامب وفرانسيس بيكابيا وماكس ارنست وغيرهم، مات في باريس في 1976 بعد ستة وستين عاماً هي عمر الرحلة. في 1990 ماتت زوجته، حبه الأخير، جولييت براونر، لتدفن في مقبرته نفسها، كاتبةً على شاهدتها: "معاً مرة أخرى".
يوسف ليمود
م. جسد
يتبع: هيلموت نيوتون .. الفن رغماً عن أنف ما يصوره الفنان
رابط المادة السابقة: http://www.doroob.com/?p=44549



#يوسف_ليمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ثقب الكاميرا: حقيقة الجسد أم وهم خياله؟
- تجربة رانيا الحكيم بين الحركية والغنائية في معرض بالقاهرة
- نينار اسبر .. جسدها آلة تعزف عليها قناعاتها
- يوسف نبيل .. الجسد مثقوبا بوجوده
- حمدي عطية وخريطة الجسد
- دينا الغريب .. وردة الرغبة في حقل جسم ملتبس
- عاصم شرف .. الواقع معكوساً في مرايا الرقص
- روح مصر كما يفهمها ثلاثة فنانين عيناً وقلباً
- سمر دياب .. أجساد مفتتة في سوريالية الوجود
- محمود سعيد .. الأرستقراطي الذائب في جسم بنت البلد
- محمود مختار والجسد الناهض
- جسد جبران
- السوريالي المعكوس حامد ندا .. لاوعي الواقع في وعي الفنان
- الجسد العربي في وعي الفن
- القبلة بين الالتحام والانفصال
- من العيون في العيون 3
- نبي العربدة الحمراء هيرمان نيتش
- ستيلارك .. الجسد الناقص وامتداداته التكنولوجية
- قديسة الجسد الجديد أورلان .. خطوة في اللحم لا يحتملها العالم
- الجسد حقلا استكشافيا وكونا يحوي الكون


المزيد.....




- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - مان راي .. أنامل الفنان على أوتار الجسد وظلاله