أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - هيلموت نيوتن .. الفن رغماً عن أنف ما يصوره الفنان














المزيد.....

هيلموت نيوتن .. الفن رغماً عن أنف ما يصوره الفنان


يوسف ليمود

الحوار المتمدن-العدد: 3066 - 2010 / 7 / 17 - 00:55
المحور: الادب والفن
    


في مقابلة تليفزيونية قبل عام من وفاته أجاب على سؤال بسيط لكنه قاسٍ: "هل بعت نفسك أثناء رحلتك الفنية؟"، كان الرد أكثر بساطة وأقل أو ربما أكثر قسوة: "أووه، كثيراً"! إنه منطق الفنان الذي خسر كل شيء فباع كل شيء ولم يبق منه سوى طاقة الفن تتسلل منه رغما عنه حتى في أكثر الصور تجاريةً. إنه هيلموت نيوتن ذو السمعة السيئة: تجارياً ايروتيكياً عربيداً داعراً... لكن اللعنة، إنه قبل كل هذا وبعده فنان، ولا يمكن الفنان نفي ذاته ولو باعها للشيطان.
بدأت رحلة سكَنِه في الكاميرا وهو في الثانية عشر من عمره حين أهداه أبوه اليهودي الألماني الموسر صاحب مصنع الأزرار والأبازيم واحدة. بعدها بسنوات قلائل، ومع تضييق خناق النازيين على يهود ألمانيا وإفلاس أبيه بل واحتجازه لفترة في أحد معسكرات الرعب، اضطرت الأسرة، وأمه بالمناسبة أمريكية الأصل، إلى الهجرة إلى شيلي، في حين هرب نيوتن وهو في الثامنة عشر على ظهر مركب مع مئتي يهودي فارين في اتجاه الصين. وصل نيوتن إلى سنغافورة وقرر البقاء والعمل فيها كمراسل صحفي ومصور وجوه، لكن السلطات البريطانية احتجزته وأرسلت به إلى أحد المعسكرات في استراليا وهناك أُفرج عنه ليعمل فترة من الزمن في مزرعة كجامع ثمار ويصبح بعد الحرب مواطناً استرالياً ويغير اسمه من نويشتاتر إلى نيوتن ويتزوج من الممثلة جون براون التي أصبحت فيما بعد مصورة فوتوغرافية مشهورة تحت اسم ساخر مستعار: أليس سبرينج، اسم المدينة الاسترالية المركزية. غزا نيوتن بعدسته عالم الموضة وكواليسها، لتنفتح عدسته على اتساعها في تلك الأجواء الباذخة في مدن كبيرة كلندن وباريس التي استقر فيها، ومنها كبُر اسمه ليصبح بصمة إيروتيكية لا تخطئها العين ولا الرغبة، على صور الليل والحرير تلك. لكن نوبة قلبية في عام 1970 تضرب انتاجه كما ضربت صدره فينتج صوراً أقل ويعمل أكثر على انتشار اسمه ومن ثم ينتقل إلى لوس انجلس ومونت كارلو لتهاجمه نوبة قلبية أخرى وهو يقود إلى الفندق الذي عاش فيه لسنوات فتدخل سيارته في حائط وتنتهي حكايته مع الدنيا في الثالث والعشرين من يناير 2004 ويدفن إلى جانب ماريلين ديتريش في مقبرة شتاتيتشر في برلين حيث ولد 1920.

زحزح نيوتن الصورة الإعلانية من حيزها التسجيلي وأدخلها حيز الصورة الفنية الممسوسة بهاجس إيروتيكي حد التساؤل إن كانت الإيروتيكية لصيقة بالفن أو أنها تشكل بؤرة في الصميم منه كما العضو الجنسي في تركيب الجسد! ومادمنا أتينا على تركيب الجسم مثالاً، فلابد ألا نغفل هنا تركيب الصورة كرؤية كلية وشاملة لعناصرها وليس فقط تلك المنطقة الإغرائية الضيقة التي، تحت عين فوتوغرافي ربع موهوب، يمكن أن تبدو رخيصة ومبتذلة بل وحقيرة. صورة نيوتن تركيب أو بناء شمولي لجسم متكامل يحوي: السقف، النافذة، المنظر الذي في النافذة، السيارة، سجادة الممشى، السلم، السماء، المرأة العارية، المصور نفسه معكوسا في المرآة في لحظة اللقطة، المرآة وترديداتها، الصُدفة، ظل الرجل الواقف في طرف الصورة، زاوية التصوير، اهتزاز الصورة، الفكرة، التباس الفكرة، الفجاجة، المباشرة، المفارقة، الابتذال، الإيحاء، الشكلانية، اللامبالاة واللامعنى... إن كانت كل هذه أعضاء لهيكل الصورة فهناك العضو الجنسي لهذا الجسم والذي ليس بالضرورة أن يكون امرأة عارية، إنها ديناميكية المنظر وكيف تقود إلى الحبل السري القريب جداً من المنطقة الحميمية الحساسة في الصورة كما هي في الحياة.
لا نلمس في صور نيوتن أثراً لفجيعته الشخصية، لكن بلا شك عمقاً. عمق في التخطيط لمفردات الصورة وحواشيها المبعثرة أو المنظمة تتفاعل بعضها مع البعض خالقةً وحدة موضوعية تبدو كحتمية ولو لم تعكس معنى محدداً. الحياة نفسها تحمل هذه الصفة، ولدينا مثل غير بعيد: حياة هذا الفنان ذاتها، بتفاصيلها اللامعقولة ونهايتها العبثية.
يوسف ليمود
م. جسد
يتبع: سبنسر تونيك .. كما نبي يقود أمته عرايا يوم الحشر
رابط المادة السابقة: http://www.doroob.com/?p=44963



#يوسف_ليمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مان راي .. أنامل الفنان على أوتار الجسد وظلاله
- من ثقب الكاميرا: حقيقة الجسد أم وهم خياله؟
- تجربة رانيا الحكيم بين الحركية والغنائية في معرض بالقاهرة
- نينار اسبر .. جسدها آلة تعزف عليها قناعاتها
- يوسف نبيل .. الجسد مثقوبا بوجوده
- حمدي عطية وخريطة الجسد
- دينا الغريب .. وردة الرغبة في حقل جسم ملتبس
- عاصم شرف .. الواقع معكوساً في مرايا الرقص
- روح مصر كما يفهمها ثلاثة فنانين عيناً وقلباً
- سمر دياب .. أجساد مفتتة في سوريالية الوجود
- محمود سعيد .. الأرستقراطي الذائب في جسم بنت البلد
- محمود مختار والجسد الناهض
- جسد جبران
- السوريالي المعكوس حامد ندا .. لاوعي الواقع في وعي الفنان
- الجسد العربي في وعي الفن
- القبلة بين الالتحام والانفصال
- من العيون في العيون 3
- نبي العربدة الحمراء هيرمان نيتش
- ستيلارك .. الجسد الناقص وامتداداته التكنولوجية
- قديسة الجسد الجديد أورلان .. خطوة في اللحم لا يحتملها العالم


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف ليمود - هيلموت نيوتن .. الفن رغماً عن أنف ما يصوره الفنان