أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بقوح - الأرصفة ( 1 )














المزيد.....

الأرصفة ( 1 )


محمد بقوح

الحوار المتمدن-العدد: 3182 - 2010 / 11 / 11 - 14:19
المحور: الادب والفن
    


الشارع هنا سحبته الريح إلى زنزانة الحيرة . الأرصفة مشروخة الوجه . عيونها أوكار لأجنة ضجر قديم . على متن صهوة جسر السؤال تنتظر عودة البحر من رحلة طالت في أدغال غابة . هذه أجساد كلمات قابعة بين طبول الصمت يكتبها تاريخ المدينة طقوسا جليلة . رؤوس مفروغة من الداخل كما كانت خابيات عهدنا الأصيل . ألسنة طويلة صفراء ممزقة إربا إربا . و قصيرة مزركشة و أخرى ملتوية الشرايين و الأوصال و عظامها المطاطية رايات ترفرف على قلع السواقي . تبحث السواعد المبتورة العين داخل مغارة العدم عن أعضائها الخائنة . تبحث بلا جدوى عن نهار كان هنا ذات يوم ساعدها الأيسر . هناك في الجهة اليمنى من مشهد القيامة أرى أكوام الثلج في شكل دوائر محلقة حول بطون تنبض أو تريد أن تنفض عنها الغبار و الدم . الثلج هنا يأكل بشراهة محتويات بطون الرصيف في مدينة خرج حراسها الأمناء في عطلة نهاية الأسبوع . علامات قف في كل الفراغات و الدروب و الأزقة التي يفترض فيها أن تكون انطلاقة سليمة لطيران ما تبقى من طيور هذه الكائنات المكبلة بجسر أرصفة موهومة . قلت لشاب بعين واحدة تصول و تجول داخل صدره العاري إلا من حروف زرقاء داكنة : " أنتم ضحايا حرب ضروس أليس كذلك ؟ " رد بسرعة دون أن أعرف مكمن فمه . صوته جوهري كصوت عاصفة في ليلة ظلماء هادئة : " أنت غريب عن مدينتنا و أشيائها و تنعتنا بالضحايا . أنت تهيننا بدءا دون أن تفهم " . كنت أبحث مليا عن مصدر الصوت لعلني أكتشف فمه الذي شرع في التصدي لي و أنا أعزل . قلت : " و لمَ هذا الدم في الرصيف و الشوارع مكبلة بأجسادكم و الأزقة موصدة في وجهكم و الدروب صحراء بلا أفق ؟ " رد قائلا : " أنت سيدي ترى ما تريد . رأسك فارغة و لا عيون لك " . استغربت لكلامه . أبصرت في هذه الأثناء ما يشبه فمه يطفو على أحشاء بطنه التي تبدو في وضعية عناق كما لو كانت ماوراء جدار زجاجي شفاف تحتفي بزيارتي لهم . لكن لم أكن أدري لماذا بين الفينة و الأخرى يشير إلي كبيرهم في حجمه بأصبعه الغريبة محدثا صوتا غريبا يصل إلي و كأنه صوت زلزال . لم أتحرك من مكاني و بقيت مسمرا و هادئا .



#محمد_بقوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية التعليم .. و قيم العلم بالمغرب
- علاقة الثقافي بالسياسي في التجربة العربية - وجهة نظر نقدية
- عودة الأنوار - قصة قصيرة
- الحوار المتمدن كمعلمة عقلانية للفكر الحر
- حجارة السماء
- جدلية الفكر و قيم الإنحطاط
- الخفاش الأنيق - قصة قصيرة
- تيمة الجنون في رواية مدن الملح - نص التيه نموذجا - ( بحث )
- الكرسي الأعرج
- قصيدة يسكنها بحر
- هذا المساء ينقب عن وجهه في الشمس
- صهيل السبت الأسود
- غربة الفلسفة من منظور جيل دولوز
- بهاء شذرات نيتشوية
- حديث حول البحر
- قصة قصيرة الميزان العجيب
- نص المدينة و أبوابها الأربعة
- رقصة الأوثان
- كلاب قبيلة الشلال
- شهوة الصمت


المزيد.....




- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بقوح - الأرصفة ( 1 )