أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاروق سلوم - الثناء على طاقة البقاء الرافديني














المزيد.....

الثناء على طاقة البقاء الرافديني


فاروق سلوم

الحوار المتمدن-العدد: 3178 - 2010 / 11 / 7 - 01:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس النصر غير وهمٍ من أوهام الفلاسفةِ والمجانين؛ هكذا أبلغتُ الصديقين العزيزين مهدي الهاشمي وسرمد الطائي رأيي في قرار المحكمة الايجابي لصالح صحيفة العالم البغداديه ، وهما يذبّان عنا تهمة التجسس على الحكومة ووزاراتها، ويدفعان عنا تهمة الرأي الحر في القضية التي رفعت ضد – "العالم". وهما يصران مع جيل كامل من الكتاب والصحفيين على ان ما تحقق للرأي الحر من مكانة لن تمنع تدفقه قضية كيدية او قضائية بعد ان تغير كل شيء. الأغنية الوطنية الجديدة التي انطلقت بعد الانتخابات وهي تحيي الفائزين والتي ارسلها اصدقائي على صفحتي على شبكة الانترنيت تقول: كضت ها يا أُخوتي او عبرت الشده.. لوينه اذراع الأعداء وكلنه وياك ابا اسراء، هي اغنيه مكررة ولكنها علامة ايضا من علامات التفوق وليس النصر.

ثمة خسائر دائما حيث لا يوجد انتصار محض، لأنه من السويّة بمكان ان يظل في عالمنا اناس يؤسسون ويدافعون عن القواعد الكبرى للبقاء. فيما يخسر المخربون لقواعد الحياة وأسسها وحقوقها كل فرصة للاستمرار.

تكاد تكون شواهد السيرة الرافدينية كلها وثائق مهمة وكاشفة للخطر والشدة وتكالب المحن علينا. وهي تشير ايضا الى طاقة البقاء العنيد عند الشخصية العراقية على مر العصور. ان هذه البلاد الوسيطة بروحها وموقعها موعودة باستمرار بموجات هائلة من قوى الفناء طوال التاريخ حتى اطلقتُ على المواطن اليوم تسمية: الانسان ما بعد العراقي اجلالاً لتحمّله كل هذا التفتيت المتواصل لعناصر الحياة اليومية والوجود.. وهو باقْ..

في نهاية الشهر الماضي كان جوليان سانجي صاحب موقع ويكيليكس يتحدث في التلفزيون السويدي اذ كان قد وصل السويد قبل ستة اشهر طالبا اللجوء اليها. ورفضت وزارة الهجرة قبوله لعدم وضوح أسباب طلب اللجوء ثم استأنف القضية وواصل جهوده في المحمكة مميزا القرار لكن لم تحكم له محكمة الاستئناف بقرار الاقامة وبخاصة ان نساء سويديات رفعن ضده دعوة مشتركة وصدر بحقه قبل ان يختفي قرار يدينه (بالتحرش)..

ومن طرائف ما قاله جوليان سانجي للتلفزيون السويدي قبل ان يختفي – ويقال انه عبر البحر باتجاه بريطانيا – جملته الشهيرة: انكم تتهموني بالتحرش ولم تقرؤوا بعد وثائقي الجديدة الخاصة بالعراق انها تتحرش بكل شيء.. ضحك وحمل هواتفه الكثيرة التي يعرضها علامة على سعة العلاقات والاطلاع واختفى من الصورة. الوثائق التي تعرض الآن ومن قبلُ بأشكال شتى هي وثائق تعبر عن قدرة البقاء العراقي. كان هناك اكثر من مائة ألف مخبر متعاون يقدم الوشاية للقوات الأميركية لتعقب الناس والحياة في بيوت العراقيين منذ نيسان 2003.. وكانت هناك طرق شتى للاخفاء والسجن والفناء لكن لا يزال الناس يعملون ويواصلون فعل الحياة وينقل الباعة مادة الحياة الى القرى والمدن وبيوت الصفيح وقصور الحجر الصعب الثمين.

انني احكي عن أبطال الحياة الرافدينية؛ أولئك البسطاء الذين امتلكوا طاقة نملية لاخراج الجذور من أعماق الأرض حين يشح الطعام والماء وتهدد عناصر الاستمرار. وفي كل مرة كان يزورني محرر الصفحة الأخيرة في احدى الصحف ليأخذ خبرا او صورة كنت أقول له: اذهب الى أولئك الذين يوزعون الطحين والغاز والخضار والخبز فإنهم الخبر الحقيقي لكل صفحة تكتب من تاريخنا..

***

وانا اكتب هذه الأسطر اليوم تضرب مناطق بغداد بقسوة موجة من التفجيرات بعد ساعات من قداس ضحايا كنيسة سيدة النجاة.. وكان هاتفي لا يهدأ يستفسر عن أهل وأصدقاء وأناس في ورشات العمل والمكاتب والأسواق والمنازل وهم يرسمون لي ملامح: عادت الحياة العراقية وهي تتحدى أجندات السياسة واستهدافات الإرهاب وقوى الموت التي تستهدف نسغ الحياة وسيرة التاريخ اليومي لحياة هذه البلاد.

الإشارات كلها تشير الى ضياع القوى العظمى والقوى المحلية وعدم دقة ما يقرؤون ويقررون مذ تصور فوكوياما نهاية التاريخ على الطريقة الأميركية.. لكنه لم يستطع ان يرجئ قدرا ولا يمنع خطأً يحصل كل يوم سياسيا وعسكريا فيما يتكرس تاريخ الإنسان في بلادنا برغم الدم والإرهاب وشحة مادة البقاء.

يتغير كل شيء لكن حكمة الانسان البسيط تظل تدير دفة الحياة..

وتعطينا الواح سومر والياذة هوميروس وملحمة جلجامش وقرآن فارس – شاهنامه وكتب التاريخ العربي والعالمي سيرة للزمان وطبائع الانسان وهو يجترح معجزة الليل والنهار في بقائه وإصراره على ابتكار الحياة..

وهكذا هو معنى الإنسان ما بعد العراقي وهو يحمل عدة الحلم لا لينتصر.. بل ليبقى.



#فاروق_سلوم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاطمه المحسن : الشهاده التي انتصرت على ثقافة المراءاة والأجت ...
- مالذي كانوا يفعلونه في ايران
- الأنسان مابعد العراقي
- نهار غائم
- كلام
- ملوك الجبال
- دورة الرماد
- الكوريدا العراقيه
- احتواء القنبله الفراغيه
- اسبارطه
- نحن ومستقبل الرايخ العربي
- مشروع السيّد
- ذكرى اصطياد الفيل العراقي
- من يقلب الطاوله على الأمريكان ..
- تحالفات الأضداد والطريق الشائك الى الغد
- الخروج من المنطقه الزمرديه .. الى فضاء العراق
- الأصبع الذي يمحو الأختزال
- دليل الناخب النجيب
- مِنْخَل الأخطاء العراقيه
- الدوله الرخوه


المزيد.....




- بولتون لـCNN: النظام الإيراني في ورطة ولا أساس للأمن بوجوده. ...
- الأحداث تتسارع والضربات في تزايد.. هل تنذر المؤشرات بنهاية و ...
- حفل زفاف طفلة في ديزني لاند باريس يثير استنكاراً واسعاً وتدخ ...
- بالاعتماد على استخبارات مفتوحة المصدر.. تقرير يُرجح أن إسرائ ...
- هل عقد ترامب العزم على إسقاط النظام في إيران؟
- أطفال بدو سيناء في وجه السياحة.. حين يتحول التراث إلى مصدر ر ...
- 7 أنواع من الجبن قد تفسد أطباق المعكرونة
- مخاوف أوروبية من إغلاق مضيق هرمز
- مغردون: هل وصلت المواجهة بين طهران وتل أبيب إلى ركلات الترجي ...
- شاهد.. السرايا تستهدف قوات إسرائيلية بصاروخين روسيين موجهين ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاروق سلوم - الثناء على طاقة البقاء الرافديني