أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاروق سلوم - الأصبع الذي يمحو الأختزال















المزيد.....

الأصبع الذي يمحو الأختزال


فاروق سلوم

الحوار المتمدن-العدد: 2940 - 2010 / 3 / 10 - 23:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


توفي الجنرال تيتو وترك خلفه اختبار يوغسلافيا و ارث فرديته الخاصّه ..
فلقد غيرت القوه بعد سنوات ، ذلك المناضل الشديد المنحدر من اعالي الجبال يوما اثر يوم ، وجعلت منه تلك السلطة قائدا متفردا ومتشككا ، مولعا ببناء ألمنتجعات الخاصه واسواق الرفاق المغلقه ، والملابس الفاخره ، والسيجار الهافاني الشهير الذي لم يكن يغادر اصابعه برغم منجزات التجربه الأشتراكيه اليوغسلافيه المعروفه .
وحين وُضِعَ جثمانه في الرابع من مايس/ ايار عام 1980على عربة مدفع استعدادا لرحلته الأخيره كانت قناة البي بي سي الرابعه تبث صورا من حياته السياسيه ، ويعلّق مذيع القناة قائلا : لقد كانت تحولات تيتو الفرديه داخل يوغسلافيا تقوم على الريبه بأي من رفاقه .. و لم يترك عند وفاته لمستقبل يوغسلافيا غير هذه التركه الثقيله من الرفاق الهرمين ..
وهنا تنقلت الكاميرا بين وجوه من تبقى من رفاق تيتو القدماء وقد اعتراهم الأستسلام و العجز والكبر بحيث ان اصغرهم كان في السادسة والسبعين .. وتساءل المذيع مااذا كان هؤلاء الشيوخ قمينين بحفظ مستقبل يوغسلافيا .. تلك اللحظات المصوره آختصرت خمسين عاما من المصادره والأختزال السياسين لتجربة يوغسلافيا التي انتهت مجزّأةً الى عشركيانات صغيره برغم وصية تيتوالشهيره :
لاتنزعوا الحجر الذي غطيت به بئر الأفاعي .
*
العراقيون عبر تجاربهم السياسيه لم يجدوا حضورهم او تمثيلهم في سلطة الفرد كما لم يجدوا في الحزب الواحد ضالتهم فناوأوا عن الأيديولوجيا المغلقه لعقود ثم وقفوا بقوه امام الطائفيه الدينيه المقيته ولم يسايروا المناطقيه والعنصريه الضيقه . وكانت الهويه العراقيه لعقود طويله مغيبةً في ماهية قومية غير واقعيه او نزعة طائفية دينيه خلال سبع سنوات استثنائيه ذوبت الخصوصيه الوطنيه في بنية ايديولوجيه دينيه شموليه وايديولوجيه جديده كما غدا الأنتماء الوطني مغيبا لاأهمية له امام هيمنه اعلائيه في التضاد الشعوري والمناقده المتبادله بين فئات اختارت مواضعات شرائعيه واشكاليه في المذهب وشؤونه . وكان هناك اختزال عميق لملامح الوطنيه في الشمولي والمغلق وحتى الماورائي وهو استلاب للأنتماء وتحريف لكل فكره بحيث انتقل تأثير ذلك الى المنهجيه التربويه وغدا القومي والديني يصطرعان و يشكلان ضغطا على كل كيان فردي او اجتماعي في بنية الشخصيه الوطنيه ، انه نمط من الأستلاب الوطني ،والأستلاب الديني ، ولقد عانت التكوينات العراقيه من هذا التغييب الأستسلافي غير المتوقع ، وكنا من قبل نطلق تسميةَ الفسيفساء العراقي على تلك المكونات ، في تعبير مُلَـَطّـِفْ لحقيقة الكيانات وأختلافاتها ، تلك التي عمقتها ثقافة الأقليه والتنشئه السياسيه في ظل القمع ، كما احتواها الأنتماء العرقي والديني والثقافي على الصعيد النظري لوقت طويل مما يستدعي حاضنه سياسيه عابرة لكل انغلاق طائفي او قبلي . ان الخارطه الثقافيه العراقيه تمثل مجموعه مميزات وخواص تشكل بنية شعب وهويته التي تنطوي على التنوع القومي والثقافي والديني وقد شكلت التوتاليتاريه الجديده بصيغة الطائفه فجوات كبيره بين المكونات العراقية التاريخيه ، حيث انجز الفقه السياسي الجديد واختزالاته المتعددة الأشكال تضادّا متفجرا داخليا تشحنه السياسه وتغذيه نزعة المصادره .
*
وفي ظل سياسة الأختزال التي شهدها العراقيون خلال سبع سنوات ، تبدو اعادة بناء الهويه الوطنيه من المهمات التي تقع في مقدمة تحديات القوى السياسيه التي افرزتها الأنتخابات والتحالفات السياسية الصعبه التي ستعقبها ، وان تجسيد معطيات تلك الهويه تبدو ظرورية في توازيها مع تلك المهمات في السياق الواقعي لحياة العراقيين اليوم . وان ركائز تلك الهويه هي تنوعها الذي تستغرقه مميزات شعب يدفع اليوم نحو هاويه خطيره هي نوع آخر من اخطر طرزالمصادره لأرادته . لقد انجزت العمليه الأنتخابيه الجديده روحا تقويميه ممحصه للماضي وملتئمه مع بعضها في النظر الى الغد من خلال الأصرار على اختيار قوى سياسية تدعم روح التآلف الجمعي دون التباس . ولكن المثير للأسف ان الأنتخابات شهدت سلوكيات وأخطاء وممارسات مسندة بقوة السلطة ، مايعرض للشبهه السياسيه ويمس كرامة ومصداقيه الملايين ممن توجهوا الى الصناديق . واذا كانت نماذج من الخروقات المعلنه قد شهدها المراقبون فأن مخالفات عويصه واسراريه - مقبله - سوف تعرّض العمليه السياسيه الى صراع مر يمثل فيوض تلك التحديات العنيفة التي انطبعت على سلوك الأحزاب الدينيه ، والأحزاب التي تمثل مصالح اقليميه ودوليه تهدد الحضور السياسي الهش للوجود العراقي الأسثنائي . ان مرحلة استخدام القوه وتحريكها قد بدأ متمثلا في تهديدات اطلقتها احزاب ٌ حاكمة قبل بدء الأنتخابات تشير الى عدم التخلي عن السلطه في حال فوز قوى مغايره ، وقد عززتها البيانات والتصريحات السياسيه الأيرانيه المعلنه مع تسريبات استخباريه عن خطوات عمليه على الأرض من شأنها تفجير الوضع وخلخلته ، وتشير تقارير منظمات دوليه واوربيه الى ان مرحلة مابعد الأنتخابات تحمل اخطار تفاعلاتها في التصفيه والأغتيال وتفجير النزاع الفئوي واطلاق عناصر الريبه المذهبيه من خلال تحديات لرموز التاريخ والمذهب والعقيده الدينيه ( كتفجير مراقد ومساجد ومقدسات وتجمعات ومؤسسات ) سيؤول الى ارباكات خطيره للعمليه السياسيه الطويله التي ستستغرقها تفاعلات تشكيل التحالفات السياسيه الظروريه، ثم اختيار طاقم الرئاسه واخيرا وهي اصعبها : اختيار رئيس الحكومه المقبله .
*
ان سجالا مرأ يلخص نمطا جديدا من المصادره والأستعلاء يتمثل في التهديد باستخدام السلاح بأعتى صوره إن في تصفية الخصوم او في مواجهات مفتعله تهدد حياة الشعب وتخلخل مبتنياته السلميه التي انجزها بعد تجربة مرة من الصراع الدموي المهدد بالحرب الأهليه . وان اخطر صفحات الصراع تلك التي تبدأ بتصفية الأشخاص ولاتنتهي بتأجيج الريبة والعداء بين الطوائف والمدن والقبائل بشكل يغـيّب روح القيم الجمعيه كما يبدد السمات المشتركة التي ابتكرها العقل الشعبي لمواجهة الخطر المبدد لوحدته . ويبدو ان تعميم الأستخلاصات الصنميه الجامده وتكريس المبتنى الغنوصي في حوار العقيدة والمذهب انما يكرس مشاعر( استبهاميه متبادله ) تولد العنف كخيار وحيد لمنع الآخر من الحضور .. وتبدو واضحة مطالبةٌ لجوجة في البيئة الأقليمية تؤكد ان العراق مايزال يفتقد الأراده السياسيه ويبيحه للتدخل الخارجي وان ايّ قوى جديده ترشح عن الأنتخابات انما تهدد المصالح الأقليميه في العراق .و لقد تجاهلت بعض القوى السياسيه ان العلاقه بين الأستقلال الوطني والحريه السياسيه هي علاقة جدليه لاتقبل اي منحى استئواليٍ ٍ او تبخيسي ٍ يؤدي الى مرحلة اخرى من الخراب وهيمنة قوى الخارج ، وقد علّق الباحث النرويجي في شؤون الشرق البعيد ( اندرش بوستروم ) خلال ندوة - تحولات الآخر- التي عقدت في مدينة لورفيك اخيرا على التحولات المتوقعه في الشأن العراقي قائلا :
( بكل اسف ان سياسيي الشرق لايعون الى اي حد ينبغي السماح للآخر بأستخدامهم ( استغلالهم ) وتلك مجانيه تراتبيه بسبب تربيه لجوجه للذات ترى انها لاتستطيع الفعل الا في جو اشتمالي ضاغط يعكّر حركتها او يهجّن حركتها لكي تحس بقدرة الفعل وهو مايتمثل في تلقي السياسيين هؤلاء لأشارات روبوتيه تحركهم .. ويمكن القول في اطار تجربة العراق ان الورثه ، وهنا اقصد السياسيين الموالين للقوى الدوليه المصطرعه في العراق ، انهم يبددون الأرث الذ ي يختلفون عليه وتلك نتائج تربيه استيهاميه خلقتها قيم الأقطاعيه السياسيه والدينيه .. انهم راسخون في مرحلة الطفوله السياسيه ) ..
*
وازاء تجارب الشعب العراقي المرة امام المحو والألغاء تبدو ان الشراكه هي التي تعلي شأن السياسة وجوهرها ، وان المصادره القسريه هي التي تدفنها ، ولقد استنفد الأختصار السياسي كل فرصه عبر تاريخ العراق الحديث و حان الوقت لتمحو الأصابع الزرقاء كل أثر للتغييب القسري والمصادره السياسية .. والأختزال .



#فاروق_سلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دليل الناخب النجيب
- مِنْخَل الأخطاء العراقيه
- الدوله الرخوه
- اسمنت
- منسيات التاريخ .. نحو كتابه مغايره
- ارض أ ُخرى
- بساط المنزل .. يوميات زهرة الثلج
- نافذة على عتمة المنزل
- ابقار
- كريم رسن : الكرافيتيّه من اثر حرائق المدينه .. الى شيفرات ال ...
- دائما ..ثمة امرأة تكرر اخطاءها
- يداك تشيران الى جهتي
- طارق ابراهيم : الحروفية ليست تزيينا لكتلة الخزف
- نساء قيس السندي .. الفكرة حين تكتسح الرسم
- بلاسم محمد : يوميات الخروج من الرسم
- عامر العبيدي : الهجرة .. تأويل لفكرة البقاء
- هيثم فتح الله : عدسة واحدة لاتكفي لأكتشاف اللامرئي
- شنيار عبدالله ..غواية النحت ام غواية الخزف
- كلاسيك لحلم بعيد..
- اسئلة لسكونك العجيب


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاروق سلوم - الأصبع الذي يمحو الأختزال