منسيات التاريخ .. نحو كتابه مغايره

فاروق سلوم

الحوار المتمدن-العدد: 2907 - 2010 / 2 / 4 - 11:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يشير خطاب الأيديولوجيات والعقائد دائما الى المساواة ، لكنه يخفي ستراتيجية التهميش
وستراتيجة المحو احيانا ازاء الجماعات والأقليات والتجمعات السكانية ذات الهويه والخصوصيه .
وتتبين ملامح هذه الأستراتيجيه كلما استعرت روح الدمج .. والتطويع في المجتمع النمطي الذي تسعى اليه المنظومه السياسيه ..
ومن هنا كان التاريخ مليئا بوقائع التبخيس والعزل والتهميش للمجموعات السكانيه والأقليات في منطقتنا مما ولد معاناة عميقه و تاريخا سريا سجلته انواع اخرى من الكتابه غير الكتابة الرسميه للتاريخ ..
و الأدب بوصفه فضاءا سرديا فأنه يروي التاريخ ويسرد المنسي والممنوع والمسكوت عنه ،
وهوما لم يتم الأشتغال عليه كثيرا لأستخراج البعد التاريخي منه برغم انه كان هدف الدراسات الجماليه وفروعها لوقت ، و ظلت العلاقه الجدليه ذات طبيعه مركبه بين التاريخ وبين الأدب ، كما بقيت تأثيراتها تظهر وتختفي وفق ظروف المبتغى السياسي او الديني او الأجتماعي لكل مرحلة من اضطرابات تاريخنا القديم والمعاص .
ان الكثيرمن النصوص – قديمه وحديثه تختصر تلك العلاقة الشائكه بين الأدب بصفته رائيا وبين التاريخ بصفته شاهدا صامتا وكتوما ومنفذا لسرّنية العزل ، ويمثل الأدب هنا مرجعا مهما يستحضر التاريخ الحضاري والأجتماعي والسياسي لكل مسكوتٍ عنه او ممنوع ..
وفي منطقتنا مايزال البحث في هذا الميدان اسير طابع القراءة التاريخيه التقليديه للكثير من النصوص والآثار التي تمثل جوهر العلاقة بين التاريخ والأدب العربي ولا نجد الاّ ماندر من القراءات المعمقه حيث يمارس بعض الباحثين اركيولوجيا محدودة في محمولات النصوص ودلالاتها ورموزها واحالاتها التاريخيه .. وهي بحوث نادره بكل اسف !!
ان التركيز على قراءة النص، وهويختصرثقافة الأصول الأثنيه والهويه للمجموعات السكانيه لمنطقتنا هي العمليه التي تشكل هدف المنهجيات التي نقول بها في كتابة التاريخ من خلال الأدب ، واول استهدافاتها رؤية جديده للدين والقوميه بأعتبارهما اساس التشريع للأنساق الأجتماعيه والسياسيه . ولابد اذن في مثل هذه المنهجيات من قراءة تاريخ مابعد- كولونياليه ، وقضايا الدين والعلمانيه ، ،و خطاب الطبقات الأجتماعيه والحساسيات المتقابله للمجموعات ، وحتى الجنسوية والعلاقات الجنسيه وهي في بعض عناوينها ، بقياس بيئتنا الأكاديميه او البحثيه ، تبدو مداخل مراقبه وربما غير مقرّه وممنوعه برغم اهميتها في المنهجيات الحديثه ونتائجها المأموله.
ولكي يستخرج بعد التاريخ المسكوت عنه لابد من اعادة قراءة االسير الذاتيه ونصها التاريخي ، وكشف التجارب المحجوبه في التاريخ ، والأستشهادات التاريخيه في الأدب ، والمعاصره بين التاريخ والأد ب في النص وصلاتهما بأحداث السياسه وتحولات الأحداث ، واذا كان لابد من كشف البعد السياسي في النص فأن المقاومه السياسيه والأجتماعيه في الأدب ومظاهر الأضطهاد والرقابه و صورة الآخروالعلاقه الداخلية بين النص ومضمونه السياسي والتاريخي والآثار السياسيه والأثنيه والثقافيه للأدب التاريخي هي عناوين لتلك الكشوفات المستهدفه بغية استعادة القيمه الأدبيه للتاريخ المخفي و التاريخ الأدبي ايضا .
لقد كانت الدعوه نحو قراءة حقيقيه للتاريخ ، واستنباطه او قراءته في ظلال النصوص الأدبيه والخطب والرسائل والسير ، والأستشهادات تشكل دافعا الى انذعارات شتى للسلطة الرسميه عبر التاريخ القديم والحديث .
وكان تكريس منسيات التاريخ هو الجزء الأكثر تميزا في كتابة تاريخ منطقتنا الأجتماعي والسياسي . بل ان الهيجان الذي يسببه كشف الحقائق الفاجعه لوجودنا وتناقضاتنا ، هي الصفة الأكثرتميزا لردود الفعل ازاء اي كشف مغاير عدا عن دعاوى التخوين والتحريف .. وحين نقول بضرورة قراءة التاريخ كما يرويه الأدب في قراءات متعدده بما في ذلك دراسة الطبقه والأنتماء الأثني وعناصرالعقيده وجدل الأقليات انما نقول ذلك بعد ان كشف التفجر الصارخ بين تشكيلات المجتمع العراقي – واللبناني من قبل - بشكل بدد الأوهام التي كان ينطوي عليها الخطاب المثالي الرسمي حول النسق الأجتماعي السياسي ..ووحدته .. ومثالية انتمائه .. ووطنيته وذوبانه فيها ... ان قراءة فاحصة طويلة الأمد للعناصر المهملة في بنيتنا الوجدانيه ستمدنا بعناصر الرؤيه لكل مستور او ممنوع اهمله التاريخ .. وفجرته احداث وتحولات السنين ووثقه الأدب ...

#فاروق_سلوم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل