أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - موسى فرج - من أجل موسوعة عراقية للفساد في العراق تاريخ الفساد ...















المزيد.....



من أجل موسوعة عراقية للفساد في العراق تاريخ الفساد ...


موسى فرج

الحوار المتمدن-العدد: 3158 - 2010 / 10 / 18 - 16:15
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


من أجل موسوعة عراقية عن الفساد في العراق ... . . . موسى فرج . تاريخ الفساد: . لم أسعى من خلال مروري على تاريخ مواجهة الفساد في العراق إلى إعادة اكتشاف نصوص مضى على اكتشافها زمن طويل وتعود لأزمنة موغلة في القدم عمر بعضها يتجاوز خمسة آلاف سنة لكني أستهدف من وراء ذلك الآتي : . 1. التذكير بالمفارقة المؤلمة حقا بين أن يملك بلد مثل العراق هذا الموروث الحضاري الهائل ، ويختص شعبه بموقف ريادي واضح بين شعوب العالم في موقفه من الفساد بالذات .. وبين أن يتصدر ذات البلد ـ اليوم ـ وفي ظل الانجازات الإنسانية الماثلة دول العالم في الفساد، وعندما يشار إلى حضارة البلدان فان العامل الحاسم في ذلك هي الشعوب والمجموعات البشرية فالحضارة يصنعها الإنسان ولا تصنعها الجبال والوديان . . 2 .إلى جانب ذلك فأني أسعى إلى أن أشير إلى التدهور بل الانحدار في الثقافة العربية والسلاموية الراهنة التي تختزل اليوم قضايا الفساد في جوانب قشرية وهامشية، وتتجنب بروح انهزامية منافقة وهزيلة قضايا الفساد الأساسية نزولا عند رغبة الحكام والفاسدون، وهو ما يشكل الوجه الأخطر في الفساد .. لقد ارتكبت تلك الفئات الضالة من وعاظ السلاطين عندما مالأت ولغايات انتهازية ونفعية الحكام في غيهم وفسادهم الخطيئة والجريمة ليس بحق الشعوب فقط بل بحق العقيدة والدين الأسلامي ذاته، الذي اختزلوه في مجموعة ممارسات إجرائية ليس إلا .. لقد لعبت تلك المجموعات من رجال الدين دورا خطيرا ومدمرا للدين عندما سلخته من محتواه الأخلاقي وتمسكت بمجموعة الطقوس القشرية وجعلت منها الدين كله في وقت لا تتجاوز أهمية العبادات 5 ./. فقط من الدين وتحتل المعاملات 95 ./. منه.. هذا إذا كانت العبادات صافية كما هي ولكن عندما يكون 95 ./. من تلك الطقوس محدثة وطارئة ومختلقة وبالضد من قيم الدين عندها يتحول الدين من نعمة لتهذيب السلوك إلى نقمة في تسويغ الفساد.. . 3 . بالإضافة إلى ذلك فاني عندما أمرعلى تاريخ الفساد وموقف العراقيين منه فاني أذّكر الجيل الحالي منهم بأنه أمام فرصة تاريخية لمعالجة انحراف الحكم وهو موطن الفساد وآلة تفريخه في كل العصور وفي مختلف بقاع العالم، وفي حال استمرار حالة الاستسلام والإحباط واليأس والاكتفاء بالتذمر والولولة فأنهم يهدرون فرصة لن تتكرر في الزمن المنظور وستكون الخسارة قاسية والثمن لاشك سيكون باهض على هذا الجيل كما الأجيال القادمة. . 4 . أن مواجهة الفساد تتطلب وبالضرورة وقبل أي شئ آخر فضح ودحض ثقافة وعاظ السلاطين التي تختزل مواجهة الفساد بعدم السماح للمرأة بقيادة السيارة أو منع الموسيقى أو الإذعان لفساد أولي الأمر.. ليس لأن ذلك يتنافى مع قيم الحداثة والتقدم ولكن لأن الإسلام الذي يدّعون تمثيله تدليسا ضم عدد هائل من الفارسات وقيادة المرأة للسيارة ليست اقل خطرا وأقل حشمة من ركوب الخيل والجمال والحمير ، ولأن استقبال المسلمون للنبي(ص) يوم قدم يثرب كان بالدفوف والغناء ولم يكن باللطم والعويل، ولأن السلف الذي يدعي وعاظ السلاطين الانتماء إليه قالوا لخليفتهم : نقومك بسيوفنا ولم يكتفوا بتنظيم مظاهرة خارج أسواره فيتصدى لهم وعاظ السلاطين بفتاوى المنع .. مثلما يتطلب أيضا الوقوف في وجه السلطات الحاكمة التي تختزل الفساد في ممارسات هامشية في حافات الجهاز الحكومي فأن المركز في إعصار الفساد هو مركز اتخاذ القرار في الدولة ويتناقص ضرر وحجم الفساد كلما تم الابتعاد عن مركز اتخاذ القرار أعني قمة الهرم في السلطة.. وللوقوف على تاريخ الفساد في العراق والمنطقة لابد من المرور على المحطات التالية : . 1. في مصر عثر في معبد الكرنك على لوحة حجرية تضمنت قانونا أصدره (حور محب) في عام 1334 ق.م يقضي بإعدام الموظف أو الكاهن الذي يقبل الرشوة وكذلك الجنود الذين يستغلون نفوذهم للإثراء ، وبعد ذلك اصدر (سيتي الأول) في عام 1303 ق.م مرسوما بقطع انف وأذني الموظف الذي يخل بواجبات وظيفته من أجل مصالحه الشخصية . . . 2.أما في سوريا فقد عثر الآثاريون في موقع داكا السورية على ألواح كتابات مسمارية تشير إلى ممارسات للفساد في البلاط الملكي الآشوري تلك الألواح تعود لآلاف السنين . . 3.وفي العراق فأن قوانين حمو رابي التي صدرت عام 1780 قبل الميلاد تضمنت عقوبات واضحة وصريحة ضد الفاسدين والمفسدين وورد فيها ولأول مرة في التاريخ كلمة ( الحرية ) ونظمت فيها حقوق الإنسان وحقوق المرأة ، وتضمنت سابقة قضائية كالتي تتضمنها أرقى القوانين ونظم القضاء المعاصرة ، في حين كانت قوانين أشنونا التي سبقت قوانين حمو رابي بنصف قرن قد حددت أسعار بعض السلع ونظمت الإيجار والقروض والتبني والطلاق وتضمنت العقوبات المترتبة على الاعتداء على أموال الغير والأضرار المتسببة عن الحيوانات والأشياء ، أما قوانين أوركا جينا التي صدرت في عالم 2355 ق.م فقد تركزت على إعادة العدل والحرية للمواطنين وإزالة الظلم والاستغلال عنهم ، ويوصف قانون أور نمو بأنه أقدم قانون ليس في العراق فحسب بل في العالم أيضا وتضمن حقوق المرأة والعقوبات المترتبة على الشهادة الكاذبة والعقوبات المترتبة على من يغرق ارض غيره وعقوبة من يهمل زراعة الأرض المستأجرة . . 4 . أما في العصر الأسلامي فانه عدا عن القرءان الكريم الذي تضمن ما يزيد عن 50 آية حرمت الفساد وحذرت من ارتكابه حتى إن القرءان الكريم بلغ من الشدة في مواجهة الفساد انه اعتبره حربا على الله ورسوله وحدد عقوبة مرتكبيه بالقتل والصلب وقطع الأيدي والأرجل أو النفي في الدنيا ، وفي الآخرة أقسى.. بقوله تعالى :( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب أليم ) سورة المائدة ـ آية 33، فان الرسول ( ص) حدد موقفه من الفساد بقوله : ( والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها )، و لم يبتعد عنه خلفائه من بعده في الموقف من الفساد فكانت مقولة عمر بن الخطاب الشهيرة ( لو وجدتم في اعوجاجا فقوموني..فيردون عليه : نقومك بسيوفنا .. ) بالغة الدلالة والوضوح في خضوع الحاكم للمراقبة والمسائلة التي تشكل جوهر الديمقراطية في الحكم ، والأساس في مناهضة الفساد ، وجسد عمر بن الخطاب المعنى الناصع في الشعور بالمسؤولية عند الحاكم تجاه الشعب عندما قال : (لوعثرت شاة في أرض السواد لخشيت أن أسأل عنها) .... وقوله واضح فالفساد لا يعني عنده السرقة أو الرشوة فقط بل تعني مسؤولية الحاكم في الحفاظ على أرواح وممتلكات الأمة .. أما علي بن أبي طالب فقد شكل موقفه من الفساد قولا وفعلا إعجازا بكل ما تنطوي عليه هذه الكلمة من معنى..وهو القائل: (إن أمرتكم هذه لا تساوي عندي شسع نعلي إلا أن أقيم بها عدلا وادحر باطلا )، وضرب أبو ذر الغفاري أنصع مثال عرفه التاريخ العربي والإسلامي في مواجهته للفساد .. وبعد عصر علي كان عصر الفساد ولم يشذ عن ذلك سوى عمر بن عبد العزيز، وأول من رشا في الإسلام هو المغيرة بن شعبة الذي ولاه معاوية الكوفة ولكن سبقه آخرون من خلفاء الرسول وخاصة عثمان بن عفان الذي قرب أهله وعشيرته وحاباهم ووزع المناصب بينهم فتكدست الثروة في بني أمية، وقد أثرى بعض الصحابة وبنو القصور وملكوا القطعان والخيول وكدسوا الذهب فكانت تلك الممارسات بداية التدحرج في الحكم الأسلامي والذي أفضى بعد تراكمه واتساعه إلى أفول الخلافة الإسلامية فيما بعد.. . 5 .إما في حقبة الأمويين فقد اعتلى عبد الملك بن مروان المنبر وخاطب الأمة قائلا : المال مالنا والفيء فيئنا..! فان رغبنا منحنا وان رغبنا أحجمنا !.. فكان إعلانا سمجا ومرسوما فجا بالتحول الرسمي من دولة الإسلام إلى دولة الفساد.. وهو منهج لم يسبقه أليه احد لا في الدولة الإسلامية ولا في الدول الوثنية، إما قائد جنده وحاكمه على العراق فقد خاطب العراقيين بقوله : أني أرى رؤوسا قد حان قطافها واني لصاحبها ..! فكان الإعلان الأكثر وضاعة على امتداد العصور عن الاستبداد والقمع والدموية في أكثر الصور خسة.. . 6. وفي العصر العباسي فـان تاريخ الحضارة العربية الإسلامية الذي يدرس في المرحلة الثانوية في المدارس العراقية يفخر بان الحكام كانوا يحتفظون في قصورهم بأشجار للزينة مصنوعة جذوعها وأغصانها من الذهب والفضة ومصنوعة أوراقها وورودها وعصافيرها وبلابلها من الأحجار الكريمة !.. ويفرد الكتاب المدرسي في تاريخ الحضارة الإسلامية فصلا خاصا لوصف الملاعق المصنوعة من الذهب والتي كان الأمراء والحاشية يستخدمونها لتناول الطعام لمرة واحدة فقط ليستعملوا غيرها في الوجبة اللاحقة.. وسحق الفساد حكم بني العباس في موقف مريع ، فقد استأثر واغتصب وسرق خليفة المسلمين أموال الأمة وخزنها ذهبا وعندما اجتاحت جيوش هولاكو عاصمة الخلافة الإسلامية بغداد وسجن قائد الجيوش الغازية خليفة المسلمين وظل الله على الأرض طلب هذا وهو في سجنه ماء فقدم له هولاكو إناء ملأه بدل الماء ذهبا وتركه له في سجنه ليروي ظمأه منه فكان إن هلك..فالذهب لا يقوم مقام الماء، ولأن أمير المؤمنين لم يتعظ بالنصيحة التي قدمها أحد العراقيين من مناهضي الفساد لسلفه أمير المؤمنين هرون الرشيد عندما قال له لو كنت في عرض الصحراء حيث لا ماء ولا أمل بالنجاة من العطش وقدمت لك قدح ماء ..بم تشتريه ؟ رد عليه الخليفة : بنصف ملكي .. قال له ولو احتبس بولك وكادت مثانتك تنفجر وخلصتك من ذلك ..فبم تكافئني ؟..أجابه الخليفة : بنصف ملكي ..قال له العراقي المناهض للفساد : أرأيت قيمة ملكك ؟ قدح ماء وقدح بول ..فلا خير بملك كهذا .. ولا ادري ما سبب تمسك الحكام العرب المعاصرين بالسلطة وهم يدركون تماما أن لا أحد ينتزع صورة غاندي من إطارها ليضع مكانها صورة مبارك ، ولن ينتزع احد صورة مانديلا من إطارها ليضع مكانها صورة ألقذافي ولن ينتزع أحدا صورة عبد الكريم قاسم من إطارها ليضع مكانها صورة المالكي .. هذا لن يحصل ، أنا متيقن من ذلك فعلام الهوس بالتمسك بالسلطة أذن ؟.. . 7.وفيما تلا ذلك من حكم الاسلامويون في أزمنة سلاطين بنو عثمان وبويه والسلاجقة والصفويين والقاجاريين فقد كان الفساد منهج للحكم .. 8.ومن جراء توطن الحكم الأجنبي في العراق وأيضا المنطقة العربية فقد نهض الطامحون بالسلطة والنفوذ للمطالبة بالحكم الوطني ونجحوا في تحشيد الناس لمواجهته وطرد الأجنبي تحت لافتة إيغال الحكم الأجنبي بالفساد والاضطهاد.. وقامت في العراق ثورات تحررية كبرى في مقدمتها ثورة 1920 والمعروفة بثورة العشرين واستقدموا فيصل بن الحسين ملكا على العراق وقد تنفس العراقيون الصعداء من جراء نزاهة وعدالة فيصل الأول لكن ذلك لم يدم طويلا فقد توفي فيصلا ومات غازي في ظروف غامضة. . 9. بعدها آلت السلطة إلى نوري سعيد وعبد الإله فأذاقوا الشعب العراقي المرارة فساد واضطهادا ( بالمناسبة : بات الكثيرون من العراقيين يمتدحون عهد نوري سعيد بحجة أن نسب الفساد في عهوده لم تكن مناظرة لما هو عليه الآن وبحجة أن الاستبداد لم يكن مناظرا لعهد البعث وصدام الدموي ..والرد على ذلك هو : صحيح إن الفساد المالي في تلك الحقبة لا يمكن مقارنته بما هو عليه الآن ولكن من قال أن الفساد ينحصر في الفساد المالي ..؟ هل أن اغتصاب الأراضي الزراعية من الفلاحين وتوزيعها على الإقطاع والشيوخ ..لم يكن فسادا ؟..هل أن حصر 98 ./. من الأراضي الزراعية لدى 2 ./. من العراقيين ودفع الباقين ليشكلوا موجات الهجرة إلى بغداد والمدن العراقية ليتخذوا من بيوت الصفيح و(الصرايف) أنطقه من الفقر والحرمان والبؤس والجهل والمرض حول العاصمة والمدن العراقية فيملؤها حمالين وخدم لم يكن فسادا ؟ هل أن الشعب العراقي مكتوب عليه إما أن يرزح تحت استبداد ودموية البعث وصدام ؟ أو أن كل ما عداه يشكل مروجا خضراء و(حته من الجنة )على رأي المرحومة أسمهان ؟.. ونهاية طموح الشعب العراقي ؟.. وهل أن الشعب الألماني عندما يطالب حكومته بإصلاحات ديمقراطية أو استئصال الفساد إن وجد بأية نسبة كانت ، يقال له : إن ميركل أفضل من هتلر..؟ وان الحكومة الحالية أفضل من النظام النازي وهذا يكفي ولا حق لك بالمطالبة أكثر من ذلك ؟.. هل أن هذا المنطق سليم ؟.. أم أن المنطق السليم يقول غير هذا ..؟. 10. فترة حكم عبد الكريم قاسم : عبد الكريم قاسم خلافا لكل الذين حكموا العراق قبله أو بعده لم يكن منتميا لحزب سياسي ولم يشكل حزبا ليتولى عنه المهام الدعائية الكفيلة بتلميع صورته أمام الناس ، كما أن مدة بقاءه في الحكم لم تكن طويلة بل أربع سنوات ونصف ..ولكن لم يتمكن احد من الحكام أن يحتل مكانته في وجدان النسبة الغالبة من الشعب العراقي خصوصا شرائح الفقراء والمثقفين والوطنيين ..لماذا حصل هذا؟..حصل هذا لثلاثة خصال أجمع عليها الأعداء قبل الأصدقاء عند عبد الكريم قاسم هي: النزاهة والوطنية والبساطة... . 11. حقبة حكم البعثيين :في هذا الجزء بالذات لست في معرض تفصيل لأشكال وأنواع الفساد ضمن كل حقبة زمنية.. وقد نأتي عليه لاحقا ..ولكن بوسعي القول جازما أن الحقبة الممتدة من: 8شباط عام 1963 إلى: 9 /4 /2003 والتي تغطي مساحة زمنية تبلغ 40 سنة تمثل وفق كل المقاييس الحقبة السوداء في التاريخ العراقي فسادا واستبدادا ، حيث انتهكت خلالها وعلى نحو لا يمكن مقارنته إلا بالحقبة النازية حياة وكرامة الإنسان العراقي ومقدرات وكرامة الشعب العراقي ومقدرات وكيان الوطن العراقي ..صحيح أن الفوضى والفساد وفشل الأداء الحكومي والمحاصصة والطائفية في المرحلة التي أعقبت سقوط نظام صدام وفرت ما يمكن وصفه بالموجة والخيول المجنحة ليركبها البعثيين وأنصار صدام لإيهام الناس بالحنين إلى نظام صدام وتبييض وجهه إلا أن ذلك لن ينطلي إلا على الأغبياء ومن في قلوبهم مرض من العراقيين وتتحمل الأطراف السياسية والحكومية القابضة على السلطة منذ 9 /4 /2003، المسؤولية الكاملة في السماح لتلك المحاولات في اختراق وعي العراقيين بسبب ما ارتكبته وترتكبه تلك الأطراف من أفعال فساد وفوضى وفشل في تامين الحياة الكريمة للشعب.. . 012 مرحلة ما بعد سقوط نظام صدام : هذه المرحلة ومرحلة حكم البعث ستكون موضوع الصفحات القادمة ولا يجوز المرور عليه بهذه العجالة لكني اسمح لنفسي بان أطلق عليها تسمية أم البلاوي والمحن اتساقا مع تسمية صدام للحرب الأكثر تدميرا للعراق(عاصفة الصحراء عام 1990 ) بأم المعارك فقد دفع صدام الشعب العراقي المتسربل بالدماء والأوحال من جراء القادسية وأم المعارك وحرب الحصار إلى هاوية حرب تدمير واحتلال العراق، فمسحت بنيته التحتية عن بكرة أبيها، وانقضت على الكيان العراقي، وأنجبت نظام سياسي احتار العراقيون في إيجاد تسمية له ..هل هو نظام ديمقراطي ؟ الجواب :لا ..هل هو نظام ثيوقراطي ؟ الجواب : لا .. هل هو نظام كولنيالي ؟ الجواب : لا ..هل هو نظام دستوري ؟ الجواب : لا ..فمن هو أذن ؟ هو نظام عراقي .. سئلت مرة من قبل مذيع إحدى الفضائيات العراقية : هل أن العراق بلد صناعي ؟ قلت : لا ..قال:هل هو بلد زراعي ؟ أجبت : لا .. قال :هل هو بلد سياحي ؟ قلت : لا ..قال المذيع : فما هو ؟ قلت : بلد سياسي ..! لأن من بيدهم الحل والعقد ومنذ ثمان سنوات ولحد تاريخه مشغولون بالعملية السياسية والتي لا تعني في القاموس السياسي العراقي بناء نظام سياسي محدد المعالم وإنما تعني التدافع على المناصب والإزاحة والإزاحة المضادة لجني المناصب .. ولو طبقنا عليهم قانون أور نمو لكان نهايتهم مطيّنه بستين نيله على حد تعبير المصريين.. . 13.قدر تعلق الأمر بتاريخ نشوء الفساد لأول مره فقد حسمه القرءان الكريم عندما قال على لسان الملائكة : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ..)..لقد كان آدم في كنف ربه.. وتحيط به الملائكة من كل الجهات ومع ذلك فقد ارتكب المعصية.. فكيف به الآن والذين يحيطون به ..منه اضرب ، وأكثر فسادا ؟ قد يعترض عليّ السلفيون والأصوليون باعتبار أن آدم نبيا..فكيف يوصف بالفساد ؟ .. أنا لم أأتي بذلك من جيبي ..تفضلوا هذا القرءان الكريم وهذا ما ورد فيه .. ومن يعترض فعليه أن يبين الغاية من تسفير آدم إلى الأرض وهي عبارة مخففة للطرد ..هل كانت لمهمة استطلاعية ؟ أم سفرة سياحية ؟..لا هذا ولا ذاك .. . *0قبل عدة سنوات كنت في دورة في لندن وعرض المحاضر دراسة استقصائية تشير إلى انه يوجد 10 ./. من العاملين في الدول وعلى نطاق العالم فاسدون لا يمكن إصلاحهم .. وان الطريقة الوحيدة للتخلص من فسادهم هي إبعادهم عن وظائفهم ، وان 10 ./. من موظفي الدولة عالميا نزيهين لا يمكن أفسادهم .. أما الباقون وهم الـ 80 ./. هؤلاء إن سنحت لهم الفرصة ارتكبوا أفعال فساد .. . *0 السؤال المهم هو انك لو أجريت دراسة استقصائية على عينة عشوائية من الناس من مختلف الدول العربية وسألتهم عن عدد المرات التي تداولوا فيها مفردة فساد قبل سنة 2000 ..؟ ولو أحصيت مدى تكرار مصطلح فساد في النشرات والدوريات العربية وكذلك وسائل الأعلام الأخرى لوجدت أن نسبة تداول كلمة فساد قبل عام 2000 لا تتجاوز 1 ./. من نسبة تداوله في الوقت الحاضر.. لماذا ثارت الثائرة ضد الفساد في السنوات العشر الأخيرة فحسب ..؟ ليس في العراق فقط بل في دول المنطقة خصوصا ودول العالم بشكل عام .. وبات الفساد حديث الناس والفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى ، والمنظمات الدولية والمؤتمرات المحلية والعالمية ورؤساء الدول ..؟ هل أن الفساد بدأ في عام 2000 و ما قبله كان عهد استقامة ؟ وعدالة ..؟.. . وهل أن الأمر مجرد صحوة أم لأن أمور أخرى أنضجت هذا التوجه ؟.. الأمر من وجه نظري يعود للأسباب التالية : 1 . هبوب رياح الديمقراطية عالميا بعد انحسار أنظمة الاستبداد والدكتاتورية وتحولها من حالة الهجوم على الشعوب إلى حالة الدفاع عن النفس.. . 2 . انكشاف كذب وفساد أنظمة الاستبداد المحلية التي احتوت حركات التحرر الوطني وتخلصت من الاستعمار وطردت الأجنبي تلك الموجة التي شكلت سمة العقود الخمسة الأولى من القرن العشرين وانتهى بها المطاف إلى أن تنجب أنظمة حكم فاسدة ومستبدة ودموية صاحت الشعوب من جراء ظلمها .. ألداد ..وتمنت الكثير من تلك الشعوب العودة إلى أحضان الاستعمار الخشنة والباردة بدلا من قرف أنظمة الاستبداد والدكتاتورية المحلية ، وبعد ذلك تجاوزت الشعوب أنظمة الاستبداد المتلفعة بعباءة القومية بسبب ما وجدته الشعوب فيها من جرائم وطغيان ومفاسد لا عد لها ولا حصر .. وباتت المواجهة اليوم بين قوى الديمقراطية وحقوق الإنسان من جهة وبين نظم الاستبداد والفساد والشمولية تحت أي مسمى كانت من جهة أخرى .. . 3 . العامل الثالث الأساسي هو هذه الثورة العابرة للحدود والأجواء والجدران اعني بها ثورة الانترنت والبث التلفزيوني الفضائي ففي عام 1990 كانت إذاعة البي بي سي البريطانية هي المصدر الوحيد المتاح للعراقيين من غير أبواق صدام الإعلامية ومع ذلك فقد فرض تشويش يصم الآذان على إذاعة ألبي بي سي.. وحصلت أمور مشابهة في دول المنطقة والدول الأخرى .. الآن تغير الأمر بشكل انقلابي فقد خرقت الانترنت الحواجز بين القارات والدول والسيطرات والدوريات والجدران .. وان تمكنوا من وقف موقع الكتروني فانه توجد غيره مئات بل آلاف معظمهم يعمل من خارج البلدان التي ينتمي إليها أصحابها عدا عن الأعداد المهولة من الفضائيات والتي تبث معظمها من الخارج ..وأذن فقد فقدت أنظمة الاستبداد والفساد المبادرة وباتت عاجزة عن خنق الأصوات التي تفضح ممارساتها والأصوات التي تندد بها وباتت عاجزة عن حجب تلك الأصوات عن مواطنيها، وباتت الآذان تسمع والعيون ترى وتقرأ ما يذاع أو ينشر .. . 4 . موضوع الفساد بات يشكل القاسم المشترك لعيوب كل أنظمة الحكم ولذلك اختفت أنماط الشتائم الموجهة لأنظمة الحكم والتي كانت مستخدمة إلى عهد قريب وأستعيض عنها بوصمها بالفساد .. فلماذا يبحث المرء عن مثالب في نظام الحكم فيصفه تارة بالرجعي وأخرى بالشوفيني و ثالثة بالكولنيالي ورابعة بالممالئ للاستعمار وخامسة بعميل الامبريالية ..وكل تلك الأوصاف باتت بتقادم الزمن لن يسبب مطلقوها صداعا لأنظمة الحكم ، ثم أن معظمها تقديرية وغير قابلة للإثبات ..في وقت يستطيع أي معارض لنظام الحكم أن يرميه برشقة فساد ولماذا يذهب المرء لغير المضمون ويترك مضمون النتائج والأكثر تسببا في الصداع وهو الفساد ..؟ لهذا السبب تركزت كل الجهود على استخدام موضوع الفساد لوصم الحكومات والأنظمة ، ولكن لم تكن الغاية نبيلة في كل الأحوال ولا الباعث مجرد في كافة المناسبات فقد يكون مستخدمو سلاح الفساد أكثر فسادا من مرتكبيه وهو ما يطلق عليه بالتسقيط السياسي وخصوصا في هذا العراق ...



#موسى_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل موسوعة عراقية عن الفساد في العراق ...
- المثقفون العراقيون يتحملون وزر أستمرار ما يحصل في العراق ...
- رابطة أدباء الشام ..لو كانت التقية تنفع ..لانتفعنا بها قبلكم ...
- موقف الأمريكان والمسئولون العراقيون من هيئة النزاهة ...
- الأمريكان حولوا الفساد في العراق الى شكله الوبائي ...
- تعقيبا على: ماقاله رئيس هيئة النزاهة للبغدادية ..لم أبالغ في ...
- رسالة مفتوحة.. الى سماحة ....
- هل يعيد صادق جلال العظم طبع كتابه للمرة العاشره ..؟...
- الحكومات العراقية ..مثل زوجات بطّاح ...
- الى/ إدارة الحوار المتمدن وقراءه الأفاضل .. شكر وعرفان ..ونخ ...
- حول سحور العبادي السياسي .. كلام بعد الإمساك ...
- أسباب تدهور الثقة بالقضاء العراقي ...4
- أسباب تدهور الثقة في القضاء العراقي ...3
- أسباب تدهور الثقة بالقضاء العراقي ...
- حول إستحداث محكمة مختصة للنظر في قضايا الإعلام .. أسباب ضعف ...
- هل أن هذه الأشبال من تلك الأسود ؟..أم أن تلكم الأشياء ما كان ...
- الهدف في موضع القلب من جسد الفساد .. لكن السهم طائش ..!
- في 14 تموز 2010 أقول: عيشوا أحرارا ..أو موتوا كفارا ...!
- بمناسبة 14 تموز .. وطنية عبد الكريم قاسم .. لن يفارق أزيزها ...
- بمناسبة 14 تموز ..وطنية عبد الكريم قاسم ..لن يفارق أزيزها طب ...


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - موسى فرج - من أجل موسوعة عراقية للفساد في العراق تاريخ الفساد ...