أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بان ضياء حبيب الخيالي - تينة الركن الغربي















المزيد.....

تينة الركن الغربي


بان ضياء حبيب الخيالي

الحوار المتمدن-العدد: 3145 - 2010 / 10 / 5 - 01:06
المحور: الادب والفن
    


ذات يوم من زمن بعيد ...
وقتما كانت الأكوان تتنفس بهدوء عبيرالورد اللؤلؤي وتتسمع بإصغاء لأغاني البحر الفيروزي ، قرر نبع ماء ولد في قلب جبل الصوان ، أن ينحت له طريقا عبر الصخر لإكتشاف حياة جديدة حين حدثته أمه الأرض عن روعة شقشقة ضيّ الشمس الذهبي لأفق الليل و سحر الانطلاق حرا بفضاءات جديدة لإختبار مزايا الحرية المطلقة ، حدثته أيضا عن صلابة جدان سجنه ومحاولات جيل كامل ذهبت عبثا للتحرر بسبب قلة الصبر وضيق فسحة الحلم إستمع النبع الصغير لحكايا النور وقرر أن يمضي بحلمه ليتوضأ بنضار الشمس ويتعمد بنسائم الحرية ....
تسلل في الظلام ... نقرعلى باب الجلمود القاسي فلم يفتح ، لكنه كان الأكثر عنادا و يقينا ، ظل ينقر حثيثا بصبر وتؤدة حتى أذلّ الجلمود ووجد طريقا للنور فانبثق شلالات ضوء من قلب العتم .
نبض الصوان لصبر الماء ، لم يك لينبض أبدا بالعناد والحلم فقط بل بالصبر .
(للوصول لكنزالآمال المرجوة طريق بلوغ طويل ، وعر غالبا ، يصبح اقصر واكثر انسيابا يقينا لو تحرينا الحكمة وعدتها ان نتسلح بالحلم (وهو يعني الأمل والمحبة ) والعناد (وهو يعني المثابرة واليقين ) والصبر وهو يعني الثبات والمطاولة والصبر هو الركن الأهم ) .
كان أبي حكيما ،
أدرك مرة أن الطيور باتت تزقزق على أشجار الحديقة ، تناهى لسمعه صوت ايآر يغني من خلف سور الحقل النائم في تشرين .
ألفى البراعم تتثائب متأهبة لإحتضان خيوط الشمس لأول مرة ، متفتقة عن الوان يلثمها الندى فتفيق .
أخبرني أبي وقدح الشاي يتسمع لنا نافثا عطر روحه ان (الأرض كروية يا بنية فاحذري كل الحذر في الطريق ، فملاسة الأشياء قد تخدعنا فننزلق ) ...
وبايماءة غامضة أكمل ما يريد دون حديث ، متجها لركن الحديقة الغربي فاكّا عناق كفيه عن برعم تين غض أودعة رحم الأرض وهو يرمقني برحمة ، .
كل قطرة ماء نزلت من سماء حكمة أبي رسمت خطا في ذاكرتي .
تفتقت بمرور الوقت أغلفة البرعم في الارض غلافا بعد آخر وتفتقت حياة في خاطري ، برعما يشق اغلفة الموت عن حياة تتنفس اخضرارا ....
نبت برعم التين في موضعين ....
في صباح وانا منزوية خلف شباكي المؤطر باضواء زهور( الفنكا )* تكتك عصفور وليد في قشرة قلب أبيض ، أنامل الحياة دقّت الباب ، تصدّعت القشرة ، نبض العصفور ، تلون الريش بفرشاة الربيع .... أومأت لي شجرة التين فتذكرت حكمة ابي .
هدهدت عصفوري ليغفو من جديد ومن خلف ضجيج الحياة كنت أرنو لتتابع الفصول وأنا اسقي زهوري واشجار ابي .
مرح الربيع كثيرا ركض ، تقافز ، ضحك ، حتى غفى ، عقدت الازها ر بتلاتها على رؤوسها وتحولت ثمرا جنيا ، الشمس ابدلت عرشها لموقع مهيمن .... وملّت من جديد فعادت لموقع جانبي آخر من السماء ، أزّ النحل وتأهب لادخار قوت فصل قاس ، تشاور النمل لوضع خطط جديدة لخزن الحبوب وترميم الأنفاق ، محقت سيوف صفر خضرة اوراق الشجر فارتدت الاشجار اثواب الفراق الباهتة .
ومضت الطائرات الورقية سربا من سماء زقاقنا لمدن وازقة جديدة ، لوح الصبية لفصل مضى وطفقوا عائدين لدفء المنازل ...
جاء تشرين .... مضى تشرين .... وتشريني قائم بلا انتهاء وتينة أبي تستعر اخضرارا .
اعتمر كل مرة ثوب اللبوة على جسد الضبية وامضي بزقزقة ملساء وارفة اهشها كي لا انزلق ، اهدهد الغافي في دفئ شغافي فيسدر في نومة اخرى لعصر آخر .
مسراتي الصغيرة تمدني بحياة دون ان تستعبد إنسانيتي ، هو ما أتاحته لي حكمة ابي وقوة يقيني .
كوخي الصغير يتنفس عبقي متوردا ، غابة من حور وصفصاف تمنحني سلال محبة والكثير من الخضرة والصفاء ، يمضي الوقت وتتناسل الثواني فتتورد أزهار التين في قلبي وجناني .
مرة عدت من رحلة شتاء وبيدي سلّة بلوط عسلي ينتظرالتلوين من انامل موقدنا ، فرمقني كرسي ابي الفارغ بعين مكسورة ، سألته فأشار لركن حديقتنا الغربي .
قدح الشاي نضب ...
لم يعد ينفث الا الصمت و ابي غفى بين يدي التينة الشائخة ، تهادت متساقطة اكفها الصفر على جسده الهامد مانحة اياه تهويدة اخيرة ، بينما دقت الساعة ترنيمة الغياب ...
تنزلت ندف الثلج حتى الوشل من أكياس ملائكة البرد .
كان الصبر يرمقني أتنفس وحدة وأغني ، والتينة تنداح ايكتها مستعرة في خاطري تمنحني قبائل محبة وقناطير شوق ليدين شائختين احترفتا زرع البراعم في الحديقة .
مضى الكثير... وانا لا تخدعني ملاسة الاشياء ، أحاذر خطوي ... ورفيف خيالات حبيبة يور لي وجه أبي الغائب يرمقني متبسما بينما يشذب أوراق التينة المعربدة في خاطري ....
يوما ألفيت تشريني يقف خائبا ، يضع امامي ورقة تقاعد بعد خدمة طويلة ، متشاغل بيأس عن متابعة فارس يرمح نحو حقولي ... تسألت فاخبرني بصوت عتيق عن حنينه لأغاني الجهة اخرى من العالم ....
حزمت اغاني شتائي الطويل متاعا له ومضى لطريق خلف أسوار حديقتي ، تابعت خطواته المتلاشية في افق الطريق ...
لملمت الثلوج حقائب رحيلها وتسربلت لأنساغ مسامعي نغمات غناء بري من خلل فجر وردي
ما عاد تشرين لوني ، تفتحت الفنكا عن الوانها الناعسة وامتلئ الكون بالضياء .
تسمعت بذهول لترنيم آيار العائد نحو ارضي .
زقزق كنار إبتنى عشا باحضان شجرتي ، شرعت التينة العارية بارتداء غلالة خضراء ما تزال يانعة ... تخطيت شباك حذري لم ارتد ثوب اللبوة ... كنت انا اخيرا
ضممت كفي فاستوطن العصفور راحتي
كفت الكروية عن الدوران وتوقفت العقارب على الربيع لم تعد لها ملاسة تخيفني بعد ان تخلت عن جاذبيتها الحديدية فتحولت لعصفورة ابحر في موج الفيروز....ومن البعيد الفيت ابي يباركني متكأ بجذع التينة العجوز....
هذه قصتي ....
نسيت ان اخبركم انني كل فصولي الباقية كنت اعود لمجثم ابي اقبل جذور التينة التي ارتشفت رحيق جسده النائم ... لولا حكمة زرعها لانزلقت حتما فملاسة الاشياء تخدع الجميع ولا ... تجير احدا ....
حسنا .... ليس الجميع .... !
فقط من لا يمتلكون براعم تين في حديقة الدار....
او لا يمتلكون ابا كأبي ...

*الفنكا ............زهرة ربيعية رائعة كأنها قنديل ضياء لها الوان كثيرة تتدرج بين الابيض والبنفسجي مرورا بالوردي .
.......................................تمت................................................



#بان_ضياء_حبيب_الخيالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمر الورد
- بيبسي
- هزار*(قصص قصيرة جدا)
- خلف اسراب الفراش
- تلال الهذيان...!
- اللوحة السادسة عشر
- اله الماء
- تطلعات القطة ريكا....!
- بين طريقين
- رمل ابيض...!
- لو ...عاد ينصفنا النهار ....!
- شرفتي والقمر
- همسات شهرزاد
- القربان
- خطوط في لوحة سوداء
- مخلوقة من طين...!
- هل أفتح الابواب للعيد...؟
- ألملم النجوم...!
- صندوق من خشب الصندل ....
- قلب جبلي الأخضر...!


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بان ضياء حبيب الخيالي - تينة الركن الغربي