جاسم محمد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3144 - 2010 / 10 / 4 - 01:47
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لم تكن تلك الحكمة النبوية القائلة " كيف ما كنتم يولى عليكم " سطحيةً ولا تنطوي على بعدٍ فلسفي ورؤيةٍ صحيحة تأويلاً كان فهمها أم تفسيراً¸ وقد يراد منها الأشارة الى أن الواقع الموضوعي الذي تخلقه علاقات الذوات الأنسانية الفاعلة أثناء عملية الأنتاج الأجتماعي هو الذي يشكل مختلف تجليات الوعي الأجتماعي , ويُنتِج منظومة القيم المادية والروحية , ولا بد من التاكيد على أن مستوى درجة أعتراف الذات ألأنسانية بوجودها الحر يحدد قدرتها على نقد الواقع المعاش والعمل على تغييره , وخلق شروط أفضل لأنتاج الخيرات المادية والروحية , وكذا صياغة أشكال تنظيم المجتمعات وأدارة شؤؤنها العامة , ولذا سيكون من غير المعقول والمنطقي أن يَنتُجَ مجتمع الأقنان القانعيين ببؤسهم نظاما ديمقراطياً لأدارة شؤنهم , ولا أن يفرزَ مجتمع الأحرار نظاماً يصادر حرياتهم ويُخضعِهم للأستلاب ’
فأذا ما كانت مظاهر الجهل والأمية والفقر تلف المجتمع - كما هو حال بلادنا اليوم - فمن الطبيعي أن يكون الناس أسرى للأوهام والخرافات وعاجزين عن تأكيد ذواتهم الحرة والمستقلة في رسم مستقبلهم والدفاع عنه , وسينتجون في أطار هذه الشروط الموضوعية وعياً جمعياً هابطاً لا يفضي ألا لما نحن فيه الآن , دولة ضعيفة ليس لديها هويةً واضحة ولا رؤية أقتصادية موحدةً ومحددةً , تعشعش في رؤؤس قياداتها العقلية القبلية والتعصب القومي الشوفيني , وتأخذ من الدين وسيلة للوصول الى السلطة ومن ثم المال , وتجهد نفسها لأستكمال دور البعث المقبور في أعادة الأعتبار للقوى الأقطاعية – العائدة فعلاً بقوةٍ , والنافذة في الحكم اليوم عبر الصف الثاني من قيادات حزب البعث – بعد أن قَوضَ الشَعبُ العراقي أساسها المادي أيام ثورة 14 تموز 1958م الوطنية .
أن تشكيل حلفاً مقدساً بين الاقطاعيين وبعض قيادات احزاب الاسلام السياسي ممن لبَسَ لبوس الدين من البعثيين , خلق واقعاً سياسيا لا يمكن ألا أن ينتج قوائم أنتخابية واصطفافات برلمانية كتلك التي نراها اليوم , والتي ليس أمامها غير طريق الصراع على السلطة , مستخفةً بمعانات الجماهير ومتعاليةً عليها ,
وأنني على يقين بأن القوائم الفائزة بالانتخابات الاخيرة , لم ولن تستطع تشكيل حكومة وطنية وديمقراطية قوية على المدى المنظور تبني للعراقين وطناً يليق بتضحياتهم الكبيرة والقاسية ,
ولذا ينبغي على القوى الديمقراطية الحقيقية , وخاصةً بعض أطرافها التي أجتهدت وأنظوت تحت عبآءآت القوائم الفائزة وصاروا للأسف كمن أنطبق عليهم المثل الشعبي " مثل الأطرش بالزفة " في أجواء هذا الضجيج السياسي - رغم تمتع بعضها بمهارات سياسية جيدة وسجل نضالي طيب - أن تعلن عن موقف مسؤل وأن تسهم من مواقعها الرسمية في دعم بناء جبهة واسعة للديمقراطيين الوطنيين تسعى لرفع وعي الجماهير بالمخاطر المحدقة بالبلاد , والعمل على أيقاف التدهور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وأنقاذ الوطن والتجربة الديمقراطية من النكوص , قبل فوات الأوآن وعودة الفاشية للعراق .
#جاسم_محمد_الحافظ (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟