جاسم محمد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3133 - 2010 / 9 / 23 - 07:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ذات يومٍ كأيام بغداد القائضة هذه , تعالت من مأذنةِ جامع أحدى الأحياء الشعبية في مدينة الثورة أصوات تُشير الى أن شجاراً قد نشب أثناء أداء صلاة الجماعة , فهرع سكان الحي الى هناك , حيث أكتشفوا أن أحد رجالهم الطاعنين في الُسن ,الذي أعتاد مع بعض من أقرانهِ أن يؤدوا الصلاة خلف أمام المسجد , البَالَغَ هو الآخر من العمرِ عَتيا , وصار لايقوى على التحكم ببعض نشاطاته البايولوجية , فيتكَرر لديه ما يبطل الوضوء ويمنع جواز الأمامة, حتى دأبَ على أشعار أتباعه بأعادة الصلاة , فيقبلون ذلك مستسلمين وعلى مضض , وذات مرة ما أن همَ الأمامُ ليعلن للمصلين خروج الريح من جوفه بغتةً , حتى وثب عليه صاحبنا المُسن وطرحه أرضاً , وأمسك بلحيته وهو يصرخ بوجههِ ... ولك أضبط نفسك دقيقتين ... اركبنا طاحت من السجود ... وحنه نريدها تخلص بألف ياعلي ... وتكول عيدوا صلاتكم .
أنقذ الناس أمام الجامع , وأسعفوا آخرً كان يلتقط أنفاسه بصعوبةٍ ويتمتم .. لا هواي دخلنه الجنة أذا صار العرك بيت الله , وأقتادوا الرجل المهاجم الى اهله الذين أثقلوا عليه بالعتاب , حتى صرخ فيهم قائلاً : ولكم ياجماعة الخير .. احنه ناس شياب .. وعدنه مفاصل .. وبالكوه نكوم ونكعد ... وطول الصلاة حاطين ادينا على كلوبنا , بس انفكر بالمومن لا يطلع منه ريح وتخرب صلاتنه...وتعبنا هذا كله يروح بشيب أبهاتنا .. والمشكلة لا هو يضبط روحه ولايخلي واحد بمجانه . قدرَ الحاضرون حجم المحنة التي يتعرض لها هؤلاء المسنيين , الذين شكلت حكايتهم تلخيصاً لمحنةِ العراقيين المنتظرين لأكثر من ستةِ اشهر لتشكيل الحكومة وأيديهم على قلوبهم توجساً من مخاطر المجهول , فاذا ما صلى المسنيين وراء أمام واحد أصدقهم القول وخلى مكانه لآخرٍ, فالناس يصلون اليومَ خلف أكثر من امامٍ , كلٍ متمسك بحقه في الأمامة ويُبطن لهم أكثر مما يُظهر ويعبث بارواحهم ومستقبلهم بكل أسترخاء , حتى أن أحدهم رد بتثاقلٍ على صحفي سأله : أين وصلت حواراتكم مولانا ؟ ومتى تشكلون الحكومة ؟ قائلاً : الحوارات كلها عقيمة ولاطائل من ورائها ,وستشكل الحكومة , يوم يفقد احدنا السيطرة على نفسه ويُخلي مكانه للآخرين , تماماً كما فقد أمام الجامع , السيطرة على نفسه وأخلى مكانه لآخرٍ بعد أن أنفَظَ من حوله المصلين .
وأغلب الضن أنهم سيفقدونَ ضبط النفس معاً , أما بفعل ذواتهم المتعالية أو بفعل فاعل , وحينها ستُزكم الأنوف بروائحِ ما جنوا من السحت الحرام , وسينفض المصلين من حولهم .عاجلاً أم آجلاً.
#جاسم_محمد_الحافظ (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟