أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مثنى كاظم صادق - تجليات التناص في شعر إبراهيم الخياط














المزيد.....

تجليات التناص في شعر إبراهيم الخياط


مثنى كاظم صادق

الحوار المتمدن-العدد: 3137 - 2010 / 9 / 27 - 15:59
المحور: الادب والفن
    


يقال إن الأسد مجموعة من الخراف، وهذه المقولة من شانها أن تلخص تعريف التناص الذي ظهر لأول مرة بين سنة 1966م ـــ 1967م على يد الباحثة الفرنسية جوليا كرستيفا والتناص كما عرفته بقولها :(هو النقل لتعبيرات سابقة أو متزامنة
وهو اقتطاع أو تحويل وهو عينة تركيبية تُجمع لتنظيم نصي معطى بالتعبير المتضمن فيه أو الذي يحيل إليه) بمعنى أن النص الأدبي يتضمن أفكارا أخرى سابقة من خلال المقروء الثقافي لدى المبدع بحيث تنصهر الأفكار وتتطور وتندغم فيه ليتشكل نص جديد يخضع لعملية تحويلية من خلال استدعائه لنصوص قد قرأها هذا المبدع , حيث يرى ميشيل فوكو أن النص يمر بمراحل ثلاث تتفاعل معا في عملية إنتاج ما أنتج لأن الخطاب ــ حسب فوكوــ (ليس سوى لعبة ؛ لعبة قراءة في الحالة الأولى , ولعبة كتابة في الثانية , ولعبة تبادل في الثالثة) ؛ فالتناص ــ إذن ــ يقوم أساسا على التداخل والتعالق بين النصوص خدمة للنص وللمعاني الجديدة المطروحة فيه.
يدرك الشاعر إبراهيم الخياط أن توظيفه للتراث الديني من خلال التناص لهو من الضرورات التي من شأنها أن ترقى بالنص المكتوب إلى درجة سامية من شانها أن ترفع من قيمته الأدبية , فالخياط في مجموعته الشعرية (جمهورية البرتقال) قد أخرج المفردة القرآنية ووظفها في دائرة الشعر , ليقدمها لنا , بشكل واع محملا إياها دلالات مفتوحة متعددة التأويلات لدى المتلقي , في عملية لــ ( تذهين المعنى ), ولاسيما أن التناص يتموضع في قصائده بشكل جذاب , تكاثفت بفعله تركيبات حيوية نامية , فمن خلال تناصاته تم اختزال معان عديدة في لفظة واحدة ؛ لتقوية المعنى من خلال تنوعه الصياغي.
والتناص الديني يعني تداخل النص الأدبي مع نصوص دينية منتقاة , شرط أن تنسجم هذه النصوص مؤسسة لنوع من الإنفتاحية المقصدية , فالمتتبع لمفردات الخياط وألفاظه يلاحظ أنه ينفذ من خلال التناص إلى أعماق الحرف العربي وإيقاعه وجرسه وبنيته اللغوية, وقد وردت ظاهرة التناص في شعر الخياط في جمهوريته كسمة أسلوبية لافتة ؛ فمثلا نجد في قصيدة (كاسب كار) أنه يستهلها بقوله (إنه قاب قوسين أو أدنى / فحق عليه القول ) ص 11 ونجد التناص واضحا مع الأسلوب القرآني لينفتح من خلاله إلى عالم من التصورات والصور من خلال الآية الكريمة: (فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) (النجم:9) وكذلك الآية الكريمة: ( فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الإسراء:16) ولعل الهدف من ذلك أن يبعد صياغته الشعرية وبنيان نصه الشعري عن كل ما من شأنه أن يشعر المتلقي بالملل من خلال ترتيب ثان للجملة ؛ لتعزز هذا الافتتاح في القصيدة من خلال التمددات الصورية المخصبة بالإيحاءات , فالتناص اقترب من أن يكون منهجا أو سمة عند الخياط في مجموعته الشعرية هذه من خلال كثرة الإحالات إلى النص الديني ففي قصيدته ( يا امرأة الوجع الحلو) نجد تناصا مع قصة يوسف وحكايته مع زليخة (بت أنا الفنار الذي تراوده عن نفسه / تقد قميصي ـــ كل ليلة ـــ من الجهات أربعها / ولا أقول: رب السجن أحب إلي) ص 19فالتناص ورد مع الآيات الكريمة (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ...) (يوسف:26) ومع الآية الكريمة (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ...)(يوسف:33) فالنص المرجعي لهذا التناص قد وظف بطريقة تتعاضد مع جودة سبكها وطرافة تحويلها مع الدلالة التي أرادها الشاعر مشكلة تبايناً واختلافاً بين أثبات حب يوسف للسجن ونفي هذا الحب بالنسبة للشاعر !! في إطار جميل عمل على ردم فجوات الصياغة من خلال المقارنة بينه وبين يوسف.
ومن التناصات التي استحضرت بشكل واضح الآية الكريمة:(وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الإسراء:16) النص الذي أورده الشاعر في قصيدته المعنونة بــ(هناءة المحابس) حيث يقول في معرض الإجابة عن طلبها (أريد ثلجا) ص 104حيث يقول (ومن أين لي به ؟ / والأرض خالية من المترفين / الفسقة كي ترميهم السماء بوفر وفير) ص 105 في توظيف غاية في الإبداعية حيث أدرك الشاعر ــ هنا ــ أن الشعوب تواقة لمن يضرب لها على أوتار قلبها المتعب مما جعله يوظف التناص من خلال تطعيمه بما ينسجم مع سياقه الشعري فعكس متانة قوية في التركيب.
ومن أمثلة التناص ما جاء في قصيدته (أفلاطونيا) إذ يرد هذا النص الشعري (إذا رأيت ثم رأيت جحيما) ص 113 في حالة تناص مع الآية الكريمة:( وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً)(الإنسان:20) لكن الشاعر هنا يرسم خارطة طباق من خلال التضاد بين رؤية الجحيم ورؤية النعيم من خلال التنافذ بين النصين اللذين رسما خارطة المكان والزمان فجعلهما محددين من محدداتها .أما في قصيدة(بعقوبة) فتؤدي مستحثات حبه فعلها هنا؛ وذلك بعدم احتياجه إلى إغوائها أو إغرائها؛ لأنه مذاب فيها أصلا فهو يقول ( ولأني مذاب فيها فلم تقل لي يوما: هيت لك) ص 128 فقد شكل الخطاب التناصي مزيجا من التبادل بين الفعل المنفي في نصه الشعري (لم تقل) وبين الفعل المثبت في الآية الكريمة (وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ) (يوسف:23) ومن هنا لا ينبغي النظر إلى اللغة الشعرية عند المبدع إبراهيم الخياط كلغة تواصل فحسب , وإنما كلغة إنتاجية تنفتح على مصادر خارج ـــ نصية؛ذلك لأن نصوصه الشعرية تلعب فيها (الذاكراتية العميقة) دورا في أعادتها من اللاوعي وكما يقول فيه الناقد فاضل ثامر(لغته تراثية أنيقة قلما يقترب منها شاعر محدث) .



#مثنى_كاظم_صادق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزواج من موظفة حلم الكثيرين
- هيثم بردى يؤرخ للأدب السرياني
- مؤسسة شهداء ديالى و(العرف الفوك)
- تراتيل على دم الشهداء
- جيل جديد لايجيد كتابة الانشاء
- ثقافة القيادة
- كتاب مدينة الخالص بعد التغيير
- تأهيل الناقد
- سيميائية العنوان في مجموعة لمن هذه الحرب
- ياسين النصير يعيد لقيصر مالقيصر
- القومية مشروع فاشل إنتهى بكرة قدم !!
- ثقافة الاحذية رؤية سايكولوجية
- إقتناص الذات الذات الضائعة قراءة في قصص تليباثي
- هواية احزاب وشوية الحياطين
- شباب اليوم والانتماء للأحزاب
- الجاحظ وصورة الآخر في كتاب البخلاء
- شباب اليوم والإنتماء للأحزاب
- نعيش نعيش ليحيا الوطن
- نفط العرب للعرب والغاز للكاكات
- الوجه الاخر للمرأة


المزيد.....




- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مثنى كاظم صادق - تجليات التناص في شعر إبراهيم الخياط