أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد شرينة - تحول أسلوب السلطة في الإسلام بعد فتح مكة وتأثيره على الإسلام















المزيد.....



تحول أسلوب السلطة في الإسلام بعد فتح مكة وتأثيره على الإسلام


محمد شرينة

الحوار المتمدن-العدد: 3137 - 2010 / 9 / 27 - 10:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أتحدث في هذا المقال عن وضع مكة قبل الإسلام؛ هذا الوضع الذي مكن محمد من نشر الإسلام وتبعا لذلك نشأت الإمبراطورية الإسلامية آخر الإمبراطوريات الغربية(غرب الهند)الكبرى: اليونانية، الرومانية والإسلامية، وكيف أن كلا من محمد والاسكندر الكبير خرجا على ثقافة قومهما التعددية في سبيل انشاء إمبراطورية كبيرة، هذا التحول حدث عند محمد بوضوح بعد فتح مكة. وأشير كذلك إلى الفرق بين الدولة الإسلامية في قرونها الأولى وبين الإمبراطوريات الشرقية القديمة؛ فارس والآشوريين والبابليين ومصر:
كان لمكة قبل الإسلام وضع خاص: عرب الصحراء القساة وصعبي المراس كانوا يعيشون على الغزو والسلب كما هو معروف. مع ذلك فانه في القرن الخامس الميلادي كان هناك شيء أكثر تطورا ينمو ويتعزز في مكة، ثقافة فيها شيء من الشبه بالمدن الإغريقية. رغم أنه لم يكن هناك انتخابات إلا أنه أيضا لم تكن هناك سلطة لحاكم فرد بل السلطات كانت موزعة بين عدة أشخاص ( السدانة والسقاية والرفادة الخ ...) هذا الجو هو الذي مكن محمد من نشر الإسلام فقد كان أهل مكة والحجاز عموما قد طوروا ثقافة مختلفة تقبل الآخر وتعرف الوسط.
للأسف انهارت هذه الثقافة مع قتل عثمان بل هي كانت قد أضعفت بشدة قبل ذلك فحتى محمد نفسه بعد أن امتلك القوة وشَكَل دولة بمعنى الكلمة صار يبتعد عن الأخلاق المكية نحو أخلاق المحيط الشرقي وهذا هو سبب انتشار الإسلام السريع كما أنه هو نفسه السبب في إشكال السلطة المستمر حتى الآن في الإسلام .
قبل محمد لم يستطع الاسكندر الأكبر أن يفتح العالم إلا عندما انحاز نحو الأخلاق الشرقية الفارسية مبتعدا عن الأخلاق الإغريقية وهذا أمر طبيعي ففي تلك الأيام الموغلة في القدم كان من الصعب جدا تنظيم مساحات واسعة من البلدان على أساس غير دكتاتوري، الرومان فقط هم من نجح في ذلك، والواقع أن أحد أسباب ذلك هو أنهم توسعوا ببطء وخلال زمن كبير وحتى الرومان انحازوا نحو طريقة حكم أكثر فردية مع توسع إمبراطوريتهم. لقد كان كل من الاسكندر المقدوني ومحمد خروجا واضحا على ثقافة قومه كما يتبين من سيرتيهما فلو لا أن الاسكندر تبنى فكرا أكثر شرقية من فكر اليونان بمعنى أكثر ديكتاتورية لما تمكن من القيام بالفتوحات السريعة الناجحة التي قام بها ونفس الكلام ينطبق على محمد.

إن الاستقرار والازدهار الطويل الذي مر على مكة وربما الحجاز بسبب مرور طرق التجارة منها نتيجة للتوتر المستمر على الحدود بين الفرس والبيزنطيين والخراب الذي لحق بطرق التجارة جراء ذلك من جهة، ومن جهة أخرى بسبب انخفاض عدد السكان في جزيرة العرب وهو شيء شبيه لما حدث في ايطاليا وعموم أوربا نهاية العصور الوسطى نتيجة للطاعون الأسود حيث أدى انخفاض عدد السكان إلى تغيرات قادت إلى بداية ما يعرف بالنهضة الأوربية. هذا الانخفاض لعدد السكان حدث نتيجة كون العرب رحل يسهل عليهم الانتقال ولكن هذا الانتقال ظل صعبا طوال فترة قوة الرومان والفرس وما أن ضعف هؤلاء حتى بدأ العرب يغادرون الجزيرة العربية إلى الأراضي الأكثر خصوبة شمالا، فأقاموا دولا مثل بترا وتدمر.
في البداية اصطدمت هذه الدول بالدولة البيزنطية التي كانت لا تزال قوية ثم بعد أن ضعفت بيزنطة وعدوتها فارس تمكن العرب من إقامة دول المناذرة والغساسنة واستوطنوا معظم جنوب سوريا والعراق وبادية الشام بل هم وصلوا إلى الجزيرة شمال سوريا حيث استقر بنو تغلب، الذين كان يقال بصددهم: لو أبطأ الإسلام لأكلت تغلب الناس ولهذا القول دلالته. هذا الرخاء خفف من أخلاق البداوة في مكة والحجاز نحو الوسط.
لنلاحظ أن الصفات اللازمة لنشوء سلطة غير فردية تنمو عند الشعوب البدوية القاسية في الفترات التي تتوفر لها فيها حياة أكثر استقرارا ورفاه لمدة طويلة نسبيا؛ هذا ما حصل مع الإغريق والرومان في أيامهم الأولى والمكيين أو الحجازيين، وهذا نفسه السبب في وجود ميل واضح للحكم الجماعي غير الفردي لدى قدماء الإسرائيليين فهم قبائل بدوية استوطنت أطراف الشام ثم عبرت إلى وسطه الحضري الثري. لكن وقوع الحجازيين تحت التأثير الثقافي القوي للمسيحية واليهودية بشكلها المتأخر وكلاهما تشكل فكرا غير حر بمعنى أن السلطة فيه للسماء وليست للناس أدى إلى فشل التطور الفكري الثقافي لمكة والحجاز في الوصول إلى ما كان قد وصل إليه عند الإغريق.
لقد قضى الإسلام المتأثر بالمسيحية بقوة والذي نشأ على أيدي تجار مكة على بذور الروح الديمقراطية المكية أو الحجازية التي كانت قد نمت بين أناس استفادوا من الوفرة التي حققتها التجارة وهجرة القبائل شمالا مضافا إلى ذلك الوضع الثقافي المميز لمكة التي كانت تستفيد من مداخيل الحج إضافة إلى التجارة.

لم يكن محمد لينجح في نشر الإسلام في مكة لأن روح المكيين لم تكن لتنقاد له بالشكل الفردي الذي يريد، فهو رفض كل تسوية أو حل وسط وأصر أن تكون له وحده السلطة المطلقة المستندة إلى إرادة السماء التي يعبر عنها هو وحده فقط ، وبالتالي فعملية انتقاله إلى المدينة كانت إجراء لابد منه لنجاح الإسلام بالشكل الذي أراده. كما أنه لم يكن لينجح في نشر الإسلام بواسطة المكيين فهم أكثر رفاها وليسوا محاربين وهذا ما قاله اليهود بعد نصر بدر (ذكر الطبري في تاريخه أن اليهود قالوا لمحمد قبل غزوة بني قينقاع: يا محمد، إنَّك ترى أنّا قومك؟! لا يغرنك أنَّك لقيت قوماً لا علم لهم بالحرب، فأصبت منهم فُرصةً، إنَّا- والله- لئن حاربناك لتعلمن أنا نحنُ الناس)(1) وهذه هي الميزة الثانية التي استفادها محمد من أهل المدينة.
أهل المدينة عاشوا هم واليهود فترة طويلة، هؤلاء اليهود الذين هم على الأرجح عرب من اليمن تحولوا إلى اليهودية وهاجروا إلى الشمال. ربما بسبب سيطرة الحبشة المسيحية على اليمن. بعكس مكة التي استطاع أهلها حل مشاكلهم بينهم وأسسوا ما يشبه سلطة جماعية ظل أهل يثرب في حالة حرب دائمة بين بعضهم لعجزهم عن تقبل سلطة فرد ديكتاتور وبنفس الوقت عدم قدرتهم على تطوير نظام بديل.
ولأنهم – الأوس والخزرج بالتحديد – كعرب يثقون بالمكيين فمكة هي المركز الثقافي للجزيرة العربية. كما أنهم كجيران لليهود يعتبرون دين اليهود أفضل وأكثر تطورا لذلك قبلوا محمد بسهولة ووجدوا فيه حلا لجميع مشاكلهم وأهمها السلطة. لقد كان محمد من كبرى عائلات مكة وبنفس الوقت يبشر بدين يمكن أن نسميه اليهودية أو المسيحية العربية. وهكذا سلموا سلطة مدينتهم إلى محمد الذي لا ينتمي لأي من قبائلهم علاوة على أنه مكي قرشي من إحدى اشرف قبائل العرب والأهم من كل ذلك أنه نبي مرسل من السماء.
لقد فشل الكثير من القادة قبل محمد في توحيد العرب فكل قبيلة ترفض الانقياد إلى رجل من غيرها ولكن القائد الموحد يجب أن ينتمي إلى قبيلة ما اذا لم يكن أجنبيا، وقد حل محمد هذه المعضلة بكونه نبي مرسل من الله مما يجعل انتماؤه القبلي غير ذو أهمية. الانتماء القرشي أو الهاشمي لمحمد ظل مهملا - كونه نبي – حتى آخر أيام محمد وعندها ظهر هذا الانتماء فجأة من أجل تحديد من الذي سيخلف محمد. بل إن قريش ومن ضمنها الكثير من الهاشميين ظلت حتى فتح مكة رمزا للشر فهي عدو الإسلام الأول.
يذكرني هذا بوضع بدو شرق الأردن الذين رحبوا بالأمير عبد الله بن الحسين كرجل من الأشراف ذو صفة دينية دنيوية يحكمهم مفضلين ذلك على أن ينقادوا لرجل منهم لأن هذا يعني أن تنقاد قبيلة لقبيلة أخرى فأي رجل منهم ينتمي لا شك إلى إحدى قبائلهم.

لقد نشأ الإسلام في طبقة تجار مكة وكان من المستحيل بالتالي تسويقه في مكة، بالتالي انتقل الإسلام إلى المدينة حيث تقبله بسهولة الأنصار المقاتلين الأشداء والبسطاء ولم يكتشفوا أنهم لا ناقة لهم ولا جمل في الدين الجديد إلا بعد أن انتهى كل شيء. فدماؤهم التي دفعوها ثمنا لنشر الإسلام يلاقون جزاءها في الدار الآخرة بينما القرشيين الذين ضنوا بدمائهم عن الإسلام بل بذلوها لمنع انتشاره كان لهم أيضا جزاء وفيرا في الآخرة مضافا إليه أن يملكوا نصف الدنيا وربما أكثر.
وبالتالي نشأ الإسلام على انعدام الثقة بين الحاكم والمحكوم. فبعد أن قاتل الأنصار عدو الإسلام الأكبر؛ قريش في سبيل نشر الإسلام وأجبروها مرغمة على دخول الإسلام كما قاتلوا كل العرب من أجل نفس الرسالة صار القرشيون الذين أرغمتهم سيوف الأوس والخزرج على دخول الإسلام سادة الإسلام وانحدر الأنصار إلى المرتبة الثانية بل ربما أقل فقبائل مثل ثقيف لعبت دورا أهم من الذي لعبه الأوس والخزرج بعد أن استتبت قوة الإسلام الوليد.
جو الثقة كان معدوما منذ البداية بين الحاكم والمحكوم بين المشرع والمشرع له في الإسلام. وهذه المعركة ما تزال قائمة حتى الآن بين الحاكم والمحكوم وبين الفقيه والمستفتي، فهي امتداد لما حصل أثناء تأسيس الإسلام. كان هذا الغبن الذي لحق بالأنصار في صدر الإسلام أحد أسباب ثلاث أدت إلى انقسام الإسلام لاحقا إلى شيعة وسنة أما السببين الآخرين فهما الظلم الذي وقع على أهل بيت النبي نتيجة لهزيمتهم أمام بني عمومتهم من بني أمية ثم من بني العباس في الحرب بين قريش على ارث النبي أي السلطة. والسبب الثالث هو عدم الارتياح الذي شعر به الفرس الذين دخلوا الإسلام حديثا لسيادة العرب المطلقة.
لقد قام الإسلام منذ البداية على العصبية العائلية، أو الأصح أنه تحول إلى شكل عائلي قبلي بعد فتح مكة، ومن بدأ ذلك هو النبي نفسه حين قدّم قريش التي حاربت الإسلام بكل جهدها على الأنصار الذين كانوا القوة الفعلية وراء انتشار الإسلام فليس مستغربا بعد ذلك أن يكمل أبو بكر وعمر المسيرة للحد الذي يرشح عمر ستة لخلافته ليس فيهم أي أنصاري ثم يكمل بنو أمية العملية بتفضيل العرب على العجم حتى جاءت الثورة الفارسية بقيادة بني العباس ولكن مصير الفرس لم يكن أفضل كثيرا من مصير الأنصار. لقد خدعوا هم الآخرين!

ثقافة الوسط المكية واضحة للعيان(2) لكل مطلع على التاريخ وأوضح أدلتها السماح لمحمد بنشر دين جديد مختلف مع دين مكة. كما أن عملية اللجوء إلى القرعة لحل المشاكل واتخاذ القرارات تشبه إلى حد بعيد عملية الانتخاب: فعندما يختلف الناس على قضية لا تقبل أكثر من حل وحيد يكون من المهم أن يجدوا طريقة لحل الخلاف. الطريقة الأفضل التي أوجدها الإغريق هي التصويت وما زالت هي الأفضل.
في مكة عند الخلاف كانوا يلجئون إلى القرعة لا إلى التصويت فهم لا يعرفونه وربما لا يثقون به فهو بالنهاية تعبير عن تغلب فريق على الآخر بل يلجئون إلى استشارة مرجح هو الآلهة عن طريق القرعة. هذه طريقة أكثر تقدما بكثير من طريقة حسم الأمر بمعركة داخلية لكنها أردأ من طريقة حسم الأمر بالتصويت فهي تحمل في عمقها عدم الثقة بالآخر البشري وهنا يكمن ضعف القرعة. ربما لو أتيح لمكة أن تكمل تطورها دون التأثير الثقافي اليهودي المسيحي لكانت أنجزت ما هو أفضل. وبالتالي رغم أن العرب لاحقا نجحوا في تنظيم أنفسهم بشكل مُرضي لمدة نحو ربع قرن في بداية الدولة الإسلامية حتى نهاية خلافة عثمان إلا أنه مع اتساع الدولة السريع، عجزت القدرة التنظيمية لدى العرب وانهارت مما أدى إلى اندلاع سلسلة من الحروب الأهلية المتتابعة.
ففي الوقت الذي كان الاندحار السريع للبيزنطيين والفرس الذين كانوا فعليا منهارين ومتآكلين قبل ظهور الإسلام بمدة طويلة ميزة أفاد منها العرب عسكريا، إلا أنها كانت وبالا على العرب من الناحية الإدارية فهم لم يتوفر لهم الوقت الكافي لتطوير نظام إداري معقول يمكنهم من إدارة كل تلك الأراضي بطريقة جيدة - هذا الشيء الذي نجح الرومان قبل ذلك في عمله - رغم أن العرب قبل الإسلام خاصة في الحجاز كانوا يملكون فكرا تنظيميا لحل المشاكل والإدارة بوسائل غير ديكتاتورية. ويجب أن لا ننسى أن الإسلام يشكل في عمقه خروجا على الروح الحجازية – المكية غير الدكتاتورية وهذا هو السبب الرئيسي الكامن وراء رفض قريش والكثير من العرب له.

ما حدث بعد مقتل عثمان هو الطبيعي فقد اكتمل تشكل الإسلام كفكر السلطة فيه للسماء عن طريق ممثلها الأرضي: النبي ثم الخليفة، كفكر ديكتاتوري. من المفيد التنويه إلى أن كل فكر ديكتاتوري يظل عاجز عن السيطرة بدون غطاء أيديولوجي سواء كان سمائي – الهي – أو أرضي. هذه العملية التي بدأها محمد نفسه وعطل استكمالها لنحو عشرين سنة كل من أبي بكر وعمر اللذان ظلا عربيين أكثر من كونهما مسلمين ولأسباب أخرى سأذكرها لاحقا حتى جاء عثمان ليتصرف تماما كمحمد واستأنف مسيرة شخصنة الدولة والدين التي أتمها بعده بني أمية.
ما قاله عثمان من أنه يقتدي بالنبي عندما يقوم بتوزيع الأموال كما يحلو له وتعيين الولاة كما يريد صحيح تماما فهذا بالضبط ما كان النبي يفعله؛ أبو بكر وعمر هما الاستثناء. الجواب التقليدي هو أن محمد كان نبي يمكنه أن يفعل ما يريد أما عثمان فليس كذلك، هذا الجواب أساس مشكلة الإسلام فكون محمد نبي وبالتالي قدوة كان يتطلب منه التقيد التام بل المبالغ فيه في كل ما يرغب أن يفعله الناس بعده فَهُم حتما سيقلدونه وهذا ما حدث فعلا؛ فكثرة نساء النبي جعلت الهم الأول للناس من بعده النساء وكثرت سلطاته جعلت الهم الثاني لهم السلطة. لقد رفض جورج واشنطن ن يصير رئيسا لأكثر من دورتين لأنه يعرف أن من سيأتي بعده سيقلده.
من الأمور التي لها مغزى أن كل من محمد وعثمان كان أميل للفكر الأحادي حيث كل منهما ابن عائلة تجارية أكثر احتكاكا باليهودية والمسيحية والشعوب المجاورة. بينما كان أبو بكر وعمر ابنان مثاليان لبيئة مكة فكما أسلفت كان الإسلام خروجا على الفكر الحجازي المكي، هذا الفكر الذي صار يوصف من ِقبَلْ المسلمين بالجاهلي.

عموما كان هناك إحساس لدى كثير من العرب كما كان الحال لدى قادة الاسكندر الأكبر بأن الدولة الناشئة كانت في طريقها للتحول إلى سلطة شرقية تشبه سلطة الأكاسرة التي كان العرب يكرهونها بشدة. وهذا هو السبب الرئيسي وراء ارتداد معظم القبائل أواخر حياة النبي، فمسيلمة مثلا كان يقول عن نفسه أنه نبي منذ وقت مبكر ثم اتبع محمد وصار مسلما لكنه ارتد قبيل وفاة محمد حيث بدء محمد تحولا واضحا نحو القبلية بل العائلية في رغبة منه لتوريث السلطة لمن يريد، وما التناقض المحير الموجود في المصادر الإسلامية السنية منها والشيعية حول خلافة النبي الا انعكاسا لهذه النقطة بالذات. الأحاديث المروية في كتب الحديث عند السُنة الذين ينكرون أن النبي كان يريد استخلاف علي تؤكد عكس ذلك ومنها حديث غدير خم وحديث ابن عباس عن القرطاس وحديث بعث أسامة وغيرها: أنظر الحواشي أدناه:(3،4،5،6،7).
ما حصل هو أن النبي قام بتحول كبير بهدف توطيد سلطة قريش منذ فتح مكة فقد وزع غنائم هوازن على قريش دون الأنصار(8) وقدم أكابر قريش حتى الذين كانوا خصومه مثل أبي سفيان واعتمد على القرشيين حديثي الإسلام الذين دخل معظمهم الدين الجديد مضطرا عندما لم يبق أمامه خيار، فمعاوية صار كاتبا للوحي وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص صارا أشهر قادة جيوش النبي. تلى ذلك تحول نحو إعلاء شأن بني هاشم وعلي بالذات لنقل السلطة اليه ومنه إلى حفيديه الحسن والحسين حسب ما ورد في الأحاديث التي ذكرتها في الفقرة السابقة، لكن الأجل عاجل النبي في بداية مشروعه، فأصر الذين كانوا كبار قادة محمد كأبي بكر وعمر على الاستمرار على النهج الأساسي الذي كان يتبعه محمد قبل تحوله منذ فتح مكة. كان محمد في طريقه لإبعاد الرجلين لو أمهله الأجل (9) أو على الأقل تخفيض مكانتهما في الدولة الوليدة وهذه المسألة تحتاج بحث مستقل وإنما أوردتها هنا باختصار للتدليل على التحول الذي طرأ على فكرة محمد عن الدولة بعد فتح مكة علما أن النبي توفي بعد فتح مكة بمدة قصيرة:
هذه المدة حوالي عامين استهلك العام الأول منهما في التعامل مع المتغيرات التي نتجت عن ذلك الفتح مما يعني أنه توفر له نحو عام واحد فقط لإرساء مشروعه الجديد؛ أعني مشروع تأسيس سلطة عائلية قبلية وهذا وقت غير كافي آخذين في الاعتبار المعارضة الشديدة التي سيواجهها هذا المشروع من الداخل والخارج.
من الخارج أي من العرب الذين انضموا إلى الإسلام حديثا تحت تأثير الرجحان الكبير لموازين القوى لصالح الدين الجديد إذ علينا أن نتصور أن معظم العرب الذين اسلموا بعد فتح مكة لم يفعلوا ذلك بدافع الخوف بالدرجة الأولى بقدر ما فعلوه بتأثير القناعة التي تولدت عندهم بأن الإسلام فكر عظيم، وكل فكر ينتصر على الأرض يُنظر اليه على انه عظيم من غالبية الناس. ومعارضة من الداخل أي من أقرب المقربين إلى محمد كأبي بكر وعمر.
هذه المعارضة لم تغب عن بال محمد لذلك هو تقدم نحو هدفه بحنكة و توأدة استغرقت فسحة الأجل التي كانت متاحة له فغادر العالم وهو في بداية مشروعه.
هذه الوفاة المبكرة كان لها نتيجتين: الأولى أن المشروع لم يتم وهذه معروفة للجميع. والثانية هو هذا الغموض المحيط بموقف النبي من الخلافة الذي جعل المسلمين ينقسمون حوله بحده ولكل فريق من القسمين أدلته التي لا يستطيع الفريق الثاني إنكارها مهما حاول. وهذا عائد بالضبط إلى أن الرسول توفي في بداية مرحلة تحول عميقة كانت ستغير شكل وروح الإسلام لو أتيح لها أن تكتمل .
ما يؤكد أن سبب ارتداد العرب هو أنفتهم من أن تملكهم سلطة كسلطة كسرى ما تذكره المصادر الإسلامية من إن معظم المرتدين لم تكن عندهم أي مشكلة مع الإسلام سوى مسألة دفع الزكاة التي نظروا إليها على أنها شعار للتبعية لقريش بل الكثير منهم كان يوافق على إخراج الزكاة ودفعها لأبناء قومه وليس لقريش لكن هذا كله كان مرفوضا من قبل السلطة في يثرب.
حتى عمر نفسه استغرب في البداية قرار أبو بكر بحرب العرب فهم مسلمون لكن أبو بكر أوضح هدفه بجلاء (والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدنه إلى رسول الله لقاتلتهم) (10) الهدف صار انشاء دولة وهذا ليس خطأ بحد ذاته ولكن اذا قرناه بقول أبو بكر نفسه قبل ذلك في اجتماع السقيفة انه سمع الرسول يقول: الأئمة من قريش وأحاديث أخرى رويت عن النبي تؤكد سيادة قريش على الناس (11) صار الوضع واضحا ورفض العرب له مفهوما: إن الهدف هو إقامة دولة قريش وعلى الذين يتحسرون على الظلم الذي تعرض له أهل البلاد المفتوحة على أيدي العرب أن لا ينسوا الظلم الذي تعرض له العرب أنفسهم على يد قريش وحلفائها فقارئ حروب الردة يصادفه التحريق والتقتيل والسبي أينما اتجه.
وبشكل عام فان حنكة أبو بكر الذي لم تطل مدة خلافته وقوته ضمنت الغلبة العسكرية للمسلمين كما أن سيرة عمر من بعده هدأت كثيرا من روع هؤلاء العرب فقد تصرف بشكل بعيد عن تصرف الأكاسرة ولكن عثمان في نهاية خلافته عاد ليتصرف بشكل سلطوي كبير، مما أعاد المخاوف إلى الكثير من العرب وكان السبب في مقتل عثمان.

بعد ذلك عجز علي الذي كان رجلا بسيطا ذو نقاء خاص في أن يفعل شيئا فرغم أنه في مرحلة ما كان يسيطر على كامل الحجاز والعراق وفارس واليمن ومصر أي أن معاوية لم يكن يسيطر إلا على الشام، إلا أن الأخير الذي أدرك تماما قواعد اللعبة وما هو الذي يدور على الأرض تغلب على علي الذي ظل يعيش في عالم مثالي لا علاقة له بالواقع. بالتالي سلك معاوية طريق محمد وعثمان بشكل أكثر حدة فالظروف صارت ممهدة لترسيخ حكم فردي اعتمادا على جند الذين كانوا تحت إمرته منذ خلافة عمر وقد عرف كيف يجعل ولاؤهم له هو بالذات.
نلاحظ أن كل من علي وعبد الله بن الزبير وبعدهما عمر بن عبد العزيز عاشوا خارج الواقع وفشلوا في قراءة الصورة كما هي بينما تصرف كل من معاوية وعبد الملك استنادا إلى فهم دقيق للواقع.
هناك تفسير هو الأكثر عقلانية لتصرف كل من أبي بكر وعمر؛ فهما أدركا التحول الذي كان النبي بدأه واستغلاه ليحصرا الخلافة في قريش التي ينتميان إليها لكن وجود من هو أقرب إلى النبي منهما منعهما من الذهاب أكثر من ذلك حتى جاء معاوية الذي كان مقتل عثمان والحروب التي تلته قد مهدت له فأتم المهمة التي بدأها النبي؛ مهمة تحويل السلطة في الإسلام ليس فقط إلى سلطة قبلية بل إلى سلطة عائلية – بعد أن ساقها خلفاء النبي الثلاث: أبو بكر وعمر وعثمان إلى القبلية القرشية مقدارا بعيدا. جاء معاوية وقطف الثمرة شبه الناضجة الا أنها لم تكن كاملة النضج فقد احتاجت عبد الملك بن مروان لإتمام نضجها الذي لم يكتمل إلا على يد أبي جعفر المنصور.
أخيرا شكل أبو جعفر المنصور شخصية فارقة في تاريخ الإسلام فبعد أن كان أبو مسلم قد نجح في الإطاحة بدولة بني أمية وهو يخطط لإقامة دولة إسلامية يلعب قومه الفرس الدور الأهم فيها استخدم المنصور نفس أسلوب محمد ومعاوية وعبد الملك – الدهاء والبطش - وجير النصر لنفسه ولبني العباس ومنذ ذلك الحين تجمد الإسلام السياسي. أما سبب فشل عثمان أنه اتبع نفس هذا الأسلوب دون أن يمتلك هو شخصيا مقوماته: الدهاء والبطش الذي يحتاج حزما ليس موجودا في شخصية عثمان. لم تطل المدة؛ فبعد المنصور بقرابة القرن الواحد تم تجميد أو تحنيط الإسلام الثقافي على يد المتوكل الذي قضى على فكر المعتزلة. وحتى الآن لم ينجح أحد في فك الجليد عن أي منهما.
هناك عامل آخر أدى للسيطرة السريعة لطرق التفكير والحكم الديكتاتورية على الإسلام الوليد فمعظم عرب الجزيرة خارج الحجاز – خاصة في نجد - كانوا لا يزالون شديدي الجلافة والقسوة للحد الذي لا يمكن قيادتهم بغير سلطة الفرد الديكتاتور كما حدث في الكوفة التي رفض أهلها كل الأمراء الذين عينهم عليهم عمر للحد الذي احتار عمر وعجز عن أن يجد طريقة للتعامل معهم(12).

هكذا اكتمل تكون شكل السلطة في الإسلام مع المنصور واستقر النظام الإسلامي. لم يحدث أي تغير عميق في بنية وشكل نظام الحكم ولا في الفكر أو النظرية التي اعتمد عليها بعد المنصور. كل الحركات المناوئة بعد ذلك الحين اعتمدت على ما يسميه أدونيس بالمتحول أي على غير التيار الرئيسي للأمة الذي صار يمثله الفكر السني. قبل المنصور كان التغيير تشارك فيه كل الأمة أو جزء كبير منها كما هو الحال في إسقاط الدولة الأموية ومن المنصور لاحقا صار التغيير يتم على الهامش اذا صح التعبير، على أن هذا الهامش كان يتوسع كثيرا في بعض الفترات كما هو الحال مع القرامطة والفاطميين.
المسيرة من محمد إلى المنصور تؤكد التالي:
- الإسلام كان تقدما في مسيرة البشرية فهو أول نظام عالمي كبير جمع نظريا على الأقل بين المساواة الكاملة بين البشر التي كانت الفكرة الثورية التي نشرتها المسيحية بشكل واسع، وبين التعددية الاجتماعية بمعنى قبول المختلف عقائديا. من المهم أن يكون واضحا أن كل من المسيحية والإسلام كان يشترط الموافقة في العقيدة كشرط من أجل الاعتراف بالمساواة لكن المسيحية رفضت بشكل قاطع المختلف عقائديا بينما تسامح الإسلام في هذه النقطة إلى حد بعيد. باختصار حقق الرومان مساواة كبيرة بين الطبقات العليا من المجتمع بغض النظر عن توجههم الديني لكن كان ينقصهم الرحمة بالضعفاء والفقراء فجاءت المسيحية لتحقق عدالة أكثر للفقراء والعاديين من الناس لكنها لم تقبل أي اختلاف عقائدي في المجتمع وهو الأمر الذي كان موجودا عند الرومان.

حقق الإسلام عدالة للبسطاء قريبة من تلك التي حققتها المسيحية، واعترف بالمساواة الكاملة بين الناس(الموافقين عقائديا) ولو بشكل أقل مما فعلت المسيحية فهو ظل أكثر تمييزا من المسيحية ضد النساء والعبيد كما أنه حصر السلطة السياسية في قريش وفقا للسنة والسلطتين السياسية والدينية في أبناء فاطمة وفقا للشيعة وهذا تمييز ضد بقية المجتمع. لكنه أضاف إلى ذلك تسامحا لم تعرفه المسيحية مع المختلفين دينيا فتفوق بذلك على كل من الرومان والمسيحية. ببساطة لم يصل الإسلام إلى درجة التسامح التي وفرها الرومان مع المختلف دينيا ولا إلى درجة المساواة التي وفرتها المسيحية بين اتباع الدين الواحد لكن قوته أنه جمع بين المزيتين واحتاجت البشرية قرونا طويلة حتى عصر التنوير الأوربي وصولا إلى الثورة الفرنسية حتى وصلت إلى مبادئ تقرر ولو نظريا أن البشر متساوين كليا.
- عانى الإسلام منذ ولادته مشكلة في الإدارة وفي التعامل مع المرأة حيث هو كان في هاتين النقطتين كامل التخلف عن الأنظمة التي سبقته. هاتين النقطتين تضافرتا على إضعاف الإسلام تقوي إحداهما الأخرى كما يفعل الفقر والجهل بالفرد والمجتمع.
- أما لماذا لم ينجح الإسلام وقد أتيح له وقت طويل – حوالي عشرة قرون – قبل أن تبدأ كفة القوة تميل للغرب، لماذا لم ينجح في تجاوز نقاط ضعفه، فالجواب بسيط: الإسلام ولد كنظرية جامدة لا يمكنها التطور ولا يمكن تطويرها، المرجعية هي السماء التي انقطع الاتصال بها بوفاة النبي وهذا يفسر بوضوح لماذا حدث كل التطور والحراك خارج التيار الرئيسي للإسلام؛ على الهامش الذي يسميه أدونيس بالمتحول لأن ذلك الهامش اما الحادي متحرر من النصوص وإما إمامي يرفض انقطاع الصلة بالسماء مما يعني انه يرفض اكتمال الشريعة ولا بد أن أنبه إلى أن التيار الصوفي السني ينتمي هو الآخر إلى هذا المتحول ولا ينتمي إطلاقا إلى الجسم الرئيسي للإسلام.
واليوم لا يتوفر غير ذينك الطريقين لتحديث الإسلام مضافا إليهما الطريق الذي اتبعتها المسيحية واليهودية الحديثتين والذي يلغي القيمة التشريعية للنصوص ويحولها إلى حالة رمزية روحانية. وهذا كان موجودا لدى كل من المعتزلة وأهل الرأي ولكن بشكل أوضح لدى المتصوفة.
إن ما ذكر حتى الآن يجعل من الواضح أن سبب تدهور الإسلام بعد عصوره الأولى ليس خارجيا أي بسبب الابتعاد عن روح الإسلام كما يقال كما أنه ليس تداعيا لتصرف عثمان ومعاوية وبنو أمية ثم بنو العباس بل هو كامن في جوهر الإسلام منذ البداية. فالإسلام اكتمل تشكله فجأة بوفاة النبي التي وقعت في فترة تحول عميق كان النبي يعمل فيها على تغيير طريقة الإدارة والحكم التي اتبعها حتى فتح مكة بالعودة إلى القبلية، وهذا ليس غريبا فهو – النبي - سبق وطالب قريش قبل الهجرة بأن يطيعوه فيملكهم الدنيا(13). هذا هو الشيء الطبيعي من وجهة النظر العلمية فلا أحد يتوقع أن يوجد نظام كامل خالي من التناقض، لكن المشكلة هي من وجهة النظر الدينية التي تعتبر الإسلام كاملا وبالتالي ترفض تجاوزه نحو الأفضل.

من الممكن القول أن جزيرة العرب كان فيها ثلاثة ثقافات: ثقافة بدو الصحراء الخالصة (نجد)، وثقافة أديان الشمال (يهود ومسيحيين) والثقافة الحجازية التي شكلت نوع من الخليط المطور محليا من الثقافتين السابقتين التي هما متناقضتان في العمق.
لم تكن جزيرة العرب بيئة واحدة وبالتالي لم يكن سكانها متماثلين ثقافيا؛ فالحجاز احتوى مدن كانت قائمة قبل الإسلام بزمن طويل مثل مكة ويثرب والطائف بينما ظلت نجد صحراء يقطنها بدو بالمعنى الكامل للكلمة. بعض مدن الحجاز كخيبر ونجران صارت مقرا لليهود والمسيحيين الذين هاجروا إلى الجزيرة العربية هربا من الاضطهاد الديني. في بيئة مدن الحجاز العربية نشأ الفكر المتسامح الذي مكن الإسلام من النمو والتطور.
هذا الخلاف الكبير بين هذه المكونات الثلاث يعكسه القرآن بوضوح فعند حديثه عن أهل الكتاب – يهود ومسيحيي جزيرة العرب الذين كانوا عرب أيضا – ينتقدهم بشدة بل هو يجملهم مع بقية العرب الذين لم يؤمنوا بمحمد في الآية(إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية - البينة - 6) وكذلك عند حديثه عن الأعراب (الأعراب أشد كفرا ونفاقا – التوبة - 97). في الواقع انتهى الأمر بالثقافة المكية أو الحجازية إلى الاختفاء الكامل من الفكر الإسلامي بعد عصره الأول فقد صار مكوناً من الفكر الجلف لعرب الصحراء الخُلّص – نجد – ومن الفكر التواكلي الغيبي للمسيحية الشرقية.

إن الإمبراطوريات الثلاث الكبرى التي حكمت العالم الغربي – غرب الهند – القديم وهم الإغريق والرومان والمسلمين انطلقوا في البداية من فكر فيه الكثير من روح التعددية والديمقراطية ثم تحول هذا الفكر إلى فكر ديكتاتوري مع الأيام. حدث هذا التحول بسرعة في حالة الإغريق وببطيء في حالة الرومان أما حالة الإسلام فكانت بين الحالتين. لكن آثار الحرية الفكرية لمرحلة التأسيس لم تحتف بالكامل من طرق الحكم والتفكير في أي من هذه الدول الثلاث أو على الأقل هي احتاجت زمنا طويلا لتضمحل. خلال هذا الزمن الذي شكل القرون الأولى للإسلام أنجز المسلمون جل انتصاراتهم العسكرية والثقافية.
من الواضح أن فكر ديكتاتوري كامل كان سيفشل في السيطرة على تلك المساحات الواسعة لتلك الأزمنة الطويلة فالإمبراطوريات الشرقية الأقدم كالآشوريين والبابليين والفرس والمصريين وحتى الساسانيين(الإمبراطورية الفارسية الثانية) لم تعمر طويلا.
ما من شك أن أحد أسباب قوة وضعف الإسلام في نفس الوقت هو القانون و التشريع أقصد ما سمي لاحقا بالكتاب والسنة وهو مستقى من فترة التأسيس الأولى ومشبع بروح الفترة السابقة عليها قبل أن تسيطر الديكتاتورية والفردية. لأن تغير النبي نحو العائلية الذي أتمه عثمان لم يتهيأ له أن يمحو من النصوص خاصة القرآن الروح التي كان النبي يتبناها طوال مدة مكوثه في مكة والسنين الثمانية الأولى له في المدينة قبل أن ينتصر نصرا مبينا في معركة فتح مكة وتظهر لديه الميول القوية للديكتاتورية وهي تماما نفس الميول التي سيطرت على الاسكندر بعد انتصاراته الباهرة.
وهذا شيء طبيعي فإذا كان النبي احتاج إلى اتباع أسلوب العرب خاصة الحجازيين في السلطة لإقامة الدولة؛ هذا الأسلوب غير الفردي فان استمرار الدولة والمحافظة عليها بعد توسعها صار من الصعب تحقيقه بهذا الأسلوب كما تبين من الأحداث اللاحقة. بل قبل ذلك تحولت أفضل دولة اتبعت حكما غير فرديا عرفها التاريخ القديم اقصد الدولة الرومانية إلى شكل حكم أكثر فردية مع توسعها، ففي تلك الأيام عندما كانت وسائل المواصلات قديمة كان من غير الممكن حكم مساحات واسعة بشكل غير ديكتاتوري.
عندما واجهت محمد الحقيقة السابقة لجأ إلى ما يعرفه وهو الحكم القبلي العائلي لكن القدر عاجله. من المهم أن أبين أن كلامي هنا ينطبق على محمد كنبي وليس كانسان فهو كانسان تصرف بأعلى قدر من الابداع يمكن لأي شخص آخر أن يتصرفه لو كان مكانه، لكنه كنبي لم يفعل ذلك:
فمن المسلم به أن الله يعرف طرق الرومان وقبلهم الإغريق في الحكم والإدارة وهي أفضل بكثير من الطريقة التي اضطر محمد وبعده كل من أبي بكر وعمر لإتباعها قبل أن يأتي عثمان وبعده معاوية ويقرران الخروج من ذلك المأزق إلى طريقة حكم بسيطة ومعروفة: الملكية المطلقة.
لقد ورث عثمان من عمر معضلة: دولة هائلة الاتساع ليس لها نظام حكم أو إدارة محدد، ويُطلب منه أن يديرها بمبادئ غامضة: الشورى. لكن كما أسلفت عمر نفسه على قوته وصلابته كان واجه مشكلات جمة في إدارة الدولة بتلك الطريقة. لو كان مثلا هناك نظام انتخاب لقال عمر لمن لم يعجبهم الأمير من أهل الكوفة: هذا أمير منتخب بالأغلبية وعليكم الانتظار حتى الدورة القادمة ثم تجريب حظكم في انتخاب غيره. لكن لا عمر ولا سابقيه أبي بكر أو النبي لديهم نظام واضح وهذا ما أدى إلى الاضطراب الذي انتهى بقتل عثمان وقيام الدولة الأموية.
أريد أن أكون واضحا في نقطتين: الأولى هي السابقة؛ أن محمدا كانسان قدم أفضل ما يمكن تقديمه. والثانية أن القول أن الوحي – قرآن وسنة - كامل غير صحيح البتة فهو الذي خذل محمد فإذا كان محمد لا يعرف شيئا عن النظام القانوني الروماني فهل الله لا يعرف؟! علما أنه كما أوضحت في صدر المقالة كان العرب في غالبيتهم مؤهلين للقبول بمثل هذا النظام. فهم كانت لديهم هذه الروح، لكنهم لا يعرفون وسائلها ولا يمكنني أن اشك للحظة بأن أولى مهمات أي وحي كامل في تلك المرحلة هي أن يقدم لهم تلك الوسائل.
لقد تصرف محمد كما فعل قبله الاسكندر ولو كان هناك تدخل حقيقي للسماء لحدثت معجزة فعلية اختصرت معاناة البشرية أكثر من عشرة قرون: اقصد لو أن الإسلام فعلاً أوجد نظرية وطريقة حديثة للحكم والإدارة حتى بمقاييس عصره، فالرومان السابقين على الإسلام وصلوا إلى درجة تطور قانونية مدهشة وعرب الحجاز قبل الإسلام كان لديهم شيء من ذلك. لكن هذا التصور مستحيل من أساسه فلا يمكن لحكم ديني أن يعطي البشر حريتهم لأنه بذلك يقضي على ذاته.
الا أن كل ماسبق لم يمنع كما أسلفت أن يكون للإسلام قانون أو تشريع أعلى يخضع له حتى الحاكم أو الخليفة وهذا هو سبب استمرار الإسلام طويلا وهو نفسه كان السبب في استمرار الإمبراطورية الرومانية المدة التي استمرتها، رغم أنه بعكس ما تقتضيه سنن التطور كان التشريع أو القانون الروماني أكثر تطورا بكثير من التشريع الإسلامي اللاحق. في الإمبراطوريات الشرقية القديمة كان الحاكم هو المشرع نفسه، لكن في الإسلام لم تكن الحالة كذلك وليس أدل على ذلك من أن خليفتين في زمن قوة الخلافة هما الوليد بن يزيد ثم الأمين قتلا بسبب خروجهما عن التشريع علما أنه لم يحدث أن جرى أي خلاف داخلي في الأسرة الأموية الحاكمة قبل قتل الوليد ولا في الأسرة العباسية الحاكمة قبل قتل الأمين.
لكن سلطة هذا الشرع التي جعلت كل الناس بما فيهم الخلفاء يرهبون الاصطدام معه هي نفسها التي أبقته على حاله دون تطور لمد تزيد عن ألف سنة: لا أحد يجرؤ على نقده وبالأحرى تعديله. والقضية ما تزال قائمة ومستمرة إلى يومنا هذا. مع أن هذا الشرع كان متخلفا في كثير من النواحي عن المعارف البشرية حتى في حينه، فالرومان كانوا قد طوروا نظاما إداريا وقانونيا متقدما للغاية قياسا لتلك الأزمنة لكنه مجهول ونكرة تماما في نصوص الإسلام من قرآن وسنة بل وفي كل النتاج الإسلامي الثقافي اللاحق.
لقد نجح الإسلام لأنه عمليا طبق المزيد من المساواة بين الناس ولأنه نظريا قال بالمساواة الكاملة بين البشر من حيث قيمة الانسان على الأقل وان لم يكن من حيث حقوقه. وقبل الإسلام انتشرت المسيحية وانتصرت لأنها استطاعت أن تحسن عمليا حياة بسطاء الناس ولو بشكل قليل أما نظريا فأعطتهم آمال واسعة بلا نهاية. خاطبتهم بلغة يفهمونها ويحبونها فآمنوا بها. والأهم دائما هو ما تعد به الناس فهو أهم مما تعطيهم إياه. وهذا أيضا سبب نجاح الشيوعية في البداية. لقد فعل الإسلام ما فعلته المسيحية تقريبا ولكن بطرق مختلفة. تقرير أن المال لله وبالتالي للفقير والعاجز حق في مال الغني المقتدر صبغ حياة المجتمعات الإسلامية ببعض الرحمة وحسّن إلى حد ما حياة الضعفاء.
قبل ذلك كان العطف على الفقراء الذي تبنته المسيحية هو الدافع الأكبر وراء انتصارها وهو نفسه نقطة القوة الأكبر للشيوعية الحديثة وهي التي أجبرت المجتمعات الرأسمالية على تحسين حياة الفرد العادي البسيط ، لقد أنقذ ماركس بطريقة غير مباشرة الرأسمالية.
وهذا صحيح اليوم فكل فكر عاجز عن استمالة الجمهور وإثارة حماسه لن يحقق شيئا. لا أقول أن الخطاب التنويري النخبوي العربي – كما هو الحال حاليا – غير مفيد، لكنني أقول أن تأثيره يحتاج عدة قرون ليؤتي أكله. لقد استغرق تنوير أوربا نحو عشرة قرون فالمدقق في التاريخ الأوربي لن يخفا عليه أن الاستنارة النخبوية هناك بدأت قبل القرن الخامس عشر. وأعود إلى حالة روسيا كمثال واضح: فبعد قرنين من استنارة النخبة لم يكن قد تحقق تقدم يذكر؛أعني في مطلع القرن العشرين لكن الماركسية التي استطاعت أن تبث الحماس والأمل لدى الناس العاديين غيرت روسيا جذريا خلال ثلاثة عقود. وان لم يكتب لذلك التغيير الاستمرار حتى التحديث الكامل وذلك لأسباب لا يمكن البحث فيها في هذه العجالة وان كان أهمها هي خطيئة القادة الماركسيين الجذرية: أعني إعطاء الاهتمام بالسياسة الدولية أولوية على التنمية وهذه الخطيئة قتلت الكثير من التجارب الثورية المعاصرة.
وبالعودة إلى هامش الحرية الذي توفر في دولة الإسلام لعدة قرون في بدايتها فانه من غير الممكن أن تستمر دولة قوية لفترة طويلة دون أن يكون للناس تأثير على السلطة فيها وهذا كما أسلفت سبب الانهيار السريع للإمبراطوريات الشرقية القديمة. بالطبع أحب أن أوضح أن الديمقراطية بمعنى مشاركة كل الناس في التأثير على السلطة هي فكرة طوباوية غير ممكنة التطبيق ولكن كلما زادت نسبة المؤثرين في قرارات السلطة زاد رشد تلك السلطة فرأي الجماعة أصوب من رأي الفرد بشكل عام. دون أن ننسى أن كل المجتمعات فيها تيارات مختلفة والمجتمع الناجح ديمقراطيا يجب أن يتحقق فيه شرط موضوعي لا علاقة له بالنظام القائم وهو أن تكون أغلبية الناس فيه منتمية إلى تيارات تتبنى نظرات أو نظريات للاقتصاد والفكر والسياسة قابلة للتعايش والتعاون مع بعضها البعض. عندها يأتي دور الشرط الثاني أي النظام الديمقراطي الذي عليه هو الآخر أن يحقق شرطين: الأول هو إيجاد صيغة تعايش وتعاون للتيارات الرئيسية آنفة الذكر، والثاني هو إيجاد وسيلة استيعاب وقمع للبقية الباقية من المجتمع والتي تتبنى نظريات اقتصادية وفكرية وسياسية تتناقض مع النظريات التي تتبناها المجموعة الأولى التي تشكل الغالبية العظمى من الشعب.
أخلص من النقطة السابقة بسهولة إلى أن أي مجتمع ينقسم بشكل حاد أي تتبنى مجموعات كبيرة منه متساوية أو شبه متساوية نظريات متناقضة، لا يمكن إقامة نظام ديمقراطي فيه البتة. وبما أنني مسلم برأي ماركس بأن النظريات الفكرية هي انعكاس للبنية الاقتصادية أو التحتية للمجتمع كما أنني ألاحظ أن الناس الأكثر يسارا(ثراء) أينما كانوا يتقاربون فكريا فانني اعتقد بالتالي ان ثراء أي مجتمع ولو نسبيا هو شرط سابق يجب تحققه لأنه هو الذي سيحقق حد أدنى من التشابه أو التقارب يضم أكثرية اجتماعية معتبرة تسمى عادة بالطبقة الوسطى وتاليا لذلك يمكن تحقيق الديمقراطية. حتى الهند أكبر وأفقر ديمقراطية في العالم يتحقق فيها الشرط السابق فغالبية الفقراء الهنود غائبون تماما واللعبة تتم هناك بين أفراد الطبقة الوسطى الهندية التي تمتلك الفقراء المغيبين لدرجة أنهم أشياء وليسوا ناس. يستخدم الكثير من الناس كلمة ديمقراطية بمعنى اشتراك كل الناس في التأثير على السلطة في دولة أو مجتمع ما، وهذا ليس ما افهمه منها أبدا لأنها فكرة طوباوية مستحيلة التحقيق.
في مصر القديمة وفارس كان الحاكم مطلق الحكم لكن الوضع لم يكن كذلك في الدولة الإسلامية – على الأقل - طوال القرون الثلاث الأولى فحاكم لا يؤثر عليه الناس يتحول بسرعة رهيبة إلى فاسد. ليس هناك سلطة رشيدة وراعية لمصلحة جمهور عاجز عن الضغط عليها. لقد كان الناس ينتفضون ويشغبون في بغداد عندما لا تعجبهم قرارات الحكام للحد الذي اضطر السلطة إلى التراجع عن كثير من قراراتها(14)، وليس أدل على ذلك من المشاكل التي كانت لا تنقطع بين الحنابلة والشيعة في بغداد ورغم أن السلطة سنية الا أنها اضطرت لأن تحافظ على الحياد إلى حد كبير(15).
لقد عرف الإسلام كما ذكرت سابقا تشريع مستقل عن الحكام عززه وجود الفقهاء المستقلين ولو جزئيا عن السلطة مما حقق مرجع قضائي مستقل‘ فالقضاة إنما يرجعون في أحكامهم إلى آراء الفقهاء يقول آدم متز" وهذا الإجماع الذي ينعقد من جماعة العلماء الذين لا يخضعون لسلطة أخرى هو المحكمة الإسلامية العليا. وهؤلاء العلماء ......... هم المظهر الذي أثبتت فيه الديمقراطية الإسلامية وجودها" (16). ولا حقا عندما عجز الناس عن التأثير على السلطة وصاروا مقموعين بالكامل انحدرت الدولة إلى الحضيض. ومما يؤكد الحراك المؤثر للناس في قرون الإسلام الأولى انه حتى عندما توقف التغيير على صعيد كامل المجتمع بعد أبو جعفر المنصور فان هذا التغيير استمر مشتعلا هنا وهناك بدليل الثورات التي استمرت طويلا وسيطرت على مساحات واسعة كحركات الزنج والقرامطة وخاصة الأخيرة التي دامت قرابة ثلاثة قرون.

الحواشي

1- تاريخ الطبري ص 364 طبعة بيت الأفكار الدولية، بدون تاريخ
2- قال ابن إسحاق: فلما بادى رسول الله قومه بالإسلام وصدع به كما أمره الله، لم يبعد منه قومه ولم يردوا عليه – فيما بلغني – حتى ذكر آلهتهم وعابها فلما فعل ذلك أعظموه وناكروه (سيرة ابن هشام ، طبعة مؤسسة المعارف بيروت ،2007) وذكر الطبري أن عبد الله بن عمرو بن العاص سُأل، ما أكثر ما رأيت قريشا أصابت من رسول الله فيما كانت تظهر من عداوة؟ قال رأيتهم وقد اجتمع أشرافهم ....... فبينما هم كذلك إذ طلع رسول الله.... فلما مر بهم غمزوه بعض القول .... ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها فوقف فقال: أتسمعون يا معشر قريش أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح.... "فقالوا له" انصرف يا أبا القاسم راشدا.[ص 403 تاريخ الطبري، طبعة بيت الأفكار الدولية، عمان ، بدون تاريخ]
3- حديث ائتوني بكتاب أكتب لكم لا تضلوا بعده، قال ذلك النبي في مرض وفاته ويعتقد البعض أنه كان يريد أن يوصي بالأمر من بعده لعلي [ الحديث عند البخاري ص 54 المجلد الأول ، صحيح البخاري بتحقيق د. مصطفى البغا – مطبعة الهندي ، دمشق ، بدون تاريخ]
4- ومما يعضد الرأي السابق حديث غدير خم الذي قاله النبي مرجعه من حجة الوداع أي قبل وفاته بنحو مائة يوم وفيه: من كنت مولاه فعلي مولاه. والنبي مولى المؤمنين كلهم وهكذا صار علي مثله [ الحديث عند الترمذي ص 633 الجزء الخامس ، طبعة دار إحياء التراث العربي ، بيروت، دون تاريخ والحديث رواه مسلم أيضا: صحيح مسلم بشرح النووي ص ،179 الجزء الخامس عشر، دار الكتاب العربي ، 1978]
5- وكذلك حديث أن النبي بعث علي قبل حجة الوداع بسنة ليبلغ الحجيج بفحوى البراءة من المشركين التي نزلت بها سورة التوبة، حيث أصر النبي على إرسال علي وقال: لا يبلغ عني الا أنا أو رجل مني [الحديث عند الترمذي الجزء الخامس ص 635 نفس الطبعة أعلاه وهو كذلك عند البخاري وغيره]
6- وكذلك أن النبي ترك علي ميرا على المدينة في أحد الغزوات(يشير بعض الرواة إلى أنها غزوة تبوك ) وقال النبي له: أنت مني بمنزلة هرون من موسى الا نه لا نبي بعدي[ الحديث عند مسلم ص 176، الجزء الخامس عشر، نفس الطبعة أعلاه]
7- وأيضا يستدل البعض على ذلك بحديث بعث أسامة: حيث كان النبي في مرض وفاته قد جهز جيش بإمرة أسامة فيه كبار المهاجرين ومنهم عمر بن الخطاب(في بعض الروايات عمر وأبو بكر) وعندما اشتد المرض بالنبي تلكأ الجيش في مغادرة المدينة فهم يريدون أن يعرفوا حالة النبي، وكان النبي كلما أفاق من مرضه سأل عن الجيش فيقولون له أنه ما يزال معسكر قرب المدينة فيقول: أنفذوا بعث أسامة. يمكن أن يفهم من ذلك أن النبي الذي علم أن مرضه خطير كان يريد أن يكون المهاجرون ومنهم عمر الذي لعب الدور الرئيسي في قضية السقيفة وبيعة أبي بكر بعيدين عن المدينة حال وفاته فتتم البيعة في المدينة لعلي وتصبح أمرا واقعا[ الطبري ص 480 طبعة بيت الأفكار الدولية، بدون تاريخ].
8- مسلم وعند البخاري: ص 1574، 1575 نفس الطبعة المشار إليها أعلاه.
9- انظر بعث أسامة الذي كان فيه عمر بن الخطاب في 6 أعلاه
10- تاريخ الطبري ص 500،499 نفس الطبعة المشار إليها أعلاه.
11- مثلا : سنن الترمذي ص 503، المجلد الرابع، نفس الطبعة المشار إليها أعلاه.
12- تاريخ الطبري ص 693، نفس الطبعة المشار إليها أعلاه.
13- قال النبي لعمه أبو طالب: أدعوهم – قريش – أن يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب ويملكون بها العجم [تاريخ الطبري ص 317 نفس الطبعة المشار إليها أعلاه]
14- انظر الحضارة الإسلامية في القرن الرابع آدم متز، ترجمة محمد أبوريدة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الثانية 1995، ص 179
15- نفس المرجع السابق، الصفحات 100،102،103
16- المرجع السابق ص 316



#محمد_شرينة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأغفر لله
- قيمة الدين بشكله القديم
- السقوط
- هل هناك عقلانية زائدة؟
- الأشراف والتهجين
- الايمان الأصيل والإلحاد وجهان لحالة واحدة
- رب شرير أم إسلام قديم؟
- الرغبة والفكر
- حلم مزعج وحذاء
- لماذا يغيب الابداع والاختراع في العالم العربي؟ ( الإلحاد كحا ...
- أسأل نفسي، متى مت؟
- القاعدة السمائية الثالثة
- سماء وصدر
- الزواج والاحتشام عند البشر والحيوانات
- نظام الإدارة والتقويم في القرآن
- المدلى من فرج الزمان
- النسيان كعلاج
- آخر الشموس
- مرحبا أيها القدر
- لا تبحث عن السعادة


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد شرينة - تحول أسلوب السلطة في الإسلام بعد فتح مكة وتأثيره على الإسلام