أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد شرينة - القاعدة السمائية الثالثة















المزيد.....

القاعدة السمائية الثالثة


محمد شرينة

الحوار المتمدن-العدد: 3029 - 2010 / 6 / 9 - 15:41
المحور: كتابات ساخرة
    


لم نسمع هذه القصة منه فقد توفي مذ زمن طويل. لكن حدثنا أبو الزلف أنه سمع الآتي من المرحوم قبل أن يموت:
في مرات سابقة كان أبو الزلف قد حدثنا الكثير من روايات المرحوم. ومن حديثه وحديث غيره ممن سمعوا وعاصروا المرحوم استنتجنا أشياء لا بد من تذكرها بينما يقص علينا أبو الزلف ما سمعه من المرحوم أبو متعب على انه حلم رآه وهو نائم بجانب أم متعب ليلا.
كان أبو متعب الذي عاش أكثر من تسعين سنة - وكل ما سمعه منه أبو الزلف كان في العقد الأخير من عمره - يتحدث بثبات وطلاقة حتى آخر يوم في حياته، كأنه ابن خمسين أو أربعين؛ مع استثناء بسيط للغاية: فهو يروي تفاصيل حادثة موت ابن عمه ربيع على انه منام رآه وهو نائم. وهناك الكثير من الأحداث التي مرت في تلك السنين وشهدها الربع من صحب أبو متعب والتي يرويها المرحوم كمنامات شاهدها وهو نائم؛ مثل احتلال العراق للكويت وانفراط عقد الاتحاد السوفييتي وعودة هونغ كونغ للصين.
تتمة القضية أن المرحوم كان يروي الحادثة التالية على أنها وقعت معه حقيقة وليست رؤيا ليل: رغم أن أبو متعب المرحوم الذي يقولون عنه المرحوم في سبيل الاختصار لم يحدث أن غادر البلاد في كل حياته بل هو أبدا لم يجتز حدود المحافظة، إلا أنه يقول أن هذه الواقعة وقعت له فعلا والتي ملخصها أنه:
تسلق قمة ايفرست مع عدد من الانكليز وبعد أن بلغوا القمة بفضل المرحوم الذي كان يحملهم الرجل تلو الرجل ويصعد بكل منهم عدة كيلو مترات ثم يضعه ويعود ليرفع الآخر حتى آخرهم وهكذا. عندما بلغوا القمة اضطر لترك الانكليز لمصيرهم فهو عجز عن مقاومة إغراء السلم الذي نصب له فصعد منه إلى السماء، الأمر الذي مُنِعَ منه الكفار. ثم بعد أن جال وجرت له أحداث – أغلبها ممتعة – تحتاج لمجلدات أكثر مما احتاجت كوميديا دانتي، هبط على عرفات فحج وعاد إلى البلد. هذا كله لن يمنع من رواية تفاصيل الحلم الذي رواه أبو متعب الذي هو المرحوم لأبي الزلف ثم قصه علينا الأخير بعد وفاة الأول:
اجتمعت يوم جلت في السماء" والحديث للمرحوم " بأحد كبار المدراء الذين لم يمض عليهم سوى وقت قصير في الآخرة، فسألني عن الحال في الدنيا كيف هي فأخبرته واقع الحال.
تنهد المدير: كل شيء كما تركته لم تتحسن الأمور عندكم اقتصادكم لا يزال مزفت!
فقلت له: ما دمت في الآخرة لا بد انك صرت تعرف سبب فشل الاقتصاد في بلادنا!!
قال المدير النحرير؛ أنت ماذا تعمل هناك في الأسفل يا اسمك ايه؟
المرحوم: موظف وسط في القطاع العام
المدير: تقبض كام؟
- أجرة البيت يزيد فوقها من الراتب ثمن 2 كغ خبز ووقية زيت وربع وقية لحمة وثلاث واق رز ولترين مازوت كل يوم.
أليس هذا قليل؟ يقول المدير
قليل؛ يقول المرحوم.
لم لا تبحث عن بديل؟ يسأل المدير
الشغل بالدولة أمين ومريح وفيه كرامة؛ يجيب المرحوم
- أنت تفضل الطفر والفقر على التعب والمخاطرة، واتركك من الكرامة فما تكسبه منها في وظيفة الدولة، تدفعه بسبب الحاجة أليس كذلك؟
عند هذه النقطة هز رأسه وانصرف المرحوم.
في سماء أعلى اجتمع المرحوم بخبير عالي قال للمرحوم على زعم من اخبرنا ذلك عن المرحوم:
معظمكم يعمل لدى الدولة ولا شك العمل لدى الدولة أضمن وأريح وفيه مزايا كثيرة، أليس هذا رائع؟
المرحوم: كليا رائع.
اقتصادكم فاشل، أليس هذا مريع؟
تماما مريع؛ قال المرحوم.
اَخرِجْ ورقة وقلم واكتب هذه القاعدة أيها الختيار؛ قال الخبير للمرحوم الذي لم يكن قد ارتحم أي مات بعد:
افتح قوسين واكتب بينهما، شدّد الخبير العالي:(عندما يترافق أمرين احدهما رائع والثاني مريع فيوجدان في نفس المكان والزمان معا، فالأول هو سبب الثاني مما يعني: أنه لا سبيل للتخلص من ألم الثاني دون التنازل عن لذة الأول) كمشاكل الكحول الرهيبة التي ليست إلا سببا لنشوة الخمر اللذيذة " لا تكتب الجملة الأخيرة بين القوسين "ختم الخبير كلامه.
هذه هي القاعدة الثالثة في التشغيل الفكري لا تنسى ذلك؛ أضاف قبل أن ينصرف الخبير.
في سماء أعلى قابل المرحوم عالم أعلى استوقفه وطلب منه أن يكتب بين أربعة أقواس القاعدة الثانية في التشغيل الفكري لكن الختيار اكتفى بكتابتها على صفحة دماغه وهي ((لا تصدق حتى كل ما تراه فأنت ترى الطائرة في السماء اصغر من السيارة وكذلك الباخرة البعيدة في عرض البحر؛ فكيف بما تسمعه))
في أعلى سماء قال أعلى العلماء: تعال ياختيار، من يصعد إلى السماء لا بد من أن يكتب بين ثلاثة أقواس من كل جهة أي ستة أقواس، القاعدة الأولى في التحريك الفكري و التشغيل الدماغي وهي: ((( يوجد طريقة واحدة للتأكد من صحة قضية ما: هي أن يتفق الجميع على صحتها. مثل أن ثور يزن 300 كغ أثقل من رجل يزن 70 كغ وأن مساحة إسطبل مربع طول ضلعه 10 متر هي 100 متر مربع))) . أيضا هذه كتبها في دماغه وانصرف المرحوم.

بعد أن أتم المرحوم جولته وأراد العودة من السماء. استوقفه بوابها وقال له:
ما ذا تعلمت من هذه الرحلة يا ختيار؟
----- تلبك المرحوم،،،،.
قال الملاك البواب: لم اللبكة فقط اذكر لي القاعدة الأولى في التحريك أو التشغيل الدماغي ، ألم يقولوها لك في السماء؟ هذا غير ممكن كل من يلج السماء يخبره أحد من سكانها بهذه القاعة فهي الركيزة عند أهل السماء؟
ازدادت لبكة أبو متعب: أخ.. لم يخ.. لم ، لم... لم يخب.. أخبر،...لم يخ...
دعك من هذا، المدير الأسمر العالي الرتبة الوسيم الذي وقفت وإياه تحت شجرة التين أخبرك بها وقال لك أن تكتبها وبين قوسين لكنك لم تفعل؛ قاطعه البواب.
- نعم، نعم حصل ذلك ولكنني لم أكتبها انسانيها الشيطان.
كل أخطاءكم تحملونها عليه، دعك من الشيطان " قال البواب الملاك مقاطعا " إذاً اُخبِرْتَ بها.
نعم؛ أجاب المرحوم.
لا تقل لي أن أحدا لم يخبرك القاعدة الثانية، ها ، هيا قولها؛ قال البواب بحدة.
أنت يا أفندي يظهر انك تعرف كل شيء فأنت من أهل السماء، لقد قيلت لي ونسيتها أنا مقصر لا بد من أن اعترف؛ أجاب المرحوم.
- بصوت حاد وغاضب؛ وماذا عن الثالثة التي قالها لك أعلى العلماء تحت شجرة التوت وطلب منك أن تكتبها بين ستة أقواس؟
هذه المرة اصفر وجه المرحوم وارتجفت ركبتيه وجف حلقه وكاد أن يتوقف قلبه لولا انه لاحظ أن وجه البواب عاد إلى الهدوء قبل أن يقول للختيار:
- أما وقد نسيت جميع القواعد عندك حل أخير، أعطني مثال لم يذكرونه لك على واحدة من القواعد الثلاث؟ هل هذا صعب؟ إذا لم تفعل سأرسلك إلى جهنم.
قال لنا أبو الزلف كان أبو متعب كلما روى لنا هذه القصة وعندما يصل إلى لحظة جوابه للسؤال الأخير للملاك يبكي حتى يبتل سرواله.
ما هذا الجواب، شوقتنا يا أبو الزلف؟ قلنا بضجيج واحد وأصوات متفرقة. ليس كما تغرد الطيور بل كما تخور الصُفر والحمر.
أجب هيا؛ قال الملاك بلهجة المهدد؛ يا ختيار!
بدون تفكير قال المرحوم:العالم العربي والإسلامي، قاطعه البواب:لا لزوم للتكرار يكفي أن تقول العالم الإسلامي.
متلعثما قال المرحوم: ليس كل العرب مسلمين.
وليس كل الماليزيين مسلمين " رد الملاك " اجتماع المؤتمر الإسلامي ألا تحضره جميع الدول العربية؟
- نعم ؛أجاب المرحوم
- أكمل ؛يا ختيار
- العالم الإسلا....
- مفهوم أكمل ولا تعيد
تلبك الختيار من جديد وقال أول ما خطر بباله: كله ، جميع دوله، بلا استثناء، من بنغلادش إلى المغ "
- أنت تضيع الوقت بهذه المطمطة يا ختيار " انتهره الملاك " أعطني النتيجة "
- فاشل كله فاشل.
- هل هذا اكتشافك أم قاله لك أحد؟ وبعد
زادت لخبطة الختيار وبكى أو كاد فالملاك ينتظر نتيجة ولا بد أن تكون مبنية على المقدمة التي ورط الختيار نفسه فيها لأنه لم يجد سواها.
لذلك هو قال أول شيء خطر على باله وبالسليقة، على فطرته: هذه المرارة لا بد ناتجة عن تلك الحلاوة.
- مرارة الفشل عرفتها ولكن عن أي حلاوة تتحدث؟
- تلك التي يتحدث عنها أمي وأخي وأبي والمشايخ في التلفزيون والجامع ويعيرون الغرب بها، فالغرب يبدو لنا قلق ومحبط ويوجد فيه انتحار، عندنا يوجد طمأنينة كاملة فخلاف الشكوى الكلامية نحن واثقين من أن كل شيء سيقع تماما كما نتمنى من تحرير فلسطين إلى تحقيق العيشة الكريمة وصولا إلى دخول الجنة " من المؤكد أنه في ساعة العسرة هذه قد استفاقت لا شعوريا عند المرحوم أفكار اليسار أيام الستينات، أيام الشباب الطائش التي تاب عنها منذ زمن" هكذا كان يعلق أبو الزلف ولا ندري هل ينقل ذلك عن المرحوم أم هو من عند نفسه.
هز الملك رأسه وتطلع بطريقة عجز المرحوم أن يفهم هل هو راض أو ساخط لكنه قال:
ما ذا تقصد؟
قال أبو الزلف أن المرحوم أخبره أنه كان يتكلم كآلة التسجيل دون تفكير " لعنة الله على أيام الشباب الضالة " فهو تابع كلامه:
بسبب أنهم اطمأنوا إلى مستقبلهم الأخروي، أما الدنيا فلمن لا خلاق له أو هي الثانية يؤمنها الله، فهم يرتاحون ولا يتعبون ولا هم يتغيرون وبالتالي يفشلون.
هذا السلم أمامك فاذهب و يمكنك أن تحدث بهذا الحديث في الأرض؛ قال منهيا حديثه الملاك.
من أجل هذا ذهبت فورا إلى الحج طلبا للغفران ولم أحدث أحدا بهذا الحديث سواك ولا تحدث به أحدا، ولعلني خرفت حتى اُخبرك القصة، وانا خائف من غضب السماء إذا حدثت الناس بهذا الكلام ومن غضبها إن لم أحدثهم، لأن الملاك قال لي حدثهم؛ قال منهيا رواية حلمه، المرحوم أبو متعب.



#محمد_شرينة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سماء وصدر
- الزواج والاحتشام عند البشر والحيوانات
- نظام الإدارة والتقويم في القرآن
- المدلى من فرج الزمان
- النسيان كعلاج
- آخر الشموس
- مرحبا أيها القدر
- لا تبحث عن السعادة
- القذف دون التعري
- اللذة الجسدية والدين
- ماركس والأنبياء
- حرية بلا ثمن
- المرأة والدهقان
- عفوا يا رب، أنا لست جميلة
- لقد أفقت من جديد
- حول نشوء الإسلام
- نحن نعاني لأننا نتطور ( وحدة الوجود)
- العلم والدين تحت مظلة المصلحة البشرية
- حول تقرير التنمية البشرية العربي الخامس
- يا بُني


المزيد.....




- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد شرينة - القاعدة السمائية الثالثة