أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - محمد شرينة - عفوا يا رب، أنا لست جميلة














المزيد.....

عفوا يا رب، أنا لست جميلة


محمد شرينة

الحوار المتمدن-العدد: 2913 - 2010 / 2 / 10 - 14:52
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


كنت أشاهد أحد الأفلام الأميركية الجميلة وهو يروي قصة حب لذيذة وكالعادة في جميع الأفلام ومن جميع الجنسيات بطلتها وبطلها جميلين للغاية. فهل لا تحدث قصص الحب إلا بين النساء والرجال الذين يتمتعون بجمال فائق، بالمعنى العادي المتعارف عليه للجمال؟
ليس من المتوقع أن يشاهد الكثير من الناس فيلما يتحدث عن قصة حب بين رجل وامرأة بغير المواصفات السابقة. ومع ذلك تذكرت ما قاله أحدهم عن حبيبته التي قالت له يوما: عفوا أنا لست جميلة.
من الصعب تحديد ما إذا كان الجمال هو معيار خلقي موحد موجود في بنية البشر أو هل هو مفهوم وتصور تَطًوَرَ نتيجةً للثقافة والعادة فصارت هذه تعتبر جميلة وذلك يعتبر غير جميل؟ ومع ذلك يبدو أن حس الجمال هو شيء داخلي للغاية وشخصي وخاص بكل إنسان. كل طفل يرى أمه جميلة وكذلك كل أم ترى طفلها جميلا. بعض الناس يفضل جمال شجرة السرو وبعضهم يفضل جمال شجرة الزيتون. قديما كانوا في بلادنا يعتبرون المرأة الممتلئة هي الأكثر جمالا وليس النحيلة.
على كل حال ما يفكر به الآخرون عني أو عنكِ ليس هو المهم بل ما نفكر به نحن، والأهم ما نفعله. امرأة حكيمة قالت: ليس رجلا الرجل الذي يعجز عن تقييم نفسه إلا من خلال نظرة النساء له. كما أن المرأة التي يعتمد تقييمها لنفسها على تقييم الرجال لها ليست امرأة.
بالمعنى السطحي للجمال الأخاذ الذي اعتنقناه تحت تأثير الأفلام ومجلات المجتمع، بيل غيتس ليس جميلا ولا اينشتاين. بل الأخير الذي يُقال أنه الأذكى كان قد أنهى دراسته الثانوية والجامعية بمعدل علامات عادي وليس متفوق، هو بالتالي ليس ذكيا بالمعيار العادي للذكاء. كثير من الذين ضاعوا في هذه الحياة يملكون مواهب دفنت معهم لأنهم عندما قال لهم الناس أنهم ليسوا جميلين، صدقوهم وفقدوا ثقتهم بأنفسهم. وعندما أخبرهم الأقارب والمدرسين أنهم قليلو الذكاء، أصيبوا بالإحباط. اينشتاين الذي اجتاز امتحانات دراسته الجامعية وقبل الجامعية بصعوبة لم يلتفت إلى تقدير الآخرين له، لأنه يؤمن بأنه جميل بطريقة ما وذكي بطريقة ما. اكتشاف تلك الطريقة هي مهمة الفرد الناجح وهذا ما فعله اينشتاين؛ اكتشف ما هي الطريقة التي تبدي ذكاءه وفعلها.
الرجل الذي صنف على أنه الرجل الأكثر تأثيرا في تاريخ البشرية حتى من قبل غير الذين يتبعون دينه، أقصد النبي لم يكن بالمعايير العادية السطحية جميلا ولا ذكيا لكنه اكتشف طريقته الخاصة، عرف كيف يبدي ذكاءه وجماله للعالم بأسلوبه.
لو كان جميلا بالمفهوم العادي الساذج للجمال، لما كان تزوج امرأة في الأربعين وهو في الخامسة والعشرين لأنه كان سيجد ثرية من عمره أو أصغر منه تتزوجه، بل لما كانت النساء تركنه يصل ذلك السن دون أن يتزوجنه في ذلك المجتمع الذي لم يكن فيه عُقَد تمنع الجنسين من اختيار من يريدون بدليل أن خديجة هي التي اختارته وليس هو الذي اختارها.
لو كان ذكيا بالمفهوم العادي الساذج للذكاء لما كانوا وصفوه بأنه أذن( أذن تعني الإنسان الذي يمكن للآخرين أن يخدعوه بسهولة) ودافع عنه القرآن بالآية: (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم) .
بالطبع أصبح كل هؤلاء الذين تحدثت عنهم جميلين وأذكياء في نظرنا اليوم مع أنهم لم يكونوا يعتبرون كذلك كما هو واضح من مجريات الأمور التي ذكرتها وهذا ليس تناقضا، فهم بعد أن نجحوا بشكل باهر صاروا معيارا للجمال والذكاء لمن يأتي بعدهم! صدقوني النساء الناجحات يمكنهن أن يحددن معايير الجمال كما فعلت ذلك أنديرا غاندي ونازك ملائكة ومارغريت تاتشر. لا تصدقوا أن معايير الجمال كانت كما هي قبلهن بل هن أسهمن في تحديدها وهذا ما يمكن لكل امرأة أو رجل أن يفعلاه. كون الجمال يحدده الناجحون من الناس واضح في حالة الرجال أكثر من وضوحه في حالة النساء والسبب في ذلك بسيط وهو أن الثقافة التي سادت في معظم العالم حتى وقت قريب كانت تزرع في النساء أن جمالهن هو تلك الصفة التي تبهر المراهقين من الرجال منذ النظرة الأولى وطالما ظلت النساء مؤمنات بذلك ويتصرفن على أساسه يظل الوضع كما كان.
الذين يأتون إلى هذا العالم من النساء ومن الرجال، مزودين بجمال أو ذكاء متفجر ليس بحاجة إلى من يبديه ولا حتى صاحبه، ليس بالضرورة يتمتعون بنعمة. هذه الحالة تشبه حالة الذي يأتي إلى العالم مزود بثروة ورثها. إذ كثيرا كثيرا ما تقتل الهبة أو الثروة المجانية مواهب الناس الدفينة فلا يجتهدوا لتشكيلها وإظهارها. وصل البشر إلى ما وصلوا إليه ليس أبدا اعتمادا على الهبات المجانية وإنما على ذلك الاجتهاد الذي يشكل ويظهر مواهبهم الدفينة، تلك المواهب الموجودة لدى كل البشر. والسادة الذين ذكرتهم أعلاه الدليل لكافي على ذلك.



#محمد_شرينة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقد أفقت من جديد
- حول نشوء الإسلام
- نحن نعاني لأننا نتطور ( وحدة الوجود)
- العلم والدين تحت مظلة المصلحة البشرية
- حول تقرير التنمية البشرية العربي الخامس
- يا بُني
- الحاجة إلى تحديث العلمانية والإسلام العربيين
- هل البيض أم السود هم أهل النار؟
- الإيمان والوهم
- العوامل الحاسمة في تقدم الغرب والثورة الصناعية
- العرب والطيران
- تحرير جسد المرأة بل أجساد النساء والرجال
- حيرني البوذي
- أنا والله
- الضمير والشبق؟
- المسلمون والغنائم
- تقييد حرية المرأة الجنسية
- أهدى الشرائع
- حية في الشتاء
- في المحطة الأخيرة


المزيد.....




- المرأة التي ترعى 98 طفلا من ذوي الإعاقة
- “رابط فعال” خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت 2025 ...
- سحر دليجاني المعارضة الإيرانية: الحرب على إيران ليست دفاعًا ...
- أهم تدخلات وزارة شؤون المرأة خلال العام الأول لتولي حكومة د ...
- النساء لا يتملّكن.. مصريات محرومات من حيازة الأراضي الزراعية ...
- فارسين أغابكيان.. أول امرأة تقود الدبلوماسية الفلسطينية
- دراسة: تدمير آثار الملكة حتشبسوت لم يكن بسبب كونها امرأة
- الناشطتان الإيرانيتان نرجس محمدي وشيرين عبادي تطالبان بوقف ف ...
- بليز ميتروويلي أول امرأة تقود جهاز الاستخبارات الخارجية البر ...
- جلسة نقاش عن حلقة بنلف في دواير من بودكاست راقات


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - محمد شرينة - عفوا يا رب، أنا لست جميلة