أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد شرينة - العرب والطيران















المزيد.....

العرب والطيران


محمد شرينة

الحوار المتمدن-العدد: 2790 - 2009 / 10 / 5 - 17:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا لم تستطع أمرا فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع
عندما كنا صغارا كنا نتصور أن نثبت عربة إلى نسر يطير بنا وبها في السماء، نحن نركب عربة تسير بنا على الأرض تجرها الخيول، و نركب ظهر الخيول لتنقلنا على سطح الأرض، فلماذا فكر البشر بالاستفادة من قوة الحيوان في التنقل على الأرض ولم يفكروا بالاستفادة من ذلك للتنقل في الجو؟
رجل جلد قوي يزن 70 كغ يستطيع التنقل طوال النهار وهو يحمل على ظهره حقيبة تزن 15 كغ أو أكثر،مما يعني أنه بمقدورنا القول أن الدابة الجلدة( الحيوان الذي يدب على الأرض) قادرة على أن تحمل 20 - 25% من وزنها بسهولة ، و لو كان الإنسان بوزن الأرنب لكان أمكنه أن يركب ظهور الماعز والغنم و لكنه يحتاج إلى حيوان أثقل منه بأربع أو خمس مرات تقريبا، وهذا ينطبق على الحيوانات من الفيل إلى الحمار. و نفس الشيء ينطبق على العربات والجر، ولكن في هذه الحالة فان العجلة التي يمكن اعتبارها الاختراع الأهم في تاريخ التكنولوجيا، تعطي قوة إضافية كبيرة، فالإنسان الذي يحمل 15 كغ على ظهره لمدة معينة يستطيع أن يجر ولنفس المدة عربة محملة بوزن إجمالي يزيد عن خمسة أضعاف هذا الوزن.
لا يستفيد الإنسان من قوة الحيوانات البحرية للتنقل في الماء، لأسباب كثيرة يكفي منها أن هذه الحيوانات قادرة على الغوص تحت الماء، والإنسان غير قادر. ناهيك على أن هناك طريقة أفضل للتنقل على سطح البحر.
الطيور تحمل نسبة إلى أوزانها؛ أوزانا أقل مما تفعل الدواب، حتى أن الطيور الثقيلة لا تستطيع الطيران دون أن تحمل أي ثقل، ولنقل أن هذه النسبة هي 10% من وزن الطائر. ولما كان أكثر الطيور وزنا لا يتعدى وزنه العشرات القليلة من الكيلو غرامات، فبالكاد يمكننا أن نُحمّل طائرا عدة كيلو غرامات، وهكذا استعمل الحمام لنقل الرسائل، ولكن ما كان من الممكن إيجاد طائر يطير حاملا وزن إنسان.
هذا يعني أولا: أن الإنسان يبتدع ما يخدم رغباته، ويطوع الأشياء لذلك، ليس كما يرغب، بل كما يتمكن. فما من رغبة أشد عند الإنسان من رغبته في الطيران، وظل دهورا محروما منها، بينما رغبة الإنسان في التنقل محمولا على دابة في البر أضعف بكثير من رغبته في الطيران و لكنه حققها قبل الثانية بكثير لأنها أسهل.
وبما أن الإنسان تمكن أخيرا من الطيران فان ذلك يعني ثانيا: أن الإنسان يصل إلى هدفه بالنهاية ، من أي طريق سلك، المهم أن يسلك طريقا، ما يعني أن تحقيق رغبة يقود إلى تحقيق غيرها حتى لو بدا ذلك غير مترابط ومستبعد، ترويض الدواب للركب واختراع العجلة قاد إلى اختراع العربة فالسكك الحديدية التي تجر قاطراتها الحيوانات. اختراع محرك البخار كان بالأساس لنضح الماء من المناجم ثم أصبح يحرك السفن فالقاطرات ،وفي النهاية اخترعت السيارة نتيجة لمجمل هذه الإبداعات.
أما الطيارة فهي سيارة بجناحين. لقد كانت الرحلة طويلة وملتفة ولكنها مثمرة، مع أنه كان ولا يزال من غير الممكن للناس الطيران اعتمادا على الطيور، لكنهم طاروا بوسيلة مختلفة.
دارت بفكري هذه المقارنة بينما كنت أقرء عن تاريخ أوربا في القرن السابع عشر، كان الأوربيون المسيحيون قد استوطنوا شواطئ الهند الغربية التي تعرف الآن بقارة أميركا والتفوا حولها باتجاه الغرب إلى الهند الشرقية التي هي الهند، واستوطنوا القارة الجديدة الثالثة أوقيانوسيا. كما كانوا قبل ذلك قد وصلوا إلى الهند عن طريق الالتفاف حول جنوب أفريقيا(رأس الرجاء)، بعد ذلك امتدوا محتلين سهول شمال آسيا وصولا إلى الشرق الأقصى. حدث ذلك بعد أن كانوا خسروا تماما الجولة الثانية من الحروب مع المسلمين في الوقت الذي لمع نجم الدولة العثمانية منهيا أي أمل للتقدم الأوربي باتجاه ما يسمى الآن بالشرق الأوسط. بالطبع لا يمكن تصور أن اهتمام المسيحيين الغربيين كان بالهند أكبر منه بالأراضي المقدسة والقدس، ولكن عندما صار الهدف الثاني ميئوسا منه لم يلجئوا إلى الشكوى والتذمر والحزن بل راحوا يستكشفون عالما لم يفكر أحد من قبل باكتشافه؛ بمعنى الكلمة بدؤوا عملا مجنونا، يبدو تماما أن انجازه مستحيل، لكنه لم يكن كذلك.
بينما كان المسلمين من عثمانيين وصفويين وحتى المغول في الهند وسهوب روسيا الجنوبية ينامون في العسل بنشوة انتصاراتهم، كان الأوربيين يستعمرون جنوب أفريقيا وأستراليا ونيوزيلندة وجنوب أميركا ثم شمالها وسهول آسيا الشمالية، هذه الأراضي التي كانت قليلة السكان حولوها إلى أراضي يسكنها أوربيين بشكل شبه تام، كما احتلوا أراضي مسكونة كبيرة كالهند واندونيسيا وغيرهما.
بعد تقدم العثمانيين نحو وسط أوربا أصبح الأوربيون المسيحيون محصورون في مساحة أقل من ثمانية ملايين كيلو متر مربع، خاصة إذا عرفنا أنه في ذلك الوقت كان الروس يتبعون للخان المغولي المسلم. ولم ينتبه العثمانيون وغيرهم من المسلمين إلا في القرن التاسع عشر تقريبا عندما كان سكان أوربا الذين كانوا يمثلون معظم مسيحيي العالم يسكنون أرضا تزيد مساحتها عن سبعين مليون كيلو متر مربع كما يسيطرون على أراضي إضافية مساحتها أكثر من عشرة ملايين كيلو متر مربع في الهند واندونيسيا وغيرها أي نحو ثلثي اليابسة باستثناء القارة القطبية الجنوبية والتي هي الأخرى مع البحار والمحيطات كانت تحت سيطرتهم من الناحية الفعلية.
حقا لقد كان فشل الحروب الصليبية والسد الذي شكلته الدولة العثمانية في وجه تقدم أوربا باتجاه الجنوب أكبر نعمة حدثت لأوربا في كل العصور. لكنها كانت نعمة كبيرة لأنهم لم يظلوا يصرخون ويبكون كما فعل ويفعل العرب المعاصرون. هل من الصعب أن نتصور إلى أي حد يعتقد المسيحي الكاثوليكي وريث الإمبراطورية الرومانية أن القدس والأراضي المقدسة هي حقه الشرعي غير القابل للنقاش؟ هذه الأراضي ظلت لسبعة قرون جزء من الدولة الرومانية وفيها ومن بين مواطنيها جاء المسيح وكل تلاميذه، وفيها انتشرت المسيحية لتتحول في النهاية إلى دولة مسيحية، حدث كل هذا بينما روما هي العاصمة. كيف يمكن أن يقتنع الكاثوليكي الاسباني أن العرب الذين جاؤوا من الحجاز بدين جديد أحق منه بهذه المقدسات والأراضي! لكنه لما لم يستطع إليها سبيلا تركها وجاوزها إلى غيرها فإذا به يحقق المستحيل.
إلى متى سيظل العرب والمسلمون يبكون على ما ضاع بينما هم يضيعون في بكائهم هذا الحاضر والمستقبل والى الأبد؟





#محمد_شرينة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحرير جسد المرأة بل أجساد النساء والرجال
- حيرني البوذي
- أنا والله
- الضمير والشبق؟
- المسلمون والغنائم
- تقييد حرية المرأة الجنسية
- أهدى الشرائع
- حية في الشتاء
- في المحطة الأخيرة
- حتى لا يموت الإسلام
- الله امرأة
- المرأة الناقصة
- نحن الخالدون
- شبق السماء
- قتل الأنثى وتدمير المثنوية
- لقد عشت لمدة مائة عام
- المسلم الملحد - صعوبة التحرر من التفكير الشمولي
- البهاء الخلاب
- الزانية والزاني
- زانية وأفاك


المزيد.....




- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد شرينة - العرب والطيران