أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الصگار - سبعة ملائكة وشاهدان .. ملامح من أفراح العيد















المزيد.....

سبعة ملائكة وشاهدان .. ملامح من أفراح العيد


محمد سعيد الصگار

الحوار المتمدن-العدد: 3131 - 2010 / 9 / 21 - 03:52
المحور: الادب والفن
    


منذ سبعة وسبعين عاماً‮ ‬حافلة بالتموجات الصاعدة والنازلة،‮ ‬العاصفة والمتأنية،‮ ‬الخائبة والناجحة،‮ ‬والمتواصلة منذ أن أبصرت نور الحياة إلى اليوم؛ لم أشهد فيها مثل هذا العبد الذي‮ ‬هو أسعد الأعياد في‮ ‬ذلك الشريط الطويل المحتشد بالمفارقات والأوجاع والقلق والتوتر والخوف والإنتظار وضغط الدم والديون،‮ ‬وحلاوة السكري،‮ ‬وتعثر الخطى،‮ ‬واتسداد الأوردة والأرزاق‮.‬

هذا العيد كان ذا وجه أبهى جمعنا لأول مرة بسبعة من الشياطين،‮ ‬هم في‮ ‬الحقيقة سبعة ملائكة،‮ ‬ثلاثة منهم أبنائي،‮ ‬وأربعة منهم أحفادي.
‬وكان ضجيج الأحفاد وفرحهم‮ ‬يأتي‮ ‬كأعذب ما أسمع من أصوات،‮ ‬أنا الذى أحتاج دائماً‮ ‬إلى الهدوء والصفاء،‮ ‬وأنتقي‮ ‬لما أسمع أنقى الأصوات وأصفاها،‮ ‬وأنقلها من ذبذات الصوت إلى ذبذبات القلب‮. ‬وإذ كان للإحفاد مدارهم من الفرح،‮ ‬كان للأولاد مدار آخر في‮ ‬الحوار والتأمل ومتابعة سياق الحياة،‮ ‬واختلاف الآراء واتفاقها‮.‬

بين موسيقى شوبرت الذي‮ ‬أحبه ومونولوجات عزيز علي‮ ‬وميانات‮ ‬يوسف عمر،‮ ‬وضجة الأحفاد الني‮ ‬يختلط فيها الضجيج وأصوات اللعب الألكترونية والصياح المفرح بتغلبهم على حل ألعابهم،‮ ‬مسافة ليست متنائية،‮ ‬لأنها،‮ ‬كلها مفاتيح للفرح الذي‮ ‬أجلناه وقتاً‮ ‬طويلاً،‮ ‬وها نحن اليوم في‮ ‬مهرجان ضم سبعة من ملائكة الشياطين،‮ ‬تسندهم الحاجة جدتهم وأنا‮.‬
في‮ ‬الحقيقة،‮ ‬ليست للأفراح مواسم،‮ ‬ولكن للعيد فرحة ذات نكهة خاصة،‮ ‬استمتعت بها هذا اليوم بأكثر مما استمتع بها الأولاد والأحفاد‮.‬

ومع أن أحفادي‮ ‬لا‮ ‬يحسنون من العربية‮ ‬غير عبارة‮ (‬عيد سعيد،‮ ‬وجدو،‮ ‬وبيبي‮)‬،‮ ‬فهم بين فرنسيين ويابانيين، كانت اللغة الأسمى هي‮ ‬لغة الفرح الذي‮ ‬أشاعوه لنا في‮ ‬هذا اليوم المبارك‮.‬

الجدة‮ ‬غادرتنا ليلة البارحةا بعد منتصف الليل لتنعم بقسط من الراحة بعد عناء‮ ‬يومين في‮ ‬إعداد مستلزمات المائدة من الكليجة وكبة الحلب والمعجنات وأصناف الأسماك التي‮ ‬تهالكنا عليها وكأننا لم نذق مثلها؛ وكان مذاقها مختلفاً‮ ‬فعلا،‮ ‬بين رنين ملاعق الشاي‮ ‬والحلويات،‮ ‬والتعليقات التي‮ ‬هي‮ ‬أشهى من كل ذلك‮.‬

حين‮ ‬يحيط بك سبعة ملائكة من صنف الشياطين،‮ ‬يتوغلون إلى عمق أعماقك ويمنحونك هذه البهجة الصاخبة،‮ ‬ماذا تريد أكثر من ذلك‮.‬

مغفور لأيامي‮ ‬كل ما مر‮ ‬بها من مرارة وعناء جاءني‮ ‬بهذه الفوضى الخلاقة،‮ ‬والضجيج والفرح الطافح من الأحفاد‮.‬

كان هذا العيد‮ ) ‬2010‮(‬أجمل أيامي،‮ ‬وربما آخرها؛ وهو جدير باعتزازي،‮ ‬فما زالت أصواتهم تتموج في‮ ‬أرجاء المرسم والبيت،‮ ‬وفي‮ ‬حنايا القلب‮.‬

هذا الوهج الذي‮ ‬يشيعه الأحفاد بفرحهم‮ ‬وضوضائهم هو خلاصة العمر،‮ ‬وصفوة ما تبقى لدينا من الرحلة الطويلة،‮ ‬وهو،‮ ‬بعد، حصيلة تلك الإيام القاحلة التي‮ ‬مرت بنا،‮ ‬وهي‮ ‬اليوم من متاع الذاكرة الحميم.

لا أريد أن أفلسف المعاني‮ ‬الإنسانية والدلالات المعنوية لهذه الممارسات،‮ ‬فهي‮ ‬من تحصيل الحاصل الذي‮ ‬يعرفه الجميع،‮ ‬ولكنني‮ ‬أردت أن أشير إلى قدرتها على تعطيل الألم،‮ ‬وتأجيل اللوعة مما نصادفه من أوجاع‮.‬

ميلان وتيو وياسو‮ (‬الكسندر‮)‬،‮ ‬ووائل الذي‮ ‬نسميه‮ (‬واوي‮) ‬الذي‮ ‬هو شيطانهم الأكثر إمناعا بما لديه من‮ ‬طرائف وحذلقات ومقالب بسيطة تنقلنا إلى عالم البراءة والصفاء‮.‬

أكثر ما لفت انتباه الأحفاد في‮ ‬هذا العيد هو تلك‮ (‬العيدية‮) ‬التي‮ ‬عمرت جيوبهم،‮ ‬وراحوا‮ ‬يحصون قيمتها،‮ ‬فهم لم‮ ‬يعتادوا على الهدايا النقدية،‮ ‬وإنما على الهدايا المتمثلة بالألعاب والكتب والأزياء وألعاب الكومپيوتر،‮ ‬أما اليوم فهم أثرياء مع هذه الخردوات الجديدة على تجاربهم‮.‬

للأحفاد نكهة حياتية تختلف عن نكهة الأولاد لكونهم‮ ‬يضاعفون فرحة الوجود التي‮ ‬خبرناها مع الأولاد قبلهم،‮ ‬مع جرعة إضافية من الحنان والفرح والزهو والأمل بجمال الحياة‮.‬

مع الأحفاد،‮ ‬نحس بالأمان والأمل،‮ ‬ونتناسى هموم الحياة ومشاكلها،‮ ‬وعندما‮ ‬يغادروننا‮ ‬يظل ضجيجهم‮ ‬يملأ البيت،‮ ‬وتظل ضحكاتهم تتموّج في‮ ‬أرجائه‮.‬

كل عبد وأنتم بخير‮.‬



#محمد_سعيد_الصگار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد البرنامج الوطني للمرأة العراقية
- سيناريو الرجل وقطته
- شعار الجمهورية ما شكله وأبعاده؟
- إلى قرائي الأعزاء
- الخط المصخم في التراث البريدي العراقي
- تشكيل الحكومة في‮ ‬التوقيت العراقي
- تعالو انظروا حرية الرأي
- مونديال بلا سيكارة
- فضل الله وابو زيد حضور في الغياب
- يصرياثا بالإنكليزية
- أتعبتمونا أما تعبتم ؟!
- فلسفة الدروع التكريمية
- ناظم رمزي آخر سلالة الفن الموسوعي
- غزة نموذج عربي للنفاق السياسي
- غرفة سمير الكاتب (رواية)
- الباء تتدخل في مصائرنا
- شؤون تنحتُ‮ ‬في‮ ‬القلب
- نحو المربد السابع
- غداً موعدنا مع الغد
- الصگار في حوار مع جريدة المدى


المزيد.....




- النيابة تطالب بمضاعفة عقوبة الكاتب بوعلام صنصال إلى عشر سنوا ...
- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الصگار - سبعة ملائكة وشاهدان .. ملامح من أفراح العيد