علي فهد ياسين
الحوار المتمدن-العدد: 3127 - 2010 / 9 / 17 - 19:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أيام اللومانتيه الباريسية
في خيمة طريق الشعب .... ابتسامة الامل ودمعة الالم !!!!(الجزء الاول )
يتوافد العراقيون المقيمون في البلدان الاوربية في كل عام الى باريس الحاضنة لمهرجان اللومانتيه صحيفة الحزب الشيوعي الفرنسي الذي يستمر لثلاثة أيام ابتداءا من الجمعة الثانية لشهر أيلول لتكتظ بهم خيمة طريق الشعب في تقليد سنوي يحمل معان كثيرة لعل أهمها وأكثرها تحفيزا ووقعا في النفوس قيمة أن يكون لصحيفة الحزب الشيوعي العراقي عنوانا ثابتا في شارع جيفارا في القرية العالمية التي هي احد أهم مواقع المهرجان لانها تحتضن صحف اليسار في قارات العالم .
المهرجان الذي يتجاوز تاريخه الستة عقود يمثل أكبر مهرجان عالمي لقوى اليسار , ورغم ان احداث العصر توحي كما يتصور البعض الى أن الاهداف التي نادى بها اليسار هي في طور الانحسار , الا ان أجواء المهرجان واعداد المشاركين في احياءه تؤشر بمالايقبل الشك الى أن هذا التجمع العالمي هو أحد الادلة الشاخصة امام الانظار على أن يسار العالم يشكل هاجسا لاعداءه العارفين أصلا أنه لايموت ,والاكثر من ذلك ان دورة هذا العام بدا واضحا فيها أن هناك الكثير من الاساليب التي ينتهجها أعداء اليسار المتمثلين تحديدا بحزب ساركوزي واليمين الفرنسي للحد من تاثير المهرجان وتنامي حجم المشاركة فيه فقد منعت وللمرة الاولى استخدام السيارات الخاصة للوصول للمهرجان وقطع السير في الشوارع المؤديه اليه مماتسبب في تحمل جمهوره لمتاعب أضافية توقعت الاطراف المخططه لذلك انها ستدفعهم لعدم حضوره ,لكن مشهد الاعداد الهائلة التي ردت على ذلك بالمشي على الاقدام افشل الهدف , بل ان الادهى من ذلك أن باصات النقل التي كانت باعداد كبيرة في الاعوام السابقة تقلصت في هذا العام بشكل ملحوظ وأصبح الانتظار لجماهير المهرجان بطوابير تمتد لمئات الامتار بانتظار الباصات هو المشهد التقليدي لايام المهرجان .
ضاحية لابورجيه .... موقع المهرجان
يقام المهرجان في موقع المعرض الدولي للطيران وابحاث الفضاء في ضاحية لابورجية شمال شرق باريس , وتبدء الاجهزة المكلفة بالعمل مع الجهة المنظمة للمهرجان قبل أيام من افتتاحه بتوفير حزمة الخدمات التي تتطلبها فعاليات المهرجان كالكهرباء والماء والهاتف ليتحول موقع المهرجان الى مدينة مؤقته تشتمل على مايقرب من400 خيمة موزعة على مخطط للشوارع الرئيسية والفرعية تحمل اسماء لقادة الفكر اليساري في العالم , وينتشر في كافة أرجاء الموقع متطوعون يقدمون خدمات الدلالة والارشادووالمساعدة لجمهور المهرجان المتعدد الاعراق واللغات والاعمار طوال ايام المهرجان .
الهدف السياسي للمهرجان ومسانده الثقافية والفنية
اعتمد المهرجان منذ تاسيسه هدفا سياسيا واضحا هو العمل المشترك لقوى اليسار المناضلة من اجل حياة افضل لشعوبها المستهدفة من القوى الرأسمالية المتمثلة في تحالف راس المال مع الحكومات الوارثة لاجندات الاستعمار القديم والمنفذة لاشكال الاستعمار الجديد من تجار الحروب المطلقون لشعارات التصدي للارهاب وهم صانعوه .
مساند هذا الهدف السياسي ورافعته الاساس هي الثقافة بكل اشكالها , لانها الخندق الاخيرالذي لاتقوى كل اساليب الراسمالية وأجنداتها على لي عنقها المستمد عنفوانه من امال الشعوب وتطلعاتها لغد افضل تقف فيه مالكة لثرواتها وبانية لبلدانها بطرق لاتتحقق فيها للرأسماليين اهدافهم في نهب الثروات وزيادة معدلات الجوع وانتشار الامراض وتطوير الاسلحة .
منذ الساعات الاولى للمهرجان وحتى ساعاته الاخيرة تعقد مئات الندوات السياسية واللقاءات الثقافية والانشطة الموسيقية التي تنطلق فيها الاف الالحان المعبئة بثقافات الشعوب واساليبها الخالقة للبهجة والمحفزة لجماهير المهرجان للتفاعل مع انغامها العذبة وكأن الجميع متوحدون في تعميم ثقافة الالفة والمشاركة الايجابية الراسمة لاجمل الابتسامات والقهقهات الصادحة في الاجواء وكأن هذه الالاف التي تغص بها شوارع المهرجان تعرف بعضها بعضا بالرغم من اختلاف اللغة والعمر واللون في مشهد لايمكن وصفه مهما اجتهدنا في توضيح مفرداته,أضافة الى أن المهرجان يوفر للجميع فرصة تقديم تراثها في الصناعات الحرفية والمشغولات اليدوية الى جانب الاطعمة والمشروبات التي تجتمع في طبق عالمي لايوفره اي مهرجان اخر في كل قارات العالم .
خيمة طريق الشعب .... خيمة العراق
في شارع أبن الشعوب , الثائر الخالد جيفارا تنتصب خيمة طريق الشعب الحاضنة لابناء العراق القادمين من مختلف البلدان الاوربية وهم على موعدهم السنوي المعتاد منذ اكثر من ثلاثة عقود ,
يشكلون خلية نحل في العمل والحوارات والانشطة التي تبدء في العراق وتنتهي اليه , من مدن العراق وقراه ,من جنوبه وشماله من شرقه وغربه ,أجيال بتدرج اعمارها فاتحة قلوبها لبعضها ,راسمة صورة ولا أروع لحقيقة العراقي المحب لوطنه تلك المضببه في وسائل الاعلام ذات الاجندات المفضوحة منذ سقوط الدكتاتورية ,فرسان العمل في الخيمة يتوزعون على منافذ بيع الاكلات العراقية يعاونهم الكثير من المتواجدين في الخيمة وكأن الجميع تحت الطلب , الهاجس المشترك هو خيمتنا التي لااعز منها ولا اقرب للقلب وكل زائر جديد يشعر أن اجمل ما فينا روحنا الجماعية , يغيب البعض لظروفهم لكنهم لايغيبون عن ذاكرتنا في الاحاديث وحلقات الحوار والاستذكار , نطلق ضحكة هنا ونسقط دمعة هناك وقاسمهما المشترك الوطن ذاك الذي نحمله معنا مذ وضعنا قدما خارجه.
أول الانشطة أدمت القلوب !!!!
في اليوم الاول للمهرجان وفي تمام الساعة السادسة مساءا قدم الدكتور كاظم المقدادي الناشط
المعروف في مجال البيئة و القادم من السويد محاضرته القيمة حول الاضرار المترتبه من استخدام القوات الامريكية لذخائر اليورانيوم المنضب المحضور عالميا في حربيها ضد العراق , لقد كان مقررا أن يقدم المقدادي المحاضرة أمام الجمهور الفرنسي في أحدى القاعات الكبيرة التابعة للحزب الشيوعي الفرنسي لكن ذلك لم يحصل , وقد برر الشيوعيون الفرنسيون اعتذارهم بوجود مصاعب حالت دون ذلك !! , لذلك قررت اللجنة القائمة على خيمة طريق الشعب تقديم المحاضرة في الخيمة ,حضر المحاضرة جمهور الخيمة وعدد من الفرنسيين من ضمنهم عضو لجنة العلاقات الخارجية للحزب الشيوعي الفرنسي .
بالرغم من ان تقديم المحاضرة في الخيمة لم يرافقه عرض للصور المتحركة الا أن المقدادي ومن خلال الاحصائيات والصور الفوتوغرافية التي عرضها على الجمهور أوصل للحاضرين الخطورة المرعبة التي تحيط بحياة العراقيين جراء استخدام ذخائر اليورانيوم من قبل القوات الامريكية في الحربين الاخيرتين , وشدد على أن السبب الرئيسي لعدم اعتراف البنتاغون بذلك هو مايترتب على اعترافه من تعويضات مالية هائلة وادانة دولية , وقد أشار الدكتور المقدادي الى ان هناك جبهة العلماء والباحثين والناشطين البيئيين المدافعين عن حقيقة التاثير المدمر للاسلحة والذخائر التي استخدمت في العراق ونتائجها الكارثية على كل الانشطة الحياتية ليس فقط في العراق وانما في كل العالم وبين جبهة المروجين لطروحات البنتاغون ومع الاسف من ضمنهم باجثين علميين وعلماء معروفين من الذين يحاولون التستر على نتائج استخدام تلك الاسلحة , كما تطرق الدكتور المقدادي الى تعرض علماء ومختصين كانوا يعملون مع القوات الامريكية واعلنوا بعد ذلك شهاداتهم التي تؤكد أضرار هذه الذخائر , تعرضهم الى التهديد والتحجيم من قبل البنتاغون وقد عرض صور بعضهم تاكيدا للحقيقة ,
وبعد انتهاء المحاضرة بساعة عاد عضو لجنة العلاقات الخارجية للحزب الشيوعي الفرنسي ومعه أحد محرري صحيفة اللومانتيه راجيا اجراء مقابلة صحفية مع الدكتور المقدادي الذي وافق على اجرائها في اليوم التالي , لقدفوجئ الدكتور المقدادي أثناء اللقاء وبحضور كادر الحزب الشيوعي الفرنسي بأن محرر اللومانتيه لم يأتي لتغطية المحاضرة والكتابة عن محنة العراقيين الناجمة عن استخدام أسلحة اليورانيوم المنضب , وانما جاء ليناقش الموضوع بلسان البنتاغون,مشككا بالعلااقة بين انتشار الامراض السرطانية والتشوهات واستخدام ذخيرة اليورانيوم , مستندا في طروحاته على تصريح للمسؤولين في البنتاغون ينفون فيه استخدام هذه الاسلحة في حرب 2003,وعندما أخبره المقدادي أن البنتاغون كان يكذب طيلة 4 سنوات بانه لم يستخدم أسلحة اليورانيوم في حرب عام 1991 الى أن كشف الحقيقة ضباط في الجيش الامريكي عانوا من أضراره,وقدم له المقدادي صور العلماء ,وعرفه بابحاثهم وبالقرائن والادلة العلمية التي تؤكد استخدام تلك الذخائر في حربي 1991 و2003 , وأرتباط انتشار الامراض الخبيثة بانتشار التلوث الاشعاعي الناجم عنها , تبين أن المحرر المذكور ليس لديه أي علم بالموضوع , ولايمتلك اي خلفية ورغم ذلك قال انه لن يكتب عن الموضوع ان لم تتوفر تحت يده كافة الابحاث المذكورة , فعبر المقدادي عن امتعاضه من طروحات الصحفي وذكره بان هناك صحف ليس لها علاقة باليسار كمجلة لوموند ديبلوماتك الا أنها نشرت العديد من التحقيقات والدراسات والمقالات التي تناولت ذخائر اليورانيوم المستخدم في العراق , ,وأنهى الدكتور المقدادي المقابلة .
يتبع
علي فهد ياسين
#علي_فهد_ياسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟