أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي شايع - سعادة العمل














المزيد.....

سعادة العمل


علي شايع

الحوار المتمدن-العدد: 3118 - 2010 / 9 / 7 - 17:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يمكن لسعادة أن تفوق سعادة إنجاز العمل وإتمامه. لأنها سعادة ضميرية كبرى يعيش الإنسان من خلالها لحظات إثبات ذاته. وسعادة العامل منتشياً، تشبّه إلى حد كبير سعادة المبدع وهو يرى ثمرة جهده ومنجزه. فالذي يحدث في كلتا اللحظتين، يشعّ كهاجس عميق من روح الإنسان ليكون علامة مضيئة على وجوده الحي؛ وجود العمل، بقائه حتى بعد فناء الجسد، بقاء يفوح عطاءً سيقول من يمرون عليه (هذا الأثر).

مثل هذه السعادة غائبة عن العامل أو الموظف الذي يفترض إن صراع وجوده في الحياة الوظيفية مرهون بمرور الزمن ومماشاته كيفما اتفق، بين اليوم الأول من الشهر وبين يوم إستحصال الراتب، وبين ساعة العمل الأولى المهدورة غالباً تحت طائلة الأعذار ونهاية الدوام. فمثل هذا الشخص يختان نفسه، وأحيانا دون ما يستحق من مقابل، فوقته المسروف هدراً وبطراً، ربما ينفقه في أشياء لا جدوى فيها، معطلاً في الوقت عينه عملاً ضرورياً هو جزء من سياق الدولة وهيكلها، ولنتخيّل هذا الهيكل والمبنى كعمارة هائلة يشكلّ كلّ منا حجراً فيها، فكيف ستتضعضع لو أنسحب بعضنا بأحجاره عنها، وربما ينتفي وجود تلك البناية بالكامل لو توافق أوان انسحاب الجميع في ذات الوقت.

سعادة العمل تعني متعة العطاء..متعة أن لا تشعر بعبودية الانصياع والالتزام بثقل الواجب، بقدر تحرّرك الإنساني بما تهبه من نفسك، وهو بالنتيجة مقابل أجر معلوم. هذا ما قالته فلسفة الحياة الحديثة الأجمل، وليس بعض الفلاسفة الذين كانوا يضعون فواصلاً بين الإنسان العامل وبين محيطهم الفلسفي وإدراكهم الخاص، فها هو الفيلسوف سينيكا قديماً يجد أن العمل اليدوي محتقر ولا يرقى بصانعه إلى الفكر، وهي فلسفة بقيت قيد صراع أزلي حتى عالجتها الديانة المسيحية التي وصفت الخالق بالصانع اليدوي الأول، لترقي بوعي وذائقة العامل؛ أي نشدان الكمال. ومهما كان توجه هذه الفلسفة الديني فأنها سعادة سندركها في معظم الديانات الإنسانية التي يكون فيها الإنسان البسيط محور الوجود وركيزته.

سعادة العمل يمكن إدراكها وتنميتها في نفوسنا جميعا من خلال الإطلاع على تجارب الآخرين ورؤية تفاعلهم مع الحياة، وهنا لا بد لي أن أذكر ما طالعته من ألق جم يستحق القراءة والتأمل في كتاب مذكرات المهاتما غاندي الموسوم(قصة تجاربي مع الحقيقة) ، وكيف عمل غاندي في جنوب إفريقيا مدافعاً عن حقوق عمال الزراعة (الهنود والبوير) العاملين في مزارع قصب السكر، وكيف كان ينمي فيهم حب هذا العمل رغم ما فيه من عبودية واستنزاف للكرامة.
ذلك الرجل الذي ربما نملك في تاريخ منطقتنا عظماء مثله، ولكننا نحتاج بالفعل إلى من ينطلق بسعادة العمل الجماعي، بمثل روحيته وإصراره. رجل أراد صادقاً توحيد الجميع في بلاد حكمها لاحقاً فقيراً معدماً، وكان يصرّ على أن يبقى الجميع في حرية طقوسهم، كان يقول إن سعادة الدين الذاتي هو القناعة بعمل الخير، لهذا التف حوله في مجتمعه (الغاندوي) مجموعة عاشوا ودرسوا وعملوا معاً وفق مبادئ التسامح. فيهم المسلم والمسيحي والهندوسي، وسنرى من خلال تلك المجموعة، الغاية الإنسانية في تشجيع بعضهم البعض على التمسّك كل بديانته، دونما حث على تغيير أي ديانة، أو احتقار طرف لطرف. إنها سعادة العمل..سعادة جامعة.. سعادة الألفة، وسعادة العمل السياسي، وسعادة اجتماعية، و دينية، ما أحوجنا إليها..أقول هذه الكلمات وأنا أقبل ذكرى غاندي(في مذكراته) مدركاً سعادة عمله المستحقّ للإشادة.

[email protected]



#علي_شايع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في العراق..كلّنا طبيب نفسه!
- كتابة للنسيان
- إرهاب الدواء في العراق!
- طائر التمساح!
- جدل بيزنطي
- المعارض الايجابي
- المحكمة الإعلامية
- خطوات لتحجيم القاعدة
- آثار المسؤول
- عمّاتهم وعمّاتنا
- نجوى العاطل
- محو العماء
- دموع السياب
- احذر إخوتك يا يوسف
- الأرملة السوداء..مقال في ذم الأم!
- تصانيف النهب
- حق عراقي مغصوب بالتقادم
- دور نشر سودانية، والقراء في الأردن!
- سؤال إلى ضمير عربي
- على الطريقة الفرنسية!


المزيد.....




- ضباب داخل الطائرة؟ خبراء يشرحون سبب تشكله
- أحدثهم ستيف بانون.. لماذا ينتهي المطاف بكثير من مساعدي ترامب ...
- قبل يوم من انتهاء المهلة.. لا تغييرات بخطط غانتس للاستقالة م ...
- سوناك يعتذر لعدم حضوره كافة مراسم إحياء ذكرى إنزال النورماند ...
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط صاروخا أوكرانيا من طراز -نبتون- ...
- موسكو تحذر من عواقب أي هجوم على بيلاروس وتتهم أوكرانيا باسته ...
- ترامب يبحث عن نائب له.. من هم المرشحون المحتملون؟
- حلقة جديدة في سلسلة زلات بايدن .. الرئيس الأمريكي يقول إن إس ...
- عشرات القتلى في الخرطوم وشجب لمقل أكثر من مئة في ود النورة
- بلينكن سيزور إسرائيل بينما تنتظر الولايات المتحدة رد -حماس- ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي شايع - سعادة العمل