محيي المسعودي
الحوار المتمدن-العدد: 3102 - 2010 / 8 / 22 - 08:57
المحور:
الادب والفن
المقامة الاولى " الصعفصار "
كتبها محيي المسعودي
حدثني رجل يدعى الصُعْفَصار من ولاية الفيْحدار التابعة لامبراطورية السَيْسَعار قال : كان بيننا رجل حصيف , دمه خفيف , وهو يدعى الشريف . كان لسان قومي في الحوار , ودليلهم الى صواب القرار . وقائدم في الضِمام , وضوء دربهم في الظلام , وحارسهم من خلف وقدّام . واكمل الصعْفصار حديثه يقول : ذات يوم اضعنا الدرب في القفار , واختلفت رواية الاخبار فوجدنا قائدنا اعمى البصر والبصيرة , تحيط به زمر السوء والرذيلة , يأكلنا احياء واموات , ويطعمنا بعد جوع فُتات , فثرنا عليه , ورفعنا عن الحكم يديه , مستبدلين اياه, بآخرين سواه, ظنناهم رعاة صالحين . وقادة محنكين وحاكّاما عادلين , ولكنّا وجدناهم اراذلا رعاعا , في عيشهم لوكاعا , في نفوسهم تعشعش الوضاعة . ولات ساعة ندم , فقد سبق السيف القلم , واستطرد الصعفصار يقول : فجأتُ اسأل الشريف الحصيف , عن حالنا المخيف , وما لحقني وقومي من التجديف , ممن كانوا, نكرات فعرفناهم , وكانو عبيدا فحررناهم , وكانوا محكومين فحكّمناهم . قلت يا شريف يا حصيف .. نحن ثلة من الاخيار , تجتهد طوال النهار , في الخير والاعمار, مخلصة في العمل, عظيمة الامل , حريصة على رقي البلاد , وعزة العباد , صادقة اذا تحدثت , عادلة اذا تسنمت ,. لكننا اليوم ياسيدي الشريف , امسينا ثلة منبوذة , اقوالها مردودة , جهودها مفقودة . اراذل القوم صاروا يأمرونا .وان قلنا لا وبّخونا , يهبون العطايا لذويهم وتابيعيهم , ويمنحون شهادات الشرف والتقدير, لكل متملق حقير , يكافؤون الوضيع , والتابع المطيع , فينزعون عليه سمات الترفيع , فيسمو امام الناس , وهو غاطس في الخناس , امّا نحن الثلة المخلصة , الساهرة على بلدها تحرسة , يرموننا بالمعايب , ويحملوننا المصائب فنحصد التوبيخ والانذار , والتهميش والتقريع والاخطار , فكيف لنا ان نعيش ؟ ونحن طيور ينزعون عنها الريش , وكيف نواجه من منحوه الشهادات والاوسمة , وحكّموه بنا ظلما ومظلمة , فسمى تولي امرنا حقا ومغنمة ..... تنهد الشريف وقال : اذا اكرمك اللص اهانك , ودلل على وضاعة مكانك , فلا يكرم اللص شريفا , لان ماله ليس نظيفا . فاعلم يا صعفصار, اذا حكم اللص او اللئيم , في بلد عظيم , وعلى ارضه كان النعيم , فان عطاياهم حرام , ومن ياخذها ملام , بل سيصير شريكهم في الظلم والظلام , لان ما يعطوه , قذارة , من ياخذه يوسخ داره , وان تكريمهم لاي كان , بشهادة او عنوان , انما يعني سبا للمُكرم , ودليلا انه اجرم , فلا فرق بينه وبينهم, الّا انهم خنازير , وهو لجلودهم مستعير , فهل تريد ياصعفصار , ان تكون تابعا وضيعا , ام سيدا رفيعا , اذا اردت الاولى , انزع عنك كرامتك , وتخلى عن حريتك , والبس ثوب ذلّ . وانزل عن علٍ , انما يستعبد المرؤ في حاجته , ويضيع بلجاته , فلا تكن لجوجا في الظنك , ولا طامعا بما ليس لك , تعش ابدا , شريفا سيدا ,
#محيي_المسعودي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟