أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باهي صالح - الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (الجزء الخامس)















المزيد.....

الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (الجزء الخامس)


باهي صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3089 - 2010 / 8 / 9 - 22:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نأتي الآن إلى القرآن و السّنة و هما الدّعامتين الأساسيتين لدين الإسلام.

إشكاليّة فقهاء الإسلام اليوم هي حاجتهم الملحّة لتجديد و تلميع و تحديث و توسيط التّعاليم الدّينيّة إزاء معطيات و مستجدّات العصر الحديث...إشكاليتهم هي مواءمة و مطابقة القوانين الفوقيّة مع المستحدثات الأرضيّة...إشكاليتهم أنّ دين الإسلام اليوم أصبح يصرخ بحاجته إلى ما يسمّى The updating أي بالعربي التّحديث أو التّوليف مع ما يستجدّ و يطرأ في الحياة العصريّة...

إنّها دون شكّ مهمّة ثقيلة و غاية في الأهمّية أُضيفت على مضض و دون سابق إنذارإلى مهمّة التّدجين الأساسيّة لمجموعة لامعة من المشايخ لمواصلة سيطرتهم على القطيع و إبقائه داخل الزّريبة و ضمن حدود السّياج المرسومة طائعا مختارا....!
هذه المهّمة الجديدة حملها أولئك المشايخ رغم علمهم بالمخاطر المتوقّعة و رغم وعيهم و درايتهم الكاملة بدرجة المخاطرة المتضمّنة فيها، لكن تلك تُحسب من مخاطر مهنة المشيخة كما نعلم الّتي هي مصدر رزقهم و أكل عيشهم...!

من الإجحاف أيضا أن نلوم المشايخ و علماء الدّين الّذين ورّطتهم الحاجة إلى الاسترزاق و الإبقاء على لقمة العيش...من غير المنصف أن نلومهم و نحمّلهم فوق ما يطيقون خاصّة و أنّهم و بلا رغبة أو قصد منهم وجدوا أنفسهم فجأة بين مطرقة الدّين و سندان الحياة المعاصرة...!

لعلّ أكبر تحدّي للمشايخ اليوم عو ما عرّته العلوم و منجزات التّكنولوجيا من آفاق و حقائق علميّة، و ما أتاحه و وفّره سيل المعلومات و سهولة الاتّصال من معرفة، في السّابق كان رجال الدّين يحتكرون الميراث الدّيني و يعملون على تقديم جرعات محسوبة للعامّة تبقى في نطاق ما يريدونه و ما يوافق هواهم و متطلّبات عيشهم و انسجامهم مع عقيدتهم لا أكثر و لا أقلّ، و يتركون عن عمد القضايا و المسائل الشائكة و الّتي تتعارض شكليّا وضمنيّا أو الّتي تبدي تنافرا يصعب إنكاره أو عدم انسجام قد يُحدث التّساؤل و يثير البلبلة في أوساط النّاس مثل/ قضيّة الاستعباد، و حقيقة ما كان يفعله الرّسول و أصحابه في غزواتهم تجاه الكفّار و اليهود و النّساء و المخالفين و المعارضين، و قضيّة علاقة المسلم بالآخر غير المسلم، و قضايا أخرى كثيرة جعلتها في أيّامنا هذه وسائل الاتّصال الحديثة تطفوا على سطح الأحداث و تتعرّى سوءاتها أمام سمع و بصر العالم لتصنع مشهدا غاية في التناقض و عدم التّجانس يصل حدّ الغرابة و الهبل دون أن يملك رجل الدّين لها صدّا أو منعا...!

بالنّسبة لميراث السّنة (الأحاديث النبويّة) فيمكن للمجدّدين و المحدّثين من رجال الدّين إن ألزمتهم الظّروف و ضرورات الحياة العصريّة أن يعيدوا غربلته و أن يعدّلوا فيه و يسقطوا منه ما شاءوا من الأحاديث الّتي تناقض الحقائق العلميّة و مستجدّات العصر، و لكن ماذا في إمكانهم أن يفعلوا تجاه كلام اللّه (القرآن)...؟!

نعم يمكنهم ليّ و خبز و مطّ و عصر معانيه و ألفاظه و آياته و تحميل لغته أحمالا زائدة بغرض تجنيسها و موالفتها و تطويعها ضدّ التّعارض و التّنافر و لكن هل يمكنهم إنقاص أو إضافة و لو كلمة واحدة منه...؟!، و هنا تكمن إشكاليّة النّص المقدّس في الّدين الإسلامي بالنّسبة للمشايخ إزاء محاولاتهم المستميتة و اليائسة في تكييف الدّين و معطيات العصر الحديث...!

لن يجدوا حلاّ جذريّا و مقنعا لهذه المعضلة إلاّ بالدّوران مرغمين في دائرة مغلقة من الأسلوب المفضوح إيّاه من العجن و اللّت و اللّي و العصر لمواجهة يائسة و بائسة كما قلنا ضدّ ما يبرزه و يكشفه توالي الأزمان من التّعارض و اللاّموضوعيّة....!

و لكي أتمكّن من إيضاح فكرتي للقارئ الكريم فإنّي أسوق بين يديه هذه الحكمة الشّعبيّة السّائدة عندنا و هي أنّ أحدهم صاح في وجه صاحبه قائلا لمّا رآه يلعب بالحبل في مجرى النّهر" الحبل ضاع..الحبل ضاع يا صاحبي ...؟!"
فردّ عليه الثّاني واثقا" لا تقلق يا صاحبي فرأس الحبل بيدي...!"

قبل الفضائيات و الانترنت كان الإسلام الحقيقي لا يوجد إلاّ بين طيّات و صفحات الكتب و كان من الصّعب مثلا حتّى على الدّارسين و الباحثين على المعرفة الحصول على أجزاء من الصّحيحين لمسلم و بخاري فما بالك بالعامّة و القرّاء العاديين...كانت الجرّة كلّها و ما حوته بين يدي المشايخ لوحدهم يُظهرون منها ما يوافق هوى و رغبة المؤمنين و يخفون ما يشتّتهم و يدخل الشّكوك في روؤوسهم...
و كانت وزارات التّعليم بدورها في أغلبية البلدان الإسلامية تخصّ تلامذتها و طلاّبها بجرعات محسوبة و مدروسة من مواد التّربية الإسلاميّة و كانت تتعمّد غربلة تلك المواد من عقائد مدمّرة مثل عقيدة الولاء و البراء و من الآيات و الأحاديث الّتي تحضّ و تدعوا إلى العنف و كره الآخر و الإبقاء قصدا على آيات و أحاديث و قصص تدعو و تربّي النشء على التّسامح و الإحسان و الرّفق بالحيوان و طاعة الوالدين و إكرام الجار...إلخ

من كان يسمع عن فتوى رضاعة الكبير الّتي أصابت موجتها الصّادمة و اكتسحت كلّ العالم الإسلامي و إلى الآن لا زال أكثريّة المسلمين ينكرونها و يزعمون أنّها كذبة ملفّقة، بل أنّ عددا من علماء الدّين أنفسهم حاولوا عبثا تبريرها و الالتفاف حولها و تزيينها و اللّعب على أراجيحها بمختلف التّأويلات و التّوصيفات الغبيّة المضحكة رغم أنّ القصّة صحّت عن عائشة أمّ المؤمنين و لا مجال لدحضها أو تكذيبها أو حتّى تزييف مدلولها و مغزاها...!

في سنوات السّبعينات من كان يسمع أو يعرف عن الحجاب و النّقاب و اللّحية و التّقصير في كثير من الدّول العربيّة و الإسلاميّة باستثناء بعض دول الخليج...؟!

نحن مثلا في شمال إفريقيا صحيح كنّا نصوم و نصلّي و نحجّ لكن الرّجال لم يعرفوا أهّمية اللّحية و تقصير الثّوب و المباعدة بين السّيقان في الصّلاة و ملاحقة المصلّين و إزعاجهم بمناكبهم و أقدامهم طبقا للحديث"سدّوا الفرجات...!" أمّا الفتيات فكنّ لا يعرفن الحجاب و كنّ متحّررات يدخلن و يخرجن للدّراسة و العمل بألبسة عصرية و محلّية و هنّ كاشفات عن رؤوسهنّ...إلى أن بدأت الكتب و الأشرطة السّمعيّة تنهال على بلداننا و إلى انفتح الفضاء للقنوات الدّينيّة بلا رادع أو مانع حينها عصفت بنا رياح التديّن من كلّ جهة فلم تبقي من عقولنا و لا من أزياءنا و لا من كلّ شؤون حياتنا و لم تذر..!

أي أنّ المشايخ فقدوا و أضاعوا رغما عنهم رأس الحبل و انكسرت الجرّة وانكشف و تفرّق محتواها بين النّاس جميعا و وجدوا أنفسهم أمام تحدّي المخاطرة للقيام بمهمّة المُجانسة و المواءمة و التّفليل إلى أقصى قدر ممكن من درجة الاحتكاك و التّعارض الّتي يُحدثها عدد هائل من كلّيات الإسلام و جزئياته دون أن يتردّدوا في استخدام ما وسعهم و ماقدروا عليه من الطّرق و الوسائل الممكنة و غير الممكنة قصد خلق الإيهام بالتّجانس و رغبة في التّمويه عن التّعارض بهدف الحفاظ على توازن الأمّة على حبل الدّين و ابقاءه ثابتا قويّا بأيّ وسيلة و بأيّ ثمن بعصا الوسطيّة و بطربوش نبذ التطرّف و الغلوّ أمام إعصار الحقائق و تيّار المعرفة و المعلومات الجارف الّذي أتت به ثورة الاتّصال غير المسبوقة...تراهم يواظبون باستماتة و جلد على تكييف التّعاليم السّماويّة مع مستحدثات العصر الحديث...و لكن يبقى أمامهم مشكل عويص يصعب حلّه و المرور فوقه و هو مشكلة النّص المقدّس أي النّص القرآني على عكس الحديث النّبوي الرّكيزة الثّانية للإسلام الّتي تترك للمشايخ فرصة الحركة في كلّ الاتّجاهات و تمّكنهم بأريحيّة نسبيّة من المراوغة و الإفلات بما استحدثوه فيها أي الأحاديث النّبويّة من (علوم..!) تسمّى جرح و تعديل و قياس و ترتيب ثمّ تصنيفها و تقسيمها إلى صحيح و ضعيف و موضوع و حسن و مرسل و متّصل و منقطع...إلخ بحيث يمكن لأيّ رجل دين أن يحاجج عند حدوث التّنافر و التّعارض بأنّ الحديث ضعيف أو موضوع أو غير صحيح أو أنّ الحديث اختصّ بواقعة أوحادثة بعينها و هكذا...!

أمّا القرآن الّذي لم يسلم بدوره من تهم التّحريف و الزّيادة و النّقصان أثناء و بعد جمعه إلاّ أنّه صمد في النّهاية بسخته الحالية كنسخة أصليّة مصدّق عليها لغويّا و تاريخيّا طبقا لمشيئة اللّه بحفظه في اللّوح المحفوظ باعتباره كلمته المباشرة لنبيّه، فمن الصّعب الطّعن في صحّة آياته و تواترها و إن اجتهدوا في ليّ و عجن مدلولاتها و انتزاعها من سياقها و من معانيها الحقيقيّة لزوم الهروب أو التّعمية أو التّمويه عن حقائق تربكهم مثل سطوع الشّمس المفاجئ...!

النّص المقدّس يستعبد العقل و يتمادى في استغباءه و الاستخفاف بقدراته ليس لسموّ النّص المقدّس أدبيّا أو فنّيا أو معرفيّا أو تركيبيّا و إنّما لاستماتته في الادّعاء أنّ مصادره إلهيّة فوقيّة، و ليس هناك من يقتل فعّالية و أداء العقل أكثر من النّص المقدّس كما يفعل مثلا القرآن في عقل المسلم فهو يستعبده و يعطّل قدرته على التّفكير و يدعوه في نفسه الوقت إلى التفكّر و التدبّر...؟!

"إنّا نحن أنزلنا الذّكر و إنّا له لحافظون" تعني الاتّساق مع خطّ مستمرّ لا ينقطع من الخلود و التّحدّي و الرّفعة يفوق الإنسان و قدراته العقليّة....!

و عليه فإنّ القرآن باعتباره نصّا مقدّسا يضع أولئك المشايخ في موقف محرج جدّا إزاء المسائل الّتي يشير لها أو يتناولها بصفة مباشرة خاصّة تلك الّتي تصنع تعارضا صريحا لا شكّ فيه إزاء مستحدث عصري أو حقيقة علميّة دامغة، و لكن أيضا بعض المشايخ أمكنهم الاحتجاج بالقرآن سلبيّا إزاء بعض القضايا الشّائكة الّتي لم يرد فيها نصّ تصريحي مثل قضيّة قتل المرتدّ ورغم كلّ ذلك يبقى النّص المقدّس إشكاليّة لا يمكن كسرها لأنّه يتعذّر تغييره أو التدخّل فيه أو الطّعن في مصدره الإلهي...!



#باهي_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (ال ...
- الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (ال ...
- الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (ال ...
- الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (ال ...
- بيت مسعود ( قصّة قصيرة)
- الإنسان و الأديان...!
- قيمة الانضباط في مجتمعاتنا...!
- الجزائريّون و المصريّون في مسرح الدّيكة...!
- وافق الحاكم المحكوم...!
- الخمار و اللّحية قضيّتا الجزائريين الأساسيّتين...!
- العصفور الحزين
- حكاية قبيلة بني لاهيه
- زنزانتي الخوف
- مدينتي العربيّة المسلمة....؟!
- كان لي رأي حين أبديته، ساقوا عليّ الملامة و قالوا أنت حمارُ. ...
- عقيدة الولاء و البراء هل تصلح للعصر الحالي....؟
- تيسون....
- رغم التّدليس و التّزييف إلاّ أنّ الّتاريخ لا يرحم و لا يجامل ...
- مرض التّفكير، أعراضه، علاجه و طرق الوقاية منه...!
- هل من أمل في نهضة المسلمين و المرأة عندهم عورة و شيطان يُبطل ...


المزيد.....




- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل
- إيهود باراك يعلق على الهجوم الإيراني على إسرائيل وتوقيت الرد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باهي صالح - الإسلام هو أحد أهمّ أسباب تخلّف المجتمعات الإسلاميّة...! (الجزء الخامس)