|
مرض التّفكير، أعراضه، علاجه و طرق الوقاية منه...!
باهي صالح
الحوار المتمدن-العدد: 2755 - 2009 / 8 / 31 - 17:51
المحور:
كتابات ساخرة
تُرى هل أراني أُصبت بالمرض الفتّاك الّذي أخافه و أحذره ألا و هو مرض "التّفكير"...؟!
قبل أن تبدأ أعراضه في الظّهور عليّ، كنت هانئا راضيا قانعا بل سعيدا و فرحا بنفسي و بالدّنيا...كنت أرى الحياة بألوان زاهية مبهجة، كان يملأني الأمل...و الآن...
من أشدّ الأمراض و الأوبئة الّتي يخشى النّاس عموما انتشارها و انتقال عدواها بينهم هو "التّفكير"، لذا يحذره النّاس ( بما فيهم أنا شخصيّا) و يخافونه و خاصّة فئات محدّدة منهم أهمّها/ السّاسة و المشايخ و ناس الكهنوت و الحكّام و الأثرياء و أصحاب المصالح و غيرهم كثير.....
و لذلك نراهم منذ فجر التّاريخ يحاربونه بكلّ الوسائل المتاحة و يفعلون كلّ ما في وسعهم لتشخيص الحالات المصابة و حصرها لمتابعتها بعلاجات مكثّفة و أدوية مضادّة قويّة و ربّما تصل الإجراءات في محاربته حدّ عزل المصابين عن المجتمع أو حتّى تصفيتهم تجنّبا لانتقال العدوى إلى الآخرين... و لمرض التّفكير ككلّ الأمراض الأخرى أعراض تخصّه لم تتغيّر منذ إنسان الكهوف الأوّل و هي/
- هذيان التّساؤلات و حمّى التّذمّر الملازمتان للمريض بحيث تراه فريسة دائمة لهما لا يهدأ و لا يقنع بما يراه و يسمعه ولا بما ورثه و تربّى عليه، لا يرضى و لا يكتفي بالتّعليلات و التّفسيرات و الآراء المتاحة، المتوفّرة و الموروثة، كلّ مسألة معلّبة أو قضيّة تأتيه جاهزة أو قصّة محبوكة أو موقف أو حالة تعترضه، يجد في نفسه ميلا لتفكيكها و تحليلها و تنتابه إزاءها حالة من التّشكيك و عدم الثّقة قبل أن يفهمها و تتناسب مع مسلّماته العقليّة، في الوقت نفسه تستحوذه هلوسات التّذمّر من نفسه و من كلّ شيء حوله.
- إفرازات هرمونات الرّضى غير كافية لقبول واقع الحال و بما هو كائن، بالإضافة إلى نقص واضح لأنزيم قابليّة الإرضاء، فضلا عن ذلك فلديه ممانعة مستدامة لأغلب وسائل و أساليب الإقناع بما يرجع إليه و يعتمد عليه النّاس من مفاهيم و مبادئ و مسلّمات و قوانين...
- كثير الشّكوى من محيطه و النّاس و أحوالهم ومن الحياة...لا يهدأ له بال و لا يعجبه شيء، حالات الحزن و الكآبة و الشّرود غالبة على مزاجه.
- لا يعبأ كثيرا بقائمة المحظورات و الممنوعات المبرمج عليها منذ الولادة.
- يتوهّم أنّه يفهم و يرى أشياء لا يفهمها و لا يراها الآخرون من عموم النّاس.
- لا يثق إلاّ في مصادره الشّخصيّة و طرقه و أساليبه في بحثه عن حقيقة الحالات و القضايا الّتي أمامه فهو لا يصدّق إلاّ نصف ما يسمعه و يراه دون أن يكتفي أو يرضى.
- الأشياء عنده وليدة مسبّبات و علل موضوعيّة يمكن إدراكها و فهمها بالمعرفة العلميّة.
- لا يحبّذ الغموض و لا التّعليلات الغيبيّة، و لا يقرّ بقداسة الأشخاص و الأشياء و لا بكلّ مزاعم الآخرين عن قدراتهم و قواهم الخارقة.
- لا يعترف بالمعجزات التّي تزخر بها كتب التّاريخ و التّراث باستثناء المعجزات المتحقّقة بالطّرق العلميّة المعروفة.
- له مقاومة قويّة ضدّ تطعيمات التّسليم و القبول. - إنطوائيّ، ميّال للعزلة، طباعه و أطواره في نظر النّاس و عرفهم غريبة ناشزة.
و لمكافحة هذا المرض الخببيث و الوقاية منه فقد إتّخذ الحاكمون و المسيطرون و الأذكياء و القائمون على على تسيير الموارد البشريّة و الإنسانيّة جملة من الإجراءات أهمّها/
- تطعيم الأطفال ضدّ المرض على فترات و دورات متعدّدة من دخولهم إلى المدرسة وحتّى طردهم منها أو تخرّجهم من جامعاتها.
- الاستعانة بأمصال وسائل الإعلام عن طريق التّعتيم الإعلامي و الدّعاية المضادّة.
- الالتزام بجرعات محسوبة من الشّعارات و المبادئ الشّعبويّة التّعبويّة.
- برامج مكثّفة تأهيليّة الهدف منها برمجة الإنسان على القبول بالشّيء و التّوليف بينه و بين نقيضه دون حصول تعارض أو تصادم بينهما.
- ومن أجل تحييد المرض و إضعاف انتشاره، لابدّ من حملات عدائيّة مستمرّة ضدّ العلم و العلماء و إجراءات موازية لتكريس الجهل و دعم و تقريب الجهلاء.
- وأد التّساؤلات الحاملة لبكتيريا و فيروسات مرض التّفكير في حفر عميقة و صبّ الجير فوقها قبل ردمها دون التّهاون أو التّخاذل في ملاحقة و اضطهاد المتسائلين المتكالبين أنّى وُجدوا.
- نشر و تشجيع ثقافة التّسليم و الرّضى.
- حقن العباد بحقن المحظورات و الممنوعات.
- دعم حربهم للمرض بحشو التّاريخ و الدّين بالخرافات و الغيبيات و قصص الوعيد و التّهديد.
- ربط مرض "التّفكير" بشعور دائم بالخطيئة و بوصمة التّجديف على الحاكم أو اللّه.
#باهي_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل من أمل في نهضة المسلمين و المرأة عندهم عورة و شيطان يُبطل
...
-
خسئتم مشيخة الجهل و النّفاق، فأنتم مصيبة الأمّة و بلاءها الأ
...
-
لدين الإسلام دور يصعب إنكاره أو المرور فوقه...!
-
سطور من الفصل الثّاني عشر من رواية كرة الثلج
-
هل إسلام الغالبيّة ممسوخ أم منسوخ....؟!
-
على من يكذب أمين منظّمة المؤتمر الإسلامي....؟!
-
احتقان، شغب..و سخط عامّ! الفصل الأوّل (2)
-
نعم أنا مسلم و لكن....؟!
-
احتقان، شغب..و سخط عامّ! (1)
-
مقدّمة رواية كرة الثلج الصّادرة في سنة 2006
-
تُرى هل العين حقّ أم مجرّد خرافة و ظاهرة غباء و تخلّف...؟!
المزيد.....
-
فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ
...
-
انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا
...
-
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة
...
-
الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف
...
-
حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال
...
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
-
الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم
...
-
الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
-
أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم
...
-
-جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|