أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باهي صالح - رغم التّدليس و التّزييف إلاّ أنّ الّتاريخ لا يرحم و لا يجامل أحدا...!















المزيد.....

رغم التّدليس و التّزييف إلاّ أنّ الّتاريخ لا يرحم و لا يجامل أحدا...!


باهي صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2768 - 2009 / 9 / 13 - 07:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كم من رجل و امرأة عبر التّاريخ خلّدهم التّاريخ و حوّلهم إلى مشاهير لمآثرحقيقيّة أو مفتعلة حتّى أصبح يُحتذى بهم عبر الأزمنة و العصور، و كم من آخرين أنجزوا مفاخر إنسانيّة في الآداب و الفنون أو العلوم، أو قدّموا أعمالا جليلة أو تضحيات جسام من أجل الحرّية أو رخاء الإنسان، لكنّ النّسيان طواهم فور موتهم و جعل منهم مجاهيل لأنّ التّاريخ أهمل ذكرهم ولأنّ أحدا لم يكتب عنهم شيئا...!

فضلا على أنّ العوامّ معروفون منذ القدم باندفاعهم و بتناولهم العاطفي والانحيازي و اللاّعقلاني للأحداث التّاريخيّة خاصّة عندما يتعلّق الأمر بأشخاص يعتبرونهم قدّيسون أو رموزا دينيّة عليا، فإنّ أوصياء الدّين و مشايخه بدورهم ما انفكّوا يُقحمون أنفسهم و يدسّون أنوفهم في المهمّة التّاريخيّة، و بضربة سحريّة لاهوتيّة هنا و هناك يتحوّل أشخاص بعد موتهم إلى قدّيسين لا لشيء سوى أنّهم ألبسوهم جلباب الدّين و ركّبوا على حياتهم الّتي عاشوها و على شخصياتهم الّتي بادت هالة القداسة الّتي تستفرد عادة بابداعها و اصطناعها و فبركتها أديان و عقائد البشر، و رغم أنّ الّتاريخ يأبى أن يرحم الّذين يكتب عنهم و يبقى رغم كلّ شيء مخلصا لمهمّته و لكلّ دارس له أو باحث عن الحقيقة إلى حدّ ما، إلاّ أنّ الشّيخ أو رجل الكهنوت ما ينفكّ يغربل موادّ التّاريخ و موضوعاته مستخدما غربال الدّين بطريقة انتقائيّة فجّة منحازة فيثابر على طمر مفاسد و قبح و شرور أفراد و شخوص بعينها خدمة لعقيدته و نزعته في توجيه العامّة و السّيطرة عليهم، معتمدا على مواهبه في الكذب و التّضليل و عاملا في الوقت نفسه على إبراز محاسنهم أو حتّى اختراعها و تضخيمها و تزيينها و بهرجة معانيها و مشاعرها و جعلها مؤثّرة حدّ الإجلال و التّقديس، ثمّ يعمل باستمرار و دون ملل على ترسيخها و تكريسها في عقول و أذهان أتباعه المذهولين على مدى الأزمان و تعاقب السّنوات الأجيال، رغم أنّ بعضهم (تلك الشّخصيات) لا تستاهل في حقيقة الأمر كلّ تلك العناية و الدّعاية الزّائفة في معظمها...!!

في التّاريخ الإسلامي نماذج عديدة يمكن أن استخدمها للاستدلال على ما أقول، من بينها شخصيّة مكّنت لها الدّعاية المفرطة المقرونة عمدا بهدف سامي و نبيل، بل المقرونة بواجب ديني و بطاعة الجهاد الّتي هي من أعظم الأعمال و الطّاعات الّتي يتقرّب بها المسلم إلى ربّه...تلك الدّعاية المنبعثة أساسا من منظور دعوي حماسي هدفه محاربة الكفر و نشر الدّعوة الإسلاميّة عن طريق الحروب و الغزوات الجهاديّة الّتي ميّزت دين الإسلام في عهود انتشاره و توسّعه الأولى...أقول مكّنت لتلك الشّخصيّة الأنموذج بفضل الدّعاية المفرطة و بفضل تدخّل المشايخ في موادّ التّاريخ و انتهاكهم لحرمته العلميّة و المعرفيّة بالتّحالف مع السّياسيين و المسؤولين على المناهج التّعليميّة في البلدان العربيّة و الإسلاميّة، حيث اتّفقوا بعد ان التقت أهدافهم و مصالحهم على تناوله أي التّاريخ بطريقة انتقائيّة و بطريقة حرصوا فيها كلّ الحرص على تقديمه للنّشء ناصعا مشرقا خاليا من الشّوائب و العيوب و أقرب ما يكون إلى السموّ و المثاليّة بما يبثّه و يوحيه من مشاعر إيمانيّة و رسائل دينيّة عميقة في نفوس و قلوب المؤمنين...!

الشّخصيّة الّتي أقصدها هي شخصيّة خالد بن الوليد سيف اللّه المسلول الّذي أدّى أدوارا مشهودة كما قلنا في مسيرة الغزو و نشر الدّعوة إبّان أوج انطلاقها حيث تعمّد و سطاء التّاريخ من رجال الكهنوت و الحكّام و السّياسيين...تعمّدوا تلميع سيرته و تحويله إلى بطل أسطوري إسلامي لا يضاهى بينما الحقيقة التّاريخيّة الّتي نجدها مفصّلة في التّراث الإسلامي نفسه تعكس شخصيّة مختلفة تماما حيث نجد أنفسنا أمام شخصيّة مريضة متعجرفة قاسية محبّة للبطش عنيفة دمويّة سادية لا يهمّها حقّ من باطل أمام ولعها بتحقيق النّصر حتّى و لو على حساب الموازين و المبادئ الإسلاميّة نفسها، كلّ ما هنالك أنّها وجدت في دين الإسلام وسيلتها و مطيّتها المثلى لممارسة ساديتها و حبّها للقتل و القتال، و حتّى لا أتجنّى أو أجحف في حقّ هذه الشّخصيّة الّتي أصبحت قدوة تُحتذى و مثالا ترنو أجيال المسلمين من بعد موت صاحبها إلى تمثّلها أو التشبّه بها فإنّي أسوق بين يدي القارئ الكريم بعض ما أوردته كتب الّتراث الإسلاميّة/

أورد الطّبري في تاريخ الأمم و الملوك و البخاري و النّسائي و غيرهم....

فلما غشيت هذه السّرايا قوم مالك بن نويرة تحت الليل، ارتاع القوم فأخذوا السّلاح للدّفاع عن أنفسهم، فقالوا: إنّا المسلمون. قال قوم مالك: ونحن المسلمون، قالوا: فما بال السّلاح معكم؟ قال القوم: فما بال السّلاح معكم أنتم؟ قالوا: فإن كنتم المسلمين كما تقولون فضعوا السّلاح، فوضع قوم مالك السّلاح ثم صلّى هؤلاء وأولئك، فلما انتهت الصّلاة، باغتوهم وكتّفوهم وأخذوهم إلى خالد بن الوليد، فسارع أبو قتادة الأنصاري (الحارث بن ربعي أخو بني سلمة) وعبد الله بن عمر بن الخطاب فدافعا عن مالك وقومه وشهدوا لهم بالإسلام وأداء الصلاة، فلم يلتفت خالد لشهادتهما...؟!!

وتبريراً لما سيقدم عليه خالد ادّعى أن مالك بن نويرة ارتدّ عن الإسلام بكلام بلغه أنّه قاله، فانكر مالك ذلك وقال: أنا على دين الإسلام ما غيّرت ولا بدّلت - لكن خالد لم يصغ لشهادة أبي قتادة وابن عمر و هما صحابيان جليلان، ولم يلق أذناً لكلام مالك، بل أمر فضُربت عنق مالك وأعناق أصحابه...!

لماذا أقدم خالد على قتل مالك بن نويرة رغم أنّه أعلن إسلامه و جاهر بثباته على الدّين، و رغم شهادة كلّ من عبد الله بن عمر له و أبو قتادة الأنصاري حتىّ أنّ هذا الأخير عاهد الله أن لا يشهد مع خالد بن الوليد حرباً أبداً بعدها...؟!

وتحكى كتب التّاريخ المعتبرة أنّ زوجة مالك بن نويرة جثت عند قدمي خالد تستعطفه حياة زوجها وكانت إمرأة فى غاية الجمال، فقال مالك بن نويرة "هذه هى الّتى قتلتني"، فردّ عليه خالد " بل "الله" قتلك برجوعك عن الإسلام ! فقال مالك بل أنا على الإسلام. وبالطّبع لم يشفع له قوله، وامر خالد فضرب ضرار بن الأزور عنق مالك..!
لم يكتف خالد بذلك بل أمر باستعمال رؤوس ضحاياه وقتلاه وبينهم مالك بن نويرة كوقود لطبخ الطّعام...!
في اللّيلة نفسها تسرّى سيف اللّه المسلول بزوجة مالك و ناكها و العجيب أنّه تركها بعد ذلك لفترة حتى تطهر... !!

أخرج ابن سعد عن ابن أبي عون وغيره، أن عمر لما بلغه الخبر قال لأبي بكر: إنّه زنى فارجمه، فقال أبو بكر: ما كنت لأرجمه، تأوّل فأخطأ، قال: فإنه قتل مسلماً فاقتله، قال: ما كنت لأقتله تأوّل فأخطأ، قال: فاعزله: قال: ما كنت لأشيم (أي لأغمد) سيفاً سلّه الله عليهم أبدا...؟!ً

هذه الواقعة لم تكن الأولى ولا الوحيدة في تاريخ خالد بن الوليد، فالتاريخ لم يرحمه و لم يجامله، منها ما أخرجه ابن إسحاق عن أبي جعفر قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خالد بن الوليد حين افتتح مكّة داعياً ولم يبعثه مقاتلاً ومعه قبائل من العرب… فوطئوا بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة، فلما رآه القوم أخذوا السلاح، فقال خالد: ضعوا السّلاح فإن النّاس قد أسلموا، فلمّا وضعوا السّلاح أمر بهم خالد فكُتفوا ثم عرضهم على السّيف فقتل منهم من قتل، فلما انتهى الخبر إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رفع يديه إلى السّماء ثم قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد، اللّهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد، اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد...!

أغضب عمل خالد هذا رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) لدرجة أنه تبرّأ علانية أمام الله والناس من هذا العمل الشّنيع والجرم الفظيع، ودعا علي بن أبي طالب (رضي اللّه عنه) فبعثة بمال كثير إلى بني جذيمة، فودى لهم الدماء وما أصيب لهم من الأموال، حتى إذا لم يبق شيء من دم ولا مال إلا وداه، بقيت معه بقية من المال، فقال لهم (رضي اللّه عنه): هل بقي لكم دم أو مال في ذمة رسول الله؟ قالوا: لا، قال: فإني أعطيكم هذه البقية من هذا المال احتياطاً لرسول الله (صلى الله عليه وسلّم) مما لايعلم ولا تعلمون...

ما أوردته ليس سوى غيض من فيض، فبإمكان أيّ واحد أن يلج البوّابة السّحريّة لقوقل و سيعرف عن خالد بن الوليد و غيره ما يصدمه و ما يمحو من ذهنه كلّ هالات القداسة الّتي صنعوها و افتعلوها حول أشخاص يخطئون و يصيبون مثلنا، و الأسوأ أنّ بعضهم كانوا على النّقيض ممّا أوهموه لنا، حيث أنّهم كانوا أمثلة بشعة لا ردّها اللّه في الظّلم و التجبّر والقبح و العنف و البشاعة...!!





#باهي_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرض التّفكير، أعراضه، علاجه و طرق الوقاية منه...!
- هل من أمل في نهضة المسلمين و المرأة عندهم عورة و شيطان يُبطل ...
- خسئتم مشيخة الجهل و النّفاق، فأنتم مصيبة الأمّة و بلاءها الأ ...
- لدين الإسلام دور يصعب إنكاره أو المرور فوقه...!
- سطور من الفصل الثّاني عشر من رواية كرة الثلج
- هل إسلام الغالبيّة ممسوخ أم منسوخ....؟!
- على من يكذب أمين منظّمة المؤتمر الإسلامي....؟!
- احتقان، شغب..و سخط عامّ! الفصل الأوّل (2)
- نعم أنا مسلم و لكن....؟!
- احتقان، شغب..و سخط عامّ! (1)
- مقدّمة رواية كرة الثلج الصّادرة في سنة 2006
- تُرى هل العين حقّ أم مجرّد خرافة و ظاهرة غباء و تخلّف...؟!


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باهي صالح - رغم التّدليس و التّزييف إلاّ أنّ الّتاريخ لا يرحم و لا يجامل أحدا...!