أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كاظم حبيب - !حوار مع الأخ الفاضل زهير الزبيدي حول مواقف إيران إزاء العراق















المزيد.....


!حوار مع الأخ الفاضل زهير الزبيدي حول مواقف إيران إزاء العراق


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 936 - 2004 / 8 / 25 - 11:07
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


قرأت بعناية الملاحظات الهادئة والجدية التي نشرها الأخ الفاضل السيد زهير الزبيدي على الموقع الديمقراطي الحر "صوت العراق" تحت عنوان "على هامش مقال الدكتور كاظم حبيب", ووجدت مناسباً مناقشة تلك الملاحظات بأمل تقريب وجهات النظر أو خلق الفهم المتبادل للمواقف بغض النظر عن مدى اتفاقنا أو اختلافنا حول القضايا المثارة مع الاحترام المتبادل لوجهات النظر.
الملاحظات التي نشرها الأخ السيد الزبيدي تتضمن جانبين, وهما: نقاط التقاء مع التحليل الذي قدمته في ضوء المعطيات المتوفرة, ونقاط اختلاف مع بعضها والتي تستوجب التحليل والتعليل أو حتى التدقيق.

واستنتجت بأن نقاط الالتقاء تتلخص بما يلي:
1. الاتفاق على وجود تدخل إيراني متفاقم وفظ ومتنوع في شئون العراق الداخلية, بغض النظر عن الجهة التي تقوم به وتلك التي تحظى بالدعم الإيراني.
2. الاتفاق على أن مقتدى الصدر يشكل كارثة كبيرة في السياسة العراقية وذات عواقب وخيمة على المجتمع العراقي. وأن تيار مقتدى الصدر يمثل اتجاهاً سياسياً متطرفاً يجنح إلى العنف وممارسة القوة في فرض وجهات نظره على الساحة السياسية العراقية, وأنه ليس وحده في ذلك, بل أن هناك من يدعمه في هذه العملية في العراق وفي العالم العربي والإسلامي, بغض النظر عن التباين في الأهداف التي تحرك تلك الجماعات المساندة له داخلياً وعربياً وإقليمياُ حتى دولياً (إسلامياً), كما أن الدعم يأتيه من قوى طائفية أخرى بهدف تشديد الموقف وتحميل النجف والناس فيها كوارث لا مبرر لها.
3. الاتفاق على وجود مختلف الاتجاهات المتطرفة والجهلة بنسبة عالية في ما يسمى بتيار الصدر, وأخص بالذكر هنا أن أتباع مقتدى الصدر مخترقين من قوى البعث والزرقاوي وإيران وغيرهم مما لا يصعب التكهن بنهاية غير سلمية وعواقب دامية لحركته المغامرة.
وهذه المسائل المتفق عليها تحتل أهمية فائقة في المرحلة الراهنة, إذ أنها تفتح آفاقاً في التعاون والتنسيق بين مختلف القوى العراقية التي تجد في أن المهمة المركزية التي تسعى إليها جميع الأطراف الإرهابية الفاعلة في العراق والمدعومة من الخارج تتلخص في إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار ورفض الوجهة التي يسعى إليها الشعب العراقي, وجهة توطيد أفكار وممارسات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية في هذا البلد الذي ما يزال جريحاً ومستباحاً.

أما نقاط الاختلاف فتنحصر في ثلاث نقاط, وهي:
1. أن قوى الإسلام السياسي لا تحظى بدعم من إيران في ما عدا تلك القوى التي أشار إليها السيد الزبيدي.
2. وأن حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية لا يحظيان بأي دعم أو تأييد من جانب إيران لأسباب ترتبط بموقف كثيرة أشار إليها السيد الزبيدي في مقالته الحوارية.
في الكثير من المقالات التي نشرتها خلال السنوات المنصرمة ميزت بوضوح كبير بين ثلاثة اتجاهات رئيسية في قوى الإسلام السياسي الشيعية في العراق. وهذا التمييز بين الاتجاهات الأربعة لا يعني بأي حال عدم وجود نهايات متشابكة أو متداخلة ومتفاعلة في ما بينها ومتنقلة من موقع إلى آخر أولاً, ولا يعني عدم وجود أجنحة مختلفة ذات اتجاهات تفصيلية متباينة في إطار كل اتجاه عام أو حتى في كل حزب من الأحزاب الإسلامية السياسية الفاعلة في العراق, وقبل ذلك في الخارج ثانياً. ويمكن لمن يتابع تلك الاتجاهات منذ سنوات طويلة وأثناء مؤتمر المعارضة العراقية في بيروت في عام 1991 وما بعده أن يتحقق من صواب هذا الاستنتاج. والاتجاهات الأربعة الأساسية هي:
1. التيار الإسلامي السياسي السلفي المتطرف الذي برز في الآونة الأخيرة بجماعة مقتدى الصدر التي تسعى إلى إقامة دولة إسلامية شيعية على الأرض العراقية. وتجيز هذه الجماعة, تحت أية واجهة كانت, حمل السلاح واستخدامه للوصول إلى الهدف المنشود. وهذا التيار يتقاطع تماماً مع العصر الذي نعيش فيه والتحولات الجارية في العالم والمهمات التي تواجه الإنسان في مختلف المجالات. وهي وأن اختلفت, ربما في مسالة ولاية الفقيه, فإنها لا تختلف عن الحكم في إيران من حيث الوجهة والنتائج أو العواقب المترتبة عن وجود مثل هذا النظام في العراق, سواء بالنسبة لأتباع الأديان أو المذاهب الأخرى أم بالنسبة لأصحاب الأفكار الأخرى أو الآراء السياسية الأخرى. إنهم سيتعاملون مع أتباع الأديان الأخرى على الطريقة التي جرى التعامل بها في العهود السالفة وكذا مع أتباع المذاهب الأخرى, تماماً أو أسوأ بكثير من التعامل الإرهابي الذي مارسه أتباع المذاهب الأخرى ضد أتباع المذهب الشيعي في العصور السالفة أو ضد أصحاب الفكر الحر, أو كا كانت ممارسات نظام صدام حسين في هذا الصدد. وهي كارثة بشعة ورهيبة لا يجوز السماح بمرورها. وواثق تماماً بأن المرأة العراقية ستكون الضحية الأولى لمثل هذا التيار الأسود في مثل هذه الدولة الدينية الطائفية المتطرفة. وهو ما أرفضه جملة وتفصيلاً, ولكن لا استطيع ولا يحق لي منع مثل هذا التفكير, ولكن للمجتمع الحر والديمقراطي أن يحرم العنصرية والتمييز العنصري والديني والمذهبي والفكري والسياسي ويمنع نشوء أحزاب تسعى إلى خلق نظام من هذا النوع. ولدي القناعة بأن اتجاهات مقتدى الصدر تتماشى مع ما أشير إليه في هذه الفقرة.
2. التيار الإسلامي السياسي المعتدل الذي لا ينفي أتباعه سعيهم إلى إقامة دولة إسلامية تأخذ بالشريعة الشيعية ومن منطلقات فهمهم وتفسيرهم للقرآن والسنة ونهج البلاغة وأحاديث وأعمال أئمة المذهب الشيعي واجتهاد علماء الشيعة. وهذا التيار يتوزع على أحزاب وقوى كثيرة يقف في المقدمة منها أحزاب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية ومنظمة العمل الإسلامي. وهي تختلف عن بعضها في العديد من الأمور, بما فيها الموقف من الديمقراطية وسبل ممارستها والموقف من المرأة والموقف من فيدرالية كردستان وكذلك الموقف من إيران. وإذا كان حزب الدعوة هو الأقرب إلى المجتمع المدني, فأن منظمة العمل الإسلامي هي الأبعد عنه نسبياً وبينهما يقف المجلس الأعلى للثورة الإسلامية. وكان السيد محمد باقر الحكيم هو الأكثر ميلاً إلى المجتمع المدني في المجلس الأعلى والذي تجلى في آخر خطاباته قبل الغدر به, في حين لا يتمتع السيد عبد العزيز الحكيم بمثل التوجه الذي برز في آخر أيام الراحل السيد الحكيم.
3. التيار الثالث هو تيار الإسلام السياسي المدني الذي يؤمن بالإسلام ديناً ولكنه يرى في ضرورة الفصل بين الدين والدولة لصالح الدين والمجتمع والدولة في آن. وهي مسألة ليست جديدة ولكنها تجد مزيداً من المؤيدين في المجتمع العراقي بعد الأحداث التي عرفها العراق منذ عقود ولكن بشكل أخص في الآونة الأخيرة. ومن بين ممثلي هذا التيار كان الرجل الفاضل والراحل والمغدور به السيد عبد المجيد الخوئي, وكذلك السيد جمال الدين وربما السيد حسين الصدر والسيد الدكتور محمد بحر العلوم وغيرهم.
4. التيار الرابع هو التيار الغالب في أتباع المذهب الشيعي الذين يمثلهم آية الله العظمى السيد علي السيستاني الذي يرى بضرورة اهتمام الحوزة العلمية بأمور الدين والحوزة والمسلمين, وهو لا يميل إلى تشكيل أحزاب سياسية إسلامية, كما اعتقد. وهو اتجاه أفضل, رغم أن أتباع التيار يميلون إلى وصول الشيعة إلى الحكم والتمسك به وإقامة دولة تستند إلى الشريعة الإسلامية بوجهتها الشيعية.
هذا باختصار شديد, وربما كان هذا الاختصار مخلاً بما يفترض أن أشير إليه بصدد هذه التيارات بقواها وأحزابها السياسية. أنا لا أتحدث هنا عن هوى, كما أرى, ولا من باب الإساءة لأحد بأي حال. بل عن معرفة دقيقة نسبياً حول الأمور التي أبحث فيها. فقد تسنى لي اللقاء بعشرات الناس من منتسبي الأحزاب الإسلامية السياسية من مختلف التيارات, كما شاركت في الندوة التي أقيمت في لندن في الذكرى العشرينية لاستشهاد العلامة الكبير محمد باقر الصدر وقدمت بحثاً في سبل الإصلاح الاقتصادي في العراق وحاورت المجتمعين من منطلق ماركسي واضح لا لبس فيه.
لدي تصور يطرح الأمر التالي, وأرجو أن أكون مخطئاً به: احتمال كبير في بروز إشكاليات سياسية واجتماعية في المستقبل في العلاقة بين القوى المدنية وقوى الإسلام السياسي المعتدلة, دع عنك القوى المتطرفة, إزاء النقاط التالية:
الموقف من الحرية الفردية وحرية الجماعات بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى, وكذلك الموقف من الديمقراطية ومبادئ وشرعة حقوق الإنسان والحقوق القومية للشعب الكردي, بما في ذلك حقه في تقرير مصيره, وتكريس الفيدرالية الكردستانية, والتعددية الفكرية والسياسية, والموقف من حرية المرأة ومساواتها التامة بالرجل ...الخ. وعندما أطرح هذه الموضوعة, فإنما أعبر عن تجربتي وعن معايشتي الذاتية وعن رغبتي في إيجاد حلول لهذه المشكلات من خلال رؤية إنسانية تقبل بالآخر ولا ترفضه وتحاول أن تجد لغة مشتركة, بحيث نبعد أي عداء بين "الأنا" و "الآخر" لصالح المجتمع والدولة الديمقراطية الفيدرالية التي نريد جميعاً العيش فيها.
لا شك في أن بين القوى المدنية من يختلف حول هذه القضايا وخاصة القوى القومية اليمينية الشوفينية, سواء أكانت في العراق أم في بلدان أخرى أو حتى القوى القومية من شعوب أخرى في الموقف من حقوق الشعب الكردي في إيران أو في تركيا مثلاً. ولا شك في وجود اختلافات في ما بين قوى الإسلام السياسي حول هذه الأمور أيضاً, وهي التي تحتاج إلى حلول تنسجم مع طبيعة العصر وتطور الإنسان وتقدمه الحضاري في جميع المجالات. فواقع الحياة لا يجسد الاتفاق فحسب, بل والاختلاف أيضاً. وفي الاختلاف تكمن القدرة على التغيير والتطوير والتقدم. فكما قيل قديماً: موضوعة ثم موضوعة مضادة, تسفر عنهما موضوعة ثالثة تعبر عن المطلوب وفق الواقع الجديد والظروف الملموسة والمحسوسة.
والآن بصدد الموقف من مسالتين هما مقتدى الصدر وإيران.
أولاً : الموقف من السيد مقتدى الصدر وأتباعه:
أثق بأن كثرة من القارئات والقراء قد تابعت تطور الأوضاع في العراق وتطور جماعة مقتدى الصدر, ولهذا اعتمد في مناقشتي على الواقع العراقي والوقائع التي مر بها العراق, وليس من باب الاجتهاد أو الظن, فبعض الظن أثم.
كل القوى الإسلامية السياسية, السنية منها والشيعية, حاولت في بداية نشوء وبروز ظاهرة مقتدى الصدر الاستفادة منها بثلاثة اتجاهات: تعقيد الأمور على قوات الاحتلال الأمريكية والبريطانية؛ الضغط على مجلس الحكم الانتقالي بهدف انتزاع مكاسب لها, سواء أكان ذلك في المناصب أو الوظائف أو في القرارات التي تصدر؛ السماح لها بتطوير وإعادة تنظيم صفوفها وتجميع القوى وتعزيز التيار الإسلام السياسي في العراق في مقابل القوى الأخرى. وقد وقفت إلى جانب هذه الوجهة, سواء أعلنت ذلك أم لم تعلنه كل القوى القومية الشوفينية في العالم العربي وكل الذين كانوا لا يريدون الخير للعراق. زلم تكن القوى الإسلامية المعتدلة بالضرورة مدركة لما يمكن أن يحصل من جراء التكتيكات التي اتبعتها والتي رفعت من تعقيدات الوضع في العراق حينذاك. ولم يكن هذا الموقف سليماً, بل ساعد على نمو تيار الصدر وتوسعه على حساب التيارات الإسلامية الأخرى وخاصة المعتدلة منها, وبالتالي فكانت هي الخاسرة في الوقت الذي كانت تعتقد بأنها ستربح من وراء ذلك. وعبر هذا دفعت بالتطرف لدى أتباع المذهب الشيعي إلى مراحل متقدمة بدلاً من الحد منه.
كان المتطرفون والإرهابيون والطائفيون من أتباع المذهب السني في العراق وفي العالم العربي فرحين لذلك, إذ أن تجربتهم في الفلوجة وفي غيرها أثبتت لهم بأن التطرف يقود إلى الخسارة وليس إلى الربح في أوضاع العراق الجديدة والظروف المحيطة به والعوامل الفاعلة فيه. لم يتخذ الأخوة في الأحزاب الإسلامية السياسية المعتدلة الموقف المناسب, كما أرى, في الوقت المناسب ضد تفاقم الاتجاهات الخطرة والكارثية لدى جماعة تيار الصدر المسندة من السيد كاظم الحائري وأتباعه في إيران, كما سكتت عن أفعال هذا التيار في مختلف مدن العراق إزاء المسيحيين وغيرهم. هذا لا يعني قبولهم بذلك بأي حال واستبعد ذلك شخصياً, ولكن سكوتهم يؤشر إلى وجهة خاطئة عند تفسير ذلك بنوايا حسنة!
لقد كانت المساومة غير محسوبة العواقب وخاطئة, كما أن الحديث عن تيار الصدر السياسي في وقت يعتمد الرجل استخدام السلاح والإرهاب والقتل ويقود إلى موت المئات من العراقيين وإلى تخريب الدور على ساكنيها وإلى تدمير الاقتصاد الوطني وإشعال النيران بأنابيب البترول وتحميل العراق خسارة الملايين من الدولارات يومياً وهو بأمس الحاجة إليها, وتوسع جبهته كل المناوئين للوضع القائم بمن فيهم أتباع صدام حسين وأبو مصعب الزرقاوي وكذلك مجموعة من كبار المجرمين وأصحاب الجريمة المنظمة ... الخ لا يمكن أن يكون نافعاً لأحد, بل هي خسارة للجميع. فهذا الرجل أصبح خارجاً على القانون وينبغي أن تسمى الأمور بأسمائها الفعلية, وإلا فالمصيبة ستكون كبيرة وعامة. لا يجوز المساواة بين موقف الحكومة العراقية وجماعة مقتدى الصدر الخارجة على القانون, فالمساواة تشجع على المغامرة والإرهاب, كما أن القول بأن الحكومة استدرجت الصدر لهذه الواقع خاطئ من الأساس مهما كان الموقف نقدياً إزاء الحكومة المؤقتة.
لو تتبعتم المواقف الانتهازية في هذا الصدد لعثرتم على الكثير منها, ومنها موقف الدكتور أحمد الجلبي الذي أراد تعزيز مواقعه من خلال الانتماء إلى البيت الشيعي وتأييد الصدر في أطروحاته والحديث عن المحرومين وكأن الصدر ممثلاً لهم, في حين أنه يدمر يومياً حياتهم بسياساته وأفعاله. لا يمكن أن يكون لنا موقفاً بين موقفين فنصبح أشبه بمن قيل عنه " بين حانه ومانه ضيعنه الحانه" وهناك أمثلة شعبية أكثر صراحة في التعبير عن المواقف البينية أو حمالة أوجه لا معنى لها في مثل هذه الظروف المعقدة التي تستوجب الرؤية الواضحة والدقيقة والحازمة لصالح الشعب والوطن المبتلى.
إن على قوى الإسلام السياسي أن تعلن موقفها الكامل والواضح من مقتدى الصدر ومن اتجاهه المغامر والإرهابي, لا أن تسكت طويلاً وعندما تصرح لا نفهم منها من المسئول عما يجري الآن في العراق, بل ترمي الجميع في قدر واحد, وليتها تملك الصراحة والجرأة التي تحدث بها السيد الفاضل زهير الزبيدي.

ثانياً: الموقف من إيران:
أتفق من حيث المبدأ إلى أن ليس كل قوى الإسلام السياسي تحظى بدعم وتأييد القوى السياسية المحافظة والمتشددة في إيران. وأتفق أيضاً بأن هناك قوى إسلامية سياسية تسعى إلى امتلاك قرارها بنفسها والابتعاد عن تأثيرات إيران. وهذا الأمر كان واضحاً على امتداد ما يزيد عن عشر سنوات بالنسبة إلى حزب الدعوة وقادته بشكل خاص الذين تركوا إيران وعاشوا في الشتات الأوروبي والأمريكي وغيره. وتسنى لي أني التقي بمجموعة من حزب الدعوة في أماكن مختلفة وأن أتحاور معهم وخاصة في كندا في عام 2000 وكان الحديث جاداً وممتعاً بصدد الكثير من الأمور. كما عملت مع السيد ضياء الشكرجي عضو المكتب السياسي لحزب الدعوة في ألمانيا في مجال حقوق الإنسان. ولهذا وجدت, وما أزال أجد, اتجاهاً مدنياً وموقفاً واضحاً من إيران لدى قوى حزب الدعوة, ولكن, كما قال الأخ الزبيدي, فالرابطة المذهبية تبقى تحرك مسائل معينة وأتمنى أن لا تحرك مثل تلك المسائل أو أي شيء في الظروف التي يعيش فيها العراق.
إن من واجب حزب الدعوة أن يشارك في فضح التدخل الإيراني في شئون العراق, إذ أنه وبحكم مشاركته في مجلس السيادة (الأخ الدكتور إبراهيم الأشيقر الجعفري), وبحكم مشاركته في الحكومة أيضاً, وكذلك في المجلس الوطني, وأن يعلن في تصريحات السد الدكتور الجعفري عن ذلك ويدينه, خاصة وأن التدخل مكشوف ولا يقبل الدحض, سواء أكان حكومياً أم من أجهزة الدولة بدعوى عدم معرفة الحكومة بذلك, إضافة إلى إدانة دعم إيران بمختلف السبل لمقتدى الصدر, وأن لا تكون مرنة ومطاطية أو حمالة أوجه.
لم يكن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية بنفس المستوى من الاستقلالية إزاء إيران وسياسات إيران, وهي مسألة مرتبطة عضوياً بحاجة المجلس الأعلى في حينها إلى مساعدات من إيران أثناء تشكيله قوات بدر ومشاركته في النضال العسكري في كردستان العراق. وكان السيد محمد باقر الحكيم, رغم تأثيرات إيران المباشرة وغير المباشرة على المجلس الأعلى, يمتلك قدرة شخصية أكبر, بحكم مركزه الديني ومكانته, على الاستقلالية وفرض موقفه على القيادة الإيرانية التي كانت وما تزال لها مطالبها إزاء المجلس الأعلى.
وإذا كان حزب الدعوة قد تخلص إلى حدود جيدة من التأثير المباشر من الجماعات المرتبطة بإيران بصيغ مختلفة داخل الحزب, فأن المجلس الأعلى لم يستطع التخلص من ذلك بحكم السنوات الطويلة التي كانت المجموعة السياسية والقتالية تعيش في إيران. وهو أمر مفهوم ومعروف أيضاً وهو ما يطلق عليه أحياناً بالسر المكشوف. وعلينا أن نعترف بأن عمل الأحزاب السياسية في بلدان المنفى, وخاصة العربية والإقليمية كلها, ولا يمكن استثناء أي حزب من الأحزاب من هذه الحالة, تجد في صفوفها, دون أن ترى وتلمس ذلك مباشرة, أشخاص ومجموعات عراقية تابعة لأمن ومخابرات تلك الدول, وهم ربما يحتلون مواقع مختلفة ومهمة. وتشكل هذه الحالة خطورة في أوقات الأزمات والملمات. وفي ما عدا عن ذلك علينا أن نؤكد بأن في جميع الأحزاب توجد اتجاهات وأجنحة مختلفة, والتي يطلق عليها أحياناً يسار ووسط ويمين, أو صقور ومعتدلة وحمائم ...الخ.
وعلى هذا الأساس سنجد في حزب الدعوة وبشكل اكبر في المجلس الأعلى وفي منظمة العمل الإسلامي جماعات تقف إلى جانب إيران وتريد التعاون معها في الوقت الحاضر لا على أساس حكومي بل أبعد من ذلك. دع عنك الجواسيس والعيون من العراقيين الذين بثتهم أجهزة الأمن والمخابرات الإيرانية في هذه الأحزاب وفي غيرهما من الأحزاب السياسية الإسلامية وغير الإسلامية أيضاً. ومن هنا تأتي أيضاً أهمية عملية مراقبة نشاط الأحزاب لنفسها دون إشاعة عدم الثقة في صفوفها, لضمان إبعاد من يشك به في مثل هذه الحالات. هذه المسألة لا أوجهها إلى قوى وأحزاب الإسلام السياسي, بل إلى مختلف الأحزاب, إذ أن عيشها في الخارج سنوات طويلة والإحباط الذي لف جماعات من المناضلين دفعها إلى أن تقع في حبائل بعض الدول والمخابرات المختلفة التي تستوجب العناية للتخلص منهم وإنقاذ الأحزاب منها.
إن القوى المحافظة والمتشددة في إيران ترى في الوضع في العراق خطراً يهددها أمريكياً وعراقياً, وهو الأمر الذي يحركها. وسوف لن تكف هذه القوى عن التدخل في العراق وعن دعم أية قوى تثير المشاكل في العراق, حتى لو كانت أتباع أنصار الإسلام في كردستان أو أبو مصعب الزرقاوي في العراق رغم التباين في المذهب والوجهة, ولكنه هدف إشاعة الفوضى والتخريب هو الذي يجمعها. وإيران الدولة لم تنخرط رسمياً في هذه الأعمال. وإلى متى سيستمر هذا العمل غير المعلن من جانب الحكومة الإيرانية؟ تصعب الإجابة عن هذا السؤال في المرحلة الراهنة ولكنها لن تصل إلى حد تحشيد القوات على الحدود بأي حال.
أدرك بأن هناك فوارق بين قوى الإسلام السياسي العراقية والإيرانية, وهو أحد العوامل المهمة الراهنة. أتمنى أن لا يبقى هذا العامل وحده, وأقصد به الاختلاف إزاء ولاية الفقيه, هو الذي يميز القوى العراقية عن الإيرانية, بل الموقف من المجتمع المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان والفيدرالية الكردستانية وحقوق وحرية المرأة كاملة غير منقوصة, كما هي في شريعة حقوق الإنسان الدولية. كما أدرك بأن هناك خلافات كثيرة بين التيارات الإسلامية في إيران, ولكنها جميعاً تتحرى عن حلفاء لها في العراق لأسباب كثيرة., وهو الأمر يفترض أن نفهمه ونحاول تجنب تأثيراته وانعكاساته سواء على الوضع في العراق أم في إيران.
برلين في 24/08/2004



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرة أخرى حول مواقف إيران من الوضع الراهن في العراق؟
- هل لم يعد مقتدى الصدر حراً في قراراته أو حتى في تصريحاته؟
- من المستفيد من الحسابات الخاطئة للعقلية السلفية المتطرفة لمق ...
- موضوعات للمناقشة في الذكرى الخامسة والعشرين لانتهاء مذابح ال ...
- هل سياسات الولايات المتحدة في العراق في قفص الاتهام؟ وما هي ...
- أين تكمن مشكلة الدكتور أحمد عبد الهادي ال?لبي في العراق؟
- من يخدم الصدر عبر فعاليات جيش المهدي وعمليات المغامرة العسكر ...
- شكر وتقدير وعتاب في كتاب لمحات من نضال حركة التحرر الوطني لل ...
- هل الصداميون من البعثيين والمتطرفون من المسلمين العراقيين يت ...
- ما هو موقفي إزاء المسألة القومية ومنها المسألة الكردية ومن س ...
- تَبَّاً لكل المجرمين القتلة, تَبَاً لكل أعداء الشعب العراقي! ...
- هل نحن بحاجة إلى دونكيشوت عراقي يا سيدنه الصدر؟
- ألا يمكن لهذا للشعب المستباح أن يقف سداً منيعاً بوجه قتلة ال ...
- أهكذا تورد الإبل يا سيدي وزير الدفاع ؟
- حوار مع السيد إحسان خ. الراوي من 3 الى 6
- حوار مع السيد إحسان خ. الراوي 1-6 & 2-6
- كيف يفترض أن نتعامل مع الهيئة الوطنية لاجتثاث البعث؟
- هل القتلة بيننا ؟
- هل من مستقبل لقوى الإرهاب والقتل في العراق؟
- هل القوى السياسية العراقية قادرة ومؤهلة لتأمين المسيرة الديم ...


المزيد.....




- بعدما حوصر في بحيرة لأسابيع.. حوت قاتل يشق طريقه إلى المحيط ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد لأعمال إنشاء الرصيف البحري في قط ...
- محمد صلاح بعد المشادة اللفظية مع كلوب: -إذا تحدثت سوف تشتعل ...
- طلاب جامعة كولومبيا يتحدّون إدارتهم مدفوعين بتاريخ حافل من ا ...
- روسيا تعترض سرب مسيّرات وتنديد أوكراني بقصف أنابيب الغاز
- مظاهرات طلبة أميركا .. بداية تحول النظر إلى إسرائيل
- سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك ...
- شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يحاول أن يصبح أصغر شخص يطير حول ا ...
- مصر.. أحمد موسى يكشف تفاصيل بمخطط اغتياله ومحاكمة متهمين.. و ...
- خبير يوضح سبب سحب الجيش الأوكراني دبابات أبرامز من خط المواج ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كاظم حبيب - !حوار مع الأخ الفاضل زهير الزبيدي حول مواقف إيران إزاء العراق