|
لم أجب على السؤال !!
محمد الحداد
الحوار المتمدن-العدد: 3064 - 2010 / 7 / 15 - 19:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعد مقالنا الأخير الموسوم ( هل الإسلام دين عقل ؟! ) تلقيت بعض التعليقات المرحبة بالمقال وفكرته ، فبرغم عدم تصوري أنه سيلقى ذلك القبول الحسن من كثيرين ، ولكن كانت أكثر التعقيبات مرحبة ، حيث قال أخي د. أحمد التالي : أخي محمد الحداد يعبر في كتاباته بصدق عن مساحة إيمانية هائلة ، وهى تظهر بين سطوره ، وهى إيمان مرتكز على العلم والعقل معا . وأرى فيه نموذجا للمسلم الصحيح . فأقول : شكرا لك أخي لحسن ظنك بشخصي . وقال أخي يوسف حسان التالي : وصول رائع للحاجة ، أتمنى من إخواننا جميعا استخدام هذه الطاقة الكامنة التي وهبنا إياها الخالق العظيم . لكوننا لسنا كسائر الكائنات ، فالمؤمن خليفة الله عز وجل في الأرض ، ولديه واجبات ، وعليه أن لا يعامل نفسه كإنسان آلي يتم برمجته من قبل الناس أو أي احد عن طريق النقل وليس العقل . فأقول : وهذا تأكيد آخر على ضرورة إعمال العقل بدل النقل . وقالت أختي سوسن طاهر التالي : قصور العقل من منظور عقلي ..!! الأستاذ محمد الحداد أشكرك على هذا المقال الرشيق ، وأريد أن أناقش أحد نتائج المقال وهي أثباتك لقصور العقل من منظور عقلي وليس نقلي .. ولقد ضربت مثالا على قصور العقل بأننا لا نستطيع رؤية كل شيء ولا نستطيع سماع كل شيء .. وضربت مثلا بصوت الخفاش الذي لا نسمعه وذكرت أن الكلب يسمع موجات من الأصوات لا نسمعها نحن .. وكل هذا صحيح وأوافقك عليه ولكن ربط كل هذا على أنه قصور في العقل أراه بعيدا ،وذلك لأنك عرفت ما عرفت من كوننا أن ما نسمعه محدودا ومحددا بطول موجي معين وكذلك ما نراه ..لقد عرفناه عن طريق العقل وأثبتناه من خلال أدلة لا تقبل الإنكار .. أما قولك (فيمكن بنقاش منطقي أن تصل لوجود خالق ، وهذا الخالق هو واحد وليس اثنين أو ثلاثة ، ويمكن أيضا بالمنطق أن تستدل على عدم وجود الخالق ، وهذا كله يعتمد على أي منطق تستخدم ، وما هي مفرداته الأولية وأساسياته وطرق استنطاقه للظواهر التي يحسها بحواسه . ).. وأوافك على ما ذكرته في هذه النقطة وأقول ..أن أسس بحث أي موضوع هو حيادية الباحث وعدم تأثر نتائجه بما يحب أو يكره .. وبما يتمنى ولا يتمنى .. والبحث بهذه الطريقة كما تعلم رفع أمم إلى السماء وخفض أمم أخرى إلى أسفل سافلين .. أقول : برغم قصور العقل ، وقصور أدواته ، إلا أنه أستطاع الوصول إلى أشياء عظيمة ، في العلوم والآداب والفنون والمنطق والفلسفة ، وكثير غيرها ، ولكن بسبب قصوره أيضا وقصور أدواته فأنه لم يستطع ولن يستطيع الوصول لكنه الخالق مثلا ، أو الدخول لعوالم أخرى ، كعوالم الملائكة والشياطين بالمنظور الديني ، أو عوالم أخرى خارج عالمنا وبيئتنا الأرضية ، فلا نعلم حد اللحظة كيف ستكون حياتنا ببيئة منعدمة الوزن مثلا ، أو على كوكب له عدة أقمار مثلا ، أو تشرق عليه شمسان مثلا . أما حيادية الكاتب فأني أوافقك عليها تماما ، ولكن تصعب بالممارسة ، حيث الكثيرون لا يستطيعون إليها سبيلا ، كذا لا يمكن أن يكون الكاتب حياديا وهو يعطي رأيه ، حيث مهما حاول فأنه يحاول دون إدراك بأحيان كثيرة لترجيح وجهة نظره ، وإلا لما كتب عنها . وقالت أختي عائشة حسين التالي : مقال مثمر وحوار مثمر أيضا يكفي فقط أن أعيد عليك آخر مقطع من المقال والذي يعد ثمرة ونتيجة لهذا الكلام العقلي العاقل على رأي الفلاسفة " العقل العاقل " بم أن الحوار كان حول العقل .. ولو قلنا بأن الإسلام جاء موافقا للعقل ، لكان الكلام على جملته صحيحا ولكن أي عقل ؟ لابد أن نصل لتعريف قاطع للعقل هل هو عقل الفلاسفة الذين توصلوا إلى وجود الخالق قبل الإسلام مع وجود بعض الديفوهات عند بعضهم أم هو العقل الجمعي الذي تؤثر فيه الجماعة وما تحمله من مفردات ثقافية وخلفيات مختلفة ؟هل هو العقل البسيط المتواضع ؟ أم ماذا أيضا ..؟ فأقول : أني تكلمت عن العقل بصورة عامة ، و لم أكن أعني عقلا بذاته ، أو لفئة بذاتها ، وبالنسبة للعقل الجمعي فهو أكيد لم يكن معنيا بالمقالة ، لأنه يتأثر بالأقاويل والخطابات بدل إعماله للمنطق . وقال أخي محمود مرسي التالي : أشكرك جزيل الشكر على هذا المقال الموجز والذي يحوي سؤالا أعتبره سؤال العمر! بمعنى أنه السؤال الذي يمكن أن يستغرق عمر الإنسان الباحث عن الحقيقة والحق كي يصل إلى الإجابات والقناعات حوله ، ولو أضفنا إلى تعبير العقل التعبيرين المكملين لأضلاع المثلث الدنيوي الذي نعيشه وهما العلم و الإسلام ، لكان لدينا تلك المصطلحات والتعبيرات التي تستغرق عصرنا الآني والسابق واللاحق . فأقول : ليكن المثلث الدنيوي الذي تعنيه هو العقل والعلم والدين حتى يكون أشمل وأوسع . وقال أيضا : لا تعارض مطلقا بين العلم الذي يستنبطه العقل ويقننه في قوانين ونظريات وبين العقل في بحثه عن الحقيقة والحق والعدل والمساواة والحريات التي هي من صميم ومن صلب ومرادفات تعاليم الآيات بالكتاب العزيز القرآن الكريم وكل الكتب السماوية السابقة له . وأقول : أعتقد أن هناك بعض التعارض بينها على حسب العقول ، فهناك من يقرأ النص الديني بطريقة الأصوليين ، وهنا لا يمكن هذا العقل من التوافق بين النص الديني والعلم ، وهناك من يرفض النص الديني كاملة لعدم تمكن عقله من ربطه أيضا بالعلم ، وهناك من يحور نتائج العلم حتى توافق النص الديني حسب فهمه لهذا النص ، وهناك من يرى أن النص الديني عنى شيئا لم نصل إليه لحد اللحظة في العلم . وقالت آنستي نادية أبو زاهر التالي : ربما أكون قاسية معك هذه المرة، أظن انك لم تقنع صديقك السائل من خلال المقال . الإنسان ناقص بكل شيء ولا احد يدعي العكس، وعمره أيضا محدود ، لكن هل هناك إمكانية لإدراك الله بالعقل ؟ أظن أن الإيمان بالله ورسوله عليه السلام هو شيء روحي إيماني أكثر منه عقلاني . فأقول : من هنا نكون قد قسمنا العقل إلى فئتين أو جزأين ، جزء مفكر بحت ، وجزء نفسي روحي ، هناك ترابط بينهما وتأثير ، ولكن أيضا هناك فرق ، فالجزء المفكر لا يقبل الشيء دون تمحيص وإطلاق يد المنطق عليه ، والجزء النفسي الروحي يقبل الشيء دون تفكير كما هو ، ويعتبره إيمان أو إلحاد . وقالت أيضا : اعتذر إذ أخيب املك هذه المرة، لكن ذات السؤال وجه إلي ذات مرة من شخص لا يؤمن بوجود الله . فكانت إجابتي له هناك احتمالين هناك الله لا يوجد الله في الاحتمال الأول هناك وعود بوجود جنة ونار وعقاب وثواب في الاحتمال الثاني لا يوجد مثل هذه الوعود لكن خلال الاحتماليين هناك حقيقة يتفق عليها المؤمن بوجود الله وغير المؤمن بوجود الله وهي أن الإنسان لا محالة ميت وانه لا عدالة في هذه الحياة بجميع محطاتها التاريخية . المنطق يقول حتى ندرك أن كان فعلا ثبت صحة مقولة الاحتمال الأول أي يوجد الله ويوجد فعلا عقاب وثواب وجنة ونار ، أن يعود احد الميتين ويخبرنا بماذا وجد؟ وهو ما لم يكن أن يحدث . لكن في ذات الوقت، المنطق يقول إن كان هناك احتماليين وفي الاحتمال الأول يمكن أن نكسب الدنيا والآخرة بحسب فكرة الثواب والعقاب ، وضرورة أن يعاقب الظالم أو القاتل أو... أو ... الخ . وفي الاحتمال الثاني قد نكسب الدنيا فقط في حال ثبت فعلا انه لا عقاب ولا ثواب ولا وجود لله. لكن في حال ثبت العكس! فالأولى بحسب المنطق أن نأخذ بالاحتمال الذي يجعلنا نكسب الدنيا والآخرة ولا يجعلنا نكسب الدنيا ونخسر الآخرة فيما فعلا كانت هناك آخرة . الاحتمال الأول أي إذا لم يكن هناك الله ولا عقاب ولا ثواب فماذا سنكون قد خسرنا؟ لكن الاحتمال الثاني نكون وبحسب المنطق خسرنا . ثم هل من المنطق وجود كل هذا الظلم دون أن يكون هناك عقاب للظالم؟ ثم انه وبالمنطق لو لم يكن هناك قوة إلهية أقوى من خيارتنا فلما أكون أنا فتاة وليس ذكرا ، ولماذا أكون من العالم الثالث وليس الأول ، ولماذا أكون فقيرة ولست غنية ، ولماذا اخضع تحت الاحتلال وغيري يكون هو المحتل !! الخ من أسباب هي ليست من خيار الإنسان . وهي أمور من المنطق أن نفكر فيها مليا لمن لا يؤمن بوجود الله بالمنطق . فأقول : ها أنت آنستي قد استخدمت العقل بتنظيرك هذا ، واستخدمت أهم أداة له ، ألا وهي المنطق . ولكن لو سألك ملحد قائلا هل الخالق يسير أمور دنيانا وفق منطقنا العقلي ؟! أي هل الله مجبر أن يتبع منطقنا نحن ، أم له منطق خاص به ؟ ثم لو لم يكن هناك خالق ، فهل يصلح منطقنا العقلي البشري أن نوجد هذا الخالق ! أي أن نصنعه بأيدينا !!
هذا ملخص من جملة تعقيبات أعتز بها جميعا وأقدرها وأقدر أصحابها جميعا ، وأقدر فيهم إعمالهم جميعا لعقلهم . ويبقى السؤال مطروحا دون إجابة لحد اللحظة ، هل الإسلام دين عقل ؟
#محمد_الحداد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل الإسلام دين عقل ؟
-
ما هو الاستبداد ؟!
-
المُسْتَبِدُ أبنُ بِيئَتِهِ ، وَهُوَ صانِعُها
-
والشعب يصنع المستبد
-
تعليمات كأس العالم
-
قِ نَفْسَكْ
-
فِ عَهْدَكْ
-
هل الخِرفانُ أصْلُها عَربي !؟
-
الإنتاجُ فِكْرٌ أمْ عَمَل ؟
-
قَطّارَة النَتائج
-
الأخلاق الانتخابية
-
توضيح مهم لكافة القراء الكرام حول مقالنا الموسوم لو كان البع
...
-
لَو كانَ البَعثُ دِيناً وَ رَبّاً لَكَفَرتُ بِه
-
الجدار الناري
-
عِ قَوْلَكْ
-
القاعدة والتكفير وأحمد صبحي منصور
-
نظارات جدتي
-
أين العقلاء في مصر والجزائر ؟
-
مِيزان قبّان
-
مقالات علمية بسيطة ج 2
المزيد.....
-
“ماما جابت بيبي” استقبل دلوقتي تردد قناة طيور الجنة 2025 Toy
...
-
أضبطها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات
...
-
لليوم الـ12: الاحتلال يواصل إغلاق المسجد الأقصى وكنيسة القيا
...
-
“سلي طفلك الأن” تردد قناة طيور الجنة الجديد عبر النايل سات و
...
-
الأزهر: من مسجد الفاطميين إلى جامعة إسلامية عريقة
-
الهجوم على كنيسة مار إلياس بدمشق يثير مخاوف المسيحيين في سور
...
-
سوريا.. عملية أمنية ضد وكر إرهابي متورط بهجوم الكنيسة
-
مفتي القاعدة السابق: هذا ما جعل بن لادن يجر أميركا لحرب في أ
...
-
اعتقال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن
-
الاحتلال يواصل إغلاق المسجد الأقصى ويعتقل 4 من حراسه
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|