|
الطفولة على الهامش
علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي
الحوار المتمدن-العدد: 3043 - 2010 / 6 / 24 - 07:16
المحور:
الادب والفن
لم تكن لي في العيد هدية و لا دراجة هوائية أسابق بها الريح ، مع ذلك أحب طفولتي كثيرا و أفتقدها شفافة ضائعة وسط كومة الكتب و اللعب و التفاصيل ، فأحيانا ، عبر استحضار ذكريات المدرسة و المشاجرات و الأحداث الحزينة و السعيدة , يدرك المرء إنسانيته دون الحاجة إلى شمعة تنهار أمامه أو شاعر يفتح عاطفته على المجاز . أركب الماضي و ألحق بالخريف الأخير من سنوات الصبى ، و أتلاشى مع صوت الطعريجة (آلة موسيقية تقليدية) أيام العيد و هتاف أقراني حين نعد حبات البرتقال التي قطفناها ليلا من المدرسة القريبة من الحي ، و نجد حصة كل واحد منا برتقالتين ، الصخب و الشغب من جملة مقبلات تلطف مرارة الوضع ، وضع لا يجيد الصغار ببراءتهم ، قراءته في عيون الكبار.
لكل ليلاه ، و لي جمال مراكش الباطني و كافة عيوبها . هذه المدينة تحفظ خطواتي في الأصيل و عمرا سريعا تلتهمه الفصول الأربعة ، ينفذ من بداياته دون وعي أو إدراك . كتبت مرة لأجنبي استفسرني ، كان ينوي زيارتها :
((مراكش الحمراء . كثيرون كتبوا عنها و رسموها : مدينة استثنائية السحر و الهواء . استراح في فنادقها ورياضاتها (دور قديمة فخمة تقليدية الطابع) ملايين السياح ، ممثلون و مغنون و ملوك و شعراء و رسامون و أناس عاديون جذبتهم المدينة بطابعها الآخاد و روائح العطرية و الجلد و المأكولات و زمن أكل عليه الدهر و شرب ، صنع مجدها و دروبها الضيقة و رجالها السبعة . و في حدائق أكدال و المنارة و تحت صومعة الكتبية و بين البهارات و أرواح العبيد القدامى في الرحبة القديمة و على وقع الشموع المنثورة ليلا على امتداد ساحة جامع الفنا المغمورة بدخان الأطعمة المتصاعد نحو السماء ، شرقيون و غربيون أجمعوا على أنها تحفة نادرة و وجه جميل للحياة المغربية )).
الطفولة التي أحن إليها كلما تذوقت في لعابي طعم الحليب ، و رغم بساطتها ، معقدة و مركبة و متصلة بالألم كعين الذبابة . و لعل عيون الكبار المهشمة بشمس لا تمسح البؤس عن الوجوه ، و خطوات العابرين وحيدين في الأصيل ، من جملة الوضع الذي لم نفهمه حين كنا صغارا ، نلعب و نتعارك و نتسابق في زاوية أو درب قديم طويل لا يفضي إلى شيء ، في الهامش ، حيث رسم الله وجها مشوها للمدينة ، لا يعرفه السياح .
#علاء_كعيد_حسب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صوت مفلس
-
الشاعر السويسري برينو ميرسي و رحلة اكتشاف الآخر
-
لحسن لفرساوي : سريالية اللون و الحرف
-
شاعرية الماغوط و القارئ
-
محمود درويش , الشاعر الحاضر فينا
-
المالكي و ديمقراطية الفؤوس
-
هلوسات في حضرة الشهود
-
قاض بمحكمة نواحي مراكش , يغتر بنفسه
-
مريم
-
هي و الليل
-
التعبير عن الرأي: بين التعتيم و التنوير
-
ثيمة النضال في ديوان أبابيل الصمت للشاعرة المغربية زليخة موس
...
-
إنفلوانزا الخنازير : الكابوس الذي يفزع المغاربة
-
حسنا , سأكون كما تحبون
-
أمريكا و المالكي و مقهى الحشيش
-
إيران : النهضة التي تحاول الأغلبية إخمادها
-
بين النارنج و النخيل
-
الوصية
-
واحة رغبات
-
برينو ميرسي الشاعر السويسري الذي يتنفس الشرق
المزيد.....
-
محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة
...
-
الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف
...
-
“نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي
...
-
بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
-
“مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي
...
-
-النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو
...
-
بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو
...
-
فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
-
الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
-
التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|