أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء كعيد حسب - شاعرية الماغوط و القارئ














المزيد.....

شاعرية الماغوط و القارئ


علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي


الحوار المتمدن-العدد: 2855 - 2009 / 12 / 11 - 22:30
المحور: الادب والفن
    


حالما بأهله و إخوته , بلون عيونهم و ثيابهم و جواربهم , نقش محمد الماغوط اسمه بين الكبار بعفوية حلم يتسلل إلى السرير و هدوء شبيه بهدوء الجدات, باقترابه من أفئدتنا و إخضاعها بموهبته و ثوران لغته ... و نكرانه سخف السلطة و العصر . و كأي شاعر حقيقي , فجر ذهولنا العاطفي و أوجد المكان المناسب للإنسان في الإنسان ذاته و الصمت , دون أن يرهق نفسه بالسؤال عن جنس ما يكتب , متابعا السرد و الغناء كشمعة عجوز تتلذذ بأنفاسها الأرجوانية الأخيرة و هي تضيء مخيلتنا المفتوحة بما تبقى لها من الرماد و الذكريات .

الصور المضيئة و المظلمة , و التساؤلات المصيرية المرتبطة بالإنسان و الهوية و العصر بكل تحدياته و غموضه , تجعل من كل مقطع كتبه الماغوط لوحة فريدة و سفرا أسطوريا في أغوار روح استنبطت شاعريتها من كل ما في الحياة , حتى الشاذ فيها . و فيما تعلو الأنفاس و الأضواء , و تنخفض الأغصان و الأنامل و العيون , يتصادم الوعي و اللاوعي , التحضر و البداوة , الأنا و الوطن , انكسارات الكبر و براءة الطفولة , لتتشكل الأقصوصة بكامل زخمها و أحاسيسها و رؤيتها الكونية للأشياء , و تتفاعل التجليات مع الهواجس في محيط الماغوط و وجدانه . و لعله من الزمرة القليلة من الشعراء التي استطاعت بشاعريتها العالية و أسلوبها البسيط ملامسة الإنسان و مخاطبة روحه .

و كالسحر , يأخذنا الماغوط على حين غرة , يسرقنا من دواتنا و يمضي بنا إلى عوالمه لنسمع نواح أشجار بعيدة و نرى جيوشا صفراء تجري فوق ضلوعه , مما يتيح الفرصة للتحرك الايجابي داخل المفارقات الكونية بكل تفاصيلها , عبر الإنسان و الحياة . فالقصيدة التي تنطلق منها بين الفينة و الأخرى صرخات عميقة تكشف بعضا من وحدة الشاعر و ألمه بينما يسير بقدمين جريحتين على قلب أمة و في مفاصله ينبض الفرح و يتشابك وجوده مع كل شيء و يتوالد ليصبح أكثر من نجمة صغيرة في الأفق , هي نفسها القصيدة التي تبدأ الليلة أو صباح غد حيث الغيوم الشتائية الحزينة تحمل له رائحة الأهل و السرير و السهرات المضيئة بين أشجار الصنوبر . لهذا , فالنص الماغوطي ساحة للسجال الفكري و التقلبات العاطفية , و هو ودون شك , مهلة نادرة للتأمل في محيطنا البشري و البحث عن جوهرنا الإنساني .

و مع مرور الزمن لم تفقد كتاباته بريقها الجمالي و قيمتها الأدبية , لأنها ابتعدت عن تطبيق القواعد و المفاهيم , و اكتفت بالتعبير عن الذات بأكبر عفوية و صدق ممكنيين , في محاولة للتذكير بأن جوهر الشعر عنفوانه . و رغم العديد من الدراسات الأكاديمية و المقالات النقدية التي تناولت تجربة الماغوط الإبداعية , سيبقى الأخير بعيدا عن متناول واقعنا , قريبا من أحلامنا , كأكبر دليل على أن الشعر حيوي و حاجتنا إليه تفوق حاجة الأرض للماء .




#علاء_كعيد_حسب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمود درويش , الشاعر الحاضر فينا
- المالكي و ديمقراطية الفؤوس
- هلوسات في حضرة الشهود
- قاض بمحكمة نواحي مراكش , يغتر بنفسه
- مريم
- هي و الليل
- التعبير عن الرأي: بين التعتيم و التنوير
- ثيمة النضال في ديوان أبابيل الصمت للشاعرة المغربية زليخة موس ...
- إنفلوانزا الخنازير : الكابوس الذي يفزع المغاربة
- حسنا , سأكون كما تحبون
- أمريكا و المالكي و مقهى الحشيش
- إيران : النهضة التي تحاول الأغلبية إخمادها
- بين النارنج و النخيل
- الوصية
- واحة رغبات
- برينو ميرسي الشاعر السويسري الذي يتنفس الشرق
- المدينة الحزينة
- العلاقات المغربية الإسرائيلية : بين التصريحات الرسمية و أرض ...
- المغرب بين عشرات المهرجانات و ملايين الفقراء
- صورة بين الرفوف


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء كعيد حسب - شاعرية الماغوط و القارئ