أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماريو أنور - العبور














المزيد.....

العبور


ماريو أنور

الحوار المتمدن-العدد: 3001 - 2010 / 5 / 11 - 15:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ليست المرأة صبية كبيرة , والمرأة التى تكون صبية كبيرة تكون مسخاً . ولا تصبح امرأة إلا بالتحول , اى بالموت عن حالتها , عن وضعها كصبية , للولادة الى وضع المرأة البالغة و حالتها .
نتناول هنا شيئاً أساسياً . ان سألت الصبية ماذا يمكننى ان أعمل لكى أسرها , أجابت عفوياً : أريد ان اكون كبيرة كأمى . لكنها لا تفكر ثانية أنه يجب عليها لذلك ان تتخلى عن لعبها وعن حياتها الخالية من الهموم , للانتقال الى شىء جديد على الاطلاق , وهذا أمر لا يتم من دون ألم . إنها لا تعلم بأنه يجب عليها , لتصبح شخصاً بالغاً , ان تموت عن طفولتها لتلد الى البلوغ . تبدو هذه الملاحظة قليلة الاهمية , لكنها فى الواقع تبلغ شأواً بعيداً , لأن فيها وجهاً لما يسمى فى عصرنا الأسطورة . ومن الوجوه الاساسية فى الأسطورة أن من طبع الانسان أن يسقط فى المستقبل صورة الحاضر كما هو , من دون اى تحويل .
بهذا المعنى , يمكننا إن نقول إن الدين يحتوى على الفن الاسطورى على صعيد البلاغة . فالدين يصور لنا الحياة الابدية بصورة راحة , ونحن نميل الى تصور الحياة الابدية فى خط تلك الراحة التى تهمنا فى حياتنا الارضية , حين نكون تعبين . إذا تركنا مخيلتنا تشرد ولم نؤدبها بالتفكير , تصورنا تلك الحياة الابدية نوعاً من البطالة الهادئة الابدية .
لابد من الاعتراف بأن الاديان لها وجوه اسطورية يجب نقدها نقداً جذرياً .
لا تستغربوا ان اقول لكم إن البلاغة الكتابية تحتاج الى نقد . فكلمة الله كلمة بشرية , كان يريد أن يفهموا الله , فاستخدموا الاساطير القديمة التى كانوا يفهموها . فمن اختصاص علم اللاهوت ان يقوم بالنقد , اى ان يفكر و يفهم ما يختفى تحت الاسطورة , لكيلا تستسلم مخيلتنا للتجربة الصبيانية فتسقط فى المستقبل صورة الحاضر كما هو بدون اى تحويل .
دودة تصبح فراشة
ليست الفراشة دودة كبيرة , لأن النمو لا يكون ابداً مجرد كبر . فلو كان للدودة وعى وكنت استطيع ان اخاطبها , كما يجرى فى قصة الجن , لسألتها بماذا تحلم . لا شك أنها تجيبنى , بوجه اسطورى , أنها تحب أن تكون أكبر دود الغابة , وملكة الدود , تلك التى تستطيع ان تملك , بفضل حجمها ووزنها على سائر دود الغابة .
يسمى ذلك ارادة قوة , وما هو إلا المزيد على الوضع الحاضر , من دون اى تحويل . لا تعلم الدودة بأن عليها , لكى تصبح ما يجب ان تكون , ان تتخلى عن جسدها الدودى و ان تعطى جسماً جديداً , اذ لا وجود لها إلا لتصبح فراشة : هذه هى دعوتها . ولن تكون ما يجب ان تكون إلا يوم تصبح فراشة .
لابد لذلك من تحول جذرى . ان اراد الانسان ان يصبح الله , وجب عليه ان يحول تحويلاً نهائياً . وهذا التحويل يفترض موت شىء وولادة شىء جديد . فإن كانت دعوتنا ان نؤله , فلابد ان يكون مصيرنا على شكل موت و قيامة .
من المهم لن يحدد هذان اللفظان . عندما اتكلم عن الموت , طوال هذا العرض , لا اعنى موتنا الأخير , الموت الذى تنتهى به حياتنا , ساعة نلفظ النفس الأخير , بل اقصد ذلك الموت الدى لابد منه طوال الحياة , الموت عن النفس , الموت عن الانانية المسمى تضحية . لا يخفى على احد أن إنجاب الاولاد و تربيتهم يفرضان الكثير من التضحيات . وعندما اتكلم على القيامة , لا أعنى العودة , بعد الموت , إلى الحياة التى كانت قبل الموت . فالقيامة انتقال الى حياة تختلف كل الاختلاف .
اريد أن ابين لكم ان الانتقال الى الحياة الالهية , الى حياة الله نفسها , الذى يتم , لابد من الموت فقط , بل طوال الحياة , يفترض دائماً موتاً وولادة جديدة او قيامة . نختار امثلتنا فى أبسط أنواع الحياة . المطلوب ان نفهم ان النمو ليس كبراً , بل هو تحول . لا وجود للكبر إلا فى عالم الجماد . وحالما يتناول اهتمامنا جسماً حياً , وان كان حيوانياً , يدور الكلام على التحول .
إنه لأمر رهيب ان ننتقل من العدم الى الوجود البشرى , ولكنه لأمر أرهب بكثير ان ننتقل من الوجود البشرى الى الوجود الإلهى .



#ماريو_أنور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معتقدات تطورية
- فكرة الموت
- الفكر و الصدفة
- معيار التطور فى الكائنات
- بزوغ الحياة
- التطوُّر الإنساني وضرورة التحول الروحي
- الروح العلمية و الإيمان بالمستقبل
- ( خذنى و كلنى ) فن التطور الإنسانى
- ربما يكون هذا حقيقياً
- صورة اللاهوتى المعاصر
- تصورات إلهية
- الفصل الأخير مسرحية عدو المسيح المثيرة للجدل
- هل كان العالم فى حاجة لمجىء محمد صلى الله عليه و سلم ؟ ولماذ ...
- قصص المعجزات الأنجيلية و الأسطورة (2)
- قصص المعجزات الأنجيلية و الأسطورة (1)
- جمهورية الأنبا شنوده
- مقارنات لظهورات مريمية
- حيرة إلهية
- مصطفى محمود ( لا يستحق التكريم ) 2
- مصطفى محمود ( لا يستحق التكريم )


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماريو أنور - العبور