أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماريو أنور - قصص المعجزات الأنجيلية و الأسطورة (1)














المزيد.....

قصص المعجزات الأنجيلية و الأسطورة (1)


ماريو أنور

الحوار المتمدن-العدد: 2891 - 2010 / 1 / 17 - 09:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم يكن المسيح فاعلاً بكلامه فحسب , ولكن على قدر ذلك بأفعاله . فهو لم يتكلم فقط بل فعل أيضاً . ولقد لاحظنا مدى ارتباط رسالته بمجمل سلوكه و على الخصوص بمشاركته الخطأة فى مائدتهم , الأمر الذى كان سبب عثار . يبقى علينا أن نتفحص بالتفصيل ما يجعل فعل يسوع خارقاً و صعب الفهم إلى هذا الحد , بالنسبة إلى الانسان الحديث , على الأقل , أى معجزات المسيح . فمن المستحيل إغفال ما نقلته الأناجيل عن المعجزات , لأن ذلك موجود فى الطبقات الأكثر بدائية . بل إن مرقس قد ركز فى إنجيله على المعجزات , بوجه يكاد يكون حصرياً . فيستحيل إذن على الإطلاق إغفال تلك الروايات , إذا شئنا الكلام على يسوع .
جوته كان يقول (( إن المعجزة هى الولد الأعز للإيمان )) . أما اليوم فقد صارت أكثر أسباب اهتماماته . فبعد بروز الذاتية النقدية , وانصراف همها إلى معرفة أكيدة يمكن التسلح بها , صارت وجوه الحقيقة العامة و المتماثلة أول ما يسترعى الانتباه . ولكن عندما يتقبل الموضوع الفردى تحديده على الخصوص من تماثله و صلته بجميع الآخرين , يختفى معنى ما هو غير متوقع و ما لا يحدث إلا مرة واحدة . والحدث الخارق لا يعود مدعة إلى العجب كأنه معجزة . بل بالعكس , يصبح فى مستوى موضوع قابل للشرح . فإذا كان الانسان الحديث يرى أيضاً المعجزة , فإنه يجدها بالتدقيق فى انتظام الطبيعة وفى تناسقها . أما التاريخ فينظر إليه كأنه المحل الذى يحقق فيه ذاته . و إذا تكلم هنا عن روائع أو معجزات , كعجائب الدنيا السبع , والمعجزة الاقتصادية , أو معجزات التقنية , فهو لا يفعل ذلك إلا بوجه غير صحيح , إذ يشير بذلك إلى عمله هو .
إن التغيير الذى جرى فى الأزمنة الحديثة فى معرفة العالم و التاريخ قد أوصل إلى إشكالية مزدوجة بالنسبة إلى معجزات المسيح : الوحدة التاريخية , والأخرى علمية . و الارتياب التاريخى فى شأن روايات المعجزات يستدعى البحث بانتباه . أما الفكر العلمى فيقتضى تجديداً جوهرياً فى تقصى مفهوم المعجزة عموماً .
إن الاستقصاء التاريخى و النقدى للمنقول عن المعجزات يؤدى أولاً إلى ثلاث نتائج :
1 – يجد النقد الأدبى أن هناك نزعة إلى تعزيز المعجزات و تضخيمها و تكثيرها . فقد شفى يسوع , بحسب مرقس 1 : 34 الكثير من المرضى . وبحسب ما يوازى فى كتى 8 :16 , شفاهم جميعاً . فى مرقس . كانت ابنة يائيروس على آخر رمق 5 : 23 , وفى متى كانت (( قد ماتت الساعة )) 9: 18 . شفاء أعمى واحد , وواحد استحوذ عليه الشيطان , يصير شفاء لأعميين و لاثنين استحوذ عليهما الشيطان . الأربعة الآلاف الذين أطعمهم يسوع يصبحون خمسة آلاف , والسبع القفف الباقية مما فضل تصبح اثنى عشرة . إن هذه النزعة إلى الزيادة و التكثير و التعزيز التى نراها فى الأناجيل , لابد من افتراض وجودها طبعاً فى المرحلة التى سبقت تأليف الأناجيل . و هكذا تتضائل مادة روايات المعجزات بوضوح .
2 – وينتج تضاؤل ثانى من المقارنة بقصص المعجزات الرابينية و الهلينية . فروايات المعجزات فى العهد الجديد مبنية على تماثل و بدوافع نعرفها أيضاً فى المخلفات القديمة الآخرى . فهناك هكذا قصص معجزات رابينية و هلينية من أشفية , وإخراج شياطين , وإقامة أموات , وتهدئة عواصف .... و نجد أمور كثيرة موازية عند معاصر يسوع أبوبونيوس التيانى . ويروى حدوث كثير من المعجزات خصوصاً فى معبد أسكليبيوس فى إبيدورس . وهكذا نخلص بانطباع عن العهد الجديد , أنه ينسب أسباباً خارجة عن المسيحية إلى يسوع لإبراز عظمته و قدرته . بل هناك تقنية محددة جداً لروايات المعجزات , وخطوط ثابتة من ثلاثة أجزاء لإيرادها : يوصف أولاً إخفاق الجهود السابقة , و تعرض خطورة المرض , للإعداد هكذ لعظمة المعجزة . ثم يأتى وصف حادثة المعجزة . وأخيراً يسمى الشهود الذين رأوا المعجزة و اعترفوا بها . أجل هناك أيضاً تمايز موصوف بين معجزات المسيح و المعجزات القديمة الأخرى . فيسوع لا يجرى المعجزات فى سبيل المال أو الاستفادة , أو القصاص أو الإعجاب . ولكن أما موازاة لا يمكن إنكار وجودها , يكون من الصعب الطعن فى جميع روايات المعجزات اليهودية و الهلينية . بحسبانها مجرد تزوير للتاريخ , والقبول , بالعكس , دون تمييز , لروايات العهد الجديد على أنها تاريخية .
3 – إن الكثير من قصص المعجزات , بحسب " تاريخ الأشكال " , هو إسقاط ارتدادى لتجارب فصحية فى حياة يسوع الأرضية , أو تصورات مسبقة للمسيح الممجد . فمعجزة تهدئة العاصفة , على سبيل المثال , ومشهد التجلى , والمشى على الماء , وتوزيع الأربة اة الخمسة آلاف رغيف , وصيد بطرس العجيب , هى من مثل تلك القصص الظهورية . وبحجة أقوى ليس لقصص إقامة ابنة يائيروس , وشاب نائين , ولعازر , غاية أخرى سوى إظهار يسوع كسيد للحياة و الموت . والمعجزات المتعلقة بالطبيعة هى هكذا , على الخصوص , زيادة ثانوية بالنسبة إلى المنقول الأصلى .
ينتج من هذا كله أنه علينا أن نصف بالأسطورى الكثير من قصص المعجزات الموجوده فى الأناجيل . يجب البحث فى هذه الأساطير عن مقصدها اللاهوتى أكثر من البحث عن محتواها التاريخى . فهى لا تعلم بوقائع خلاصية خاصة , بل بدلالة حدث الخلاص الفريد : يسوع المسيح . فالبرهان عن أن بعض المعجزات لا تمكن نسبتها إلى يسوع الأرضى , ى يقصد إذن أن ليس لها أى مدلول لاهوتى و كرازى . هذه الروايات غير التاريخية هى تأكيدات إيمانية للمدلول الخلاصى لشخص يسوع و رسالته .
المرجع
يسوع المسيح تأليف فالتر كاسبر



#ماريو_أنور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمهورية الأنبا شنوده
- مقارنات لظهورات مريمية
- حيرة إلهية
- مصطفى محمود ( لا يستحق التكريم ) 2
- مصطفى محمود ( لا يستحق التكريم )
- زنى العقول
- طلقات اوباما النارية
- حقيقة اسلامية
- حوارات شعبية
- خرافات قبطية 3
- خرافات قبطية 2
- خرافات قبطية
- أساطير الله
- الدين – المحبة – الرغبة
- متناقضات الفقهاء
- زكريا ورشيد في الميزان الحلقة الثانية
- زكريا ورشيد في الميزان
- الله و المرأة
- الثورة المتألهة
- الحب - الجنس - الدين


المزيد.....




- شاهد: المسيحيون الأرثوذوكس يحتفلون بـ-سبت النور- في روسيا
- المرصد الفرنسي للهجرة: الجزائريون أكثر المهاجرين تمسكا بالهو ...
- فرحة العيال رجعت.. تردد قناة طيور الجنة toyour eljanah 2024 ...
- المقاومة الإسلامية للعراق تستهدف ميناء حيفا بأراضي فلسطين ال ...
- بوتين يحضر قداس عيد الفصح في كاتدرائية المسيح المخلص بموسكو ...
- قمة إسلامية في غامبيا وقرار منتظر بشأن غزة
- بالفيديو.. الرئيس بوتين يحضر قداس عيد الفصح في كاتدرائية الم ...
- استعلم الآن … رابط نتيجة مسابقة شيخ الأزهر 2024 بالرقم القوم ...
- شاهد.. الغزيون يُحَيُّون مقاومة لبنان الإسلامية والسيد نصرال ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف بيّاض بليدا والراهب والرا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماريو أنور - قصص المعجزات الأنجيلية و الأسطورة (1)