أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سلمان ع الحبيب - أمة تسكنها الأحزان !














المزيد.....

أمة تسكنها الأحزان !


سلمان ع الحبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2999 - 2010 / 5 / 8 - 22:15
المحور: حقوق الانسان
    


قد ألفنا في ثقافتنا العربية أن نجد التجهم وقاراً واتزاناً، والحزن عادةً تعبر عن هويتنا الثقافية التي نشأنا عليها، وأصبحت بذلك الابتسامة ترفاً دخيلاً على حياتنا اليومية وطيشاً ولهواً لا يليق بنا ولا نليق به؛حتى نسينا شكل الابتسامة وطعمها بل أصبحنا نتهم أنفسنا بالخيانة حينما نمارسها .
لقد ألفنا أن نجد منابرنا حزينة تستجدي الدموع والصياح، بالإضافة إلى أنّ مواعظنا الدينية أصبحت أشبه بسياط الجلادين حيث تهدّد بالويل والثبور وعذاب القبر وجهنم وبئس المصير ،وألفنا أن نقرأ في قصصنا وأشعارنا وخواطرنا ما يهدّ بنياننا المتماسك وأن نشاهد عبر شاشة التلفاز أحزاننا التي لا تنتهي في أغلب مسلسلاتنا وأفلامنا وهي تستنزف طاقتها لتثير الأشجان بإثارة العواطف وزلزلة المشاعر لنجد أنفسنا نبكي تلقائياً ونشعر بالذنب حينما نفرح أو نلهو ببراءة الإنسانية التي حملناها في طفولتنا فأصبحت حياتنا تراجيديا مرة كمرارة واقعنا الذي نعيشه .
إننا أمة محبطة حدّ النخاع ، وليس الحزن والدموع إلا دليل الضعف والهوان الذي يسكننا . إننا أمة ضعيفة تبكي على نفسها وتصيح على تخلفها وتراجعها في ظل التقدّم والانفجار العلمي والاقتصادي وثورة المعلومات .
إننا نحزن لأننا نجد واقعاً متخلفاً على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية والثقافية ونجد واقعاً مهزوماً حتى صرنا أبطال نشرات الأخبار في إثارة الشفقة والعطف بسبب ما نشهده من عذاب وتنكيل وتهجير ودمار وتآمر ، ونحن مسلوبو الإرادة بفعل السياسات والأنظمة العربية التي تشلّ حركتنا وتقدمنا بينما تفكّر قوى الاستعمار - بكل ما تملك من قوة - في التحكم في مصائرنا والتخطيط لمستقبلنا حتى أصبح بإمكانهم تغيير خريطة العالم العربي إذا اقتضت الضرورة ذلك .
إننا أمة تئن من الفقر الذي يطحنها طحن الرحى ، وتئن من البطالة بأرقام خرافية كما تئن من الكبت السياسي والاجتماعي وتصرف القوى الاستعمارية في مصائرنا كيفما تشاء وحسب ما تقتضي مصالحهم .
لقد أصبح العربي في أغلب البلاد العربية يتطلّع إلى أن ينال حق الكلب في أمريكا التي يلعنها ليل نهار ، لأنه يئس من أن ينال حقه الإنساني في بلده .
هكذا أصبح العالم العربي مسكوناً بالحزن الذي ارتسم على وجه أفراده كأحافير شكلها الزمن لتكون دليلاً للجيولوجي راسخة مدى الأزمان.
إن هذا الحزن هو الذي جعل العرب يسقطونه كحيلة دفاعية لا شعورية على إنتاجهم الفكري وفي مسلسلاتهم ومنابرهم ليجدوا الدموع منفساً لإحباطاتهم وآلامهم التي تقض مضاجعهم وتؤرقهم وتكاد تخنقهم .
كما أنّ هذا الحزن الذي يعيشه أفراد العالم العربي هو الذي جعلهم يهربون من واقعهم المر والمؤلم الذي لا يستطيعون مواجهته بشجاعة ، لذا فقد ركنوا إلى التاريخ والتراث ليكون متنفساً لهم أيضاََ و يعوضون من خلاله نقائصهم ويستلهمون بطولاته المجيدة متأسفين على ضياع ذلك الماضي العريق الذي يفخرون به في كل حين ، وهذا ما ساهم في زيادة حزننا وتعميق مأساتنا وعدم معايشتنا للوضع الراهن الذي نعيشه ، وهو السبب في صعوبة تقبل العرب للحداثة ، لذا فنحن أمة تسترجع تاريخها وتراثها وتأنس به ، أما الحاضر فإننا نعيشه جسداً فقط لأن عقولنا العربية مع الماضي حيث التاريخ والتراث الذي ندس فيه رؤوسنا كما يدس النعام رأسه في الأرض ، لذا وجب على الأمة العربية أن تكون صفاً واحداً كالبنيان المرصوص وتترك النواح والندب والمواعظ التي تجعلنا نلعن بها أنفسنا لأننا وجدنا في هذه الحياة . إننا بحاجة إلى صحوة حقيقية ندرك من خلالها ما يجب أن يكون دون أن نرضى بالهوان أو نركن إلى التاريخ متهربين من مواجهة واقعنا .
علينا أن نتسلح بالقوة وعلى السياسيين في العالم العربي أن يدركوا حجم هذا الطوفان القادم الذي يمكن أن يجرفهم معه دون أن تاخذهم سفينة نوح هذه المرة ، لأنهم إن تركوا للغرب الحبل على الغارب فلن يجلبوا لأنفسهم ولشعوبهم إلا الدمار والخراب لذا عليهم بعمل الإصلاحات السياسية والاجتماعية والتربوية والاقتصادية وأن يواكبوا التقدّم العلمي والبحث وأن تساهم في الإنتاج بدلاً من أن تكون أمة مستهلكة تعيش على ما يجلبه الغرب لها وتكون تحت رحمتهم.
يجب أن تدرك الحكومات العربية أنها بحاجة إلى أن تكون بلادها مكتفية بذاتها على الأقل في أمورها الأساسية كيلا تكون لعبة يتصرّف بها الغرب وعليهم أن يمتلكوا القرار وأن يشركوا شعوبهم في صناعته ليتعاونوا جميعاً حكومة وشعباً من أجل إصلاح مجتمعهم ونصرة وطنهم وإلا بدون ذلك كله ستظل مجتمعاتنا العربية أمة تسكنها الأحزان .

* سلمان عبد الله الحبيب (أديب وناقد وباحث )



#سلمان_ع_الحبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انهيار سلطة المثقف وبروز المهمشين !
- بسملة الياسمين !!
- المرأة حبيسة الوأد الاجتماعي !
- امرأة على ضفاف أحلامي !
- لا تقولي !!
- لماذا نخشى النقد ؟!
- من وحي الغربة !
- غربة التحديث في مجتمع جامد !
- صوت يخترق العتمة !
- يوم في السنة للذكرى فلا تحاربوه !
- حكم المنفى !
- أحمر بالخط العريض وإعلامنا العربي !
- سجين الأشواق !
- ملاحقة حلم !
- يوتوبيا التعايش ( نظرة تحليلية في الموقف من الآخر ) !
- لعلّ الحب يواسيني!!
- الإبداع وصراع الذات
- الإبداع وصراع الزمن
- الإبداع وصراع الثقافة !
- الإبداع وصراع الغربة !


المزيد.....




- الأمم المتحدة: لم يبق شيء تقريبا لتوزيعه في غزة
- المغرب.. هيئات تطالب بإلغاء عقوبة الإعدام بعد 30 عاما من وقف ...
- الأمم المتحدة تعرب عن الفزع من تصاعد العنف في الفاشر بالسودا ...
- برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون ...
- نشطاء حقوق الإنسان يطالبون وزارة العدل الأمريكية بإسقاط الته ...
- قبرص: 8 دول أوروبية تؤيد خطة لإعادة اللاجئين السوريين
- ثماني دول بالاتحاد الأوروبي تدعم إعادة اللاجئين السوريين
- قبرص تقود تحركا أوروبيا لإعادة اللاجئين السوريين لبلادهم
- الأمم المتحدة تحيي ذكرى النكبة الفلسطينية للعام الثاني على ا ...
- قبرص ضمن 8 دول أوروبية تدعم خطة لإعادة اللاجئين السوريين


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سلمان ع الحبيب - أمة تسكنها الأحزان !