أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمان ع الحبيب - الإبداع وصراع الزمن














المزيد.....

الإبداع وصراع الزمن


سلمان ع الحبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2898 - 2010 / 1 / 25 - 18:21
المحور: الادب والفن
    


يشكّل الزمن بالنسبة للمبدع عقدة متشابكة تحمل في طياتها تعقيدات فلسفته في
الحياة فهو في صراع مع حاضره وتأجج دائم لا يخبو وثورة لا تهدأ فلا يجد وسيلة
لحل هذا الصراع إلا من خلال الرحلة المضنية مع الأزمنة فيحاول أن يجد في العصور
القديمة ما يستطيع أن ينهض من خلاله فتراه يبحث عن شخصيات تاريخية يعايشها
ويلبسها أحياناً وأحياناً أخرى يجعلها وسيلة لتحرير ذاته ومجتمعه ، وهو ويجعل
من القديم وسيلة لثورته وهذا نراه عند البعض في اتخاذ الأساطير وسيلة للتعبير
عن مشاعره والاستفادة منها في محاولة التغيير، بالإضافة لمعايشة الرموز
التاريخية وتضمينها في الأدب لتكون وسيلة تنفيس وتغيير يستطيع المبدع من خلاله
توظيف القديم في إصلاح نفسه ومجتمعه والإنسان عامة ، وفي المقابل تراه يبحث عن
مستقبل مشرق يستطيع من خلاله أن يرى فيه أمنياته وأحلامه وآماله وما يطمح أن
يراه في غده ، وما البحث فيما وراء الحس إلا وسيلة للوقوع على غد أفضل بالإضافة
إلى أنها وسيلة لإحداث الاستقرار النفسي من خلال التحكّم في الغيبيات التي
تمثّل قلقاً للإنسان.
المبدع رحّالة لا يعرف المكوث في زمن أو مكان فيرحل في الماضي و يحلم بالمستقبل
وهو يعيش في حاضره فهولا ينتمي لزمن معين وهذه هي غربته وهي جزء من ألم روحه
الذي يصدّع قلبه ليل نهار .
ونستطيع أن نلمح صراع الزمن في قصيدة ( برتولت بريخت ) الذي يقول :
حقاً إنني أعيش في زمن أسود … الكلمة الطيبة لا تجد من يسمعها … والجبهة
الصافية تفضح الخيانة .. والذي ما زال يضحك .. لم يسمع بعد بالنبأ الرهيب .. أي
زمن هذا ؟ الحديث عن الأشجار يوشك أن يكون جريمة … لأنه يعني الصمت على جرائم
أشد هولاً .. ذلك الذي يعبر الطريق مرتاح البال .. ألا يستطيع أصحابه … الذين
يعانون الضيق …أن يتحدثوا إليه ؟! صحيح أني ما زلت أكسب راتبي ولكن صدّقوني ،
ليس هذا إلا محض مصادفة .. إذ لا شيء مما أعمله .. يبرّر أن آكل حتى أشبع …
صدفةً ، أنني ما زلت حيّاً .. إن ساء حظّي فسوف أضيع … يقولون لي : كل واشرب
افرح بما لديك ! ولكن كيف يمكنني أن آكل وأشرب .. على حين أنتزع لقمتي من أفواه
الجائعين .. والكأس التي أشربها .. ممّن يعانون الظمأ . ومع ذلك فما زلت آكل
وأشرب نفسي تشتاق إلى أن أكون حكيماً الكتب القديمة تصف لنا من هو الحكيم .. هو
الذي يعيش بعيداً .. عن منازعات هذه الدنيا يقضي عمره القصير .. بلا خوف أو قلق
. العنف يتجنّبه .. والشر يقابله بالخير . الحكمة في أن ينسى المرء رغائبه بدل
أن يعمل على تحقيقها .. غير أنني لا أقدر على شيء من هنا … حقاً إنني أعيش في
زمن أسود .
————-
أتيت هذه المدن من زمن الفوضى.. وكان الجوع في كل مكان أتيت بين الناس في زمن
الثورة فثرت معهم .. وهكذا انقضى عمري الذي قدّر لي على هذه الأرض . طعامي
أكلته بين المعارك
نمت بين القتلة والسفّاحين .. أحببت في غير اهتمام تأملت الطبيعة ضيق الصدر ..
وهكذا انقضى عمري .. الذي قدّر لي على هذه الأرض .
————-
الطرقات على أيامي كانت تؤدي إلى مستنقعات .. كلماتي كادت تسلمني للمشنقة ..
كنت عاجز الحيلة .. غير أني كنت أقضّ مضاجع الحكّام .. أو هذا على الأقل ما كنت
أطمع فيه وهكذا انقضى عمري الذي قدّر لي على هذه الأرض . القدرة كانت محدودة
الهدف بدا بعيداً كان واضحاً على كل حال غير أني ما استطعت أن أدركه وهكذا
انقضى عمري الذي قدّر لي على هذه الأرض .
————-
أنتم يا من ستظهرون بعد الطوفان الذي غرقنا فيه فكّروا .. عندما تتحدّثون عن
ضعفنا في الزمن الأسود الذي نجوتم منه كنّا نخوض حرب الطبقات ونهيم بين البلاد
نغيّر بلداً ببلد .. أكثر مما نغيّر حذاءً بحذاء يكاد اليأس يقتلنا حين نرى
الظلم أمامنا .. ولا نرى أحداً يثور عليه نحن نعلم أن كرهنا للانحطاط يشوّه
ملامح الوجه وأن سخطنا على الظلم يبح الصوت آه نحن الذين أردنا أن نمهّد الطريق
للمحبة …
لم نستطع أن يحب بعضنا بعضاً أما أنتم فعندما يأتي اليوم الذي يصبح فيه الإنسان
صديقاً للإنسان فاذكرونا .. وسامحونا .
ومثل هذا الصراع مع الزمن نجده عند شعرائنا العرب ولن نسترسل في ذكر شواهد أخرى
لبيان هذا الصراع الذي تثور زوابعه في صدر المبدع وعقله ولكننّا نكتفي بهذا
القدر الذي يفي بالغرض في بيان الانقسام النفسي للمبدع ليعيش في أزمنة ثلاثة :
الماضي والحاضر والمستقبل .

* سلمان عبد الله الحبيب ( أديب وناقد وباحث )



#سلمان_ع_الحبيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإبداع وصراع الثقافة !
- الإبداع وصراع الغربة !
- الإبداع وصراع الوجود
- أنشدنا شعراً !!
- تذكير المؤنث (دراسة نقدية في الخطاب الشعري )
- زفرات في حرم الهوى
- رحلة نحو الشمس - دراسة نقدية تفكيكية
- وللشوق ابتهال
- الحداثة وما بعدها في ميزان النقد
- ساعة بقرب الحبيب أو (دروس في الحب )
- النص بين سلطة الثقافة وسلطة القارئ
- الكبت قنبلة موقوتة !
- حين ينثر الرماد


المزيد.....




- موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. استعلم عن نتيجتك
- عرفان أحمد: رحلتي الأكاديمية تحولت لنقد معرفي -للاستشراق اله ...
- “متوفر هنا” الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور ا ...
- “سريعة” بوابة التعليم الفني نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدو ...
- عرفان أحمد: رحلتي الأكاديمية تحولت لنقد معرفي -للاستشراق اله ...
- جداريات موسم أصيلة.. تقليد فني متواصل منذ 1978
- من عمّان إلى القدس.. كيف تصنع -جدي كنعان- وعيا مقدسيا لدى ال ...
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس nategafany.emis ...
- “رابط مباشر” نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول برقم ال ...
- امتحان الرياضيات.. تباين الآراء في الفروع العلمي والأدبي وال ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمان ع الحبيب - الإبداع وصراع الزمن