|
الرواية : مَهوى 10
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 2996 - 2010 / 5 / 5 - 17:07
المحور:
الادب والفن
ثمة ، في الحديقة السرّية ، كانَ يضوع عبقٌ طاغ لزهرة ياسمين ناصعة ، مُخمّسَة ومُتجليَة ـ كنجم المُعجزة ؛ كرؤيا البشارة . رأيتني في غرفة الغرام ، الغافيَة بَعْدُ في العطر المُسكر للمَعبودة المُستلقيَة بإعياء على سرير مَرَضها . معها كنتُ إذاً ، حينما أطلتْ الوصيفة خلل درفة باب الحجرة ، لتعلن بخوف خبَرَ مَقدم سيّدها . إلى تلك الجهة ألتفتُّ ، بعدما اختفتْ الخادم ، مُنتظراً أن أسمَعَ حَمْحَمَة المُضيف ، المألوفة . وإذا بوقع طرقات عصا ما ، هوَ ما تناهى هناك ، أعقبها ظهورُ رأس مكتس بقبعة الإنكشاريّ ، المَشنوعة . " ولكنّ هذا ، يا زوجي الحبيب ، ليسَ يوم جمعة " ، اتجهتْ المرأة بدورها نحوَ القادم ، بكلمتها المَنطوقة بنبرَة تهكم وازدراء . وقال لها الرجلُ بصرامة ، فيما يَرمقني من جانب : " إنها الليلة الأولى ، المَنشودة ، بعد إنقضاء مهلة الألف يوم زائد يوم واحد ، التي اشترطتها أنت لعقد النكاح " " آه ، أجل تذكرتُ . والآن ، على الرْجليْن أن يُفترعا إلى مداهما القصيّ ، المَطلوب ، لكي تدخل أنتَ بالسلامة " ، أجابته ياسمينة بالنبرة نفسها . عندئذ كانت نظرات الأنكشاريّ ما فتأت تتساءل عن سبب ما يُجيز لي ، أنا الرجلُ الغريب ، المكوثَ بقرب زوجته في ليلة الدخلة . على أنّ هذه ، بحركتها التالية ، الغريبة ، عليها كانَ أن تجذبَ عينيّ كلّ من الرجليْن ، الغريمَيْن ، إلى جهة السرير . إذاك كانت الملاءاتُ الحريرية ، الرهيفة ، تنحَسرُ ببطء عن التفصيل الأعلى للبدن الناعم ، الليّن ، المُكتسي بفضيحة عريه ، الساطعة . " قمْ فاقض غرَضكَ ، أيها الزوجُ الشرعيّ " قالتها ياسمينة بمجون ، وهيَ تتناهضُ بخفة وبقفزة واحدة من سريرها ، ثم أضافتْ على الأثر " فدَع عنكَ لجاجة المُساءلة عن وجود الحكيم ؛ عمن اعتادَ أن يُداوي امرأتكَ بالشيء الذي كانَ منه أصل الداء " . أربع عيون مأخوذة ، مَذهولة ، كانت في هذه اللحظة مَمْسوسة برؤيا جَسَد المرأة البَهيّ ، المُكتنز بإعجاز الآيات الربانية . إذاك كانت هيَ تخطرُ أمام أعيننا بخطو مُتمهّل يُتيح للرَدفيْن ، العظيمَيْن ، أن يَترَنحا بارتجاج مثير على أرضية مُحتفية ببساط يرطنُ حُسْنه مفردات العَجَم ؛ أن يترنحا كوقع صاعقة مزدوَجَة اللهب . حينما انحنتْ الحبيبة بعجيزتها نحوَ مدخنة الموقد ، فإنّ الطرقَ على صناجة قلبي ، المُتسارع الإيقاع ، كانَ عليه أن يوقظ العالمَ من اغفاءة فجر ملول ، ثقيل : ثمة بين شقيْ مَقدس الأست ، كانت زهيْرَة رمان تتفتحُ رويداً ، لتعاود الإتغلاق ثانية ً مع الحركة التالية ، الدّؤوبة ، للجذع المُندفع إلى الأعلى ؛ إلى الفجوة المُتوارية خلف آجرّ حائط المدخنة .
" هوَ ذا أنيسي في الألف ليلة وليلة ، المَعلومة ، التي قضيتها أنا هنا ، في حجرتي " اتجهتْ ياسمينة إلى رجلها بالقول ويدها تقبضُ على الذكر المُصنع . مُتعام عن وجودي كلياً ، طفقَ الأنكشاريّ يتطلع إلى المرأة بعينين كبيرَتيْن ، دَهشتيْن ، يتماهى فيهما حنقٌ مُتطاير الشرر . ثمّ ما عتمَ أن تحرّكَ يدوره إلى جهته امرأته ، فانتزعَ من يدها آلة متعتها فرماها أرضاً بكلّ قوة يده ، العسكرية . وإذا بياسمينة تنهارُ أرضاً فتنكبّ بلوعة فوق الآلة تلك ، لتلمّ أشلاءها وتصلح من شأنها : " يا كافرَ النعمة ، كيفَ جازَ لكَ أن تعطبَ واسطة القدّوس ؟ " " بل هوَ وثنُ الكفر نفسه ، يا جاهلة " " إنه هوَ ، أيها المأفون ، من زرَعَ روحَ الله في رحم امرأتكَ " " أتريدينني أن أصدّقَ بأنّ شيئاً مُصنعاً من الخشب ، جعلك تحبلين بمن سَيُصْبحُ في المَهْد صَبيّا ؟ " " ولكنكم تصدّقون أساطيرَ الأولين ، الأكثر عجباً : فلمَ تكذبونَ آلاء هذا الأيْر المُصَنّع من الخشب ؛ طالما أنه من المادة عينها صنع الله عصا موسى ، التي كانت تتحوّل تارة إلى أفعى عملاقة وإلى سدّ هائل يَمنع مياه البحر ، تارة أخرى ؟ " " إنه وثنٌ ، وثن .. " " بل هوَ قدّوسٌ ، قدّوس .. " ، هتفت الفتاة باصرار ويدها تعاودُ الاحتفاء بالذكر المُصنع . عندئذ شئتُ أن أتدخلَ ، في سرعة وحَسم . إذ حَدَث ما كنتُ على خشية منه ، مذ مبتدأ المُجادلة هذه ؛ حينما أرتفعَ بصري إلى السقف لأجدَ صَدْعاً فيه ، مُبيناً ، آخذاً بالاتساع في اضطراد . فما كانَ مني إلا أن صحتُ بالزوجَيْن ، المُتخاصمَيْن : " كفى ، كفى . إنّ البناء فوقنا سينهارُ ؛ إنه مَسنودٌ ، لو علمتم ، بأركان السرّ الأعظم ، الأربعة " .
مُرهقاً ، أفقتُ من برهة النوم ، الطارئة ، فوجَدْتني أرمي بصري إلى فوق ؛ إلى السقف ، الخشبيّ ، المُكتملة تفاصيل نقوشه الرائعة . آنذاك حَسْب ، جازَ لي أن أتنفس بعمق مُفرخاً روعي . أستعدتُ بلمحة ، خاطفة ، أجزاءَ المنام المُنقضي للتوّ ، لأشيّعَ من ثمّ خاتمته مُستعيذا بالله من الشيطان الرجيم . نعم . كانَ هذا ، ولا ريب ، حلماً أبقَ به وحيٌ شيطانيّ ـ كذلكَ كنتُ أتفكر بيقين . ولكنني الآن ، وأنا على أبواب خريف العمر أستعيدُ بكلمات تذكرتي أثالَ ربيعه ؛ الآنَ ، أنظرُ إلى ذلكَ الحلم بشكل مُغاير . إنه كانَ علامة من لدن العناية العليا ، الأزلية ؛ مانحة العلامات والإشارات لحيوات البشر ، الفانين . فقد أرادتْ العناية أن تمنحني أولاً إشارة من ياسمينة ، بمبتدأ حركة عريها وآلة متعتها ؛ إشارة إلى الآتي ، إلى خبَر خطبتها ، الذي أنبأتُ به هذا الصباح . أما الحلم ، فكانَ عليه ، بالمقابل ، أن يُحيلني مُجدداً إلى هاجس المأزق ؛ الذي أضحى شاغلي الأساس هنا ، في دارة الشاملي : لغز القتل المُتواشج مع لغز الكتاب . " ماذا يعني هذا كله ؟ " رحتُ أتساءلُ بقلق ، فيما بصري ما فتأ مُحلقاً في فضاء سقف الغرفة ، الزاهي . حينما استرددتُ عينيّ ، لحظتُ ثمة ، على الخوان القريب من السرير ، طبقاً خزفياً قد عُمّرَ بالفاكهة . لم أكن أفطرتُ بعد ؛ فتناولتُ ثمرة موز ورحتُ أقضمها بلذة. عندئذ ، كانَ ذلك المنامَ قد جعلني أتفكر ملياً في حركة ياسمينة ، الموصوفة ، هناك في حجرتها . لعلني ظلمتها ، حينما تهيأ لي أنها كانت تهزأ فيّ ، أو بأحسن الأحوال ، كانت تدعوني إلى ممارسة لعبة مًتعتها معاً . بَيْدَ أنني ، في منقلب تفكيري ، رجّحتُ أنّ البنتَ ، المَتعوسة بقدَرها ، إنما شاءت بصرخة عريها أن تقول لي : هاكَ جَسَدي ، إنه لكَ وحدكَ . إنها صرخة نجدة إذاً ، تدعوني إلى تخليصها من خيبتها بخطيب صلف ، مفروض عليها بدالة مركزه وسطوته حسب . أما حركتها التالية ـ بعرض الذكر المصنوع ، الوثنيّ ـ فكأنما أرادت أن تقول لي : إنكَ تحبني ، بل وتعبدني ، أليسَ كذلك ؟ إلا أنكَ في خصام مع كرامتكَ ، عندما تتذكر على الدوام ما علمته عني من تقصيك ، هنا وهناك ، في دارنا . أجل . أنكَ كنتَ تحلم بدرّة ما ثقبتْ ومطيّة لغيركَ ما رُكبتْ . فهاكَ إذاً بغيتكَ ، المُستحيلة ؛ ما دامتْ إبنة كبير أعيان الشام ، وسليلة الأشراف المُباركين ، تمارسُ يومياً فعالَ الجواري ؛ هيَ الأسيرة ُ عمراً ضمن أسوار الحَرَمْلك ولا ترى من الذكور غير الخصيان والخدم الشائخين .
الحمّام ، المُخصص لقاعة الضيافة ، كان مُلبّس الجدران بالرخام المُثلث الألوان ، والمُتسلسل مداميكه من الأصفر للزهريّ فالرماديّ . أما أرضيته فقد أبلطتْ بقطع الفسيفساء ، البراقة ، و المتناثر فوقها الأجرانُ المَرمرية والطاسات الفضية ، فيما إنزوتْ في الركن خزانة خشبية ، أنيقة ، خاصّة بالفوَط والملابس ، النظيفة . أخذتُ أنضو عني ملبسَ منامتي ، وكانت ملطخة ببقع طرية من شهوة المنام . فأنا كنتُ إذاً أغتسلَ بنيّة التطهّر من الجنابة . في مَسغبَة جوّ الحمّام الدافيء ، المُنعش ، أينعَ مُجدداً قضيبُ الشهوة مُنتعظاً ومُستثاراً . نعم . كنتُ أستجلبُ هذه المرّة مَشهَدَ بدَن ياسمينة ، في واقع الحال والحلم سواءً بسواء ؛ أستجلبه عارياً ، مَدغوماً بعري بدني . إنّ شعور الغيرَة ، الجارف ، قد خمَدَ عندئذ ، وما عدتُ لأبالي اللحظة سوى بأمر واحد حسب : أنني أتعشق هذه المَعبودة ، كما هوَ عشق المجذوب في زاوية الطريقة ، والذي يَنشدُ التقرّب من خالقه بالتماهي فيه حدّ الذوبان ؛ وحدّ أن يهذي بشطح العبارة المعروفة : " إذا أبصَرْتني أبصَرْته ، وإذا أبصرته أبصرتنا " . ولكن ، لا . إنّ هذا الحبّ لن يكونَ مصيره في زاوية صوفية ؛ ولن أكون ذلكَ الدرويش ، البائس ، الدائب في آناء الليل والنهار على حركة هزّ رأسه وتمتمة شفتيه . فياسمينة لن تتنكرَ لي ، وعلى الرغم من صدى الزغرودة النسَوية ، المُباركة ، التي تناهتْ لسَمعي قبل نحو الساعة من جناح الحريم ، فكرّبتْ رقادي وأسلمَتْ عينيّ من ثمّ للنوم . " دستور ، أيها الآغا " باغتني نداءُ المُضيف ، المُتأتي من وراء صفق باب الحمّام ، المُوارب . وما عتمَ أن دخلَ عليّ ، مُعتذراً ثانية ً . مُحرَجاً ، كنتُ قد تناولتُ الفوطة بلمحة ، لكي أسترَ مرأى ذكري ، الما فتأ على انتصابه ، المُبين . أجل ، كنتُ خجلاً فضلاً عن ذلك من حقيقة ، أنّ انتعاظي هذا ، كانَ نتيجة استحضار حرمات مُضيفي وأنا في داره ؛ وأنا " أدوسُ على بساطه " ـ كما اعتدنا القولَ . على أنّ لساني ، كانَ ذرباً والحمد لله . فإنني رحتُ أرحبُ بالزعيم بعبارات احتفاء ، مُنمّقة ؛ عبارت ، كنتُ أعرف ولا غرو مدى تأثير وقعها في سَمَع الآخرين . من ناحية أخرى ، وجدتني سعيداً برغبته في الإختلاء معي ، مُجدداً ؛ لأنّ هذا كانَ مُرادي ، ومنذ لحظة أفاقتي من الحلم . أضحى الرجلُ عارياً إذاً ، فمددتُ إليه كرسياً لجلوسه ، واطئاً ، فبادر للقعود عليه . كانَ الآنَ بمقابلي ، وقد تهدّل كرشه العظيم فأخفى الجزء السفليّ من بدنه . على الأثر ، تبادلنا حكّ الجلد بالكيس ، ثمّ بالليفة المُصبّنة العَطرَة ، مع بضع صبّات من الماء الحار لكلّ مرّة . بعد انتهائنا من طقس الأغتسال ، قمنا معاً إلى جهة الخزانة تلك ، فتناول كلّ منا فوطة مناسبة ، ليتوجّه بعدئذ إلى الناحية الأخرى من الحمّام ؛ أينَ المصطبة الحجرية ، العالية نوعاً ، والتي كسيَتْ بدكة خشبية مُظهّرة بالبسط ومَسنودة بالوسادات الثخينة . هناك أستلقيتُ بمواجهة الزعيم من جديد . وكنتُ أنتظرُ أن يُبادرني أولاً بما جدّ من أمر أبنته . إلا أنّ الصمتَ الذي أعقبَ ذلك ، شاءَ أن يُبترَ بتراً وعلى حين بغتة بصدى وقع انفجارات ، كانت من الشدّة أنها بَدَتْ كأنما هيَ قنابر تتساقط فوقَ المنزل .
" ما الأمر ، يا عصمان أفندي ؟ ما هذه الأصوات ، خارجاً ؟ " سألَ الزعيمُ كبيرَ الخدم ، وكان هذا قد شرَعَ لتوّه بوضع القهوة والحلوى على مقعد صغير في متناول اليد . أستقامَ الرجلُ فوراً ، ثمّ أجابَ سيّده : " إنّ دخانَ النيران ، المُتصاعد ، والمُترائي من على سطح الدار ، يؤكدُ أن القنابرَ تتفجّرُ ثمة ، في المنطقة الواقعة خلف الأسواق ؛ ربما في باب الجابيَة أو في درب الأروام " . حينئذ ألتقتْ عينا المُضيف مع عينيّ . كانَ قلقا ، ولا غرو . بَيْدَ أنه لم يشأ التكلمَ ، حتى فرَغ العجوز من خدمتنا وانصرَف . إذاك توحّه إليّ الزعيمُ وهوَ يحك لحيته الخفيفة ، الرمادية ، بحركة تفصح عن انشغال خاطره ، فسألني : " أتعتقدُ أنّ الوزيرَ وراءَ هذه الحَركة ، الحَمقاء ؟ " " لا يا سيّدي ، لا أعتقدُ ذلك . إنه مُلتزمٌ بكلمته لسعادة القبجي ؛ بحسب ما أكدَهُ هذا لكلّ من شمّو آغا والقاروط " " لقد سبقَ للمارق أن تبرأ من هجوم الأورطات على منزلي ، وأنحى باللائمة على آغا يقيني " ، قالها وهوَ يشدّ على نواجذ فكيْه بما يوحي بعدم اقتناعه . هدأ صوتُ القنابر من بعد ، وما لبث الهدوء أن أستعاد أنفاسه . الكبيرُ وبدوره ظهرتْ عليه علامات الأرتياح ، فنظر في عينيّ ملياً . " أتعرف أنّ قوّاص آغا ، سيُصبح صهري ، أخيراً ؟ " ، قالها بلهجة مزهوّة . عند ذلك ، ما كانَ مني إلا أن اتصنعَ الحبورَ ، فأهتف به مُهنئاً : " مَبروك ، أيها الكبير " ، ثم أضفتُ مُتبرأ من الاهتمام : " وإذاً فإنّ الآغا وافقَ ، ولا ريب ، على شروط ... " ، قلتها وسكتّ فجأة . آه ، يا لسوء لسان المَرء . فقد كنتُ سأنطق اسم " ياسمينة " في حضرة والدها . فماذا كانَ سيفكرُ فيّ حينذاك ؟ ولكنه ، على الأرجح ، لم ينتبه للأمر . ورغبة مني في صرف نظره ، نهائياً ، عن هفوتي تلك ، فقد بادرتُ لسؤاله : " أعذرني ، يا سيّدي . لقد وعدتني أنتَ بتوضيح بعض اللبْس ، المُتعلق بمصرَع الوصيف " . تكدّرَ الزعيمُ قليلاً ؛ فهوَ لم يكن ، بطبيعة الحال ، يتوقع مني أن أعرّج على هذا الموضوع . ولكنه قال لي بتسامح : " أجل . وأنا عندَ وَعدي ، يا آغا " " إذا شئنا معرفة خفايا جرم ما ، فيجب علينا ، قبل كل شيء ، أن نعرف دافعَ القاتل ، الحقيقيّ . فما هيَ ، بحَسَب شبهتكم ، مصلحة الوصيف في سرقة الكناش وبيعه للقاروط ؟ " " إنني أدركُ ما يعنيه سؤالك ، يا صديقي : وهوَ أنّ الوصيفَ ، المقبور ، لم يكن بحاجة لكيس صغير من الدراهم الذهبية . أجل ، هذا صحيح . ولكنه ، حينما قايضَ الكتاب بهذا الكيس ، فلكي يخدَعَ القاروط . فلم يكن يريدُ أن يهبَه إياه دونما ثمن ؛ وإلا فإنّ ذلك سيثير الشكوك حول نواياه ، البعيدة " ، قالها الزعيم بتنهدة ثمّ أخلدَ فجأة للسكوت . إذ تصاعدَ وقعُ الأنفجارات مجدداً . على أنه لم يأبه بذلك بعد ، فأردفَ يُكمل حديثه : " إنّ الوصيفَ ، لعلمك يا آغا ، هوَ قريبُ المرحومة زوجتي ، القادين الكبيرة . لديّ أبنة وحيدة حسب ، بينما فقدتُ أخوتها ، الذكور ، واحداً أثر الاخر . كذلك فالوباءُ الأسوَد ، الذي دهم الولاية قبل حوالي العامَيْن ، سبقَ أن أبادَ أسرة أخي ، الوحيد ؛ فلم يبق لي قريبٌ على قيد الحياة . والمرحومة القادين ، أسرتها في الأناضول وكانت صلتها بها مقطوعة منذ أمد بعيد . وبالجملة ، فإنّ الوصيفَ ، الملعون ، فكر بكلّ ذلك جيداً : لقد أرادَ أن يكونَ وارثي ، الوحيد " " كيفَ ذلك ؟ إنّ كريمتكم حيّة بعدُ ، أطالَ الله عمرها ، وهيَ في وارد الزواج ؛ وممن ، من آمر اليرلية ؟ " ، سألته بدهشة . فهزّ رأسه وكأنما كان يتوقع قولي ، فأجاب من فوره : " ولهذا الأمر ، يا صديقي ، طلبتُ معونتك كعطار وحكيم ، موثوق ومجرّب : كنتُ في ريبة ، وفي قلق شديد ، من أنّ يكونَ المقبورُ قد دسّ سُماً لأبنتي " .
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرواية : مَهوى 9
-
الرواية : مَهوى 8
-
الرواية : مَهوى 7
-
الرواية : مَهوى 6
-
الرواية : مَهوى 5
-
الرواية : مَهوى 4
-
الرواية : مَهوى 3
-
الرواية 2
-
الرواية : مَهوى
-
الأولى والآخرة : مَرقى 13
-
الأولى والآخرة : مَرقى 12
-
الأولى والآخرة : مَرقى 11
-
الأولى والآخرة : مَرقى 10
-
الأولى والآخرة : مَرقى 9
-
الأولى والآخرة : مَرقى 8
-
الأولى والآخرة : مَرقى 7
-
الأولى والآخرة : مَرقى 6
-
الأولى والآخرة : مَرقى 5
-
الأولى والآخرة : مَرقى 4
-
الأولى والآخرة : مَرقى 3
المزيد.....
-
-عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
-
الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر
...
-
بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا
...
-
قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
-
الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
-
رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025
...
-
خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب
...
-
موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية
...
-
-ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في
...
-
10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس
...
المزيد.....
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
-
دفاتر خضراء
/ بشير الحامدي
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
المزيد.....
|