عبد الرزاق السويراوي
الحوار المتمدن-العدد: 2994 - 2010 / 5 / 3 - 17:41
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
سبع سنوات مرّتْ على الإطاحة بسلطة البعث , ومثل هذا الرقم ووفقاً لما يسمّى بعصر الإتصال والتكنولوجيا ,يُفترض بالعراق أنْ تكون الرؤى فيه , وعبر الأنشطة جميعها , قد تبلورت ومهّدتْ لنفسها , أرضية صالحة ومثمرة على طريق التحول الديمقراطي , يُتاح من خلالها مواكبة العصر العولمي , هذا العصر الذي لا ترحم عجلة مساره , مَنْ يظلّ العمر منشغلا بلملمة أفكار بالية لا تصلح حتى لإشعال تنور طيني عتيق , فعصر السرعة أو عصر الإتصال والتكنولوجيا أو سمّهِ ما شئت من مسميات العصر الحديث , ليس في قاموسه , مفردة يجامل بها أحداً , أيّاً كان , وما لم تبحث لك عن مكان في قافلة هذا العصر التي لا تعرف التوقف أبداً لكي تساير العالم الحديث , ستجد نفسك سكة حديد تطؤها على الدوام , قاطرات مَنْ يتصارعون مع سيف الزمن الذي صرعوه .
أما نحن , فالزمن لدينا , بدلاً من أنْ نصيّره آلة , تتحكم قبضتنا بزرّ بوصلته متى ما نشاء , نجد العكس هو الصحيح , بمعنى اننا أصبحنا زرّاً يضغطه مَنْ يتحكم بنا وبزمننا .
الأيام تمضي , والشهور تمضي , والسنوات تمضي ,وليس في متاعنا , غير حفنة من التسويفات , تسْتغْفلنا , ونحسب أننا نضحك منها , تسويف يحسن التعامل مع سين العربية المستقبلي ولكن من دون تفعيل لما بعد حرف السين العربي .
غني هو العراق , بثرواته المادية والبشرية والسياحية , وأغنى من هذا الغنى , هو غنى حضارته وأدبه وشعره وأطباءه العباقرة الذين يملؤن مستشفيات العالم المتقدم , وغني بفنانيه التشكيليين الذي تزيّن لوحاتهم قاعات ارقى صالات العرض العالمية بل وتزين هذه اللوحات جدران أغنياء العالم الغربي والشرقي الذين يعشقون الفن العراقي , ومع كل ذلك , لم نعط الزمن إستحقاقاته وكما ينبغي , وقد يجهل معظمنا , أنّ آناً يذهب في لحظة واحدة , لا يعوّضه آنٌ يليه مباشرة . المعادلات لدينا كما لو أنّها تعمل بالمقلوب تماما في كل شيء .
شرائح إجتماعية بقدر أشجار العراق ونخيله , تعيش تحت المستويات الدنيا من الفقر ,وثمة صفقات طويلة الاجل عُقِدتْ بين هذه البطون الجائعة وبين الباذنجان محبوب الملايين من العراقيين . وفي قبال ذلك , بطون قلّة متخمة تماما, من السمك المسكوف والموائد المسلفنة بالدولار بدلا من ورق السيليفون , ورغم ذلك فهي لا تعرف كيف تشبع . أميّون ,أبجديا وثقافيا , يشغلون مناصب رفيعة ومحترمة . خريجو جامعات يبيعون باقات الفجل والكراث في اسواقنا الشعبية . وهذه المفارقة هي محسوبة مكانيا وليس على الزمان وحده . ملعونة هي المعادلات حين تعمل بالمقلوب . متى نلمْلمْ خلافاتنا ونضعها في أكياس اللاعودة إليها , ونرمي بها في البحر ؟؟ متى نشرع في قراءة جديدة لواقع عراقي يجب ان نعيشه كبقية شعوب العالم المتحضرة وغير المتحضرة ؟؟ متى .. متى .. مليون متى .
#عبد_الرزاق_السويراوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟