أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الرزاق السويراوي - الذات : وثنائية المثقّف والسياسي














المزيد.....

الذات : وثنائية المثقّف والسياسي


عبد الرزاق السويراوي

الحوار المتمدن-العدد: 2220 - 2008 / 3 / 14 - 00:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا شك بان المرحلة التي عاشها العراقيون ايام السلطة الدكتاتورية السابقة هي إستثنائية في كل شيء بامتدادها الزمني وبإستبدادها السياسي وبقمعها لكل ما هو إنساني . كل ذلك لا يمكن نكرانه أو تجاهله , غير أنّ هذه الحقيقة رغم مرارتها , لا تجيز بأنْ نجعل منها ثوبا يتلبّسنا كقدر لا فكاك من قبضته . أنّ سنوات الماضي , هنّ وفق معايير صرامة الحتمية التاريخية , صرْنَ بكل تأكيد , ماضيا لا يستحق حتى عرضه في صالونات للبغايا , لأنهنّ ــ ربما ــ يتعففْن من صفحاته السوداء . وقد يعترض معترض ,وهو محق , بأنّ آثار ومساويء مرحلة الماضي لا زالت ماثلة في أزقّة أذهاننا , أقول نعم ,لكنها بلا روح , فهي أشبه شيء بجلد أفعى منزوع , يجفل الرائي أوّل وهلة , لكنه سرعان ما يتنبّه له ويتيقّن بأنّه ليس أكثر من جلد لا حياة فيه .
في الأوضاع الحالية , يفترض , ووفق الحسابات المنسجمة مع المرحلة ومتطلباتها ,أنْ تكون ذواتنا طوع إرادتنا , لتزيح عن كاهلها ركام الماضي بكل صوره الإستبدادية العنيفة , وأيضا , لتسْتلّ سيف حريتها وتشهره بوجه كل مظاهر العنف والإستلاب التي ما عادت مقنعة حتى لمعتنقيها .لا ننكر أنّ ذواتنا بارعة في رسم شبح لعدو ما زال يمسك بزمام الامور ونتخيّله ُممْتلكا لقوة سحرية يستطيع بها دعوتنا مكبّلين لولائم عرسه الدموي , فبلغ الامر بالبعض , نتيجة إستسلامه لهذا الوهم , أن تذهب به ظنونه بأنّ هذا العدو بصدد القيام بإنقلاب عسكري ضد الحكومة . هكذا هي مهارة الذات في صنع الوهم .
أنّ أخطر ما في حاضرنا العراقي , هو تفاعل ثنائية الثقافة والسياسة وحضورها الملحوظ في الساحة ,فأنّ الهدم والبناء مرهونان بتآلفهما أو تقاطعهما , ويؤسف أنّ الواقع الراهن يعكس توسّع الفجوة بينهما بالرغم من أنّ بعض المظاهر تشير الى عكس ذلك ,وهي مظاهر قد لا تكون دقيقة أو صادقة أصلاً .
السياسي بشكل عام , لم ينتصر تماما على ذاته , فظلّ أسير خطابه الموزع بين الإلتصاق بإجواء حقبة المعارضة التي عاشها سابقا وبين حاضر عنيف ينظر له في معظم الأحيان بعين الماضي أيضاً , فتراه يبرّر الإخفاقات الحاصلة على مستوى الحراك السياسي وما يتمخض عنه من سلبيات , فيردّه الى فقدان الحالة الأمنية , متناسيا الدور الذي يلعبه هو , بشكل مباشر أو غير مباشر , في رفد وتائر العنف بالنمو من خلال تبنّيه , عمدا أو جهلا , لخطاب يزرع فيه ما أمكنه , من الأسلاك الشائكة لا بل من العبوات الناسفة أمام الآخر ليمنعه من الإقتراب الى مملكته , وكذا هو رد فعل الآخر أيضا . وفي قبال هذا الدور هناك دور المثقف الذي يشكل ثاني إثنين من الثنائية التي أشرت إليها . فهو الآخر ما زال يختلق وهم التهميش فيصيّره شماعة يعلّق عليها برود همّته في عدم تفاعله كمثقف , في الكشف عمّا ينبغي كشفه والسعي لبلورة خطاب يتجاوز الاطر التي يتعامل بها السياسي مع الأحداث . فظلّ خطابه تعوزه الرؤية الجلية التي يخترق بها حجب التمظهرات الآنية , ليستشرف آفاق المستقبل بكل إحتمالاته , وهذه النقطة بالذات هي التي تميز رؤية المثقف عن التعامل المهني للسياسي مع الحدث . وازاء هذه الإشكالية , يصبح لزاما على ( صنّاع ) الثنائية المذكورة من وقفة نقدية شاملة توضع فيها الرؤى والأفكار على بساط البحث الجدي البعيد عن الشعارات الجاهزة وإلاّ فمن دون هذه المراجعة النقدية الشاملة , سوف نترك ذواتنا , ليس كمثقفين أو سياسيين فحسب , بل كأفراد من هذا الشعب , تدور في فلك يريده المتربصون لنا , لنبقى محلقّين فيه بأجنحة كارتونية .



#عبد_الرزاق_السويراوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ضوء أحدث إستطلاع بريطاني :جسامة الخسائر تدعو للتأمّل
- ركود المجلات الثقافية الحكومية
- إنْتبهْ رجاءاً:العام الجديد يبدأ بالرقم ( 8 ) !!
- إحْذرُوا ( حوْبَة ) العراقيين !!
- وقفة مع آخر فتوى سعودية
- قرار التقسيم :وضرورة توحد الموقف الرسمي والشعبي على رفضه
- إقتحام مؤسسة المدى هل هو ممارسة حضارية جديدة لديمقراطية بوش
- دعوة لإعادة النظر في :الحصانة القضائية للعاملين في الشركات ا ...
- أياد علاّوي متى يتخلّى عن البعث ؟؟
- في العراق :ما أكثر ستراتيجيات بوش حين تعدّها ولكنّها معدومة ...
- الحكومة العراقية وضرورة الوضوح في التعامل مع الشعب :( قضيّة ...
- قصة قصيرة:لاءاتُ أبي
- ليس ردّا على مقال : ( مدينة الصدر ... تلك القروسطية الإسلامي ...
- عودة الى موضوع : لجان التحقيق الحكومية
- روح الإيثار : هل هي مغيّبة عن ذهنية النخب السياسية العراقية ...
- قراءة في :بعض معوّقات العملية السياسية في العراق
- آخر قرارات مجلس الأمن الدولي يخدم مَنْ :العراق أمْ الولايات ...
- إطفروا النهر ما دام ضيّقاً
- الحكومة السعودية وإزدواجية التعامل تجاه القضية العراقية
- قصة قصيرة :(( مع خيوط الفجر ))


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي لـCNN: ننتظر قرار ترامب بشأن إيران
- ماكرون يحذر من -تداعيات- تغيير النظام الإيراني -عسكريا-: -سي ...
- غزة - عشرات القتلى من منتظري المساعدات وإسرائيل تحقق في الوا ...
- -نيويورك تايمز-: القوات الأمريكية في حالة تأهب قصوى في قواعد ...
- أردوغان: نتنياهو أكبر تهديد لأمن المنطقة
- صفارات الإنذار تدوي في مناطق واسعة من إسرائيل بعد رصد إطلاق ...
- زيلينسكي يطلب من الدول الغربية دعما بـ 40 مليار دولار سنويا ...
- وزير مصري سابق يفجر مفاجأة بشأن الصراع بين إسرائيل وإيران
- إعلام: مستشارو ترامب منقسمون بشأن توجيه ضربة أمريكية لإيران ...
- -سي إن إن-: ترامب رفض إرسال مسؤولين للتفاوض مع إيران وتخلى ع ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الرزاق السويراوي - الذات : وثنائية المثقّف والسياسي