عبد الرزاق السويراوي
الحوار المتمدن-العدد: 2024 - 2007 / 8 / 31 - 09:59
المحور:
الادارة و الاقتصاد
قبل مايزيد على العام والنصف تقريبا , تناولت في مقال , عمل اللجان التحقيقة التي تشكلها الحكومة عقب كل حادث جلل يودي بالكثير من الأرواح البريئة من العراقيين . ومن ضمن ما تناولته في المقال , أنّ أيّ حكومة من حكومات العالم , معرّضة لحوادث مفجعة من صنع البشر يمكن وصفها ضمن المقاييس الإنسانية العامة أنها تستبيح دم الإنسان لتزهق روحه , الأمر الذي يجعل من الجهات الحكومية المعنية في هذه الدولة , تسارع الى تشكيل لجنة تحقيقية تتناسب مع مستوى الحادث وحجمه , بغية الكشف عن كل الملابسات التي تحيط به , ولا تلبث هذه الجهات , أن تزوّد مواطنيها عبر وسائل الإعلام , بكلّ جديد تتوصل إليه التحقيقات , الى أنْ يحسم الأمر في النهاية , بإعلان النتائج النهائية حتى وإنْ كانت هذه النتائج , ذات صلة بجهات مسؤولة في الدولة . بطبيعة الحال ليس من الإنصاف هنا , أنْ نساوي ما هو متاح لتلك الحكومات من إمكانيات بما هو متوفر عندنا , على إعتبار أنّ القانون لدينا ما زال مغيّبا بدرجات كبيرة , نظرا للأوضاع الإستثنائية السائدة في العراق وهي معروفة للجميع , ولكن هذا لا يعني بأيّ وجه من الوجوه , أنْ نجعله ذريعة يتمّ اللجوء إليها في كل صغيرة وكبيرة , ففي العراق , حيث الظروف الأمنية المضطربة , حدثت إنتهاكات خطيرة , إستهدفت العشرات وأحيانا المئات من الإبرياء , من قبل جماعات الإرهاب , وعقب كل حادث من هذا القبيل , نسمع بأن الجهات الحكومية , ومن أعلى المستويات أحيانا , بادرت الى تشكيل لجنة تحقيق , لكن المُلاحظ على هذه اللجان التحقيقية ومع الأسف الشديد , أنها يُسدل على أعمالها , ستار النسيان , فتُنْسى تماما الى أنْ يُسْتجدّ من الحوادث ما يوجب تشكيل لجنة تحقيقية أخرى , وهكذا , بحيث بات هذا الأمر يعني بالنسبة للمواطن العراقي , أنّ الإعلان عن تشكيل مثل هذه اللجان التحقيقية , كما لو أنّه يهدف الى إمتصاص نقمة الشارع أو في الأقل لتخدير الأعصاب ليس إلاّ , وبطبيعة الحال وكما قلنا , أنّ ظروف العراق هي إستثائيية بكل المقاييس , لكنّ هذا لا يمكن جعله مبررا للتغاضي عن كثير من السلبيات التي يمكن إحتواءها , ذلك لأنّ الفرد العراقي ما زال الى الآن لم يتخلص من عقدة فقدان الثقة بينه وبين الحكومة والتي إكتسبها من الحكم الشمولي السابق , في حين أن الحاجة تستدعي تنمية أواصر الثقة بين المواطن وحكومته , وممّا لا شك فيه , أنّ النتائج المتواضعة لعمل هذه اللجان التحقيقية , إذا كانت هناك من نتائج ملموسة وواضحة , من شأنه أنْ يقطع خيوط التواصل ما بين الحكومة والشعب والتي هي في الأساس ضعيفة وواهنة .
بغداد
#عبد_الرزاق_السويراوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟