أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - عن.. الترجمة الشعبية















المزيد.....

عن.. الترجمة الشعبية


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2984 - 2010 / 4 / 23 - 16:57
المحور: الادب والفن
    


(مقدمة كتاب مختارات من الشعر الهولندي للأديب مهدي النفري)

ثمة.. ثلاث ظواهر رئيسة، جديرة بالإشارة في هذه المختارات. أولاها : الشعر الهولندي . وثانيتها: مفهوم الترجمة اليوم. والثالثة: تجربة الشاعر مهدي النفري في هذا الكتاب.
*
أولاً: الشعر الهولندي-
أول ما يخطر للذهن، غرابة هذا المصطلح. وبقاء جغرافياه بعيدة عن سياحة القارئ العربي، وحراثة المشتغلين في المجال. لقد أشبع الأدب العربي ترجمات من الأدب الانجليزي والفرنسي والألماني والأمريكاني والروسي والصيني وغيره، ولكن زوايا ابداعية خصبة من جغرافيا الثقافة، بقيت مهملة خارج النظر. التفسير الوحيد لمثل هذه الظاهرة، لا يخرج عن إطار (الثقافة الامبريالية)* أو أثر العامل السياسي في توجيه دفة الثقافة. وفي هذه الثقافة (العالمثالثية) و (العربية) لعبت -الترجمة- أثراً فاعلاً في وسم ملامح الثقافة العربية منذ عهود سحيقة تسبق انشاء (دار الحكمة للترجمة والتأليف) أيام المأمون. بعبارة أخرى، ان الترجمة هي صورة تطبيقية للعلاقة بين الغالب والمغلوب في معركة سياسية أو حضارية. أو هي معادلة للتحدي بين ندّين متصارعين. فأغفل الأهتمام الثقافات والمرجعيات المحايدة في معادلات الصراع السياسي قديماً وحديثاً. ومن هذا الكثير - المحايد- كانت الثقافة الهولندية والأدب الهولندي، الذي بالكاد، يملك القارئ العربي فكرة حقيقية أو تقريبية عنه.
ينتمي الأدب الهولندي إلى شجرة الآداب الأوربية بجذورها الرومانية والأغريقية، والتي أخذت ملامحها تتشكل في القرن السادس عشر أثر اصلاحات مارتن لوثر*، ممثلة في اعتماد اللغات المحلية في الكتابة. واتضحت أكثر مع نشوء الدول القومية غرب أوربا. ومن بينها مملكة هولندا، إحدى الامبراطوريات السبع التي سادت العالم القديم حتى الحرب العالمية الأولى [1914- 1918] وظهور قوى دولية امبراطورية جديدة. وكما يذهب إلى ذلك إدوارد سعيد في كتابه عن الاستشراق*، اقتصر التلاقح الثقافي على القوى التي استعمرت البلاد العربية. فتحددت علاقة العرب (الثقافية) –عبر الترجمة- مع هذه الجهات دون غيرها. فكان بايرون ورامبو وبودلير وايلوار وايليوت ووردزورث، رموز الأدب الغربي المعروفة، يقابلها بوشكين ومايكوفسكي وآنا احمتوفا من الشرق، على حساب جملة الآداب الأوربية الأخرى، السويسرية والنمساوية والهولندية والبلجيكية والنروجية كما البولندية والسلوفاكية والبلغارية وغيرها. وفي هذا الاطار يمثل هذا الكتاب خطوة أساسية، في معادلة المشهد الثقافي الغربي في الثقافة العربية. ورفع قدر من الحيف، الذي ألحق بهذا الأدب، جراء الثقافة الكولونيالية.

ثانيا: مفهوم الترجمة اليوم-
اكتسبت معرفة اللغات الأجنبية، هالة سحرية على مدى الزمن، يوم كانت الثقافة مجالاً محدوداً ليس في متناول الجميع. ومع تطور وسائل الاتصالات، تحولت الترجمة إلى حاجة أساسية وعلماً من العلوم الماسة في قطاعات السياسة والدولة، كما في الثقافة والعلوم. بيد أن تلك الهالة السحرية فقدت الكثير من عناصرها ودهشتها، مع نجاح ثورة الاتصالات الحديثة وسيادة وسائل الاتصال الالكتروني الفضائية. لقد تحوّل العالم بفعل ذلك إلى قرية كونية، أو وحدة سكانية ثقافية متداخلة، يستلزم توثيق عمليات الاتصال [Communication Process] بينها، التيسّر على لغة أجنبية لتجسير هوّة الاختلاف. وكان نصيب اللغة الانجليزية، باتفاق المؤسسات المعنية، هو الأوفر بين غيرها. بيد أن ذلك لا يلغي أهمية وانتشار اللغات العالمية الحيّة الأخرى..
أما العنصر الآخر، الذي لا يقلّ شأناً، عن اللغة، فهو ازدياد الرغبة والحاجة، للاطلاع على ثقافات وآداب البلاد المختلفة. فالثقافة الالكترونية، بهذا المعنى، كسرت، احتكار الثقافة الكولونيالية أو الامبريالية، لصالح تعددية ثقافية أكثر انفتاحاً وتوازناً، وأقل تأثراً بعوامل الجغرافيا والسياسة. وبشيوع عنصري ، اللغة والثقافة، عالمياً، يفقد مفهوم الترجمة، الكثير من تقاليده، وأطره البرجوازية، ليتحول إلى عنصر مكمل للثقافة العامة، وبروز مصطلح جديد يمكن توصيفه بـ[الترجمة الشعبية] / [Pop Translation]. وهو بحدّ ذاته، ضمن مفاهيم كثيرة أخرى، كالتربية والجامعة والصحة والاقتصاد والسياسة، يعكس تداخل الثقافة بالمجتمع، أو ازدياد تفاعل المجتمع وإسهامه في العملية الثقافية والحضارية، بعد أن كانت محصورة في نخب وتيارات.

ثالثاً: تجربة الشاعر مهدي النفري-
لغرض الايجاز، يمكن أجمال هذه التجربة بنقاط محددة، مع جهد جعلها واضحة البيان.
1- ان علاقة مهدي النفري مع الشعر الهولندي، لم تملِها الحرفة (الترجمة)، أو النزعة الأكادمية (غرض الدراسة)، وانما حياته العادية، وتفاعلاته اليومية مع البيئة الثقافية القاطن فيها، والنابعة أصلاً من كونه جزء من العملية الشعرية للبلاد.
2- يختلف الشعر عن السرد، وتختلف النصوص الابداعية عن الدراسات والنقد في مجال الترجمة. ان جزء كبيراً من تشوّه ذائقتنا الشعرية أو الابداعية، يعود إلى أن القائمين على ترجمة الشعر والابداع الغربي ليسوا من الشعراء أو القاصين، ممن تجمعهم بالنص من العرى، ما هو أكثر من اللغة والصلة الأكادمية. الشاعر أكثر مقدرة على فهم النص الشعري بغض النظر عن لغته، من الآخر. كما أن السياسي والاقتصادي، أقدر في فهم النص/ المشهد السياسي والاقتصادي لبلاد أخرى، بغض النظر عن حذقه في اللغة. النظر إلى الشعر على أنه صور لغوية وبلاغية، جرّد العلاقة مع النص من عنصري ، الرؤية، والروح. باعتبار أن النص الابداعي، روح، ورؤية، قبل أن يتشكل في قوالب اللغة والتعبير.
3- في هذا المجال، ليس مهدي النفري، شاعراً، فحسب، وانما هو شاعر مزدوج اللغة، ظهرت قصائده باللغة الهولندية قبل قصائده المكتوبة باللغة العربية. تشكلت شخصيته الثقافية ولغته الأدبية في بيئة المهجر الهولندي، واستطاع، بمثابرة وجدارة، اختراق حاجز اللغة والثقافة، ليس في هولندا، فحسب، وانما في احتلال موقعه المميز في المشهد الشعري العربي والعراقي الراهن، خلال فترة قياسية. ولا يجد قارئ شعره مشقة، في تلمّس شفافيته المنسابة وهدوئه العميق، مع تلك النكهة المميزة لتعامله مع المفردة ومعالجة الفكرة.
4- بهذا المعنى، لا تبدو هذه المختارات، - ترجمات-، بالمعنى الشائع، قدر ما هي – إعادة انتاج للنص- حسب تعبير الشاعر النمساوي هانز كارل آرتمان [1921-2001]*. ما يبرّر المقاربة الواضحة بين لغة وأجواء هذه المختارات الشعرية، ولغة وأجواء النفري، ودور العوامل الذاتية، النفسية والشعرية في تحديد هؤلاء الشعراء ونصوصهم هذه دون غيرها.
5- هذه المختارات، لا تصدر من الخارج، لنقل تراث غريب عن المترجم، وانما تأتي من داخل المشهد والثقافة نفسها، مستفيدة من فكرة تعددية اللغة المترتبة على الحالة المهجرية. فهي منتمية للثقافتين على حدّ سواء، ومتواصلة مع راهنيتهما.

أخيراً .. تأتي هذه المختارات، ضمن سلسلة من التجارب التي قدّمها أدباء المهجر للقارئ العربي، وبالعكس، منها مختارات الشعر النرويجي والدانماركي والاسباني، والتي سبق صدورها عن دار ألواح حتى الآن. وهي تجربة جديرة ونكهة جديدة، لها من الطراوة والحيوية والصدق، ما يقتضي أكثر من تحية وتقدير.

وديع العبيدي
لندن
العشرين من مارس 2007

ــــــــــــــــــــــ
إشارات
• (الثقافة والامبريالية)- إدورد سعيد – 1997
• مارتن لوثر[1483- 1546]- رائد حركة الاصلاح في الكنيسة، وأول من ترجم الكتاب المقدس للغات المحلية ما ساعد الطبقات الفقيرة قراءته، مباشرة، بعد أن كان مقتصرا على اللغة اللاتينية المحصورة بالنخب البرجوازية وتفاسير الكهنة. وكان لذلك أثر في إنعاش اللغات المحلية وانعكاساته على الحركة الأدبية.
• (الاستشراق) – إدورد سعيد – 1978
• هـ. ك. آرتمان، من شعراء النمسا ما بعد الحرب العالمية الثانية، أحد أعمدة جماعة فيننا الشهيرة [Wiener Gruppe] إلى جانب كيرهارد روم، فردريك شلايتنر ، كونراد يابر وأوسفالد فينر. اشتهر بالتجريب واللغة التهكمية. كان يجيد أكثر من لغة ويمارس الترجمة بينها. وله كتابات نثرية وإذاعية.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن طحلب الدهيشان
- أين خبز الملائكة؟!..
- من مركزية الجماعة إلى مركزية الفرد
- حديث.. مع امرأة
- المرأة السعودية وحقوق الانسان
- الهجرة.. (و) العلاقة بالأرض..
- كيمياء المعادلة الاجتماعية (الحياة المُشترَكة)
- إزدواجيتنا..
- نصفان..!
- ولكن ما هو الواقع؟!..
- السعيد في العزلة (شقي)..
- المكان هو المنفى.. الوطن هو الغربة!.. (6)
- (الانسان والمكان -5-)
- الألم ونظرية التوازنات الذاتية
- أنا أتألم.. أنا إذن موجود!..
- هل الحيوانات تتألم ؟؟!!..
- حول نسبية المكان.. (سعدي يوسف نموذجا..) (4)
- مدن في حياتي .. الوجيهية (4)
- مدن في حياتي.. الوجيهية .. (3)
- مدن في حياتي.. الوجيهية .. (2)


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - عن.. الترجمة الشعبية