إغلاق مطار النجف يعيد بلورة تكوين الأقاليم إلى الواجهة

حمزه الجناحي

الحوار المتمدن-العدد: 2975 - 2010 / 4 / 14 - 21:19
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

ربما الوقت لم يكن ملائم الان للحديث عن الأقاليم وجعل السلطة بيد الحكومات المحلية خوفا من دكتاتورية المركز وتسلط حكومة بغداد على الامور في باقي مدن العراق وبالذات المدن الحلوب تلك التي تعتبر هي من تمول خزينة بغداد بالأموال والذهب ,,
الوقت مبكرا اليوم لأن الوضع السياسي لايتحمل مثل هذه الاحاديث الذي يعتبرها البعض بمثابة الصواعق النازلة على راس الوحدة الوطنية ونحن ننتظر تشكيل حكومة جديدة وبعد مضي اكثر من شهر وسبعة ايام على اجراء الانتخابات والنتائج لم يصادق عليها ..
لكن في ظروف مثل هذه وبهذه الكيفية بدأت تتصاعد هنا وهناك مثل هذه الاحاديث تارة بتأثيرات سياسية مثل مايجري في البصرة التي رفع مسئوليها المحليين شعار تكوين اقليم البصرة هو الخلاص ..
لكن الذي صعد من هذه الطفرة في مناطق الفرات الاوسط التي كانت بعيدة بعض الشيء على هذا التمني ولو هي راغبة فيه وهي ترى المدن الشمالية تنعم بخيراتها ووارداتها وهي باقية على فتاة خبز تنورها الموقد كل ساعات النهار ,,
الذي اعاد هذه اللهجة لدى المواطن اليوم وبهذه القوة هوالخطوة الغريبة التي اتخذت وبدون تفكير جدي بموضوع خطير مثل اغلاق مطار النجف الحديث في كل شيء والذي يعتبر هو الصرح الوحيد الذي انجز وبهذه الفترة ابتداءا من بغداد وحتى البصرة ..انجز مشروح مطار البصرة بعد السقوط وبمجهودات لو تمعنا النظر بها وتابعناها من دقائقها لوجدناها هي مجهود ربما فردي محض او مجهود جماعي خجول ومن قبل مجلس محافظة النجف السابق ووجود محافظةه اسعد ابو كلل ونائبه عبد الحسين عبطان الذي يحسب له الاخير اقصد البنان الاول لهذا المشروع وباموال مجلس المحافظة تنمية الاقاليم اولا والمنح والمساعدات الدولية من دول الجوار والدول الاسلامية وبطريقة الاستثمار الشبة مجاني ثانيا أي ان الحكومة ووزارة النقل وسلطة الطيران العراقي لم تساهم مساهمة فعالة بهذا المشروع ولو كان الامر كذالك لوجدنا مشروع اخر مشابه عامل مثل مطار النجف في مدن العراق الاخرى ولو حتى في مدينة واحدة على الاقل غير النجف اذن المشروع يعتبر في الحساب العام للمشاريع استثماري بحت وبجهود مكثفة من قبل الحكومة المحلية ووللتذكير ان العمل بدأ في هذا المطار منذ العام 2006 وافتتح في 20 ايلول من العام 2008 ويعتبر من المشاريع الضاغطة والمهمة في العراق الذي يفتقر لمثل هكذا مشاريع وفي مدن عالمية مثل مدينة النجف الذي استقبلت عن طريق المطار اكثر من (250000) الف حاج فقط للعام الماضي التي اعتبرت بوجود (النجف) هذا المطار قبلة الانظار التي تتزايد التطلعات للزيارة عن طريق المطار ليست للنجف فقط كمدينة مقدسة بل لمدن العراق الاخرى الدينية والسياحية والتجارية ..
فجأة وبدون سابق انذار اغلق المطار مع مطار بغداد في البدأ كان لأسباب فنية او لأسباب اخرى لكن بعد ساعات افتتح مطار بغداد وبقى مطار النجف لم يفتح لليوم ولأكثر من عشر ايام ليومنا هذا وعند الاستفسار من الحكومة لماذا ؟؟ يأتي الجواب يوميا براي وشكل اخر يختلف عن سابقه فتارة اغلق لعدم وجود شروط الملاحة الجوية الفنية من اجهزة ومعدات مع العلم ان المطار والجميع يعلم يستقبل الطائرات حتى ليلا لوجود اجهزة الملاحة الليلية وتارة اخرى ياتي الجواب لوضع المطار تحت سيطرة مؤسسة الطيران المدني العراقي وتارة اخرى وهي الغريبة لوجود معلومات استخباراتية تعتقد ان هناك ربما طائرة معادية يراد منها ان تصطدم بضريح الامام علي ويقودها انتحاريين متطرفين وتارة اخرى ان اللجنة المشرفة على السيطرة الملاحية استقدمت من مطار بغداد وانتهى العقد معها وعادت الى بغداد ,,,
والحقيقة ان كل هذه التعليلات لم تقنع المواطن النجفي الذي بدأ يتلمس فائدة المطار بوجود الشركات السياحية التي تتزاحم في المدينة وبالعشرات وهي تفتتح مكاتب لها وتشغل المئات من العاطلين كذالك رؤية الحركة النشطة للأجانب وهم ياتون عن هذا الطريق وينشرون روح التفائل وارتفاع المستوى المعاشي للمدينة ناهيك عن ما تناله المدن المجاورة للنجف من فائدة قل نظيرها ..
الحقيقة ان الامر الذي يجب ان يعرف من كل هذه المعمعة الغريبة هو ان الحكومة المركزية تريد ان تسيطر على المطار الذي ياتي بواردات تضاهي واردات مطار بغداد واربيل ماديا وبسبب امتناع الحكومة المحلية التي لها عقود خدمة مع شركة كويتية تسمى (شركة العقيق) التي هي المسيرة للاعمال المطار مع العلم ان هذه الشركة طورت المطار كثيرا بجلب الاجهزة المتطورة وتقديم الخدمة الحديثة التي يجهل تقديمها اليوم العراقيين بسبب ظروفهم السابقة ,,
مما حدى بالطائرات القادمة الى العراق عن طريق المطار تغير وجهتها نحو مطار بغداد او اربيل فقط وهنا صار الامر اشبة بالسرقة لمجهودات وواردات المطار التي يجب ان يتمتع بها المواطن المحلي ,,,
الحقيقة ان التذمر الواضح الذي بدأ على المواطن في منطقة الفرات الاوسط من هذا التصرف جعله ينظر بعين الاستغراب والدهشة من الوضع الحالي وهو يشاهد مؤسسة الطيران المدني لا تستطيع ان تتحدث ولو بحديث مع المطارات الشمالية في اربيل ودهوك وسليمانية وتلك المطارات عاملة منذ عقد من السنين لكن يبقى هذا الوضع في المدن الوسطى والجنوبية مختلف وكأن الحكومة المركزية صنعت منذ عشرات السنين كوصية على مدن الوسط والجنوب فقط وهي تصادر امواله لتبنى العمارات والمطارات والسيارات الفارهة والانفاق في الشمال وخير دليل على ذالك ووضوحه هو ميزانية 2010 التي اعلنها السيد وزير التخطيط الذي اعلن ان الميزانية للمدن العراقية لا تتجاوز ربع ميزانية الاقليم ولو اخذنا ان مدينة البصرة فقط تعادل بنفوسها نفوس المدن الكردية مجتمعة لكن ما تحصل عليه البصرة لايوازي نصف الربع ما تحصل عليه مدينة دهوك التي هي بحجم قضاء الزبير سكانيا والمقارنات تطول وتعرض ...
الذي جرى في النجف جعل المواطن ينحى بمنحى اخر حتى بعض الاشخاص الذين كانوا ضد فكرة الاقاليم لكن اليوم ثبت لهم احداث المطار خطأ ما ذهبوا له ولو انهم كان خطابهم هو الحفاظ على وحدة العراق لكن اليوم تخلوا عن هذه الوحدة التي هدفها التركيع في مكان ما في العراق والتقويم والرفعة لمكان اخر ولبقعة اخرى وفي العراق ايضا هذا هو الذي جعل المواطن النجفي يقرر ان يذهب الى الطرق السلمية لفك الحصار عن المطار ومنها الاعتصام اولا ومن ثم دفع مجلس محافظته الذي خوله الدستور وبنسبة معينة ان يصوت لبناء المدينة كأقليم بعد اخذ راي نسبة من السكان حددها القانون وهذه اليوم في النجف لم تكن عقبة كما هو حال الامس بل ان المواطن هو من يدفع حكومته لأتخاذ مثل هذا القرار ...
اليوم المطار لا يعمل وعشرات من المكاتب السياحية مغلقة لأبوابها ومئات من الايدي العاملة على الرصيف ابتداءا من اصحاب التاكسيات والعمال البسطاء والفنيين وكذالك تجد ان السائح الديني يعزف عن المجيء للنجف الذي توجه طائرته الى بغداد او اربيل وهو يعرف ان الامن في العراق لا يسمح له ان يسافر الى بغداد او اربيل ومن ثم العودة بالسيارة الى النجف او كربلاء ...
هكذا تصنع الحكومة المركزية السخط والاستنكار لمواطنيها باتخاذها قرارات لم تدرس بعناية او ربما كان الهدف منها امر ما لكن نتائجها تختلف عن مراداتها ولم تتوقع الحكومة ان تجري الامور بطائرة النجف الفتية الى مدارج الاقاليم .

#حمزه_الجناحي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل