أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن الجابري - ذاكرة الجدران














المزيد.....

ذاكرة الجدران


فاتن الجابري

الحوار المتمدن-العدد: 2975 - 2010 / 4 / 14 - 08:20
المحور: الادب والفن
    


تلك الجدران العازلة بيني وبينها لم تمنع من سماع شهيقها وزفيرها العاليين في سكون ليل غربتي، جارتي العجوز المنفية في بيتها وحيدة الا من كلبها منذ سنين، كنت أسامر وحدتي بذلك
الجهاز الحنون.
أحتضن شاشته السحرية، أحلق معه عبر المديات المترامية، أحط رحالي على سطوح الماضي.
في لياليه الصيفية أتمدد على فراشي البارد، تبدو النجوم الفضية ضاحكة في سخاء، ترنو الى أجسادنا المتهالكة من فرط حر قائظ المح ظلا يتحرك على سطح الجيران رائحا وغاديا ، يساورني الرعب أخبئ رأسي تحت الوسادة دقائق طويلة.
ثم.. يختفي الظل، تعود السكينة إلى قلبي الخافق بشدة، وأغفو أصرخ بلا صوت، يتسارع تنفسي أختنق رعبا الظل ذاته كل ليلة،وشهيق جارتي المريضة بالربو في الشقة المجاورة يعلو متواترا،تدق في عصاها الخشبية على جدار غرفتي اللصيقة بغرفة نومها، الظل يقفز من على جدار السطح الفاصل بين بيتنا وبيت الجيران، كلبها العجوز الأصلع الأعمى، يواصل النباح بصوت متحشرج مبحوح،لإنقاذ سيدته، يتجول الظل في سطحنا كأنه يبحث عن شخص مقصود، أفراد العائلة أفترشوا أرضية السطح المرشوشة بالماء لخفض حرارة البلاط القديم، يقترب، أشم عطره! يجثو على ركبتيه عند قدمي يدغدغ أصابعي، يلفني ذعر قاتل، أرتجف، تضطرب ضربات قلبي، ويعلو نباح الكلب المبحوح، النقر على الجدار، والظل يدغدغ قدمي، يقاسمني الوسادة، أزيح جسدي الذي مات الحراك فيه، أشهد حفلة موتي في عتمة ليل تطرزه النجوم، وأنا في احضان ظل مجهول هبط في هدأة ليل منفي لا نسيم يداعبه، عواء ذئب ،ولحم طري يتمزق تحت أسنانه ،جاهدت لفتح عيني ورفع يدي لأبعده عن جسدي المرفرف كعصفور في كهف جسده المسعور.
،كلب جارتي العجوز رفس الجدار، تهاوت صور طفولتي من على الجدار، سقط الجدار تبعثرت أشلائي تحت الركام تنأى الظل، سحبوا بقايا جسدي، في المشرحة يلملم الجراح أعضائي ويسألني غاضبـا
كيف لم تتعرفي عليه؟
تجيبه الأشلاء، لا بل أعرفه تماما لموا عطره من ذاكرتي، يقطع أنفي بمشرطه ويأمر بتحليل بقايا العطر.
فرصتك الأخيرة الاعتراف، قال الضابط واقفا عند رأسي لا يمكن أن تواري التراب قبل أن تنطقي اسمه.
سنجمع من محلات العطور كل أنواع زجاجات العطر لتشميها، العطر دليلنا الحتمي الى الجاني،
كانت العشيرة تقف مدججة بالحراب عند باب المشرحة ،من بين الرجا ل كان أبي، عرفته رغم اللثام، كوفيته تخفي وجهه، لكن عينيه المحمرتين بالدمع انغرزتا في جثتي ،متذرعتان أن أنطق اسم ظل ،دغدغ أصابعي ،ذات ليل .من على طاولة المشرحة،
يجرني الكلب اليائس من ذيل ثوبي إلى سرير سيدته التي علت بشرتها الزرقة وقد لفظت أنفاسها الأخيرة وأنا أصرخ كي يعيد جثتي، التي بدأت تتبع العطر، وتمسك خيوطه الأولى الجاثمة فوق ذاكرة الجدران ..


من مجموعة سرير البنفسج



#فاتن_الجابري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرير البنفسج
- لكل قبر زهرة
- رقص اخيرا
- نساء على قارعة الانتظار
- ذات ظهيرة
- هناك اضاع عينيه
- الموت بعيدا
- رحيل
- السيد الوزير
- أبعاد قسري
- ليلة الزينين
- أختطاف
- أمرأة الريح
- صباحات مألوفة


المزيد.....




- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن الجابري - ذاكرة الجدران