|
نساء على قارعة الانتظار
فاتن الجابري
الحوار المتمدن-العدد: 2897 - 2010 / 1 / 23 - 09:47
المحور:
الادب والفن
خمسة أعوام تلوكها وتسحقها أنياب الأنتظار ، تحيل بهجتها الى ترف منسي ، ودعته على رصيف الحافلة ذات صباح معفر بالغبار ، خبأت رعشة قلبها في حقيبته ،وأتمنتها خفقاتها.
أيام قليلة مرت على خطبتها التي خططت لها العائلة ، منذ طفولتها ، توجته ملكا على عرش قلبها الذي لم يخفق لسواه.
حيادية مشاعره تعذبها ، لم يسمعها كلمة حب واحدة طيلة الأعوام التي سجلوها بأسمه ، كان حبها ينمو أحاديا جارفا ومندفعا بتلميحات الأعجاب والأهتمام لحارث ، تصطدم بصخرة بروده التي تقذفها الى قاع بحاره المتجمدة.
في ليلة خطبتهما بعد أن أحتفل الجميع ، أنزوت معه في ركن من غرفة الجلوس ، باسطا أمامها جواز سفره ، يغتال فرحة لم تشعر بها بعد.
تسربه اليأس في لحظة ضياع وغربه ، مقت تسارع نبضاته وتيبس أطرافه في صباحات الوطن الملغمة بالأحتمالات ، لا يريد أن يكون خبرا تنعى نزف شبابه المحطات الفضائية.
تتعالى الزغاريد في الدار تقع عليها كزخات الرصاصات التي أطلقها على قلبها قبل لحظات.
أكمل أجراءات عقد قرانهما سريعا ، صافحها على باب الحافلة يستوطن الدمع في عينيها ، تمطره بلهفة الى لمسة ناعمة ، تتوق أليها ، حملته الحافلة ، وبقيت رائحة يده عالقة بنشيجها في جحيم الأنتظارات.
روحها في حقيبته مهاجرة حيث تخوم المرافئ الحالمة بزقزقات النوارس ، يمتطي الليل على زورق مطاطي مثقوب ، يلقي أوراقه وذكرياته وجبة طرية للأسماك الجائعة، ينتابها دوار البحر تتمايل ، يحملنها طالبات صفها، تنظر اليه بعين نصف مفتوحة ، يسقيها الماء ويراقبها بعينين مفزوعتين ، قائلا
حمدا لله على سلامتك
لاتدري عدد الدقائق التي غابت بها عن الوعي قبل أن تستفيق على همسات صوته الدافئ ، تجمع أوراقها تحمل حقيبتها ،يستوقفها عند الباب مقترحا توصيلها الى المنزل تعتذر ، دون أن ترفع عينيها ، سعيد زميلها مدرس الرياضيات تنأى بقلبها تطبق عليه بقيد الذكريات ، تغلق نوافد في وجدانها تتوق للحب ، الذي تلاحق بصيص ضوءه الشارد في مدن بعيدة ، حين يجتاز حدودها في وحشة ليل مسكون بالرعب والمفاجأت ، أخباره تصلها متباعدة في رحلة بحثه عن وهم أسمه وطن بديل ، رسالة نصية على وجه السرعة من كل بلد يعبر حدوده تلفه فجيعة خسارة الوطن ساخطا مرة باكيا مرات، يبتعد البصيص يتماهى لعينيها يغرق في لجة التيه ، وتنتظر عالقة ، في درورب عشقه التي ضيعته مبعثرا في رحلة بحثه الأبدية عن وطن ضحكاته جليدية والنساء فيهن ناعمات كالحرير ذائبات كنتف الثلج مسافرات كالفراشات ، ترفضه مدن الصقيع ، لاتنطبق عليه مواصفات لاجئ أقصاه الوطن تلفظه المنافي التي أدمن ترفها ، رسائله النصية فقدت دفئها ، ثم أنقطعت منذ شهور ، مستحيل أن تتبعه ، ولا أمل في عودته ، تلفها حيرة الوحدة وتلقي بها رقما جديدا على قارعة الانتظار.
#فاتن_الجابري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذات ظهيرة
-
هناك اضاع عينيه
-
الموت بعيدا
-
رحيل
-
السيد الوزير
-
أبعاد قسري
-
ليلة الزينين
-
أختطاف
-
أمرأة الريح
-
صباحات مألوفة
المزيد.....
-
إيفا غرين: تمثيل -فيلم درجة ثانية- تدمير لمسيرتي الفنية
-
صورني عريانة عشان يفضحني.. راقصة مصرية تستغيث من طليقها الفن
...
-
فيلم «أفاتار» يقترب من تجاوز فيلم تايتانيك في الإيرادات
-
كاريكاتير العدد 5359
-
منع المخرج الإيراني مسعود كيميايي من السفر على خلفية الاحتجا
...
-
وفاة الممثلة ليزا لورينغ نجمة -عائلة آدامز- الأصلية عن عمر 6
...
-
لوحة فنان بلجيكي اشتراها أميركي بـ600 دولار وباعها بـ3 ملايي
...
-
الفنان المصري حسن يوسف يتقدم ببلاغ عاجل للنائب العام بسبب صو
...
-
باللغة العربية.. 10 كتب عن المال والأعمال يمكنك شراؤها في مع
...
-
إعادة السرد وإحياؤه.. كيف أبدعت الرواية في إبراز الذاكرة الف
...
المزيد.....
-
رواية للفتيان الجوهرة المفقودة
/ طلال حسن عبد الرحمن
-
كناس الكلام
/ كامل فرحان صالح
-
مقالات الحوار المتمدن
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الشعر والدين : فاعلية الرمز الديني المقدس في الشعر العربي
/ كامل فرحان صالح
-
(تنهيدة الكامل (مشى في أرضٍ لا زرع فيها
/ كامل فرحان صالح
-
نجيب محفوظ وأحلام فترة النقاهة دراسة بين المؤثرات النفسية وا
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
خاطرة وفكرة (ب)
/ ياسر جابر الجمَّال
-
خاطرة وفكرة(ج)
/ ياسر جابر الجمَّال
-
خاطرة وفكرة(أ)
/ ياسر جابر الجمَّال
-
يُوسُفِيّاتُ سَعْد الشّلَاه بَيْنَ الأدَبِ وَالأنثرُوبُولوجْ
...
/ أسماء غريب
المزيد.....
|