أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - أحمد شهاب - تنقية التفكير من هوى التكفير














المزيد.....

تنقية التفكير من هوى التكفير


أحمد شهاب
باحث كويتي في شؤون التنمية السياسية .

(Ahmad Shehab)


الحوار المتمدن-العدد: 906 - 2004 / 7 / 26 - 10:05
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


في الأيام القليلة الماضية نشر عدد من الكُتَّاب مقالات متتابعة تنتقد التطرف الذي ظهر جليا من جماعة القاعدة وجماعة الزرقاوي ، لاسيما طريقة القتل التي مارسها الأخير داخل العراق ، أو تلك التي نفذتها جماعات العنف في العربية السعودية ، تركزت أغلب الكتابات على نقد فعل العنف من الناحية الأخلاقية ربما تفاعلا مع حالة الإستياء ضد هذا اللون من أعمال العنف التي إنتشرت في الأوساط الإجتماعية ، والتي لا تندرج في عرف الناس ضمن أعمال المقاومة لمخالفتها لكل الأعراف الإنسانية والدينية .
لكن ( حالة العنف ) تتطلب أكثر من نقد أخلاقي ، إنها تحتاج لمعالجة جذرية تبحث في الأسباب الحقيقية التي ساهمت في نمو هذه التيارات ، وغذتها بعناصر الحياة والقوة ، ومكنتها من إتخاذ مواقع متقدمة في ساحة التأثير على شرائح إجتماعية متنوعة .
في مسألة العنف ينبغي الإشارة إلى كونها الإبن الشرعي للتطرف الفكري ، ما يمارسه الإرهابيون اليوم هو تطبيق لفهم خاطئ للنصوص الدينية ، فهم مغلوط يتمسك بظواهر النصوص ، ويؤله الأشخاص ، ويعظم الكتب التراثية ، ويقدس قشور الدين على حساب مضامينه ، ووسيلة تنفيذ ذلك بناء شريحة إجتماعية ( وإن كانت قليلة ) تستجيب لدعوات تيار العنف دون مناقشة أو حوار .
بناء الشريحة المؤيدة يستلزم إيهامها بالقوة المعنوية التي تمتلكها القيادات المتصدية للعمل في الساحة ، وهو ما حاولت ولا تزال تحاوله قيادات العنف عبر إصرارها المستمر على إختيار وقت ومكان الحدث ، وتغطيتها كل تفاصيل العمليات وعرضها على الجمهور من خلال المواقع الإلكترونية ، ومن خلال تسريب صور العمليات ومنفذيها لحظة المبادرة ، بالصورة التي تُظهرهم كمتحكم وحيد في الحدث ومتوالياته .
الايهام بالقوة يعني أيضا إدعاء البعض تمثيل الحق المطلق والدين الخالص كما يريده الله ، وإضفاء صفة " النزاهة " على خطابهم الوعظي والإرشادي والتعبوي ، ووصف ما عداه بالضلال والإنحراف الفكري ، ويتصاعد هذا الشعور مع سخونة المشاحنات الدعوية حينا والفكرية حينا آخر ، ليتولد خطاب تصادمي يُبيح لأتباعه نفي الآخر ، وإنزال العقوبات " الشرعية " ضد المختلف ، وإحتساب ذلك من ألوان الجهاد باليد .
لعل السؤال المتكرر الذي يتم تداوله كثيرا حول شرعية جلوس رموز التيار الإسلامي المتشدد إلى جانب الشخصيات الأخرى الموصوفة بالعلمانية أو المتغربة أو رموز المذاهب الأخرى ، أو حتى بالنسبة للشخصيات التي تنتمي إلى مدارس فكرية مختلفة ، والإعتقاد بأن الحوار مع هذه الأطراف إنما يكون حوار أحادي الجانب ، هم يلقون الموعظة والآخرين يستمعون إلى قولهم ، ينبئ عن حجم " الضلال الفكري " الذي تعيشه بعض الجماعات ، وكان هذا الإعتقاد سبب رفض جماعة دينية ( ليست عنفيه ) في الخليج الجلوس على مائدة مشتركة إلى جانب جماعات أخرى في حوار وطني بحجة أنها تستمد رأيها من السماء والآخرين من الأهواء .
ورغم رداءة هذا الرأي فإنه يأخذ حيز لا بأس به عند الكثير من الجماعات ، والتي لم تتعود بفضل سيادة الإستبداد السياسي والإجتماعي والفكري والديني لسنوات مديدة التعبير عن حاجاتها وتصوراتها المختلفة ، والتحاور مع الاخرين بإحترام وتفاهم بالتي هي أحسن .
إن الجواب على سؤال العنف يبدو بسيطا من الناحية النظرية ، لكن إتخاذ خطوة نحو تغيير طريقة التفكير السائدة ، وأسلوب التعامل مع الاخرين ، كأحد الحلول العملية لعدم التورط في مطب العنف يظهر أنه مطلب بعيد المنال ، ليس عند جماعات العنف بل وأيضا عند أغلب جماعات العمل السياسي التي لا يزال طرح رأي مخالف في وسطها يسبب هلعا عند رموزها ، ولا تزال ترفض الإستماع إلى ( القول ) وإنتخاب أحسنه ، لكون كل تيار يعتقد أن قوله فقط هو الصحيح وما عداه سقيم .
وهو ما يدعونا إلى القول أن أغلب التيارات السياسية في العالمين العربي والإسلامي مرشحة في أي وقت للتحول إلى ( تيارات خطرة ) تتورط في أعمال ضد المجتمع وضد القيم التي تؤمن بها ، طالما إستمرت طرق التلقين الحزبي كما هي ، ولم تخضع لقانون التطور والتحديث التي تمر بها الجماعات الإنسانية الطبيعية ، فكل جماعة يمكن أن تبدأ في حالة أشبه بالإنغلاق لكنها مع مرور الوقت تكتسب المزيد من الخبرات ، وتتكامل لديها تصورات الإنفتاح الفكري والإجتماعي ، وتبدء بصوغ علاقاتها مع الآخرين ضمن مبدأ الحاجات المشتركة ، والإحترام الإنساني المتبادل ، وضروة التعايش السلمي . إن هذه النقلة الطبيعية هي الضامن لعدم تسرب الأفكار المتطرفة إلى عناصرها ، وهي المناخ الذي يمكنه أن يساهم في تطوير آراء ونظرات إنسانية عامة تتفتح بالخير للجميع .
تطوير الخطاب يستلزم إزالة حالة التقديس التي تفرضها التيارات السياسية لقادتها ومفكريها ، والإتجاه للعمل العلني وعرض برامج العمل أمام الناس لنقدها وتقيمها بصورة مستمرة ، وإتاحة الفرصة أمام العقول المفكرة لممارسة التجديد الفكري والسياسي بعيدا عن المحاذير المعهودة ، التي تنتهي عادة بعزل ( أصحاب الرأي ) والإقتصار على ( الجنود ) الذين يطبقون الأوامر دون نقاش ، والإعتراف بنسبية تمثيل الحق و تمثُّل ذلك عمليا .
هذا الكلام لا ينفي وجود أسباب أخرى تؤدي إلى العنف مثل الظرف السياسي والإجتماعي والإقتصادي ، و الشعور بالغربة الأهلية والوطنية ، وتراجع القانون الدولي لصالح قانون القوة العسكرية والهيمنة السياسية ، وهو ما تعرضنا له في كتابات سابقة .



#أحمد_شهاب (هاشتاغ)       Ahmad_Shehab#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبناء الذوات وأبناء المحرومين
- السيد الرئيس
- حياتنا بحاجة إلى تغيير
- التهرّب من مسؤولية النقد الذاتي
- بعض القذى في عين المثقفيين
- دولة مشروعها الاستبداد
- الدولة لا تحترم القانون
- ميثاق سياسي
- الإبداع .. تعيش إنت !!
- العراق وبناء الدولة الحديثة
- ليست الليبرالية نموذجا
- ثقافة الموجات الفكرية
- دعوة للحفاظ على الوطن
- تأملات في زمن صعب
- العنف يبني مجده بالعنف.
- أمريكا وتخلفنا السياسي والاجتماعي
- لماذا فشل مشروع السلام الاجتماعي؟
- هل يحقق المجلس طموح العراقيين ؟
- نحو وطن ديمقراطي
- نحو برلمان حضاري


المزيد.....




- هل ستقصف إيران مجددًا؟ شاهد كيف رد ترامب على سؤال صحفية بشأن ...
- -مستعدون لجولة مفاوضات جديدة مع كييف-.. بوتين: زيادة إنفاق ا ...
- وسط مشاعر الخوف والحزن.. مطالبات بالكشف عن مصير نساء علويات ...
- إيران تدافع عن -حقها المشروع- في الرد على الضربات وتصف نواي ...
- المخدرات في أكياس الطحين.. الرصاص يسبق الخبز في قطاع غزة
- المحكمة العليا الأمريكية تقيد صلاحيات القضاء الفيدرالي في ان ...
- نتنياهو يفقد الزخم وإنجازات الحرب لا تسعفه
- عشرات الآلاف في مظاهرات عدة باليمن وموريتانيا والمغرب نصرة ل ...
- اتفاق سلام ينهي صراع 30 عاما بين رواندا والكونغو الديمقراطية ...
- الأوروبيون بين المطاوعة داخل حلف الناتو والبحث عن بدائل خارج ...


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - أحمد شهاب - تنقية التفكير من هوى التكفير