أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد شهاب - أبناء الذوات وأبناء المحرومين














المزيد.....

أبناء الذوات وأبناء المحرومين


أحمد شهاب
باحث كويتي في شؤون التنمية السياسية .

(Ahmad Shehab)


الحوار المتمدن-العدد: 869 - 2004 / 6 / 19 - 05:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أحد التباينات الرئيسية بين المجتمعات الحديثة والمجتمعات التقليدية هي في نظرتها إلى الإنسان ، تنظر الاولى إلى الإنسان من خلال الإمكانات التي يمتلكها ، بينما تنظر الثانية إليه من خلال إنتماءه القبلي أو العائلي .

في المجتمعات التقليدية إبن الملك ملك ، وإبن التاجر تاجر ، وإبن شيخ الدين شيخ ، ويقدم المجتمع للإبن أو الحفيد ذات الولاء الذي يقدمه لأبيه بإعتباره الحبل الواصل به ، أو كونه الوارث لأموال أو علم أو جاه أجداده . بينما لا تعتني المجتمعات الحديثة كثيرا بهذه الروابط وترى أنها لا تمثل ميزة يجب الالتفات لها أو التوقف عندها ، فلا معنى أن يتم إحترام شخص ما لأن أبوه عالم دين أو دنيا ، أو أن تثنى الوسادة لآخر لكون والده أحد أثرياء أو وجهاء البلد .



في المجتمعات التقليدية يكفي أن يكون الإنسان من نسل إحدى القبائل أو العوائل الثرية ليتمكن من تبوء أعلى المناصب في الدولة ، أو للحصول على حصانة رسمية ، أو الفوز بفرص إستثمارية كبرى وتسهيلات من الدولة ، بينما تستبعد الدول الحديثة مثل هذا الأمر تماما ، فالفرص متوفرة للجميع دون تمييز أو إستثناء ، والكفاءة العلمية والقدرة الذاتية هي الأصل في تقديم شخص على آخر ، ولا أثر لإنتماء الشخص القبلي أو العائلي في الأمر .



في المجتمعات التقليدية يتم سؤال الشخص مباشرة أو ضمنا عن مدى قوة ونفوذ أسرته السياسي أو الإجتماعي ، وحسب النتيجة يتم التقرير في إمكانية قبوله في منصب قيادي أو إستثناءه ، أو كونه يستحق المساعدة أم لا ، أو كونه يخضع للشروط العامة أم لا ، بينما ترفض المجتمعات الحديثة مثل هذه الكشوف الشخصية وتعتمد في القرار على الهوية التي صنعها الإنسان لنفسه .



تتعمق هذه النظرة القاصرة للإنسان في المجتمعات التقليدية لتركن إلى أسس أخرى كثيرة يفترض أن لا يكون لها أثر من بعيد أو قريب في النظره إليه ، مثل المعتقد والإنتماء المذهبي وما أشبه ، بينما تتلاشى هذه الأسس في المجتمعات الحديثة لتحل محلها أسس الإنتاج والكفاءة والفاعلية ، ولذلك يتغير السؤال بين المجتمعات فبينما نسأل عن الشخص : من أي قبيلة هو ؟ وإلى أي عائلة ينتمي ؟ وإلى أي مذهب ينتسب ؟ تتسائل المجتمعات الحديثة عن الشخص : ما هي كفاءته ؟ ما هي قدراته ؟ ما هو إنتاجه ؟ كم عدد مؤلفاته ؟ وما مدى قوة أفكاره ؟؟؟



يتم الخلط بصورة دائمة بين الفكرة والشخص أو العمل في المجتمعات التقليدية ، بحيث يصعب النظر إلى فكرة دون النظر إلى قائلها ، نحن نتسائل من قال ؟ قبل أن نسأل ماذا قال ؟ ونحدد موقفنا من الفكرة بحسب إنتماء قائلها . فقد تكون فكرة جميلة نرفضها لأن قائلها ينتمي إلى مذهب مغاير . بينما تتعامل المجتمعات الحديثة مع أي فكرة أو عمل ضمن أسس موضوعية ، تقبل الفكرة أو تنقدها لذاتها وبغض النظر عن قائلها .



وتتمدد هذه النظرة إلى كافة أفرع المجتمع التقليدي ، فالمجتمع الديني كحالة أخلاقية نموذجية يكتنفها الكثير من أوجه الخلل في هذا المضمار ، فرأي الفرد أيا كان مستوى ثقافته لا يقارن برأي إبن شيخ أو ابن مرجع ديني ، ونصيحة يقدمها عالم متخصص في أحد الحقول العلمية لا تحظى بذات الإهتمام الذي تلقاه فكرة عابرة يقدمها إبن خطيب المنبر ، ورأي يدلي به حفيد إمام مسجد يضاهي أرقى الآراء التي يقدمها مفكر مرموق .



خلاصة المقال : في المجتمعات الحديثة لا فرق بين ابن السيد الرئيس وإبن ساعي البريد ، ولا بين إبن مرجع الدين وابن حمَّال الخُضار ، و لا فرق بين ابناء الذوات وأبناء المحرومين إلا بمقدار ما يكسبه كل واحد منهم من علم أو مال أو بما يقدمه من إنجاز إجتماعي وثقافي ، وأعتقد أن هذا ينسجم تماما مع الطرح القرآني " وأن ليس للإنسان إلا ما سعى " .



إن طروء تغيير في نظرتنا للآخرين يساهم في خلق مجتمع جديد يكافح كل فرد فيه من أجل الحصول على موقعه الإجتماعي بقدراته وملكاته الفكرية والعلمية والسياسية ، وهذا يعني فتح الأبواب المغلقة وإنطلاق العقول المفكرة في كل إتجاه لإثبات ذاتها ، وهي تعلم أن الأبواب لن تكون مغلقة امام طموحاتها لكونها سليلة عائلة محرومة أو من قبيلة ليست ذات شأن إجتماعي نافذ .



إن كثيرا من هذا الهم موكول إلى المجتمع ، فهو القادر على تغيير منظومة العلاقات من خلال تقديره لأهل العلم ، ودعمه لأصحاب المواهب والمشاريع الحقيقة ليحققوا ذواتهم . قوى المجتمع المدني هي وحدها القادرة على نطق كلمة ( لا ) أمام إجترار الأخطاء من قبل السلطة ، والوقوف امام إصرارها على إستخدام ( المعادلة القبلية ) أو ( العائلية ) أو ( الطائفية ) للتعيين في الناصب الوزارية والقيادية .



مشكلة العالم العربي تكمن في تردده من تطبيق ( العدالة الوطنية ) بين الفئات المختلفة في المجتمع ، رغم أن هذه العدالة هي أساس فكرة الحقوق والواجبات في المجتمع الحديث ، ولا يمكن لمجتمع أن ينهض من كبوته إذا شعر أكثر أفراده بأنهم مشاركون وطنيا في الخسارة ، وخارج مساحة الوطنية في الأرباح وتقسيم المغانم .





تعليق : تسائل القارئ العزيز جابر عن خلفية المبالغة التي تضمنها المقال السابق– السيد الرئيس – من عدم وجود شعب يستوعب مظاهر الدولة في العالك العربي ؟ والإجابة تتضح من خلال تحديد مقدار إستفادتنا من الشعارات والعناوين التي نرفعها يوميا في الوطن العربي ؟؟ وأدعي – أنا – أنها إستفادة ضئيلة جدا ، بالحجم الذي يسمح لنا بالحديث عن غياب خبرة الحرية ، لعدم إستقرارها أصلا في الحياة العربية ، إن حظنا - يا أخي العزيز – من شعارات الحرية والحقوق والعدالة في العالمين الإسلامي والعربي هو حظ الأيتام في مائدة اللئام



#أحمد_شهاب (هاشتاغ)       Ahmad_Shehab#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيد الرئيس
- حياتنا بحاجة إلى تغيير
- التهرّب من مسؤولية النقد الذاتي
- بعض القذى في عين المثقفيين
- دولة مشروعها الاستبداد
- الدولة لا تحترم القانون
- ميثاق سياسي
- الإبداع .. تعيش إنت !!
- العراق وبناء الدولة الحديثة
- ليست الليبرالية نموذجا
- ثقافة الموجات الفكرية
- دعوة للحفاظ على الوطن
- تأملات في زمن صعب
- العنف يبني مجده بالعنف.
- أمريكا وتخلفنا السياسي والاجتماعي
- لماذا فشل مشروع السلام الاجتماعي؟
- هل يحقق المجلس طموح العراقيين ؟
- نحو وطن ديمقراطي
- نحو برلمان حضاري
- المرأة وحقوقها السياسية


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد شهاب - أبناء الذوات وأبناء المحرومين