أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد شهاب - بعض القذى في عين المثقفيين














المزيد.....

بعض القذى في عين المثقفيين


أحمد شهاب
باحث كويتي في شؤون التنمية السياسية .

(Ahmad Shehab)


الحوار المتمدن-العدد: 747 - 2004 / 2 / 17 - 07:45
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


    لم يستقر مقال الأستاذ فهمي هويدي ( بعض القذى في عين مصر ) على صفحات الجرائد والذي عرض خلاله أوجه من الفساد المتكاثر في مصر ، إلا بعد أن نوه في الربع الأخير من المقال إلى أن هذه ليست صورة مصر بل بعض القذى في عينها ، وأنها أعرض وأكبر من الفساد ، وأن عدد الشرفاء فيها أكثر من أعداد الفاسدين ، ثم عرض لبعض أوجه الفساد في الشركات الأمريكية العملاقة ، وفضيحة رشوة رئيس وزراء إسرائيل ، والفساد المستشري في حياة الهند اليومية ، ليقول لنا أن مصر ليست وحدها في خندق الفساد ، وأنه لا يقصد الإساءه لبلده لأن الإعتراف بالخطأ من آيات الشجاعة والثقة ، وهو محق بذلك .

    لكن ما الذي يدعو كاتب بمكانة الأستاذ فهمي هويدي إلى طرح هذا التنويه ؟

أعتقد أن المسألة أكبر من تنويه ، المسألة تتعلق بقدرة رواد الإصلاح على فعل التغيير والذي يبدو أنه فعل صعب المنال في ( العالم العربي ) بصورة عامة ، وإذا أحببنا أن نطرح السؤال بصورة أشمل نقول : لماذا يضطر أصحاب الرأي والمثقفون ودعاة الإصلاح في بلادنا إلى وضع ديباجة لمقالاتهم أو التنويه في آخرها يؤكدون من خلالها إخلاصهم للوطن ، أو تبرير فعل النقد وكأنه جريمة ؟ فهل في إخلاص من ينتقد الأوضاع السائدة والفاسدة شك ؟

    أعتقد ذلك ، فربما يصح القول أن مسار الإستبداد السياسي وإستشرائه على مجمل حياتنا الثقافية والإجتماعية كان ولا يزال له أثره في صناعة مفهوم يعتبر ( النقد عديل الخيانة ) ، فالمخلص لا يتجرأ على إقلاق هدوء ( الكبار ) ، ولا يرى في الوطن سوى الجانب المشرق والجميل ، ولا يعترض كثيرا ، أما أولئك الذين يبنون أحلامهم بوطن خالي من الفساد ومتحرر من الإستبداد ويضطرون لممارسة النقد والتقييم فإنهم سيفاجئون بالتشكيك بهم وبوطنيتهم ، وعليهم أن يؤكدوا أنهم ليسوا كذلك .

    ثمة خوف عام من تهمة الإصلاح خشية أن يتم اللبس عند السلطة أو بعض أعضائها بين رغبة المثقف في الإصلاح مع القبول بالسلطة ، وبين السعي للتصادم معها وتقويضها ، وهو ما يدفع ( دعاة الإصلاح ) للتراجع خطوة إلى الخلف عند ممارسة النقد والتقييم عبر التأكيد على إخلاصهم ووطنيتهم وقبولهم باللعبة السياسية دون تغيير ، وأن الخلل ليس هنا فقط بل في كل مكان ، فلا تقلقوا .

    وأخشى أن يكون لهذا السلوك المتخوف عند ملامسة ( الوجع الوطني ) وطرح إعتذارات غير مباشرة على الجرأة في الكلام الصريح آثاره السلبية على مسار الإصلاح  ،  فالتطمينات التي يرسلها " أهل الرأي " للسلطة ، تؤكد الإنطباع السائد من أن الناقد خائن إلى حين تثبت برائته ، الأمر الذي يجعل حركة الإصلاح تدور في حلقة مفرغة ، كما أنها تبعث برسائل سلبية إلى الجمهور أن لا يتجاوز الحد في مطالبه لأن كل شيء على ما يرام لولا بعض اللَّمم .

    والأمر ليس كذلك بالطبع ، والإصلاح لا يتحقق بالتردد والخشية من ردود الأفعال ، فالأصل أن المثقف وصاحب الرأي هو أحرص على وطنه من غيره ، وهذا ما يدعوه لتشخيص المواجع الكثيرة في الواقع السياسي والإجتماعي والإقتصادي ، ويحاول مع نظرائه وضع تصورات ورؤى لصناعة واقع أكثر ملائمة للعيش بكرامة وإنسانية ، فإذا إنهزم المثقف إهتزت الأمة لكونه يمثل ضميرها ويقود وعيها .

    و لا زلت أتذكر شخصيات الروائي عبدالرحمن منيف الثقافية كطالع العريفي وعادل الخالدي ، تبدأ الشخصيتان في ( الآن هنا  أو الشرق المتوسط مرة أخرى ) بمناقشة إشكالية السجن ونفسية المثقف في العالم العربي ، فيخاطب طالع العريفي صديقه عادل الخالدي بقوله: ( يبدو أنني لن أشفى.. ولا أشعر إطلاقا أنني أصبحت حرا.. أحمل السجن معي أينما ذهبت ، لقد أصبح السجن بالنسبة لي حالة لا تفارقني كالعلامة الفارقة .. إن ما أفكر فيه السجن الداخلي ، وهو أن يرضى جميع الناس بالبقاء في هذا السجن ، عدا مجموعة صغيرة للحراسة ، وهذه المجموعة ذاتها دائمة الخوف لأنها لا تعرف متى ستلتحق بالآخرين وتدخل السجن أيضا، لو كان شعور الناس بالحرية حقيقيا لتقلص السجن إلى حدوده الجغرافية، وربما انتهى ، لكن ما دام الناس هكذا فإن السجن لن يبقى أحد خارجه) . 

    ثمة خوف من تهمة الإصلاح ، وثمة قلق ينتاب من يتصدى لهذا الأمر كون الإستبداد غلف حياتنا جميعا في هذا الجزء من العالم ، وما يدعوا كُتاب كبار على الإعتذار غير المباشر هو ذاته الذي دعى نخبة من ( الإصلاحيين ) إلى سحب توقيعاتهم على عريضة تطالب بإجراء إصلاحات دستورية في بلد خليجي بعد أن تسرب خبر العريضة عبر وسائل الإعلام ، وحاول أكثر من ( إصلاحي ) التبرؤ من تهمة المشاركة في صياغة العريضة ، أو الموافقة على مضمونها ، بل ووصل الحال ببعضهم إلى رفض هذا الحجم من المطالب ، فالوطن بخير والقيادة حكيمة وكل شيء على ما يرام . آه .. كم نحن المثقفين جبناء  .

 * كاتب كويتي



#أحمد_شهاب (هاشتاغ)       Ahmad_Shehab#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دولة مشروعها الاستبداد
- الدولة لا تحترم القانون
- ميثاق سياسي
- الإبداع .. تعيش إنت !!
- العراق وبناء الدولة الحديثة
- ليست الليبرالية نموذجا
- ثقافة الموجات الفكرية
- دعوة للحفاظ على الوطن
- تأملات في زمن صعب
- العنف يبني مجده بالعنف.
- أمريكا وتخلفنا السياسي والاجتماعي
- لماذا فشل مشروع السلام الاجتماعي؟
- هل يحقق المجلس طموح العراقيين ؟
- نحو وطن ديمقراطي
- نحو برلمان حضاري
- المرأة وحقوقها السياسية
- هوامش نقدية على واقعنا السياسي ( 2-4
- غياب الديموقراطية لا يجعل الناس مجانين بل يجعلهم يفقدون عقله ...
- هل بدأ حديث التغيير في الخليج ؟


المزيد.....




- تقرير: مقاتلات إسرائيلية وتركية تتجنب المواجهة فوق سوريا للم ...
- إطلاق نار في حفل عائلي بهيوستن يودي بحياة شخص ويصيب 13 آخرين ...
- الدفاع الروسية: ضرب قاذفة صواريخ أوكرانية مضادة للسفن ومطارا ...
- بعد إدانته بتهريب -الأمفيتامين-.. السلطات السعودية تعدم مقيم ...
- الداخلية التركية تكشف هوية المعتدي على زعيم المعارضة وأردوغا ...
- مدن مختلفة في عدة قارات تشهد مسيرات -الفوج الخالد-
- لبنان.. -الفوج الخالد- في شوارع بيروت
- ألمانيا.. -الفوج الخالد- في شوارع فرانكفورت
- الولايات المتحدة.. -الفوج الخالد- في شوارع واشنطن
- فلاديفوستوك.. عرض عسكري للأطفال بمناسبة الذكرى 80 لعيد النصر ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد شهاب - بعض القذى في عين المثقفيين