أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد شهاب - السيد الرئيس















المزيد.....

السيد الرئيس


أحمد شهاب
باحث كويتي في شؤون التنمية السياسية .

(Ahmad Shehab)


الحوار المتمدن-العدد: 865 - 2004 / 6 / 15 - 07:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الصعب المفاضلة بين الدول القابعة تحت نير الإستبداد ، وإن تباينت درجة ونوع هذا الإستبداد ، فمجرد غياب الديمقراطية وحق المشاركة السياسية في الدولة يؤدي بالضرورة إلى تقارب مستوى التخلف السياسي والإجتماعي والثقافي بين المجتمعات .
لجوء السلطة إلى إعتماد القسوة ضد المواطنين يؤدي إلى إرتفاع درجة الكراهية ضد الدولة ، ويساهم في تكريس ثقافة المفاصلة بين الدولة والمجتمع ، لكن عزوف الدولة عن تعذيب المواطنين لا يؤدي وحده إلى خلق حالة وئام وطني ، بل يقلل فقط من حجم التصادم الداخلي ، وأميل هنا إلى ما قاله جون لوك " ليس للطغيان صورة واحدة فمتى استغلت السلطة لإرهاق الشعب وإفقاره تحولت إلى طغيان أيا كانت صورته " ، أما الإنتقال في العلاقة بين الدولة والمجتمع إلى الحالة الإيجابية فإنه يستلزم عمل آخر أبسطه ركون الدولة إلى الديمقراطية وإفساح المجال للقوى السياسية لإبداء الرأي والمشاركة في صنع القرار .
والحق أن الدول العربية تمتلك كل مظاهر الدولة المعاصرة المتفق عليها في القانون الدولي من إقليم وحكومة وسيادة وجيش نظامي ، وتتفوق بعضها بوجود برلمان منتخب وصحف شبه حرة وإذاعة رسمية ، كما تشارك جميعها في المؤتمرات العالمية وتساهم في التوقيع إلى جانب آخرين على البروتوكولات الدولية ، وتفتخر بإمتلاكها لهيئات دوبلوماسية ومنتخبات رياضية وموسيقى وطنية ، لكنها تفتقر لوجود شعب يستوعب هذه المظاهر .
النقص الأساسي الذي تعاني منه الشعوب العربية هو النقص في خبرة الحرية وخبرة القانون الذي يكفل سلامة الحرية من أي خدش قد يصيبها ، هذه ( الحرية ) التي تبرر إلتفاف الناس حول الدولة بمضمون عقد إجتماعي ينظم العلاقة بين الفئات المختلفة ضمن إتفاق يصون حقوق المواطنين المدنية على إختلاف إنتماءاتهم الدينية أو العرقية ، ويضمن عدم التعدي عليها .
لعل هذا القول يحمل في طياته بعض المبالغة ، لكنه يعبر من وجهة نظري عن جزء كبير من الواقع المأزوم الذي تعيشه الشعوب العربية ، هذا الواقع ليس وليد اليوم بل هو إمتداد لبنية ثقافية عربية وإسلامية طويلة ، إرتفعت خلالها كل شعارات السياسة البراقة من عدل ومساواة وشورى وتداول سُلطة بطرق سلمية ونظيفة ، ناقضتها الممارسة الفعلية التي إعتمدت ( عمليا ) على القفز إلى السلطة ، وقمع المختلف ، والإنتصار لمبدء التفرقة العنصرية والطائفية ، وتقشي الإستبداد .
منذ ما يتجاوز الألف وأربعمائة سنة والإضطهاد السياسي هو الحالة العامة في العالم العربي ، نقول ذلك دون أن نتغافل عن سوءات الفترة التي سبقتها ، بيد أن تخصيصنا لهذه الفترة هي بمثابة الإشارة إلى عظيم المبادئ التي رفعها العرب وأخرجوها من هدي القرآن و سنة نبيهم الصحيحة ، دون أن تكون لهذه المبادئ والقيم أي أثر على حياتهم السياسية الفعلية حيث إتسمت بالإفراط في إستخدام القوة لبسط النفوذ وضرب التوجهات المخالفة بكل شراسة ، وإحتكار السلطة ، والتفرد عند إتخاذ القرار .
نكرر هذا القول دون أن نتجاهل أيضا الفترات القصيرة التي إتسمت بالهدوء النسبي ، وغياب الأحكام العرفية والإستثنائية التي عمت ولا تزال شطر كبير من البلدان العربية ، إذ ساهمت – فترات الهدوء النسبي – بحركة نوعية في العلوم والإبتكار والإنشغال بالأهم عن الأقل أهمية ، حيث تتفرغ المؤسسات الأهلية لتأصيل البرامج التنموية ، ويعكف العلماء على تصدير إنتاجهم للعالم ، ويمارس المثقفون حركتهم النقدية دون خوف أو تردد .
على أن هذا الهدوء يربكه إصرار الحاكم الذي يرغب أن يكون محورا في المجتمع ، ويفرض إهتماماته وأجندته على الناس ، ومثال العراق وإنتشار صور الرئيس عند كل مدخل وعلى كل قارعة طريق ، ليس علينا ببعيد ، إن الهدف الأساسي من هذا الفعل هو هدم إنسانية الإنسان ، وتحويل الشعوب إلى عبيد لا يعترضون على قول ولا يجرؤون على التفكير في حضرة الرئيس .
ومع تعاظم شأن السلطة في الذهن العربي ، إنقسم المجتمع إلى كفتين ، الأولى إستمرت في نزاعها للوصول إلى الحكم مع إختلاف الوسائل والغايات ، والفئة العظمى إستجابت لإرادة الهدم وأصبحت لديها قابلية للإستعباد ، وكلا الطرفين باتت تحركات الرئيس وأنفاسه هي محور ومنتهى تفكيريهما ، هذا ليس غبن بل ثمة دليل يلخصه السؤال التالي : ماذا قدم الطرفان ؟
لست في معرض التعريض أو الدفاع عن مسألة الدخول وعدم الدخول في الهم السياسي اليومي ، بصفته أحد الهموم التي ترافق الإنسان في كل مراحل ولحظات حياته ، ولا يمكن تجريده من آثاره ، لكن أن تدمر السُّلطة كل التمايزات بينها وبين المجتمع ، وتصهر كل قواه ومؤسساته وشخصياته في قالبها ، فهو ما سيؤدي إلى إرهاق الجميع دون إستثناء ، ويعيدنا دوما إلى المربع الاول لنتسائل عن أسرار النهوض ؟ دون أن نجني ثماره .
خاتمة القول : في المجتمعات الحديثة يُنظر إلى السلطة كأحد مكونات الدولة يقابلها مؤسسات في المجتمع لا تقل من حيث التأثير وإتساع النفوذ عن مؤسسة الحكم ، أما في الدول القديمة ( ذهنيا ) فإن المقصد الأساسي لكل الفاعلين في الهم العام الوصول للسلطة أو تمجيد السلطة ولا ثالث لهما ، هكذا ستهب كل الخلافات والصراعات لأسباب تتعلق بالعرش وإن رفعت المصاحف على الرؤوس .
في المجتمعات الحديثة تنمو الشركات والمؤسسات لتضاهي حجم وتأثير الدولة ، ولتساهم مساهمة فاعلة في تحريك القرار على مستوى العالم ، ولإجبار الرؤساء الكبار على الإجتماع والتشاور وحل بعض المشكلات العالقة التي تعيق عمل ( أصحاب المؤسسات العولمية ) ، أما في الدول التقليدية فإن غاية طموح المؤسسات الحصول على رضا السيد الرئيس .
الحل يكمن في تهميش السلطة ذهنيا ، تهميش السلطة كثقافة وكأجندة معرفية تعرقل حركة الأفراد والمؤسسات ، وتتحول إلى غول يأكل كل ما يصادفها في الطريق ، والإهتمام بالسياسة كشأن عام يخص كل المجتمع بجميع مكوناته ، إن الإهتمام بالشأن العام لا يعني إطلاقا الإهتمام فقط بشؤون الحكم ، وتتبع أخبار السيد الرئيس ، بل يتضمن تفعيل حركة المجتمع والمساهمة البناءة في رفع درجة الوعي بالحقوق والميل للمطالبة بها ، كما يتضمن إعادة الروح إلى مؤسسات المجتمع الأهلي ، وضخ الكفاءات الجديدة بإستمرار كبدائل محتملة لقيادة المجتمع نحو المستقبل .



#أحمد_شهاب (هاشتاغ)       Ahmad_Shehab#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حياتنا بحاجة إلى تغيير
- التهرّب من مسؤولية النقد الذاتي
- بعض القذى في عين المثقفيين
- دولة مشروعها الاستبداد
- الدولة لا تحترم القانون
- ميثاق سياسي
- الإبداع .. تعيش إنت !!
- العراق وبناء الدولة الحديثة
- ليست الليبرالية نموذجا
- ثقافة الموجات الفكرية
- دعوة للحفاظ على الوطن
- تأملات في زمن صعب
- العنف يبني مجده بالعنف.
- أمريكا وتخلفنا السياسي والاجتماعي
- لماذا فشل مشروع السلام الاجتماعي؟
- هل يحقق المجلس طموح العراقيين ؟
- نحو وطن ديمقراطي
- نحو برلمان حضاري
- المرأة وحقوقها السياسية
- هوامش نقدية على واقعنا السياسي ( 2-4


المزيد.....




- لماذا يواجه نتنياهو -قرارا مصيريا- بشأن غزة بعد إعلانه الانت ...
- نتنياهو: -نعمل على توسيع اتفاقيات السلام بعد انتصارنا على إي ...
- ماذا قال البيت الأبيض عن جهود ترامب بشأن انضمام دول خليجية و ...
- إيران تكشف عن أضرار -كبيرة- بالمنشآت النووي وتؤكد أن تعليق ا ...
- الاتحاد الأوروبي يمدد عقوباته على روسيا حتى مطلع 2026
- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...
- غزة تشيع نضال وكندة.. رضيعان قتلهما الحصار الإسرائيلي
- رئيس وزراء إسرائيل يتحدث عن فرص جديدة لتوسيع -اتفاقات السلام ...
- مصدر إسرائيلي: دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياهو جزء من تحرك لإ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد شهاب - السيد الرئيس