أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - حكايا من المهجر: ساحة وليلي 2















المزيد.....

حكايا من المهجر: ساحة وليلي 2


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 2969 - 2010 / 4 / 8 - 22:45
المحور: الادب والفن
    


في كل الآحاد كانت تمتلئ الساحة بكل المهاجرين القريبين من المنطقة، وكانت عشرات الأخبار التي نستقيها تأتي من هنا،أخبار تتحدث عن خصومات هنا وهناك، أعمال سرقة تمت هناك، معارك هناك استعملت فيها الدخيرة الحية، مغامرات ليلية، حشيش، كحول وما إلى ذلك..
أخبار متفرقة ومتنوعة منها ما يدخل علينا نسمة البهجة ومنها مايكرب مزاجنا المنذور للقلب والتذمر:
ـ فلان قبض عليه، كان يقبل أرجلهم كما لو كان سيساق إلى الجحيم.
ـ الزغبي الأكحل باع كل أرضه، وترك أولاده تكتويهم الرياح، ليحترق هو بالتدريج في هذه التييرا، والآن ماذا سيعمل هناك؟... حتما سيعود
ـ أكيد لن يدخل إلى أولاده، بأي وجه سيلقاهم؟
ـ يبدو أن الوطن جحيم أزلط وليس غفور رحيم كما قيل..
ـ مالكم وللوطن؟ في المغرب، على الأقل لم نكن نعيش في هذه التشابلات (النوالات) ولم نكن نطبخ أو نزمر
ـ عاشت أمك يابن البلد، نحن هناك نعيش على كل حال ولو كان زلطا أبيضا..
ـ نفس الشيء، نعيش هنا أيضا بكرامة..لنكن صرحاء،، من منا كان يكلمه والده بدون تحفظات..، انا شخصي سمعته يقول للوالدة: لقد كبروا وأصبحوا رجالا، فليذهبوا إلى الجحيم، ولدتهم لكي يساعدينوا وليس لأتكفل بهم طول الحياة، هم رجال ياقوم.. أنا هرمت فليرحموني..
ـ أنا لم يكن يكلمني منذ ثلاث سنوات، آخر مرة كلمني فيها هي يوم جاء لتوديعي قائلا بلكنته المهينة والمعهودة فيه: كن رجلا هذه المرة..، قالها كما لو كان يستحثني أن لا أعود مهما كان الأمر
ـ كان ينظر إلى يديك الرطبة متخيلا خطأ الأقدار فيك
ـ دائما أيها النذل تتفحص فينا ما يثير الشفقة لوضعك النتن، تجبَّّن فيك حليب أبوك،، جرب لترى من فينا الفحل..
ـ الأخبار القادمة عبر الأثير تتكلم عن العهد الجديد الذي بدأ يغير ملامح المغرب الجديد، تقول الأخبار بأن الأوضاع تتحسن هناك، ونحن نلتحف الكراطين هنا
ـ هه.. هيا، طر إلى هناك، ماذا تنتظر؟ من يجبرك على البقاء؟ نحن هنا مختفون، لا أحد يعرف أننا نسكن في التشابلات، أما في المغرب، أهلنا مطمئنون مادامت تغزوهم في كل صيف هذه المقاتلات، الناس ياحبيبي هناك تعيش على السكر كالنمل وتستضيء الليل بالأخشاب، تبا لكم حين تتجاهلون الواقع..
ـ تبا لك أنت، السيارات الموجودة بالمغرب ..، هناك ماركات من آخر الموضيلات لم نر مثلها هنا بعد، المغربي أحسن من هذه الجيفة خوسي، البارحة فقط خلع سرواله المرقع..
ـ سيارات تملكها أمك.. ياه.. لعلمك، نحن أجيف منهم، ديارهم المجهزة بمعدات التكييف والحمامات أدل على ذلك، أما خوسي الذي تتكلم عنه أنه خلع خردته البارحة كما قلت، لعلمك أيضا، نحن لم نخلعها عنا بعد..
ـ يا لطيف..، لماذا هذا الشؤم كله، دعونا من السياسة، مالنا وما لها حتى نشحن بها في هذه القفار؟.. هل تعلمون ماوقع اليوم باللوكوتوريو( مخدع الهواتف) أوقع فلان الحراك الجديد في الهاتف المزدوج ليتنصت عليه، هل تعرفون ماذا قال الحراك لوالدته؟.. أخبرها بأنه وصل بخير وعلى خير، وقاده حظه إلي المعلم خوسي ليعمل عنده يوما حيث أعجب خوسي بعمله فما كان منه أن أعطاه منزلا يسكن به، منزلا بحمام للسباحة، وأن أولاد البلاد يغارون منه لأجل ذلك..
ـ صحيح..؟
ـ نعم، لم يبق لنا سوى أن نسمي الكورتيخو منزلا وبركة السقي حماما لتنضاف إلى المقاتلات..ها .. ها
ـ بقي أن يخبرها بأن لالة مريا ابنة خوسي عاهرته أيضا ليلتها..
ـ افترسا الحب على بساط الماء
ـ نعم وتحت أنغام الضفاضع، لتكتمل البهية.. البارحة أيضا جاء سعيد الكوايري من السوبير ميركادو(السوق المغطاة) ليخبرني بأن امرأة تعلقت بعيونه، وأنها كانت تكلمه ولم يفهم شيئا، ولا هو رد عليها بشيء، بدأ يهوس دماغي مما اضطرني أن أخبره بأني لا أثق بهذه التفاهات وأن يذهب إلى العنزات في سوق السبت بدل أن يستمني على مسامعي..
ـ أكيد أعجبها فيه ملامح زعطوط بقميص ريال مدريد، لاشك كانت تستضيفه ليبهرج أولادها ولم يفهم ذلك، يملك الزغبي شبق مهرج في السرك، بحذائه الأزرق الطويل، وقميصه المدريدي
كان سعيد هذا نحيلا كالزنبور، ساقين من الهيكل العظمي العجيب بسروال قصير يحمل علامة إشبيلية، وكان أشقر اللون، يبدو من طباعه كما لو كان مختلا، كان المهاجرون يطلقون عليه اسم زعطوط، ربما لكونه لا يستقر في مكان ما كما كان كثير الحركة، ينتقل بشكل قد تسأل عنه أحدا أقبل من لاس نورياس ليخبرك بأنه رآه هناك، وعندما تسأل آخر جاء من إليخيدو، سيخبرك أيضا بأنه كان هناك، كان خبيرا كرويا ورياضيا بغض النظر عن كونه كائنا رياضيا بهيأته اللباسية: قميصه المدريدي، سرواله الإشبيلي، وحذائه الأزرق الطويل، وكان لحكمة ما يعشق فريق برشلونة. كان الوحيد المحظوظ بيننا من الناحية المالية وإن كان لم يجرب العمل في المزارع بعد، كان محظوظا بأرباحه من يانصيب الدوري الإسباني، يعرف جميع اللاعبين ويتكهن بالفرق الفائزة والتي ستخسر أو ستتعادل، وإن كان لم يضرب حتى الساعة ضربته الكبيرة في اليانصيب، إلا أنه غالبا ما كان ينجح في الكسب بالشكل الذي يعفيه من التفكير في العمل كما سلف الذكر، وكان الجميع ممن يلعبون لعبة الحظ هذه مع اليانصيب يأخذون برأيه في ملإ أوراقهم، وكان من طبعه أن يستيقظ باكرا ليمارس رياضته الصباحية في الركض بين الحمامات ، وصولا الى لاس نورياس أو إيليخيدو أو هما معا حيث يتناول وجبة الفطور بأحد المقاهي، ثم يمر على بائع اليانصيب ليودع أوراقه وأوراق أصدقائه ويتسلم أخرى ليملأها في يانصيب الدورة القادمة، كان في ركضه دائما يلتقي في الطريق دورية الحرس المدني وكان هؤلاء غالبا مايبتسمون في وجهه دون أن يوقفوه، كان مسرورا بذلك وواثقآ من نفسه أنه لا يشكل هدفا لهم إلى أن أوقفوه ذات صباح بارد يشرف على أن تمطر فيه ذلك اليوم، حيث ساقوه معهم في سيارة الدفع الرباعي..، وفي الطريق تأسف له أحدهما قائلا:
ـ نتأسف يارجل، لم نعثر على ضحية أخرى نملأ بها تقرير اليوم، آسف جدا جاء دورك أيها الرياضي.
أمضى اليوم كله في انتظار ضحية رفقة وهو ماتعذر لديهم ليسوقاه في صباح الغد إلى المحكمة بألميريا ليقرر القضاء في أمره.
هناك داخل القاعة، كان المسكين يرتجف من شدة البرد، حيث تسلم القاضي ملفه، وبعد برهة نظر إليه مليا، في نمرة قميصه المدريدي، في سرواله الإشبيلي، وفي حذائه الأزرق الطويل، ثم توجه بالسؤال إلى الحارس:
ـ هل يملك ثيابا أخرى
ـ قبضنا عليه وهو في هذه الحالة
ـ ماذا كان يفعل
ـ يجري..
ـ هربا ؟
ـ لا..
مال القاضي إلى مستشاره علي يمينه هامسا له فيما يشبه الضحك:
ـ مسكين يشبه مسخا رياضيا، يرتجف كأرنب صغير.. مارأيك..؟ هؤلاء السفلة لا يحترومون العواطف الرياضية.. يكفيه برد الليلة التي قضاها في المخفر.. أليس كذلك؟
ـ حسن، سنطلق صراحه اليوم، وما دام أرنبا يجري كل صباح، سيأتون به حتما في المرة القادمة، في ظروف أحسن .
أطلقوا صراحه حيث توجه مباشرة إلى المحطة الطرقية، ليلتقي هناك بالعم الطباخ صاحب التلفزة العجيبة بالموضولو3، سأله إن كان يملك مالا لاقتناء تذكرة السفر إلى إيليخيدو، كما حكى له جلله مع الحرس المدني، فلم يكن من العم الطباخ أن طمأنه على تذكرة السفر رغم أنه هو الآخر لا يملك مالا، دعاه ليركن في مقعد هناك وباشر هو عملية تدبير سفرهما، كان يسأل الناس من المهاجرين أن يساعدوه في ترحيل حراك جديد وصل لتوه ويريد الذهاب إلى أهله بمدينة مورسيا، وكان عندما يكلم أحدا يشير إليه فيما هو يبتسم ببراءته المعهودة بينما الطباخ يتسول من الناس على حاله، ولما جمع مايكفيه من المال، ناداه فامتطيا الحافلة بسلام وهو يشكر جميل الطباخ وفعله الإنساني.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة غرام، وجحيم المدرسة القروية
- حكايا من المهجر: ساحة وليلي
- حكايا من المهجر: صراع الهيمنة 3
- حكايا من المهجر: صراع الهيمنة 2
- حكايا من المهجر: الموضولو 3 وصراع الهيمنة
- حكايا من المهجر: هلوسة عبابو 3
- حكايا من المهجر: هلوسة عبابو 2
- هل يعيد التاريخ أحداث إيليخيدو مرة أخرى إلى الواجهة
- حكايا من المهجر - هلوسة عبابو
- الدرس الثاني ديالكتيك البراءة
- الدرس الأول لأطفالنا في الديالكتيك
- مقاربة تصورية حول الحتمية الاشتراكية
- نحو تأسيس مزبلة إلكترونية
- بمناسبة 8 مارس
- من وحي ألميريا
- حول تأصيل اللغة الأمازيغية
- كولن ولسن وتجريد اللامتجرد
- أحلام دونكشوت مغربي4
- أحلام دونكشوت مغربي3
- لي في عينيك


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - حكايا من المهجر: ساحة وليلي 2