أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - حكايا من المهجر: الموضولو 3 وصراع الهيمنة















المزيد.....

حكايا من المهجر: الموضولو 3 وصراع الهيمنة


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 2957 - 2010 / 3 / 27 - 15:05
المحور: الادب والفن
    


كانت معركة كوميدية على الرغم من الدراما التي بدأت بها إلا أنها انتهت بمسرحية كوميدية نسينا خلالها هلوسة عبابو الذي بدا صامتا ومنتشرا في فراشه والمنشفة مازالت في فمه تمتص دمه وأوجاع أسنانه، وكان من حين لآخر ينظر إلينا نظرات الإشفاق الذي يقطع القلب كما يقول المغاربة، أما نحن فقد أبدينا تمثيلية من الإشفاق بنوع من المكر، إذ كنا نحاول أن نشعره بأن المعركة انتهت لا منتصر فيها ولا مهزوم، وأننا لم نأت لتفريقهما لأننا لم نعرف ما إذا ذهب رجلا الحرس المدني لحالهما أم لا، تمثيلية نجحت في تخفيف هزيمة الجندي الذي استسلم بشكل رجولي رافعا علم الهزيمة في فمه معلنا أن من شيم الجنود في حالة الهزيمة الإستسلام التام، وهو ماجعل خصمه العامل يبدي بدوره في تمتيع عبابو بظروف الرحمة مبديا أسفه، إلا أنه بدا فيما بعد ذلك مزهوا بانتصاره: فقد أسقط أسطورة الذي هزم قبيلة كاملة في معركة المسجد، حين أشهر بندقيته الغجرية أمام الرجل الغوريلا، أسقط أسطورة الذي كان يتباهى بعلاقاته مع الغجر، علاقة أسطورية كان يلقيها علينا كي يخيفنا ويتمكن من إخضاعنا لنظامه الخاص، يخيفنا نحن الذين كان يرعبهم هدير سيارات الحرس المدني..انتهت أسطورة الرجل الذي ذهب ليحارب في رمال الصحراء ويأتي إلى أهله حاملا إليهم المعاصرة على كتفه ليسمع منها صوته مجردا عن شفتيه، وكانت الأصالة فيه أن يحمل في وعيه تحفة من شعر القنبرة تنتمي إلى زمن أسطوري غابر، انهزم في معركة صغيرة بشكل رجولي كما قال مستمدا حكمتها من قانون الهزيمة الكبرى حتى لا يخصر أسنانه ويخصر أيضا وجوده المرهون من الآن بنظام الرجل القوي الجديد...
أصبح العامل من الآن الرجل القوي في الموضولو3 حيث بدأ يشرع نظامه الخاص..

الموضولو3 وصراع الهيمنة


علي الرغم من أن عبو هو المؤهل جسمانيا من قيادة الموضولو3 ما دام القانون الذي يحكمنا في الحقول البلاستيكية هو قانون القوي، إلا أن عبو هذا لم يكن يملك كاريزما الرجل القيادي كما أن مكامن ضعفه كثيرة بالمقارنة مع العامل القوي الذي يتكلم على الأقل ثلاث لغات تمكنه من التواصل مع المحيط: الأمازيغية مع أبناء جلدته والعربية المغربية، إضافة إلى لغته التواصلية مع الإسبان، على نقيض عبو الذي يتقن فقط لغته الأم الأمازيغية، كما كان يتقن الغناء بها ويحفظ بها الكثير من الأبيات الشعرية المختلفة مواضيعها، والتي تذهب في مضامينها إلى أبعد الحدود متفتحة على كل أصناف الشعر وإن كان في أغلب الأحيان يردد علينا الأغاني الحميمية التي تمسح عنا هموم الغربة كما تدخلنا في دوامة العتاب، عتاب لأحوالنا وأقدارنا التي وضعتنا تحت رحمة قوانين البلاستيك:
شوف أربي ثوذماوين أي تكاد (ياإلهي،ازدواجية هذا الذي تفعله)
شا أذكان شا أذ توهـــــــــــوال(البعض في الهناء ينام والآخر في هول)
أغاني تدغدغ فينا لوعة الشوق والحب وتقتل فينا غريزة التسلط والإنقباض وتزرع فينا سحر الوداعة والإنبساط، وكان عبو ما أن يبدأ في ترديدها حتى ترى الجميع ينخرط فيها لننهيها بضحكة صاخبة تعبر عن مكرنا الفطري عندما نكتشف أن أحدا منا يملك صوتا يشبه النهيق، نتوقف لنجبره على ترديدها وحده فيمانع ويندد ثم يحاول، فما أن يبدأ حتى نضج مرة أخرى بالضحك، ثم نعود مرة أخرى لنعيدها جماعة كي نجعله ينخرط من جديد ليبادلنا هو الآخر مكره، يخفض صوته حتى لا يظهر متميزا كما كان يخفته أكثر كلما خفضناه، وفي غمرة ذلك نعمد للتوقف فجأة ليبقى نهيقه وحده عاريا من لحن الجماعة، لكنه يبقى هذه المرة نهيقا بصوت سلحفاة وهو ما كان يدخلنا في موجة هستيرية من الضحك، كانت الأغنية ذات إقاعات متقطعة ومتكررة ينتقل فيها الصوت من طبقة إلي أخرى وهو ماكان يسهل علينا عملية التوقف الجماعي والإيقاع بصاحب الصوت المعلوم.
ها يوا..! (يا هذا)
إناس إثاسنو أري علي.. (قل لحبيبي أن يصعد الجبل)
هايوا..!
مانيغ أوريلي الغاشي أغانجن..(حيث لا يوجد الملأ، يعز النوم)
طابع نومالغ أميوثخ أحدجام (سمة الشوق في الجسد وشم يبقى)
وخا تسيريذخ اميدن لاتظهار ( أبد الدهر باديا لا يـــــــــــمحى) (1)
هي مقاطع يتداخل فيها الوجدان والنغم وحنين الجبل ولحظة الضحك على أوتار نهق العشير الذي أخرج عبابو من جراح الهزيمة، حيث بدا من حين لآخر متابعا ومبتسما. كان عبو يملك صوتا جميلا يتماوج بين مستويات الأنف والحنجرة في تناغم عجيب، يتلاعب بكلماته على مقامات الأغنية ويستبدل بعضها ببعض في طلاقة مدهشة تجعلنا نحن المتمكنين من الأمازيغية نستوقفه مرات عديدة ليفصحها بشكل يتهجاها حتى نتفهمها، وكانت جميع أغانيه تدور حول الغزل والجبل والشجر والماء وتقتل فينا نمطية هذه الصورة السرابية من بحر البلاستيك: تذيب هذه الكائنات البلاستيكية، وهذه الألواح الرمادية المنتشرة حولنا، يتسع فينا أفق الموضولو فنرى أشجارا وزيتونا وعنبا ورمانا، نكتشف في الموضولو الأطلس المتوسط الذي ابتعدنا عنه كثيرا، تلك الجبال والغابات التي حمت ذاكرتنا الشعبية وحمت أغانينا التي شكلت شرارة الإبداع الجماعي هويتنا المتفتحة على كل ما يدخل في نسيج الجماعة، تلك الشفرة التي يحملها أي مهاجر سري معه إلى بلاد الإسبان، إلي ألميريا التي جحدت منا ولم ترى في شفرتنا الجنوبية إلا عبيدا وأزلام ثقافة بدوية منحطة، تشتكي من انغلاقنا، بينما نحن نحتضن كلابها وقططها الضائعة، مهاجرون محصورون في لغة هي بقايا وطن تشرده وتمزقه الشركات الدولية، مؤسسات أوربية وأمريكية تتنازعه في أكبر عملية افتراس عرفها التاريخ، بينما الشعوب، شعوبنا، تعيش على وهم صلوات الإستسقاء أو صلوات الإستغذاء.
كان عبو كما قلت، هو من يملك القوة الجسمانية لقيادة الموضولو3، لكنه لايمتلك مواصفات القائد الحازم، بينما العامل القوي، أصبح بقدرة قادر، وبالصدفة وحدها أصبح الرجل الذي جابه أسطورة تييرا دي الميريا، كان قد عول في البداية على انتصار معنوي ـ سياسي باستدراجه رجال الحرس المدني الذين لم يهتموا للأمر لأنه شأن بين مهاجرين همجيين جاؤوا من بلاد السيبة ليشحنوا أوقاتهم بخصومات تافهة تنطلق عادة من سب وقدف تافه وتنتهي أحيانا إلى مالا تحمد عقباه، تنتهي أحيانا إلى القتل أو إلى صراع إثني، وهو الأهم بالنسبة لرجال الأمن عامة، وهو ماجعل العامل يحدس إلى أن شوطا آخر من العراك لازال ينتظره، والنتيجة أنه أصبح الآن أقوى رجل بيننا، على الرغم أيضا من أن الرفيق الملحد، بسمعته الجامعية التي سبقته إلينا كان المؤهل، فقد عرف عنه أنه كان يضاجع الجماعات الأصولية بين أحياء مدينة مكناس، وهو مايعطي الإنطباع عن قوته القتالية، بالإضافة إلى أنه كان يتقن اللغة الإسبانية والفرنسية بالإضافة إلى لغتيه المغربيتين، وهو أيضا ماكان يجعله محترما بيننا في الموضولو رغم مبالغته في الإنزواء.

(1) اعتمدت في هذه الترجمة ترجمة المعنى وليس الترجمة الحرفية لهذه الأبيات



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايا من المهجر: هلوسة عبابو 3
- حكايا من المهجر: هلوسة عبابو 2
- هل يعيد التاريخ أحداث إيليخيدو مرة أخرى إلى الواجهة
- حكايا من المهجر - هلوسة عبابو
- الدرس الثاني ديالكتيك البراءة
- الدرس الأول لأطفالنا في الديالكتيك
- مقاربة تصورية حول الحتمية الاشتراكية
- نحو تأسيس مزبلة إلكترونية
- بمناسبة 8 مارس
- من وحي ألميريا
- حول تأصيل اللغة الأمازيغية
- كولن ولسن وتجريد اللامتجرد
- أحلام دونكشوت مغربي4
- أحلام دونكشوت مغربي3
- لي في عينيك
- أحلام دونكشوت مغربي2
- أحلام دونكشوت مغربي
- طالوت وجالوت كمدخل خلفي لإيديولوجيا الإرهاب2
- طالوت وجالوت كمدخل خلفي لإيديولوجيا الإرهاب
- حكايا من المهجر 2


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - حكايا من المهجر: الموضولو 3 وصراع الهيمنة